الشهيد أنس حمدان محفوظ .. الأدب والتفوق والذكاء

13841026931_image_17223

قليل الكلام كثير العمل ، ذكاء متوقد ، طاهر القلب نقي ، من أوائل طلاب الأزهر في مراحله الدراسية المتعددة ، حافظ لكتاب الله كاملاً، مشهود له بحسن الخلق والأدب الجم ، شجاع مقدام ، نشأ في عبادة الله ، باراً بوالديه ، محباً لوطنه ودينه ، خرج في معظم المظاهرات والفعاليات الداعمة للفكرة الإسلامية ولحرية وعزة وكرامة هذا الوطن وأبناءه وهو أحد نشطاء العمل الطلابي ، تمنى الشهادة بصدق فصدقه الله.

الشهيد أنس حمدان محفوظ ، مواليد مدينة المنصورة في 1 أكتوبر 1992م ، طالب بكلية طب الأسنان جامعة الأزهر ، وحرفي في صيانة الأجهزة الكهربائية مع والده ، له ثلاثة أشقاء وترتيبه الثالث بينهم.

من أوائل دفعته في معظم المراحل الدراسية ، فكان من أوائل طلاب الشهادة الثانوية بالمنطقة الأزهرية ، وحصل على تقدير امتياز في دراسته بكلية طلاب طب الأسنان بجامعة الأزهر وحصل على الترتيب السادس في آخر نتيجة حصل عليها حيث كان في السنة الثالثة بالكلية قبل استشهاده.

تميز أنس بالأدب وحسن الخلق ، لا يرفع صوته ، عفيف اللسان ، واتسم بالذكاء المتوقد ، اشتهر بالتفوق في المجالات المختلفة ، في حفظه للقرآن ، وفي دراسته ، وفي احترافه لمهنة صيانة الأجهزة الكهربائية حيث يعمل في الأجازات الصيفية مع والده.

هو أحد شباب جماعة الإخوان المسلمين نشأ في أسرة متدينة دعوية متضامنة في الهدف ومشاركة في الفعاليات الدعوية والثورية ، وعاش بين مجالس الذكر وخدمة الناس وأداء واجبه نحو دينه ووطنه وأمته ، كان حريصاً على اعتكاف رمضان بالمساجد.

يقول والده: أنس منذ طفولته وهو هادئ ومؤدب ، كان مميزاً في حفظ القرآن الكريم ، حتى أتمه كاملاً بفضل الله وتوفيقه ، وبحرصه وذكاءه في الاقبال على القرآن وإتمامه.

ويضيف: أخلاقه داخل المنزل جيدة ، وكان يحب العمل معي في صيانة الغسالات والأجهزة الكهربية ، وكشف العمل عن نبوغه أيضاً في هذا المجال وأجاد فيه ، كان متفوقاً في أشياء كثيرة.

وتقول والدته: كان عملة نادرة ، خلوق بطريقة لا تتصورها، “حنية الدنيا فيه” ، عمله كتير وكلامه قليل ، ولا يحب التحدث عن نفسه ، رزقه الله ذكاءً عالياً ، ودقة في شئونه ، وإخلاصاً لدينه ، وقوة في شخصيته ، كان متفوقاً وأعد نفسه أن يعين أستاذاً في الجامعة لكن أقدار الله خير وأعظم.

وتستكمل : حضر مخيماً صيفياً تربوياً مع زملاءه في الجامعة ، ثم اتصل بنا يستأذن أن يعتصم في ميدان رابعة العدوية ، فخرج من المعسكر إلى الاعتصام مباشرة.

ويقول عمرو حمدي: فيه كل الصفات الجميلة ، ابتسامته الرائعة لم تفارق وجهه أبدًا ، قلبه نقى لا يحمل شئ تجاه أحد ، أخلاقه عالية ومشهور بين كل من تعاملوا معه بأنه مهذب فى كل تصرفاته رحيم بمن حوله وإذا تعرض أحد أصدقاءه لمشكلة ، يقف بجواره فى وقت الشدة .

ويضيف محمود عبدالعزيز: كان متواضعا بارا بوالديه بشهادتهما كان دؤوباً في عمل الخير ، كثير الصحبة ، من خفة دمه كان له أصدقاء كثر من الملتزمين وغير الملتزمين.

كان أنس كباقي الشباب المصري الغيور على هذا الوطن ، وخرج في مظاهرات ثورة يناير ، وشارك في معظم الفعاليات الثورية والسياسية التي استمرت حتى استشهاده.

أصيب أنس بحجر في رأسه في أحداث قصر الاتحادية في ديسمبر 2012م  وكان أن يتعرض للموت نتيجة إطلاق بلطجية الرصاص والخرطوش والحجارة ، وأصيب بإغماءة وفقدان وعي.

تميز أنس بحس وطني وإدراك لواقع المشهد المصري والمؤامرات التي تحاك بهويتها الإسلامية ، وبتحركات أنصار الثورة المضادة لإجهاد مكتسبات الثورة وإفشال الرئيس الشرعي ، وحين نادى المنادي للتظاهر سلمياً والاعتصام في ميدان رابعة العدوية ، لبى أنس مع أسرته واعتصموا بالميدان مرابطين في سبيل الله ونصرة الحق والوقوف في وجه القوة الباطشة الظالمة.

يقول شقيقه أسامة: كان يقول لي لن أعود من رابعة إلا بعودة الدكتور مرسي أو أموت شهيداً.

كان شجاعاً ، حين يسمع بوجود بلطجية يعتدون على أحد أثناء الاعتصام ، ينتفض ويكون أول من يقف أمامهم.

كتب أنس وصيته يوم 21 يونيو قبل استشهاده بنحو أسبوعين وتركها في المنزل لوالدته.

يقول أحد رفقاءه : أنس كان عارف إنه هيموت شهيد ، سايب ورقة لوالدته كتب فيها الفلوس اللي عليه لزمايله ، وكتب فيها: أنا بحبك أوي يا أمي ويا أبي ويا أسامة ويا أحمد ويا عبده ، بحبكم كلكم ، مع السلامة ، أنا احب الشهادة.

ومن أواخر كلماته التي نصح بها لأحد الشباب المعتصمين معه في الميدان: اوعي تسيب الطريق ده مهما كان الثمن طول حياتك.

استشهاده

في فجر يوم الاثنين 8 يوليو 2013م بدأت جريمة مذبحة الحرس الجمهوري بحق المصلين والمعتصمين أمام نادي الحرس ، وكان أنس مع والده في ميدان رابعة العدوية في ذلك التوقيت يرتلون أذكار ومأثورات الصباح ، وحين وصلت الأنباء للمعتصمين في الميدان وسمعوا أصوات إطلاق النار ، انتفض أنس مسرعاً نحو نادي الحرس الجمهوري.
يقول والد الشهيد: بعدما صلينا الفجر وجلسنا نقرأ المأثورات بميدان رابعة، جاء أحد الإخوة مسرعاً ويقول : إخوانكم بيضربوا ، وسمعنا صوت الضرب ونحن في رابعة ، ولم أنتبه أن أنس قد جرى مسرعا نحو الحرس دون أن أعرف ، وذهبت أنا للمساعدة في المستشفى.

وحين وصل أنس إلى موقع الأحداث كان جريئاً وشجاعاً ومقداماً في اول الصفوف ، ولم يلبث أن تلقى رصاصتين غادرتين في البطن وخرجت من الظهر واحدثت تهتكاً في الأمعاء والكليتين والرئة.

يقول والد الشهيد: جاءني تليفون أن ابني أنس أصيب ونقل للمستشفى التأمين الصحي ، فأسرعت إلى المستشفى وكان زحاماً كبيراً وإصابات كثيرة بالنسبة لذلك الوقت ، ولم يكن هناك موطئ قدم ، واستطعت بعد صعوبات الدخول للمستشفى ، وكنا وقتها في السادسة والنصف صباحاً ، وبحثت في كل العنابر فلم أجده حتى أخبرتني إحدى الممرضات أنه في غرفة العمليات.

كانت أوقات صعبة وأليمة ، انتظرنا حتى خرج من العمليات وأوضعوه في غرفة العناية المركزة ورأيته وهو داخل إليها ، وظل كذلك حتى تلقينا نبأ استشهاده في الساعة 1.30 ظهراً.

وارتقت روح أنس الطاهرة إلى بارئها بعد حياة قصيرة حافلة بالعطاء وبالعمل الصالح وبشريات حسن الختام ، قضى ليلته الأخيرة في صلاة للتهجد وأداء ركعتي الفجر وتلاوة الأذكار.

وخرج الوالد المكلوم بجثمان فلذة كبده من القاهرة إلى المنصورة بعد معاناة وتعنت ورفض تسليم تقرير بالسبب الحقيقي للوفاة.

وخرج عشرات الآلاف من أهالي محافظة الدقهلية لوداع الشهيد الدكتور أنس حمدان محفوظ في جنازة مهيبة بعد صلاة الجنازة عصر الثلاثاء من أمام استاد جامعة المنصورة بحضور رموز وقيادات الحركة الإسلامية بالدقهلية ، والدكتور صبحى عطية محافظ الدقهلية الذى استقال احتجاجًا على الانقلاب ، وحملت الفتيات أكفانها على أيديها واتشحت المنصورة بالحزن الشديد على فراق الشهيد .

كتب أحد رفقاءه يقول:  أنس عاش لفكرة ، ومات من أجلها ، هو أحد شباب مصر الطاهر النقي الذي قتل غدرا ، هو شاب شهم جداً ، رجل في زمن العبيد وأشباه الرجال ، أنس كان مقداماً ، وفي الحق والخير تجده في أول الصفوف، صلي قيام الليل و صلاة الفجر ثم نال الشهادة في سبيل الله.

وبعدما تلقت أسرته العزاء ، انطلقوا جميعاً إلى ميدان رابعة العدوية لاستكمال رسالة أنس ، وظلوا كذلك حتى أحداث مجزرة فض الميدان والتي أصيب فيها والد الشهيد برصاصة اخترقت صدره.





 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“عمر التلمساني” مجدد شباب الجماعة ومُطلق الدعوة إلى العالمية

في مثل هذا اليوم 22 مايو 1986، أي قبل 33 سنة، ودّعت الأمة عمر التلمساني، ...