الشهيد الدكتور خالد سويلم.. عاش خلوقاً ومات شهيداً

11_13742

هو واحد من أنبل وأخلص شباب الحركة الإسلامية ، اتصف بمكارم الأخلاق وأحسنها ، وتجمعت فيه حماسة الشباب ، وقوة الرياضي رغم جسمه النحيف ، وهمة الداعي المهموم بدعوته ، وهدوء وصمت المخلص الذي ينأى عن الأضواء ويحب الخلوة مع ربه ، نشأ في أسرة متدينة تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين فأحسنت تنشئته ، وتربى على عين المساجد وعبادة الله ، تعلم القرآن وعلمه ، وأحسن التلاوة وصلى إماماً بالناس ، واعتكف في أشهر رمضان ، بسمته لا تفارقه حتى عند غضبه ، ذو عقل سابق لسنه مشهود برجاحته ، اتسم بالرجولة وتحمل المسئولية منذ صغره ، وهو ناشط في الأعمال الخيرية والتطوعية والخدمية ، وأحد كوادر العمل الطلابي بجامعة المنصورة ، تمنى الشهادة وصدق الله ، فارتقى إلى الله شهيداً نقياً .. صفحات حياته بيضاء ناصعة بالطاعة والعمل الصالح وارتياد المساجد والارتحال في سبيل الله.
الشهيد الدكتور خالد أبو بكر عمر سويلم ، طبيب بيطري حديث التخرج ، لم يبلغ من العمر 25 عاماً ، من مواليد قرية الربعمائة بميت مرجا سلسيل بمحافظة الدقهلية ، وعاش حياته ونشأ في مدينة المنزلة وسط مساجدهاً ومجالس ذكرها ، وصحبتها الصالحة التي تحرك معها في خدمة دين الله والوطن والأمة، يربي الصغار وينصح الكبار ، ويحنو على الفقراء والأيتام ، ويشارك في حملات الخدمة العامة التطوعية ، ويتفاعل بإيجابية مع قضايا الوطن السياسية والإسلامية.
ارتبط سويلم منذ نعومة أظافره بالمساجد فتعلم القرآن وعلمه في مسجد شداد المجاور لمنزله ومسجد الدعوة بالمنزلة ، والتزم بمجالس الذكر في مدارس الأشبال إبان طفولته وبأسرة تربوية في شبابه ، تقول والدته: خالد له مكان معروف في غرفته يضع سجادة الصلاة بين سريرين ليصلي قيام الليل ، ويشهد له جيرانه بحسن التزامه وحرصه على صلاة الجماعة وهو ممن قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان.
يقول أبو طه زميله في العمل: دكتور خالد كان يعمل فى صيدلية الدكتور عبد العال سامى ، كنا نذهب إلى الصلوات مع بعض ، رحمه الله كنت لا أدخل عليه الصيدلية إلا أراه يمسك المصحف ويتلو آيات الذكر الحكيم ، كان متفائلا ومبتسما دائما.
ويشهد له عمرو زميله في سكن الدراسة: ماشفتش منه حاجة وحشة كان إنسان قمة فى الذوق والاحترام
ويقول محمد الخريبي: أنا واحد لا إخوان ولا سلفي ولا أى حاجة من دي أنا واحد كنت أعرف خالد وأشهد له إنه كان راجل محترم ومصلى وأخلاق لأبعد الحدود ، وده لما يموت يبقى إحنا واقعين ف مصيبة وف حاجه غلط بتحصل.
ويقول أحد إخوانه : أعرفه منذ نشأتي مع الإخوان المسلمون في مسجد شداد وكان الراحل من أشد الناس أدبا وحياء.
ويقول عنه شقيقه أحمد: نقاشاته مع المخالفين كانت هادئة ، ولم يكن يتعصب خشية الجدال المذموم ، كان يطور نفسه فى مجال شغله البيطري ويجري العمليات الجراحية للحيوانات ، كان يشعر بالضيق عندما يقصر في قراءة القرآن ، وفى آخر شهرين له كان مواظباً على قيام الليل ، ينام مبكراً ويضبط المنبه ليقيم الليل، رأيته يؤنب نفسه على تقصيره فى التواصل مع الناس ، ثم فوجئنا بعد استشهاده بسعة معارفه وتأثيره في ناس كتيرة جداً سواء فى الجامعة أو فى البلد.
كان حريصاً على مواعيد جلسات تعليم الأشبال والفتيان ويصاحبهم ويساعدهم في حل مشاكلهم ويذاكر معهم دروسهم ويشرحها.
تعرض خالد للسجن والابتلاء إبان نشاطه الجامعي بكلية الطب البيطري بجامعة المنصورة حيث أدخلت إدارة الجامعة بلطجية داخل الحرم الجامعي للاعتداء على طلاب التيار الاسلامي أثناء انتخابات اتحاد الطلاب ، وخرج البلطجية  على الطلاب واعتدوا على خالد ، ولما ذهب ليقدم بلاغاً فوجئ بعامل سنتر الجامعة سبقه بتقديم بلاغ كيدي ضده وقال زوراً أن خالد تعدى عليه وحبس خالد لمدة يومين حتى تنازل العامل عن البلاغ مقابل تنازل خالد عن بلاغه.

إلى رابعة العدوية
خالد من نشطاء العمل السياسي وتميز بوعى وإدراك سياسي للواقع المصري وأهمية النضال السلمي حتى تنهض مصر بشبابها وكان مبادراً ولم يكن كما يتهمه بعض المخالفين بالمغيب والمضحوك عليه بل كان ناشطا فاعلا في جميع المنتديات والحملات السياسية والانتخابية البرلمانية والرئاسية وكافة المسارات الديمقراطية السلمية ، وما أن وقع الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013م ، إلا شد رحالة رافضاً للانقلاب ومعتصماً في ميدان رابعة العدوية بالقاهرة وأعلن أنه لن يعود حتى تعود الشرعية أو يموت في سبيل الله.

وفي الاعتصام كان يشارك في المظاهرات التي تخرج من الميدان ويسير بضعة كيلومترات شبه يومياً ليعلن رفض حكم العسكر والمطالبة بعودة الشرعية.
كان معتصماً ومحافظاً علي ورده القرآني وكان مبادراً وسباقا للأعمال دون انتظار أن يطلب منه أحد ، وما رفض طلباً قط سواءً في الحراسة أو تنظيف الخيم أو تجهيز الطعام أو غيره.
حلقت طائرات هليكوبتر على ارتفاع منخفض لتخويف المعتصمين ، فنظر إليها مبتسماً وهو يقول : والله انتوا مرعوبين.
طلبت إدارة الاعتصام أن ينقل مجموعة من الشباب اعتصامهم من رابعة إلى مقر الحرس الجمهوري ، فوقف خالد كأول مبادر ثم راح يمسك بأيدي الشباب ويشدهم ليقفوا وينتقلوا لمقر الاعتصام الجديد وكان هو المسئول عن المجموعة.
وحينما وصلوا أخرج المصحف ودعا رفقاءه لحلقة قرآن وظل على حاله هذا من بعد العصر حتى وقت النوم قبل موعد الحراسة.
يقول أحد مرافقيه بالاعتصام: في الليلة قبل الأخيرة ، جلسنا معه ومع الشهيد أحمد البلقا وآخرين أمام مبني وزارة التخطيط ، وكان يتحدث عن الشهادة وكذلك الشهيد أحمد البلقا ، وطلب خالد مني تصويره بموبايلي وقال: علشان لو استشهدت تبقي معاك ذكري للشهيد. (الصورة مرفقة بأسفل)

استشهاده

كتب خالد على صفحته على الفيس بوك آخر كلماته : إنها أقدار الله وتدبيره .. ووالله إنها لمتعة أن تسير مع قدر الله وأن ترضى به.. وأن توقن أن ما هو مدبر هو الخير دائما بإذن الله … ووالله لو سلمنا أنفسنا لله لكان الخير كله ولكننا ننظر للأمور بنظرة بشرية ضيقة.

ويتابع أحد المرافقين: في آخر يوم 8 يوليو 2013 م كانت عندنا حراسة وهو كان مسئول مجموعتنا ، وحوالي الساعة 3 صباحاً إحنا رجعنا لرابعة بينما ظل خالد مع باقي المجموعة عند مقر الحرس الجمهوري حيث تبدأ وردية الحراسة.

ووصلت لخالد رسالة عن وجود قوات الجيش والشرطة عند المدخل الذي نقف فيه فجاء إلينا من بعيد بابتسامة –والله لم نرها من قبل- وهو متوضئ وقلت له: الأخ المسئول بيقول إن فيه مدرعات جاية من هنا ولازم نقف ، فقال: “أنا استأذنته نصلى الفجر أول عشان ياعم الحاج آخر حاجة لينا تبقى صلاة الفجر”. وكأنه يشعر بشئ ما ، وبالفعل وقفنا نصلي أمام حاجز التفتيش وبعد تكبيرة الإحرام فوجئنا بضرب النار وقنابل الغاز ولم نستطع إكمال الصلاة وتفرقنا.

ورأيت خالد يقف فى أول صف لا يحمل فى يده أى شيء رغم كثافة الضرب ولم يرجع إلى الخلف ، ومع وقوع إصابات وقتلى قمنا بحمل الجرحى ونقلهم للسيارات.

وبينما خالد يساعد في نقل الجرحى والشهداء تلقى رصاصة غدر آثمة من قناصة الجيش فصعدت روحه الطاهرة لمولاها تلعن ظلم الظالمين وانتهاكهم لقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق .. وفاز خالد بأمنيته .. الشهادة في سبيل الله ونصرة الحق والشرعية.

واحتشد أهالي المنزلة وميت سلسيل فى مشهد مهيب لوداع الدكتور خالد سويلم في جنازته إلى مثواه الأخير في مقابر قريته مسقط رأسه.

يقول أحد زملاء خالد بالدراسة: عقب ذيوع نبأ استشهاد خالد ، تحولت مواقف خمسة من زملاءه بالكلية المختلفين معه وطلبوا الانضمام للإخوان اقتداء بخالد وبأخلاقه.

يقول دكتور رفعت القيعي: لقد قمت أنا وأسرتي بأداء نسك العمرة عن الشهداء أحمد أمين البلقا ، وخالد أبو بكر سويلم ، ومحمد حلمي .

وكتب محمد غزالة عن خالد يقول: زفوا الشهيد وخلوا الزفة ع السنة ، زفوا الشهيد لبيته الثاني فى الجنة ، زفوا الشهيد بجرحه بدمه بثيابه ، عطَر جبينه اياكم تنفضوا ترابه.

بين شهيدين
الشهيد أحمد البلقا والشهيد خالد سويلم ، تحابا في الله ، كلاهما كانا من كوادر العمل الطلابي في دراستهما ، وابتليا بالتضيق والفصل والتحقيق والسجن ، التقيا معاً في اعتكاف العشر الأواخر في أشهر رمضان من كل عام بمسجد شداد ومسجد عبدالقادر سويدان ، اعتصما سوياً ، تمنيا الشهادة ، واستشهد خالد ثم لحق به أحمد ، شهيدان حبيبان في الله ، اجتمعا عليه وتفرقا عليه.

16_17566 17_64725 18_75028  20_72946 21_10774 01_29882 02_25627 03_37431 04_95190 05_25525 06_97050 07_31765 07_01_67327 08_85916 09_61218 10_86511 11_67715 12_47891 1_95599 13_56619  15_22223

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“عمر التلمساني” مجدد شباب الجماعة ومُطلق الدعوة إلى العالمية

في مثل هذا اليوم 22 مايو 1986، أي قبل 33 سنة، ودّعت الأمة عمر التلمساني، ...