عزت النمر يكتب :صرخة ألم في رفاق الثورة والشرعية!

12_03_16_11_23_ew2016

 

أعتقد أننا وصلنا الى حال لا يستقيم معها إلا مصارحة جادة مع أنفسنا وتغيير جاد في منهاجنا وخطتنا.

أرى أن الوقت والحال يفرض علينا أن نتجاوز الانشغال بالأحداث والتعليق عليها, وأعتبر ذلك مهمة تخص الاعلاميين وواجب يلزمهم بنقل الحدث والتعاطي معه ونشره وفضح كل سقطات الانقلاب التي أحد أبرزها هو السيسي نفسه.

يمكن كذلك أن يُقبل هذا الدور في محيط العامة ومرتادي وسائل التواصل الاجتماعي, إما لشهوة تتملك صاحبها أو لثأر يصيبه أو لصاحب نكتة لا يملك نفسه إلا أن يستفيد بالحدث و”الألش” عليه .

كل ما سبق وغيره مقبول وله مساحته ولا عتب عليه, أما قادة الثورة ونخبتها وهياكلها عليهم أن يتجاوزوا ذلك , وواجبهم أن لا يسقطوا في هذا الفخ بحيث لا تصبح هذا الأعمال خصماً من وقفات جادة وتقييم موضوعي وأسئلة واجبة ينبغي أن تفرض نفسها.

الوقفة الأولى مع الانقلاب ورموزه..

السيسي يقدم كل يوم ألواناً من المساخر تصلح أعمالاً للكوميديا، رغم أنها في الحقيقة تراجيديا حزينة ودراما شديدة الأسى والبؤس.

على النسق نفسه: الانقلاب والعسكر يقدمون يومياً جملة من الأفعال والقرارات تتنافس فيها الكارثية والسوء مع السخافة.

كل هذا يستدعي أسئلة تحاول تأويل ذلك وتفسيره.

هل اجتماع كل هذه السقطات من السيسي والانقلاب هو من قبيل الصُدَفْ المجردة؟!

هل هو مجرد عجز عن أداء أحسن وفشل في إخراج صورة أفضل؟!

أليس هناك من سبيل ما يصلون من خلاله لتزيين الانقلاب؟!

ما الذي يمنع مؤسسات عالمية كبرى من تقديم النصح؟!

أليست هناك دول وكيانات تدعم الانقلاب وتساعده؟!

كل ما سبق ممكن وسهل أن يتحقق.. لكن يبدو أنه ليس هدفاً مقصوداً..

يبدو أن الهدف المقصود هو ما نعيشه واقعاً على الأرض، بمعنى أن يكون السيسي ساقطا في الفكر والشكل والمنهج والعقلية, والحكومة فاشلة في الأداء والممارسة, والبرلمان ديكور لتمكين الفشل, والقضاء والاعلام مجموعة أدوات مساعدة لدعم هذا الفشل والفساد, مع الوقت وتتحول مصر إلى دولة فاشلة ومنها إلى شبه دولة وربما تتردى إلى ما هو أبعد من ذلك غداً أو بعد حين.

حقيقة لا أملك تفسيراً مُعْتَبراً لهذا التوجه, ولا أعرف بالتحديد من رسمه ولا من يقف وراءه.

فقط من قبيل المحاولة يمكن أن أعتبر ذلك مواجهة الشعب المصري بصدمة قاسية يفقد معها كل أمل في نفسه أو مستقبله, وتخرج من كيانه كل ذكرى عزيزة لثورته المجيدة في يناير, وتنبت في نفسه جرعات من الندم الشديد على زمن الاستبداد الجميل قبلها.

الوقفة الثانية والأكثر أهمية والتي تستعصي كذلك على الفهم والتفسير:

هي مع معسكر الثورة ورفض الانقلاب, مع الخائفين على الوطن والباحثين عن استبقاء شيء من كرامته وعودة شرعيته.

حالهم تستدعي كثيرا ً من المراجعة والعتب بمثل ما تستدعي الأسى والرثاء!

هؤلاء الكرام بكل أسف يسيرون في الطرق نفسها المرسومة في الخطة الكالحة بالمستوى نفسه وبهمة عالية.

ينتقلون من جُحْر ضب الى جحر ضب كما يراد بهم في خريطة الوطن الفاشلة الكئيبة. الصورة البادية أنهم يتجولون من مربع الخلافات الذاتية والداخلية بينهم الى مربع توصيف المأساة والتعليق على سقطات الانقلاب وذبح الوطن.

فريق منا يرى أن الانقلاب ينتقل من فشل الى فشل, والبعض يرى في تصرفاته منتهى الغباء, والآخرون يؤكدون أنها العمالة والخيانة والإتجار في الوطن.

وسط هذا الضجيج في مربع الثورة بكل أسف القافلة تسير، سواء قافلة الفشل أو تَمَكُنْ الانقلاب وضياع الوطن.

كلي أسف أنني عَبَّرت عن الانقلاب بالقافلة، وأسف أن أصدمكم بأن نباحنا ــ نحن أهل الثورة ــ بهذا الشكل وفي هذا الاتجاه لن يجدي نفعاً.

هذا قد يصلح للإعلاميين الذين يتصيدون الخطأ ويقفون عند الخطيئة وينشرون رذائل الانقلاب لتوعية الشعب.

لكنه لا يصلح ولا يسقط الواجب الذي على السياسيين أو الثوار أن يقوموا به والنهج الذي يفترض عليهم أن يسلكوه .

ماذا ننتظر: أن يتحرك الشعب، أن تثور الجماهير؟

لا، لن تثور الجماهير من تلقاء نفسها، إنما ستتحرك الجماهير تبعاً لحركتنا نحن إن أحسننا قيادتها، إن استطعنا أن نجيب على أسئلتها وأسئلة الواقع من حولنا.

كيف نستثمر معاناة الناس وآلامهم والواقع الذي يذبحهم؟ كيف ندير الغضب الكامن في صدورهم من الظلم والغلاء والفقر؟ كيف نعالج الخوف المُذِل الذي أعجزهم وأقعدهم؟

ثم فرضاً أن الشعب ثار وتحركت الجماهير، ماذا نحن فاعلون؟

هل نبصر طريقاً لنا وسط ثورة الجياع حينئذ؟ هل حددنا كيف سندير الفوضى حينها؟

ثم ماذا إذا ما قُتل الرئيس “محمد مرسي” اليوم أو غداً أو عند الفوضى؟

ماذا إن كانت مقدمة الفوضى حرق السجون بما فيها ومن فيها، معاذ الله؟

للمشهد سيناريوهات واضحة وبدائل مرتبة، لدى كل أعداء الوطن من هنا وهناك،

أين نحن من هذا المصير؟

أية سيناريوهات أعددناها لمثل هذا المستقبل، ما هي خطتنا وقتها؟

أعتقد أننا إذا كنا لا نملك اليوم جواباً لكل هذه الأسئلة، فنحن أَهْلٌ لأن يغرقنا الطوفان.

يقيني أن رجال الأعمال والبيزنس لهم مخططهم وطريقهم.

ولا أشك في أن شركاء الانقلاب يعرفون منهجهم وخطتهم.

أما نحن، فنحتاج إلى أن نستحضر أجندتنا وإجابتنا ولا نترك سكين الوقت يسرقنا, قد لا يسمح لنا الزمن وقتها بمهلة تكفي لنعيد حساباتنا أو لنُنَظِم صفوفنا، قد لا يكون حينها في الوقت متسع حتى نبحث عمن يقودنا ويحمل رايتنا.

لا نريد حينئذٍ أن نفيق على صياح صاخب،: إن الإخوان مازالوا مختلفين، أو إنهم خائنون باعونا في موطن جديد غير محمد محمود.

أو إن الاسلاميين عليهم أن يتراجعوا إلى خلف الخلف، أو إن الحل يجب يأتي من الأمم المتحدة والغرب.

اعذروني أهلي وإخواني في محيط الشرعية ان كنت قد قسوت عليكم أو علينا, ومارستُ شيئاً من جلد الذات، فالأمر جد لا هزل فيه والوقت داهمنا والخرق اتسع وكاد أن يلتهم سفين الوطن.

فإما أن نراجع أنفسنا ونأخذ زمام المبادرة أو نسلم الراية ونعتزل المشهد ونتلو على الناس أحاديث الفتن.. ولنكن كلنا حينئذ عُقْبَة وليكن شعارنا. (أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَوَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ).

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...