في الوقت الذي تعاني فيه موازنة مصر من عجز غير مسبوق، بنحو 11 بالمائة من الناتج المحلي، أقر مجلس نواب العسكر موازنته الخاصة بنحو مليار جنيه، وهو رقم غير مسبوق في جميع برلمانات مصر السابقة.
وانتقد مراقبون حجم الموازنة الجديدة للبرلمان، وسخر نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي من توسع البرلمان في موازنته، وتقييدها في بنود أخرى، كالتعليم والصحة.
تضاعفت مرتين في 6 سنوات
وبالعودة إلى الموازنات العامة للأعوام الماضية، نجد أن موازنة البرلمان تضاعفت مرتين خلال 6 سنوات، شهدت فيها تشكيل 3 برلمانات، ومن المقرر أن يشهد العام المالى المقبل 2016/2017 أعلى موازنة لمجلس النواب على الإطلاق فى مصر بقيمة 997 مليون جنيه، مقابل 775 مليون جنيه خصصتها موازنة العام المالى الحالى 2015/2016 التى انعقد البرلمان خلالها مدة 6 أشهر، اعتبارا من يناير الماضى وحتى نهاية يونيو الجارى.
أما موازنة أول مجلس شعب بعد ثورة 25 يناير الذى سيطر على تشكيله جماعة الإخوان خلال العام المالى 2011/2012، فكانت الميزانية بقيمة 316 مليون جنيه، وكان عدد الأعضاء وقتها 508 أعضاء، ولم يستمر فى العمل سوى 6 أشهر، وصدر حكم سياسي بغلاف قضائي بحله في إطار خطة محاصرة الرئيس المنتخب، وهى موازنة جاءت أقل من موازنة مجلس الشعب عام 2010 الذى سيطر الحزب الوطنى المنحل على تشكيله بواقع 8.8 ملايين جنيه لتصل قيمتها إلى 324.8 مليون جنيه، وكان عدد الأعضاء وقتها 518 عضوا.
أسباب الجدل
وتجدر الإشارة إلى أن سبب الجدل حول الميزانية والحديث عن أن نصفها سيوجه لمكافآت الأعضاء، وهو الأمر الذى ينفيه رئيس المجلس، إنما يرجع بشكل أساسى إلى أن ميزانية مجلس النواب تُرصَد فى الموازنة العامة بمبلغ إجمالى وهو ما يسمى بموازنة الباب الواحد، أى لا يتم تقسيمها على أبواب المصروفات المختلفة من أجور واستثمارات وفوائد ودعم ومصروفات أخرى، وتكتب برقم إجمالى فقط، على أن يقوم المجلس نفسه بتحديد أوجه الإنفاق حسبما يتراءى له.
فالوضع الطبيعى لموازنة أى جهة داخل الموازنة العامة أن تقسم على أبواب المصروفات السابقة الذكر، ولا يمكن لأى جهة أن تنقل مصروفات من باب لآخر أثناء العام المالى، أى مثلا لا يمكن لوزارة الصحة نقل مصروفات من باب الدعم لإنفاقه على الأجور على سبيل المثال؛ لأن هذا مخالف لقانون الموازنة.
ويستثنى قانون الموازنة العامة رقم 53 لسنة 1973 والمعدل بالقانون 87 لسنة 2005، ست جهات بالدولة من كتابة موازناتها تفصيليا بجداول الموازنة العامة، والاكتفاء بذكر الموازنة الإجمالية فقط، والجهات الست حسب نص المادة 10 من القانون المذكور هى: “القوات المسلحة، مجلس الشعب، مجلس الشورى، الجهاز المركزى للمحاسبات، الهيئات القضائية والجهات المعاونة لها، جهاز المدعى العام الاشتراكى”. ويلاحظ أن بعض هذه الأجهزة بات من الماضي مثل المدعي العام الاشتراكي ومجلس الشورى.
انتقادت لاذعة
من جانبه، هاجم الكاتب الصحفي جمال سلطان، في مقاله بـ”المصريون”، الحكومة وبرلمان العسكر، واعتبرهم مجموعة من الجهلة يخربون البلاد. وقال في مقال بعنوان «أنقذوا مصر من الجهلة المتلاعبين بها» عن برلمان العسكر: «والذي يحيرك ويستفزك أن نفس هذا البرلمان وهو يخفض نفقات المراكز المتعلقة بأخطر الشؤون الإستراتيجية أو الأمن القومي المصري في صميمه، وجود الشعب نفسه ومصيره ومستقبل “قوت” أولاده، يقرر زيادة ميزانيته لتغطية زيادة مكافآت نوابه من سبعمائة مليون جنيه إلى قرابة ألف مليون جنيه (977 مليون جنيه)، لكي يخفف الأعباء عن كاهل السادة الأعضاء المكافحين وجهدهم الكبير في تمرير كافة القوانين ومشروعاتها التي تمر عليهم، والتصفيق والهتاف لكل ضيف».
ويضيف سلطان «أتحدى أي عضو في البرلمان أن يقدم للرأي العام المصري إسهاما واحدا قدمه من أجل إنقاذ الشعب المصري أو حماية أرزاقه أو مصالحه أو ضرورات الحياة له، ناهيك عن حرياته وكرامته وحقوقه التي نص عليها الدستور».
ويقارن سلطان بين ميزانية برلمانات الانقلاب والثورة ومبارك موضحا، «الطريف بل المحزن أن موازنة أول برلمان بعد ثورة 25 يناير والذي كانت الأكثرية فيه لحزب الإخوان والسلفيين الذين هجوناهم بما يكفي، والذين يصفهم الإعلام الآن بكل نقيصة، كانت 316 مليون جنيه فقط لا غير، يعني ثلث ميزانية البرلمان الحالي، كما أن موازنة برلمان أحمد عز ومبارك 2010 الذي قامت عليه الثورة لاتهامه بالفساد كانت موازنته 324.8 مليون جنيه فقط لا غير، رغم أن البلد كانت في بحبوحة من العيش نسبيا والاقتصاد قد تعافى، والاحتياطي النقدي يلامس الأربعين مليارا».