الاعتراف بانقلابه.. عُقدة السيسي التي لم تفلح خيانته لدينه ووطنه فى حلها

لا اعتراف بالانقلاب، ليست مجرد عبارة عادية ولكنها لُب الصراع، حيث أكد الشاب عبدالله، نجل الرئيس مرسي، أنها واحدة من ثوابت والده ثلاثية الأبعاد في تفسير مقولته الشهيرة “لا يقبلون الضيم”، ويضاف إليها لا تفاوض على دماء الشهداء ولا تراجع عن الثورة.

من يلتزم هذه الثوابت ويرفض الاعتراف بالسيسي رئيسا، فسيكون مصيره بين آلاف قضوا شهداء في مذابح واغتيالات، بدأت بالحرس الجمهوري ولم تنتهِ برابعة العدوية والنهضة، ومئات قضوا شهداء في سجون العسكر، أو يكون بين نحو 100 ألف معتقل.

يقول الصحفي البريطاني ديفيد هيرست: إن الرئيس مرسي رفض الاعتراف بالانقلاب وكرّس حياته لشعب تخلى عنه مبكرا، أغاظهم الرئيس محمد مرسي لأنه رغم الضغوط بالأذى والبلاء والممارسات الدنيئة يكفيه سواد الزنزانة الانفرادية، رفض الاعتراف بالانقلاب، ورفض مفاوضتهم على ذلك.

بدأ العسكر يفاوض الرئيس مرسي بعد مسرحية 30 يونيو، ليكون كما كان عدلي منصور، لكنه استغل المفاوضة ليعلن أنه لا اعتراف بانقلابٍ ولاؤه للصهاينة والغرب والسفارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، حيث زاره وفدٌ منهم في محبسه وقالوا له لا فائدة، وقّع على الاعتراف وتنازل، فلم ينافقهم بل نالهم منه ما يستحقون من تقريع وغلظة.

آمن الرئيس مرسي منذ اللحظات الأولى بانتصار الثورة، وهزيمة الثورة المضادة التي توقع وصولها لـ”قعر الزبالة” وهو ما حدث، كما توقع انقلابًا على انقلاب، وهو ما تؤكد عليه تقارير الصحف ومراكز الأبحاث الأمريكية والبريطانية والدوريات المعروفة، وينتظره الباحثون عن رجل رشيد في مؤسسة غير رشيدة.

التفريط في النيل

يرى مراقبون أن نهر النيل وشح المياه وسد النهضة هي الترجمة العملية لعبارة: “ماذا يعني الاعتراف بالانقلاب؟”، فبعد ست سنوات تقريبا من تعليق الاتحاد الإفريقي لعضوية مصر على وقع انقلاب 30 يونيو، وزيارته لمقري الاعتصامين الرئيسين في القاهرة والجيزة رابعة العدوية والنهضة، وظهور قادة الاتحاد في مؤتمر برابعة العدوية يشيدون بسلمية الثورة وينفون حيازة المعتصمين أسلحة، على خلفية الانقلاب العسكري الذي قاده عبد الفتاح السيسي ضد أول رئيس مدني منتخب محمد مرسي.

انتهى قرار مجلس السلم والأمن الإفريقي، بقيادة ألفا عمر كوناري، بمقاطعة مصر في 2014 والاعتراف بالانقلاب، بعد سماحه بعودة مصر إلى ممارسة كافة أنشطتها في الاتحاد الإفريقي، والتي كان قد تم تعليقها منذ 5 يوليه 2013 عقب الانقلاب العسكري، بعد ضغوط وصفقات قامت بها دول خليجية مع دول المجلس الـ15، وضغوط أوروبية وإسرائيلية، وبما يخالف ميثاق الاتحاد الإفريقي، ما أثار تساؤلات حول الثمن وراء هذا القرار.

الثمن الذي دفعته العصابة من أجل ذلك، توقيع اتفاقية الخرطوم التي تنازل فيها السيسي عن حقوق مصر المائية في نهر النيل، وسمح بالبدء في استكمال بناء سد النهضة، بدأت تلك المفاوضات في الشهر التالي لاعتراف الاتحاد الإفريقي.

التفريط في الغاز

واعتبر الاتحاد الأوروبي أن ما حدث في مصر، في 3 يوليو، هو انقلاب دموي قاده العسكريون، ولم يمض كثير من الوقت حتى بدأت الوفود الأوروبية تأتي للقاهرة وتسمح للسيسي بزيارتها، ولكن زاد ذلك بكثافة في أعقاب توقع اتفاقية الكلاماتا في 2015.

وصدّق سفيه الانقلاب على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر وقبرص واليونان، وهو الاتفاق الذي يعطي اليونان حقًا في شريط مائي يمتد بين مصر وتركيا، ويقع ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة لمصر، الأمر الذي وصفه مراقبون بأنه تنازل جديد تقدمه مصر في حقوقها البحرية لأهداف اعتراف أوروبا بالانقلاب.

وفي ديسمبر 2013، وقّع رئيس الانقلاب المؤقت عدلي منصور اتفاقية مريبة، بفرض منطقة تنقيب بالتنسيق على طول الحدود المصرية القبرصية، وبعمق 10 كم في المياه المصرية من خط المنتصف؛ وبذلك تم إخراج حقل أفردويت رسميًا إلى الحدود القبرصية، ثم عاد الانقلاب ليشتري الغاز المصري من قبرص بما قيمته 4 مليارات دولار. وهي القضايا التي كان يجاهد في سبيلها عدد من الحقوقيين والباحثين، منهم السفير الراحل إبراهيم يسري.

البوابة الأمريكية

ولعلم أساطين الانقلاب وسدنته أن الصهاينة هم بوابة الرضا الأمريكي للاعتراف بانقلابه، فسارع السيسي إلى تفريغ سيناء من سكانها والشراكة مع الصهاينة في قتل المصريين السيناويين، ودعم شراكته بزيارات سرية وعلنية له ولوزراء من حكومته الانقلابية للكيان الصهيوني، فضلا عن نيلهم حصة من الغاز بل وتوقيع اتفاقيات.

فكانت شراكة السيسي للاعتراف سبيلها التفريط في سيناء والغاز، وفوق كل ذلك استبدال العدو التاريخي بعدو آخر نسب له  العسكر صفة الإرهاب.

على علم أن الأمريكان هم بوابة الانقلاب ابتداءً، وأن الإدارات الأمريكية لا تختلف إزاء سياساتها في الشرق الأوسط، ففي مايو 2014 اعترف السيسي بخيانته قائلا: “أبلغت مسئولا أمريكيًّا كبيرًا أن وقت الإخوان انتهى”.

ومنذ لقاء عضو “برلمان” الانقلاب توفيق عكاشة، السفير الصهيوني في القاهرة، صرح عكاشة بأن بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الصهيوني، توسّط لدى باراك أوباما للاعتراف بالانقلاب، واصفا إياها بـ”بأحداث 30 يونيو”.

مؤسس حركة “مصريون ضد الصهيونية”، محمد عصمت سيف الدولة، أكد أن عبد الفتاح السيسي يرى في إسرائيل بوابته لنيل الاعتراف والرضا والقبول الأمريكي والدولي له ولنظامه.

وأضاف أن “إسرائيل واللوبي الصهيوني في أمريكا ضغطوا على الإدارة والكونغرس الأمريكيين لاستئناف المساعدات العسكرية لمصر، وأثنى وفد اليهود الأمريكان من أن السيسي أثنى على نتنياهو، وقال عنه إنه قائد لديه قدرات جبارة تؤهله لتطوير المنطقة والعالم”.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...