لا تفريط فى دماء الشهداء.. لعنة تطارد الانقلابين وتفضح دمويتهم

ما زال الجميع يتذكر الرجل الذي لا يقبل الضيم، الرئيس الشهيد محمد مرسي، الذي كان يتحدث عن شهداء ثورة يناير الذين قتلهم نظام مبارك، وعددهم يقارب الـ800 شهيد، وهو يقول: “يا نجيب حقهم يا نموت زيهم”.

أما جماعة الليبراليين والعلمانيين وأذرع الإعلام فكانوا يعتبرونه شعارًا مصطنعًا من الرئيس محمد مرسي، وراهنوا بعد الانقلاب على أنَّ الإخوان والرئيس سيبيعون دم الشهداء ويتصالحون مع النظام للعودة للمشهد السياسي؛ من أجل منفعتهم ومصالحهم في التمسك بأهداب السلطة الهشّة، التي وصفها مرسي بأنها مغرم لا مغنم.

الغريب عليهم أنه بعد ٦ سنوات من الصمود الأسطوري للرئيس وقيادات الإخوان بل ولأنصار الشرعية أصحاب القضية، بات منتقدو الإخوان يلعنونهم لأنهم يرفضون الاستسلام وأخذ خطوة للوراء، والتي تعني ابتداء التنازل عن دماء الشهداء!.

وأمام هذه الدعوات قال المتحدث الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمين د.طلعت فهمي: إن “التراجع أمام العسكر لا يليق بصمود المعتقلين ودماء الشهداء.. الإخوان لا يليق بهم الخضوع أمام العسكر في وقت ينظر لهم الجميع”.

موقف تاريخي

ومنذ اليوم الأول للاعتصام، خاطب الدكتور عبد الرحمن البر، المعتصمين المتواجدين في محيط مسجد رابعة العدوية لـ«دعم شرعية الرئيس مرسي»، قائلا: «نحن في رباط بإذن الله من أجل الشرعية ومن أجل حفظ دماء الشهداء، ولا بد أن نكون صادقين ومرابطين لله سبحانه وتعالى”.

وبعدما أهدر العسكر دماء المعتصمين، طالب أحمد عارف، المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين، بإجراء تحقيق دولي عاجل فيما تم في أحداث النصب التذكاري، فجر السبت، مضيفًا: “ما حدث من مجازر يندى له الجبين الإنساني”.

وأضاف عارف، في مؤتمر صحفي عقده السبت ٢٧ يوليو ٢٠١٣: “سنسعى لتقديم كل القتلة للعدالة وملاحقتهم جنائيًا ودوليًا ونطالب حكومات دول العالم بإدانة ما حدث، وتلك المجازر تزيدنا إصرارًا، والقضية ليست رابعة ولكن كل ميادين مصر، حيث لن يقبل أي مصري حر بالعودة للوراء”.

الإعلامي يوسف طلعت والقيادي بالتحالف الوطني لدعم الشرعية، نقل عنه حقوقيون حديثه للقاضي في نوفمبر 2013، أثناء محاكمته بأكاديمية الشرطة: “لو تساوموا الناس اللي بره على حريتنا مقابل التنازل عن دماء الشهداء والتنازل عن عودة الشرعية .. فأنا أطلب منك عدم إخلاء سبيلي.. لا أريد أن أخرج إلى الظلم والقهر والاستبداد.. على استعداد أن أدفع ما تبقى لي من عمري في ظلمات السجن مقابل الثأر للشهداء وتحرير الوطن وعودة الشرعية.. ضحينا ومستعدون للتضحية أكثر وأكثر من أجل حرية الوطن.. رسالتي للأحرار خارج السجن:  لا تنشغلوا بنا ولا يساومنكم أحدٌ على حريتنا.. هدفنا الأكبر حرية الوطن, ثم ختم كلامه بقوله تعالى: “رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه”، ثم كبّر كل الأحرار داخل القفص، وطأطأ القاضي رأسه.

محاولات التخلص

وحاول الانقلاب، من خلال أعوانه وأنصاره، التخلص من دماء الشهداء التي تطارده، ليس بحثا عن تسوية، بل لإظهار أصحاب الدماء بمشهد الرافض للمصالحة.

وفي يونيو 2014، جهز شيخ الأزهر ووزير أوقاف الانقلاب، وقيل إن السعودية ستدفع لمبادرة تحت عنوان “مبادرة الدية الشرعية”، لحل أزمة مطالبة الإخوان وأنصارهم بالقصاص من المتهمين بقتل شهداء بعد انقلاب 30 يونيو، وعلى رأسهم ضحايا اعتصامي رابعة العدوية والنهضة.

ورشح أن شخصيات أخرى منها؛ ناجح إبراهيم والهلباوي ومختار نوح، وأيّدها ياسر برهامي، وكلهم من أنصار الانقلاب، زعموا أن المبادرة تُلزم الدولة برعاية ضحايا الثورة منذ أحداث 25 يناير، والمساواة بينهم وبين شهداء ومصابي رابعة والنهضة.

دم بدم

ولمّا فشل الانقلاب في محاولة إظهار الإخوان كباحثين عن أموال، ومنافع ذاتية، بدأت أذرعه و”خبرائه” الترويج لأكاذيب تدعي أن “الإخوان” جماعة “إرهابية”، وأنه “يتظاهر” باحترام الديمقراطية.

وادعاء أن “جميع شباب الإخوان، داخل السجون، سجناء وليسوا معتقلين كما يشيعون، وغالبيتهم متورطون في أعمال عنف مسلح ضد مؤسسات الدولة، وصدرت ضدهم أحكام نهائي، بل وتمت إعادة محاكمة غالبيتهم قضائيا أكثر من مرة”.

تناقض الانقلاب

وفي فبراير 2015، كشف رئيس مجلس شعب الثورة، سعد الكتاتني، خلال جلسة محاكمته و130 آخرين، في قضية “اقتحام السجون”، أن الانقلاب طلب منه التدخل لقبول الدية من الدولة في شهداء مذبحة فض اعتصام رابعة العدوية، لفك الاحتقان”.

وأوضح الكتاتني، أمام محكمة جنايات القاهرة المصرية، أن طلب النظام له “جاء هذا أثناء حضور المستشار أيمن بدوي لي بسجن طره، حيث طلب منّي محاولة التشاور للوصول لحل للاحتقان السياسي الموجود بالبلاد، والتدخل لقبول الدية من الدولة في شهداء مذبحة فض اعتصام رابعة العدوية، وأن الدولة تستطيع أن تدفع أكبر دية ممكنة لفك الاحتقان، خصوصا وأن أهالي الشهداء لن يستطيعوا الحصول على أي تعويضات من الدولة من خلال القضاء، بحسب بدوي، حيث إنه لن يحكم لهم بتعويضات”.

وقال الكتاتني: “لقد أجبت على عرض المستشار، بأنني ليس لي اختصاص بقبول الدية، ولو تحدثت في الأمر فلا بد من إثبات ذلك بمحضر التحقيقات، وأنا لا أعترف بالانقلاب وهو ما رفضه، وتم تأييد رفضي للانقلاب وتبعاته، وهو ما استندت إليه المحكمة في حل الحزب بعد ذلك”.

وحول تقرير تقصي الحقائق الأول، الصادر بقرار من رئيس الوزراء آنذاك، أحمد شفيق، بتاريخ 9 فبراير 2011 أي بعد “موقعة الجمل”، أشار إلى أنه “صور الواقعة التي يحاكمون فيها سواء التخابر أو وادي النطرون، دون ذكر لوجود العناصر الأجنبية من “حماس” أو “حزب الله” التي تحدث عنها أمر الإحالة وأقوال الشهود في القضيتين.

موقف مؤكدة

وفي تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، قال المستشار وليد شرابي: “لا يملك أحد التفاوض على دماء الشهداء فلسنا من أولياء الدم”.

وأضاف “أنا مع الاصطفاف الثوري.. ولكن بدون أن أتخلى عن ثلاثة مبادئ وقناعات.. والثالث ألا يكون قد تورط في دماء المصريين”.

أما القيادي بحزب الحرية والعدالة عبد الموجود الدرديري، فقال: دماء الشهداء لا يمكن أن تذهب هدرًا ولن يتم التغافل عن جرائم هؤلاء وسيأتي القصاص.

لا تصالح مع القتلة

الأستاذ إبراهيم منير، نائب مرشد جماعة الإخوان المسلمين، أدلى بتصريحات في حوار صحفي أكد فيه أن الجماعة “جادة في إمكانية قبول مصالحة عن طريق حكماء”، وهو الأمر الذي تم تداوله بوصفه قبولا بمصالحة مع النظام الحالي، وأثار ردود فعل رافضة واسعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

غير أن نائب المرشد أوضح أن الجماعة “مستعدة لسماع كل وجهات النظر من حكماء (لم يسمهم) لإتمام مصالحة في البلاد، لا تستبعد مرسي، وتضع في الحسبان جرائم الانقلاب”، مؤكدًا أنه “مع جدية الجماعة في إيجاد مخرج إلا أنها لم تطلب المصالحة مع النظام ولن تطلبها”.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...