لا تراجع عن ثورة.. سياسيون وخبراء: تستحق بداية جديدة لحرية لا يمكن شطبها

يرى مراقبون أن شعار “لا تراجع عن الثورة”، الذي أوصى به الرئيس مرسي أنصار الشرعية ونقله نجله أسامة مرسي، في أول لقاء له به على هامش جلسة محاكمة الأخير بتهمة التخابر مع جهات أجنبية، حيث إن أسامة أحد المحامين المدافعين عن والده في تلك القضية، وذلك في أبريل 2014، يحمل معنيين أو ربما أكثر، أحدهما أن مبادئ ثورة يناير 2011، مستمرة في السعي لتحقيقها، وأنه لا سبيل لإنهاء الانقلاب إلا بثورةٍ لا تراجع عنها ولا استسلام.

الوصية كانت كالحلق في أذن المبلغين وهم أنجاله، حتى إن آخر منشورات الراحل عبد الله مرسي، بتاريخ 25 أغسطس الماضي، كانت تؤكد ثوابت ثورية “من كلمات الرئيس الشهيد محمد مرسي “إنني قد رفضت وما زلت أرفض كل محاولات التفاوض على ثوابت الثورة ودماء الشهداء، تلك المحاولات الهادفة إلى أن يستمر المجرمون وينعموا باستعباد شعبٍ لم يستحقوا يوما الانتماء له”.

التوصية حملها عبد الله عن والده “لكل الثوار الفاعلين على الأرض بقياداتهم ومجالسهم وتحالفاتهم ورموزهم ومفكريهم وطلابهم وشباب مصر”.

واجبات ثورية

وفي مقال له بعنوان “لا تراجع على الثورة.. وللنصر موعده المحدد”، كتب الدكتور محمود عزت، نائب المرشد العام للإخوان المسلمين والقائم بأعمال المرشد: “إن تمسك الجماعة بالمسار الثوري السلمى لا يعنى بحال من الأحوال تنازلا أو تفريطا فى أى حق من حقوق الثورة والثوار، بل يعنى بكل حسم ووضوح وقوة وثبات أن الثورة مستمرة حتى تحقيق كامل أهدافها، وخيارها فى ذلك السلمية المبدعة الموجعة”.

وأوضح فهمه للواجبات الثورية السلمية، منها الانفتاح على فئات المجتمع المختلفة، وأكثر وضوحا في شرح برامجنا للشعب، ونشر الوعي بالثورة السلمية، وعدم الانجرار للعنف، ونشر الأمل في تحقيق السلمية لأهداف الثورة، ومحاربة كل صور اليأس التي يحاول إعلام الانقلاب إشاعتها، ونشر النماذج الناجحة، وابتكار صور إبداعية جديدة ومتنوعة للمقاومة السلمية، وعدم الاستهتار بأي فعالية أو نشاط مهما بدا صغيرا، وتأكيد النجاح الذي يتراكم بالعمل المستمر والفعاليات المتواصلة.

وطالب “عزت” الثوار بكشف حقيقة ما أوصلنا ويريد أن يأخذنا إليه الانقلاب، من دمار اقتصادي وانهيار لمقومات الدولة وتهديد لمستقبل البلاد، حيث لا يملك الانقلابيون أي رؤية لإدارة صحيحة للبلاد سوى تشديد القبضة الأمنية وإذلال الشعب وإخضاعه بالقوة المسلحة، والتفريط في الحقوق وإهدار الثروات.

وأوضح أن استيعاب كافة الطاقات والكفاءات وممارسة الشراكة الحقيقية في العمل الوطني مع الجميع، وتوسيع دائرة التحالف، لاستعادة وحماية الثورة والمسار الديمقراطي. وخلص إلى أنه “لن يضيع حق وراءه مطالب، وستتحقق إرادة الشعب في الحرية بإذن الله”.

سرقة الثورة

ولأن ثورة يناير كانت تيارا كاسحا لم يهاجمها الانقلاب ابتداء، وإنما أذاع ونشر بأن ثورته المضادة هي موجة ثانية للثورة، ثم يعود بين فترة وأخرى ينتقص منها، حتى إن السيسي وعد أخيرًا في وسط حشود اعتاد جمعها في “مؤتمرات” و”محاضرات”، وعد بألّا يحدث ما حدث قبل 8 سنوات في إشارة لثورة يناير!.

غير أن كتابًا آخرين ومن المحسوبين على ما يسمى بـ”جبهة الإنقاذ” وأعضاء بـ”تمرد”، أشادوا بثورة يناير، مدعين أنهم أبناؤها.

غير أن هؤلاء فتّوا في عضد الثورة ولا شك، ولكن يغيب عنهم ما يراه المفكر الثوري المجرى، جورج لوكاتش، الذي يصف هؤلاء الذين يفشلون فى رؤية أن الثورة بند لا يمكن شطبه من على أجندة الصراع السياسي والاجتماعي.

.يمكنكم استعادتها

يقول المفكر العالمي نعومي تشومسكي: من راهن على انتهاء الثورة في مصر وإخمادها كمن يتعلق بالوهم خوفا من مواجهة الحقيقة، فمن المستحيل نجاح الانقلاب، وقال: إن التظاهرات يجب أن لا تتوقف ليلا ولا نهارا، والمطالب لا بد ألا تتغير، الحسم للثوار، الأصوات الثائرة لا توقفها الأسلحة الغادرة، وغدا سنهنئ شعب مصر بإسقاط دولة العسكر؛ لأن مصر محصنة من السيناريو السوري، وهذا يدركه كل عسكري.

ويقول الكاتب البريطاني روبرت فيسك موجها كلامه للمصريين: “إن على الثوار ألا يفرطوا في مطالبهم ولا يتقاعسوا في حشد حشودهم، وسيضطر الملايين من المتأثرين سلبيا بفشل الانقلاب في إدارة الدولة إلى النزول معكم، ويوما وراء يوم ستشتعل الثورة، وسيأتي اليوم الذي سيندم فيه كل ضابط شرطة وكل ضابط جيش على كل رصاصة أطلقها، وعلى كل قتيل سقط على يديه، سيأتي يوم وسيحاكم فيه المئات بل الآلاف من الضباط القتلة المجرمين، وستحاكمونهم على جرائم التعذيب التي لا تسقط بالتقادم”.

الرئيس الأمريكي الأسبق كارتر قال: “لن نتعب كثيرا حتى نكتشف أن العسكر هم الطرف الأضعف، بل والأكثر ضعفا، فالسياسة تقول: إن الطرف الأقوى هو الذي يفرض أمرا واقعا بالعين المجردة، فبالخبرة السياسية سنرى انقلابا وحكما يسيطر عليه قادة الانقلاب، في الغالب يعتقد البعض أن هذا أمر واقع وقد فرضه الطرف الأقوى في المعادلة”.

وقال معهد كارنيجي: “من الصعب أن تنجح الحكومة المؤقتة في تخطى فصيل أقوى على الأرض من الحكومة نفسها، ووجوده في الشارع أكبر دليل على أن انتهاكات الأمن لا تؤثر فيه بقدر ما تدفعه للمضي في الحشد والتصميم على إسقاط السلطة التي عزلت الرئيس، وسجنت خصومها تحت حماية الآلة العسكرية، التي خسرت هي الأخرى رصيدها لدى الشعب”.

الطرف الآخر

وتعتبر ثورة ٢٥ يناير ثالث أعظم ثورة في التاريخ، بحسب ما ورد في كتاب التعليم الأساسي للتلاميذ الألمان، وتأتي بعد الثورة الفرنسية وإعادة توحيد ألمانيا.

الباحث السياسي محمد سيف الدولة، قال إنه لا تراجع عما بدأته ثورة الخامس والعشرين من يناير، وكتب- في منشور عبر صفحته الرسمية على موقع “فيس بوك”- “كان ممكن نأخذها بطريقة أبسط من كده ونعتبرها تجربة وعدت، نتعلم منها دروسا مفيدة علشان المرة الجاية، لكن بعدما سقط كل هذا العدد من الشهداء، وبعدما ذقنا طعم الحرية، وبعدما اتغدر بينا، بقت الحكاية جد ومعدش فيه إمكانية للتراجع أو الاستسلام”.

حقيقة تاريخية

في مقال له في يناير 2015، قال د. خالد فهمي، المؤرخ والأستاذ بالجامعة الأمريكية، في مقال شهير له بعنوان “في ذكرى 25 يناير لماذا سننتصر: الثورة مستمرة”، نشرته صحيفة الشروق، يخلص إلى أن “ثورتنا إذًا ليست ثورة فيسبوك، ولا هي مؤامرة أجنبية، ولا هي محاولة من “شوية عيال” مأجورين ومدربين في صربيا على إسقاط الدولة كما يدعي النظام الحالي وأبواقه الإعلامية في تحليل أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه ضرب من الهوس والهطل”.

وأضاف “إننا كشعب في حالة ثورة مستمرة منذ أوائل القرن التاسع عشر، وما ثورة ٢٥ يناير إلا آخر مرحلة من مراحل كفاحنا لإجبار الدولة المستبدة على خدمتنا بدلا من أن تسخرنا نحن على خدمتها”.

وقال “هناك خمسة أسباب وقفت، وما زالت تقف، أمام محاولاتنا الإقامة نظام ديمقراطي في بلادنا”، وهي بتصرف أن “هذا الغرب نفسه لم يدخر وسعا لكي يجهض جهودنا التحررية ويقضي على كل مبادراتنا الدستورية”.

وأضاف ثانيا “امتداد الصراع العربي الإسرائيلي على مدار قرن كامل أبلغ الأثر على جهودنا التحررية، فهذا الصراع شتت جهودنا، واستنزف قدراتنا، واستخدمه حكامنا بخبث وخسة حتى يأجلوا تنفيذ أية إصلاحات ديمقراطية”.

أما ثالثا فقد “أثبت ظهور النفط في منطقتنا أنه كان نقمة علينا كشعوب بقدر ما كان نعمة على حكامنا. فالأنظمة الرجعية المحافظة لم تدخر وسعا في تعضيد القهر والاستبداد والظلم. وما انتصار الثورة المضادة في مصر والبحرين سوى خير دليل على التأثير الكارثي لأموال النفط على الجهود الديمقراطية في بلادنا.

وأضاف رابعا أن “مأساة ثورتنا تكمن أيضا في عدم استطاعتنا كشعب أن ننظر للماضي لنختار لحظة نتفق عليها جميعا كأساس (متخيل) قد تصلح كنقطة انطلاق للمستقبل. أو بعبارة أخرى، لا توجد حقبة تاريخية ما نجحنا في الاتفاق على محوها من ذاكرتنا لكي نستطيع أن ننهض من كبوتنا”.

وأضاف خامسا “سؤال الهوية، والإسلام السياسي، وعلاقة الدين بالدولة. ففي خضم جهودنا لإيجاد جواب لسؤال علاقة الجيش بالسياسة، وجدنا أنفسنا مضطرين للإجابة على السؤال الآخر الأكثر صعوبة، سؤال علاقة الدين بالسياسة”.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...