“الكانتين”.. كارفور المعتقلات والغلة في جيوب الباشوات

“انتهزوا الفرصة”.. هكذا يتعامل العسكر مع المعتقلين في السجون، والفرصة هنا تتخطى حافظة نقود أكثر من 100 ألف معتقل لا مشفق عليهم غير أهاليهم، فلا بأس أن يشتري السادة الضباط والأخوة العساكر الأراضي والسيارات والشقق التمليك بأموال حرام، وان يحتال هؤلاء بحيلة “الكانتين” داخل السجن، والذي تباع فيه أطعمة لا تصلح للاستعمال الآدمي ولكنها تصلح لضخ ملايين الجنيهات في جيوب الظالمين.

“طعام في أوانٍ جديدة، جيد الطهي، يقدم بعضه بطريقة فندقية، من قبل نزلاء السجن ويرتدي كل منهم كمامات وقفازات واقية في يده”، هذا المشهد دائما ما يظهر خلال زيارات وفود حقوق الإنسان عبر وسائل الإعلام داخل السجون، إلا أن السجناء يؤكدون أن تلك الصورة “مصنوعة”.

“كارفور المعتقلين” ليس مثل كارفور المعادي؛ لأن أكثر ما يميزه ارتفاع أسعار المنتجات الرديئة المنتهية الصلاحية التي يقدمها للمعتقلين لعدة أضعاف، حتى إن أهالي المعتقلين أكدوا أن الأمانات الشخصية التي كان يتم وضعها في حسابات ذويهم، لم تعد تكفي للمشتريات ذاتها التي كانوا يقومون بشرائها إلا لعدة أيام.

شفط المعتقلين

مصلحة السجون المعنية بأوضاع المعتقلين، تتعامل معهم بسياسة الاحتكار في بعض السجون، وسياسة الابتزاز في سجون أخرى، وجميعها سياسة هدفها شفط ما لدى المعتقلين من أموال، ظنا منهم أن التبرعات تتدفق على المعتقلين وأسرهم من كل مكان.

ووفق عدد من الحقوقيين والمحامين المعنيين بملف المعتقلين، فإن ذلك يتزامن مع توسع سلطات الانقلاب العسكري برئاسة عبد الفتاح السيسي، في قرارات التحفظ على أموال المعتقلين السابقين والجدد، وهو ما زاد من أزمة المعتقلين وذويهم نتيجة الاستيلاء على شركات عدد كبير منهم، ومصادرة أموالهم بالبنوك، ووقف رواتب الموظفين الذين صدر بحقهم أحكام قضائية.

تقول زوجة أحد المعتقلين بسجن الاستقبال بمجمع سجون طرة، إن إدارة السجون لا تسمح بوجود نقود مع المعتقلين، ولذلك فإن الأهالي يقومون بإيداع المبالغ المالية بأسماء المعتقلين في دفتر خاص بأمانات المسجونين، وهي الأموال التي تتحول بعد ذلك إلى “كوبونات” مختومة بختم السجن.

المنفذ الوحيد

وتضيف حبيبة أن زوجها المعتقل منذ عامين على ذمة قضية الانتماء لجماعة الإخوان، أخبرها بأن المبالغ التي يتم إيداعها في حسابه يحق له صرفها من خلال هذه الكوبونات، والتي يتم التعامل بها مع كانتين وكافتيريا السجن، وباقي الخدمات الأخرى مثل الحلاقة أو دفع أعمال الصيانة أو الغسيل وغيرها من الخدمات المختلفة.

وتشير حبيبة إلى أنها كانت تودع لزوجها 1000 جنيه كمتوسط شهري للإنفاق على احتياجاته داخل السجن، بخلاف ما تحضره في زيارتها له كل أسبوعين، من طعام يكفيه لمدة ثلاثة أيام هو و10 من زملائه، الذين يقومون أيضا بنفس الترتيبات في زيارتهم.

وبحسب زوجة المعتقل، فإن هذا المبلغ لم يعد يوفر احتياجات زوجها خلال الأشهر الماضية إلا بضعة أيام؛ لأن الأسعار داخل السجن زادت عدة أضعاف، كما أنه في كثير من الأحيان فإن إدارة السجن ترفض إدخال احتياجات زوجها في الزيارة مثل أدوات النظافة وبعض الاحتياجات الخاصة، لإجبار المعتقلين على شرائها من كانتين وكافتيريا السجن، باعتبارهما المنفذ الوحيد للمعتقلين.

في بطونهم نار

وفي إفادة للمنظمة أكدت شقيقة أحد المعتقلين أن الأوضاع داخل السجن مزرية للغاية قائلة: “يتمنى أبناؤنا الموت الآن كي يُرحموا من العذاب الذي يلاقونه داخل السجن”، ولفتت إلى أنه منذ شهور والزيارة ممنوعة عن المعتقلين، فضلا عن ظروف الاحتجاز السيئة وغير الآدمية، حيث الزنازين الضيقة رديئة التهوية، بالإضافة إلى منعهم من التريض.

وأضافت ان تلك الإجراءات القمعية تمت مع الإغلاق الدائم للكانتين، وهو مكان خاص داخل السجن لشراء الطعام على نفقة المعتقلين، ورفض إدخال الأدوية والأطعمة، وكذلك رفض إيداع أي مبالغ مالية لهم في الأمانات، مع الاستيلاء على المبالغ المودعة سابقا، ما حال دون تمكن المعتقلين من شراء أدوات لنظافة الزنازين أو النظافة الشخصية، وهو الأمر الذي أدى لانتشار الحشرات والأمراض الجلدية بين المعتقلين.

ولأن الباشوات لا يهمهم سوى التربح من وراء الغلابة المعتقلين، ولا فرق لديهم اذا كان ما يدخل في بطونهم من أموال المعتقلين نارا وسيصلون في الآخرة سعيراً، ويكشف معتقل سابق بسجني ليمان طرة ووادي النطرون، العديد من الأساليب التي تلجأ إليها مصلحة السجون لابتزاز واستنزاف المعتقلين، موضحا أن المصلحة في البداية تفرض 25% نسبة على كل شيء يتم بيعه أو تقديمه للمعتقل، وهي النسبة التي يتم صرفها مكافآت للضباط ومسئولي المصلحة في الإدارة المركزية.

ويوضح أن ضباط المباحث هم المتحكمون في الأمور المالية، ومن خلالهم يتم تحديد ما هو المسموح والممنوع بدخوله في الزيارات، وفي أوقات كثيرة يتم منع إدخال بعض الاحتياجات المهمة للمعتقل خلال الزيارة، لأنها متوفرة في السجن، وبالتالي يتم إجبار المعتقلين على شرائها من السجن و بالأسعار التي يحددها السجن.

ويضيف قائلا: “الوضع في السجون العمومية يمكن أن يكون أقل ضررا، لأن الزيارات في معظم الأحوال تكفي الغرض، كما أن السجون العمومية يُسمح فيها للمعتقلين بطبخ أطعمة السجن بأنفسهم، على خلاف السجون المغلقة أو المشددة مثل العقرب، وشديد الحراسة 2، وسجن ملحق الزراعة بطرة، وبعض العنابر بسجن وادي النطرون بالبحيرة، وسجن برج العرب بالإسكندرية”.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...