وماذا بعد حلب يا أهل السنة بقلم: عامر شماخ

3

 

بقلم: عامر شماخ

الدمار الذى تعرضت له حلب السورية، والقتل الجماعى الذى لم يستثن طفلاً أو امرأة، والصمت المريب لما يُعرف بالمجتمع الدولى.. دلائل على أن الجريمة مبيتة؛ بهدف الاستئصال وقد رتبت للمجرمين الأوضاع لارتكاب فظائعهم، ومن بين تلك الترتيبات شراء ذمم ودين حكام العرب والمسلمين بثمن بخس حتى كأن المقتول لا ينتمى لأمتهم، أو لكأنه لا ينتمى لجنس الإنسانية.

من المؤكد أن تلك حرب كونية ضد أهل السنة والجماعة، تقودها الصهيونية العالمية، برعاية أورأمريكية، وبمشاركة قوى الكفر كافة والمذاهب والفلسفات الهدامة؛ لذا لا تجد سوى دماء أهل السنة مسالة حول العالم، وتجد من أسالوها من مختلف الأديان والنحل، ففى الصين قتلى على يد أتباع كونفشيوس، وفى الهند قتلى على يد السيخ والبوذيين، وفى بورما قتلى، وفى البنجلاديش، وفى ليبيريا وعدد من دول إفريقية على يد من لا أديان لهم، ناهيك عما يجرى على أيدى اليهود فى فلسطين، وما جرى على يد الصرب فى أوروبا.

كل هذا يؤكد أن الكفر ملة واحدة، وأن هؤلاء الفجار لا يجتمعون إلا على دين الله الخاتم، وأنهم يتناسون خلافاتهم عندما تستدعى الحرب على الإسلام، وإن كلاً منهم قد ملأ قلبه الغل والحقد والحسد إزاء هذا الدين وأتباعه، من ثم فإنهم لا يتركون وسيلة من وسائل الانتقام والكراهية إلا ارتكبوها ضد المسلمين، وصدق الله: {لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً} [التوبة: 10].

إن اليهودى الذى كشف سوءة المرأة المسلمة فى سوق بنى قينقاع، هو نفسه الذى يستحل دماء المسلمين وأموالهم فى فلسطين هذه الأيام، وإن الكافر الذى قتل سمية بحربته هو نفسه الذى يمثل بجثث المسلمين فى أرجاء واسعة من العالم لا يمنعه ضمير أو عرف، ولا ينهاه ناه عما يفعل، وإن المشرك الذى صلب خبيبًا لاتباعه دين الرشد هو نفسه الذى يعد العدة للتخلص من إخوان خبيب ومعتنقى مذهبه، ويضيق عليهم السبل، ويرميهم بشتى صنوف التهم والجرائم.

وإذا كنا قد تفاعلنا -نحن المسلمين السنة- مع ما جرى فى حلب، ولم نبخل فى نشر «بوست حلب تحترق» فإن هذا جزء ضئيل من مسؤلية كبرى وواجبات عظام تجاه هذه القضية، فإن حلب هى صورة مصغرة لما يرتب لأهل السنة، وإن الأيام المقبلة حبلى بالعديد من الحروب ضدنا واستئصال خضرائنا، إذا لم نأخذ حذرنا، ونعد العدة لهذه الأيام.

دعوكم من الحكام، فإنهم من سهلوا الطريق إلى احتلالنا وقهرنا وعجزنا، ودعوكم من التواكل، وانفروا فى سبيل الله، واعلموا أن لا عز لنا إلا بالجهاد، ولا كرامة إلا بطاعة الله {وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ} [الحج: 18]، {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [المنافقون: 8]، وألا نصر إلا باستواء الصف، وقوته ومتانة بنيانه، فالوحدة الوحدة، والاعتصام الاعتصام بحبل الله جميعًا، والطاعة الطاعة فإن الله ينصر أقوامًا بطاعتهم له، ويخذل آخرين بذنوبهم وبعصيانهم له {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 55].

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا ۖ نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [الصف: 10].

وهذه (روشتة) لعلاج عجز المسلمين، ولصناعة النصر وتوديع الهزائم والانتكاسات، فالإيمان بالله ورسوله، بما يحمله هذا الإيمان من تبعات، على مستوى الأفراد والجماعات، وما يستتبعه من تغيرات على المستويات كافة، اجتماعية وسياسية وعسكرية واقتصادية إلخ.. أولى الخطوات نحو ثبوت القدم وحيازة القوة والأمن من الأعداء، يلى ذلك إعداد العدة لملاقاة المجرمين، بتهيئة الأمة للجهاد، وببذل النفس والمال، وحسن صناعة الشوكة والسلاح، وهذا دين المؤمنين الذين يستحقون حمل هذا اللقب، فإنه ما ترك قوم هذه الفريضة إلا ذلوا، وهى الواجب الذى جعله الله حتمًا ماضيًا إلى يوم القيامة، لا يعطله زمان ولا مكان..

فإن تم ذلك فليس بين المسلمين والنصر إلا خوضهم المعارك، وإقبالهم على أعدائهم بصدورهم، فإن فى الصف المسلم قوة لا تعادلها قوى الأرض، وإن فيه لهيبة تفر من أمامها كل جيوش الدنيا مجتمعة؛ ذلك أن الله كتب أن جنده هم الغالبون، وأن حزبه هم المفلحون، أما من تولى وكفر -أى كفر بتلك القاعدة- فإن النصر يكون بعيدًا عنه بُعدَ المشرقين.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...