جنود الله التي لم تروها.. هكذا يأكل السيسي منسأته وينخر في دولته!

ربما يقودك اليأس مع نظام عبد الفتاح السيسي وجرائمه واستقوائه بالغرب، فضلا عن سيطرته من خلال قبضته الأمنية على الحكم، إلى فقدان الثقة في انهيار دولة الظلم، ولا شك قيام دولة العدل وأداء الحقوق لأهلها، والتي تعد من أسباب بقاء الدول وتفوقها وغلبتها، حتى إن شيخ الإسلام ابن تيمية يقول في رسالة (الحسبة): “الجزاء في الدنيا متفق عليه أهل الأرض، فإن الناس لم يتنازعوا في أن عاقبة الظلم وخيمة، وعاقبة العدل كريمة، فإن الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة”.

لكن الله- سبحانه وتعالى- الذي يقول في سورة الأحزاب: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9)”، هو الذي جعل من غباء السيسي جنديا من جنود الله يأكل منسأته وينخر في دولة الانقلاب، حتى إنك إذا قمت بالرجوع إلى الوراء قليلا، ونظرت لأركان دولة الانقلاب، وقارنت بين وضعها حينما نفذوا مخططهم ضد الرئيس محمد مرسي، وبين وضعهم في الوقت الحالي، فستجد أغلبهم إما في السجون بين جدار المعتقلات، وإما في البيوت ضمن الإقامة الجبرية، وإما في المنفى يخشون العودة حتى لا يتم التنكيل بهم.

ليتبين لك في نهاية المطاف أن الثورة قادمة، وأن الله- سبحانه وتعالى- سلط قائد الانقلاب على دولة الانقلاب التي دعّمته بكامل أجهزتها، ليصعد على اكتفافها للسلطة، ومع صعوده لم يُبقِ قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي حجرا على حجر أو رأسا على جسد، حتى هدمها وقطعها، بدءا من شريكه في الحكم صدقي صبحي وزير الدفاع السابق، ووزير داخليته محمد إبراهيم، وحتى آخر مؤيد من مؤيدي السيسي الذين نهش الجوع بطونهم.

ومع اختلاف التشبيه بين حالنا وبين حال الجن، والفارق بين نبي مثل نبي الله سليمان، النبي الحكيم، وبين مجرم مثل عبد الفتاح السيسي، إلا أن الآية الكريمة في سورة سبأ تضرب المثل على استمرار عذاب الجن رغم موت سليمان، حتى تبين لهم الدليل على موته، فيقول الله تعالى: ” فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14)”.

خائف من شركائه

ومع اختلاف التشبيه تأتي لنا الحكمة، وهي أن قائد الانقلاب العسكري الذي يستقوي بصولجانه المزيف وأركان دولته الوهمية، لم يتبق معه أحد، بعد أن سلطه الله- سبحانه وتعالى- على أركان دولته وتخلص منهم الواحد تلو الآخر، ليظل وحيدا خائفا من كل شركائه الذين استقوى بهم، كما أن قائد الانقلاب الذي استقوى بالغرب، ما هو إلا قاتل بنص اعترافهم ليس له شرعية غير شرعية الدماء، بحسب ما اعترف به الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.

وبعد أن نستعرض كيف تخلص السيسي نفسه من شركائه وكل داعميه، وخلق منهم عدوا له، حتى إن المصريين لو أنفقوا ما في الأرض جميعا كي يتخلصوا من أركان دولة الانقلاب وشركاء الدم، والمنافقين، ومشايخ السلطان الذين كانوا يخادعون المصريين ويتاجرون بالدين لكي يظل أسيادهم في مناصبهم، ما نجح المصريون في التخلص من هؤلاء كما تخلص السيسي منهم، وفي فترة وجيزة جدا.

فلم يشارك أحد بالقول أو الفعل أو المال، في التحريض أو التنفيذ لمذبحة رابعة العدوية التي أسفرت عن آلاف الشهداء والمصابين، أو انقلب على ثورة يناير، إلا وقد ارتدت تلك المشاركة الآثمة على أصحابها، ونالهم من غدر الانقلاب ما قدمت أيديهم من الغدر بالضحايا.

هكذا فعل قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي بكل من أيده وشاركه في هذه المجزرة، ليأتي اليوم الذي تحصد فيه فئة كبيرة من الشخصيات السياسية والنشطاء والعسكريين الذين شاركوا في الانقلاب العسكري، ويلات ولعنات غدرهم ودعمهم للمجازر التي قامت بها سلطات الانقلاب، لتأتي الكرّة وتنقلب عليهم هم، وتزجّ بهم في السجون تارة، وتلاحقهم تارة أخرى في سمعتهم وأرزاقهم وتضيّق عليهم الخناق، فضلا عن خروج كبار قيادات المجزرة من المشهد السياسي بالقوة الجبرية.

صدقي صبحي

وكشفت السنوات الخمس الماضية، كيف انقلب السيسي على شركائه كما انقلب وغدر بالرئيس محمد مرسي، وجاء في مقدمة هؤلاء، وزير الدفاع السابق الفريق أول صدقي صبحي، الذي كان وقتها رئيسا للأركان، وكانت كافة الروايات تؤكد شراسة موقفه في ضرورة الفض العنيف لرافضي الانقلاب العسكري.

فلم يكن صبحي نفسه ليصدق أن تحل ذكرى المجزرة وهو خارج المشهد، بعدما تمت الإطاحة به في التشكيل الحكومي، في يونيو 2018، دون سابق إنذار، رغم تحصين الدستور له، قبل أن يتحايل السيسي على النص الدستوري الذي يحصّن منصب وزير الدفاع لمدة ثماني سنوات، بتمرير قرار الإطاحة بشريك الانقلاب من دون علمه.

كما أطاح السيسي بصهره رئيس الأركان السابق الفريق محمود حجازي، والذي كان يقود الاستخبارات الحربية إبان المجزرة، بعدما غدر به قائد الانقلاب وأطاح به من منصبه دون مقدمات، في وقت كان يتوقع كافة المراقبين للمشهد المصري دورا أكبر لحجازي.

سامي عنان

ويسبق هؤلاء الفريق سامي عنان الذي كان يعتبر الصندوق الأسود للعسكر في فترة حكم المجلس العسكري بعد ثورة 25 يناير، كما أنه كان رجل أمريكا الأول، ومع ذلك تخلص منه السيسي وألقى به في غياهب السجن يصارع الموت.

وجاء خالد فوزي أحد شركاء السيسي الذين تمت الإطاحة بهم من المشهد وإخراجهم إجباريا، وهو مدير الاستخبارات العامة السابق ورئيس وحدة الأمن القومي إبان المجزرة، ليطيح به السيسي في يناير2018، بشكل مفاجئ دون علمه، وهو ما تسبب في أزمة صحية له، أسفرت عن دخوله العناية المركزة عدة أيام، قبل أن يفيق من أثر الصدمة.

ومن بين المؤيدين للمجزرة، الفريق أحمد شفيق، المرشح الرئاسي الخاسر في انتخابات 2012، والذي كان رأس حربة الانقلاب على مرسي من خلال لقاءاته في الإمارات، التي كان يتم خلالها وضع ترتيبات وتفاصيل الانقلاب، بمشاركة قيادات “جبهة الإنقاذ”، فلم يأمن هو الآخر من لعنة الدم، إذ تم احتجازه بعدما تم ترحيله من الإمارات في أعقاب إعلانه الترشح لانتخابات الرئاسة الماضية في مواجهة السيسي، قبل أن يضطر أمام التنكيل به واحتجازه وبناته الثلاث إلى أن يعلن التراجع عن تلك الخطوة، لينتهي به الحال معزولاً في مسكنه بالقاهرة الجديدة.

عبد الجليل مصطفى

ومن بين السياسيين الذين رحبوا بدعوة السيسي للتظاهر دعما لفض الاعتصامات في 27 يوليو 2013، تحت مسمى “جمعة التفويض”، السياسي عبد الجليل مصطفى الذي كان أحد أهم أضلاع الانقلاب، إلا أن السيسي أهانه وغدر به، بل وصل الأمر إلى أن استخدم السيسي ونظامه سلاح “البلطجية” ضدهم، عندما دفع بعدد من المسجلين الخطرين لمهاجمة إفطار نظّموه في النادي السويسري بمنطقة إمبابة، خلال رمضان الماضي، ليُحدثوا إصابات بعدد منهم، رغم أن عبد الجليل مصطفى، شغل في أعقاب الانقلاب عضوية الحملة الانتخابية المركزية للسيسي في انتخابات الرئاسة 2014.

الإقامة الجبرية

كما فرض عبد الفتاح السيسي على عدد كبير من السياسيين الفاسدين حالة الإقامة الجبرية، رغم دعمهم الكامل للسيسي، مثل الإعلامي توفيق عكاشة الذي كان يعتبر نفسه صاحب الفضل الأول في الانقلاب على الرئيس محمد مرسي، بعد تجييش المعارضين له في التظاهر والتخريب.

أيضا أصبح المرشح الخاسر في انتخابات الرئاسة حمدين صباحي رهن الإقامة الجبرية، بعد أن قام بالخروج على صفحته الرسمية وهو يقوم بأعمال المطبخ، بعد أن أخرس السيسي صوته.

كما تم طرد الدكتور محمد البرادعي من مصر، ومنعه من العمل السياسي، رغم تعيينه في بداية الانقلاب نائب لرئيس الانقلاب المعين عدلي منصور.

كما تشمل القائمة المئات من الإعلاميين الذين تم وقفهم عن العمل، وطردهم خارج مصر، فضلا عن السياسيين وأركان دولة مبارك الذين لا تتسع هذه السطور لذكر أسمائهم، بدءا من مبارك نفسه وأبنائه، وأركان نظامه، وحتى أركان دولة الانقلاب التي لم يتبق منها سوى عبد الفتاح السيسي فقط، ليكون السؤال: “هل كانت الثورة تستطيع الإطاحة بكل من أطاح بهم السيسي من المشهد؟”

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...