التبين أو التثبت

التبين لغة:
مصدر تبيّن إذا تثبّت في الأمر،
والتّثبّت في الأمر والتّأنّي فيه، والمعنيان متقاربان.
أولا: آيات من القرآن الكريم:
قال تعالى:” وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا “ ( النساء: 83)
قال تعالى: ” يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً “ (النساء: 94 )
قال تعالى: ” عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ” ( التوبة: 43 )
قال تعالى:” إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ . لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ . لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ . وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ . إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ . وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ “ ( النور: 11 : 16)
قال تعالى:” يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ” ( الحجرات: 6 )

ثانيًا: من الأحاديث الشريفة:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» مسلم.
عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَوْ قَالَ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لِأَبِي مَسْعُودٍ مَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: فِي «زَعَمُوا؟» قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَمُوا» سنن أبي داود/ صحيح. أَيْ: أَسْوَأ عَادَةٍ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَّخِذَ لَفْظَ (زَعَمُوا) مَرْكَبًا إِلَى مَقَاصِدِه , فَيُخْبِرُ عَنْ أَمْرٍ تَقْلِيدًا مِنْ غَيْرِ تَثَبُّتٍ , فَيُخْطِئُ وَيُجَرَّبُ عَلَيْهِ الْكَذِبُ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْإِخْبَارَ بِخَبَرٍ مَبْنَاهُ عَلَى الشَّكِّ وَالتَّخْمِين دُون الْجَزْمِ وَالْيَقِينِ قَبِيحٌ , بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِخَبَرِهِ سَنَدٌ وَثُبُوتٌ , وَيَكُونُ عَلَى ثِقَةٍ مِنْ ذَلِكَ , لَا مُجَرَّدَ حِكَايَة عَلَى ظَنٍّ وَحُسْبَانٍ. عون المعبود – (ج 11 / ص 7)
عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ الْأَعْمَشُ: وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «التُّؤَدَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ خَيْرٌ إِلَّا فِي عَمَلِ الْآخِرَةِ» المستدرك على الصحيحين.
عن بريدة أنّ ماعز بن مالك الأسلميّ أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله إنّي قد ظلمت نفسي وزنيت وإنّي أريد أن تطهّرني، فردّه. فلمّا كان من الغد أتاه فقال: يا رسول الله، إنّي قد زنيت، فردّه الثانية. فأرسل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى قومه فقال: «أتعلمون بعقله بأسا تنكرون منه شيئا؟» فقالوا: ما نعلمه إلّا وفيّ العقل، من صالحينا، فيما نرى. فأتاه الثّالثة، فأرسل إليهم أيضًا فسأل عنه فأخبروه أنّه لا بأس به ولا بعقله، فلمّا كان الرّابعة حفر له حفرة ثمّ أمر به فرجم) البخاري.
ثالثًا: بعض الآثار:
روي عن عليّ- رضي الله عنه- أنّ رجلا سعى إليه برجل، فقال له: يا هذا نحن نسأل عمّا قلت، فإن كنت صادقا مقتناك، وإن كنت كاذبا عاقبناك، وإن شئت أن نقيلك أقلناك، فقال: أقلني يا أمير المؤمنين ( الإحياء / الغزالي)
روي عن عمر بن عبد العزيز- رحمه الله- أنّه دخل عليه رجل فذكر له عن رجل شيئًا، فقال له عمر: إن شئت نظرنا في أمرك، فإن كنت كاذبًا فأنت من أهل هذه الآية: إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا (الحجرات/ 6) ، وإن كنت صادقا فأنت من أهل هذه الآية: هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (القلم/ 11) ، وإن شئت عفونا عنك؟. فقال: العفو يا أمير المؤمنين لا أعود إليه أبدًا) ( الإحياء / الغزالي)
رابعًا: من فوائد (التبين)
(1) حفظ الأرواح وصيانة الدّماء.
(2) دليل رجاحة العقل وسلامة التّفكير.
(3) يقي المجتمع من مخاطر القرارات السّريعة غير المدروسة.
(4) يثمر الثّقة بالنّفس.
(5) البعد عن الشّكّ وهواجس الشّيطان.
(6) التّبيّن يحفظ حقوق الأفراد والجماعات ولا يجعلها عرضة للظّنّ.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...