إخفاء المدافعين عن حقوق المختفين.. تراجيديا دولة العسكر

لا حدود للغباء الأمني في التعامل مع المصريين في دولة العسكر التي يتم فيها اعتقال أسرة بأكملها أو كفيف بتهمة التدريب على استخدام السلاح أو فتاة بادعاء حيازتها “آر بي جي”!.

الجديد في تلك الدولة الأمنية هو اعتقال المدافعين عن حقوق المختفين قسريًا الذين ينقطع الاتصال بهم ويدخلون غياهب مقار الاحتجاز ومقار “أمن الدولة” دون إذن قانوني بالطبع؛ لإجبارهم على الاعتراف بما تشاء أجهزة أمن الانقلاب.

وتأتي استراتيجية اعتقال المحامين والمدافعين عن المعتقلين واللاهثين وراء المختفين لتؤكد أن الانقلاب هو الإرهاب وأنه لا قانون في بلد تحكمه دبابة وسلاح.

الجمعة، أصدرت منظمة العفو الدولية نداء أعربت فيه عن قلقها من انقطاع التواصل مع المحامي والحقوقي عزت غنيم منذ مساء الخميس، لافتة إلى أنه “في ظل الظروف الأمنية الراهنة تتصاعد التخوفات على مصير “غنيم”، وأنه عرضة لخطر الاختفاء القسري، على غرار غيره من المحامين الذين تم إخفاؤهم قسريا”.

وقالت نجية بونعيم، مديرة الحملات لشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية: “نظرًا للمناخ السياسي المشحون في مصر، وما تتعرض له المعارضة من قمع في الفترة ما قبل إجراء الانتخابات الرئاسية، فإننا نشعر بقلق عميق من أن يكون عزت غنيم قد تعرض للاختفاء القسري”.

وأشارت إلى أن “العفو الدولية” تحدثت مع عائلة وزملاء عزت غنيم حول ظروف اختفائه مساء الخميس. وقالت زوجته إنها انتظرت عودته إلى المنزل من مكتبه بعد أن اتصل بها في الساعة الخامسة والنصف مساء ليخبرها بأنه سيعود إلى المنزل خلال نصف ساعة. وعندما لم يعد بعد السادسة والنصف مساء، حاولت الاتصال بهاتفه مراراً وتكراراً، لتجد أن الهاتف غير متاح، ويحتمل أن يكون مغلقا”.

محامي زبيدة

وفي نفس اليوم اعتقلت قوات أمن الانقلاب المحامي عزوز محجوب عزوز، دون سند من القانون.

ونددت المنظمة السويسرية لحماية حقوق الإنسان باعتقال المحامي الذي تم اختطافه أثناء عودته إلى منزله، مساء الخميس على يد قوات أمن الانقلاب، وتم اقتياده إلى مكان غير معلوم حتى الآن.

يذكر أن المحامي المختطف من أبناء امبابة بمحافظة الجيزة، وهو من قام بالإجراءات القانونية مع والدة الفتاة “زبيدة يونس” عند اختفائها منذ عام.

وأدانت المنظمة عمليات الاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري بحق المواطنين، وحملت سلطات الانقلاب مسئولية سلامته، وطالبت بضرورة الكشف عن مكان احتجازه والإفراج الفوري عنه.

إبراهيم متولي

وعبرت دول أوروبية عن “القلق البالغ” إزاء استمرار احتجاز ممثل حقوق الإنسان المحامي إبراهيم متولي حجازي، وممثل ادعاء الباحث الإيطالي القتيل جوليو ريجيني.

ودعت حكومات كندا وألمانيا وإيطاليا وهولندا والمملكة المتحدة سلطات الانقلاب في نوفمبر الماضي، إلى ضمان حرية المجتمع المدني والحماية من التعذيب، وفق ما ينص عليه الدستور المصري.

ونشرت السفارتان الألمانية والبريطانية عبر حساباتهما على “فيسبوك” و”تويتر” وموقعيهما على الإنترنت “بيانًا أوروربيًا مشتركًا يضم ألمانيا وهولندا وإيطاليا والمملكة المتحدة يندد باعتقال المحامي والحقوقي إبراهيم متولي من مطار القاهرة أثناء سفره لتلبية دعوة من الفريق الحقوقي المعني بحالات الإخفاء القسري بالأمم المتحدة”.

وقالت حكومات الدول الأوروبية الأربعة ألمانيا وإيطاليا وهولندا والمملكة المتحدة، علاوة على حكومة كندا: إنها “تشعر بقلق شديد جراء الاستمرار في اعتقال محامي حقوق الإنسان إبراهيم متولي حجازي، الذي جرى اعتقاله بمطار القاهرة في 10 سبتمبر بينما كان في طريقه للمشاركة في لقاء فريق الأمم المتحدة المكلف بالاختفاء القسري وغير الطوعي”.

وقبل أيام شكت أسرة المحامي إبراهيم متولي من المعاملة الأمنية السيئة وإيداعه سجن العقرب فضلاً عن كونهم ممنوعين من زيارته.

وفي 7 فبراير الماضي، روى المحامي أسامة بيومي في منشور عبر حسابه على “فيسبوك” ما حدث لدى ظهور المحامي إبراهيم متولي رئيس رابطة المختفين قسريًا، لأول مرة أمام المحكمة وسماحها له بالكلام؛ حيث قال: “عاوز أعرف أنا هنا ليه.. انتوا بتعاقبوني علشان بدور على ابني؟ في إشارة لابنه عمر”.

وأضاف: “لو مات ابني هاتوا جثته ادفنه وارتاح”، و”لو عمل جريمة، عرفوني، من حقي أدافع عنه واشوفه”.

وتساءل “متولي”: “..طيب مش بتقولوا اني بنشر أخبار كاذبة ؟ طيب هاتوا ابني وطلعوني كداب”.

حقوقيون وإخفاء

ما زالت قوات الأمن تخفي قسريًا الباحث الحقوقي محمد صادق ومحامي أسر سجناء العقرب، لليوم السادس على التوالي منذ اعتقاله من محطة قطار الجيزة أثناء توديعه أحد أقاربه، في ذكرى اليوم العالمي للإخفاء القسري، الإثنين 30 أغسطس الماضي، وحصل “صادق” على حكم بتمكين الأسر من زيارة ذويهم.

وأُخفَي الصادق ثلاثة أشهرٍ، ظهر بعدها بنيابة أمن الدولة العليا بتهمة “الشروع في قتل النائب العام المساعد”، ورُحّل إلى سجن طره شديد الحراسة2 “العقرب2”.

وفي العاشر من مارس لعام 2017، أُوقِفَت داخلية الانقلاب الدكتور أحمد شوقي عبد الستار عضو منظمة “مظلوم”، وظهر عبد الستار بعدها بنيابة أمن الدولة العليا بتهمة “الانضمام لجماعة أُسست علي خلاف القانون”.

تلته الدكتور “حنان بدر الدين” عضو رابطة أسر المختفين قسريًا، ففي يوم السبت الموافق السادس من مايو 2017، احتجزت قوات الشرطة التابعة لسجن القناطر “د. حنان بدر الدين” لمدة خمس عشرة ساعة ثم عُرضت على النيابة في اليوم التالي بمحضر رقم (5163 لسنة2017) بتهمة” الانضمام لجماعة إرهابية، وإدخال ممنوعات داخل السجن”، كانت “بدر الدين” قد جابت أقسام الشرطة تساؤلا عن زوجها المختفي قسريًا منذ أحداث المنصة 27 يوليو 2013، ولم يتم الرد عليها من قِبل السلطات المعنية، وانتهى مصيرها إلى السجن.

وبتاريخ 20 نوفمبر قررت محكمة جنح المنتزه بالإسكندرية، حبس المحامية ماهينور المصري – الناشطة السياسية -وزميلها معتصم مدحت، على ذمة اتهامهما في “قضية تجمهر وتظاهر دون تصريح وقيامهم بتنظيم وقفة في الرابع عشر من يونيو الماضي ضد اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، المعروفة بـ “جزيرتي تيران وصنافير”.

محامو معتقلين

واعتقلت ميليشيات أمن الانقلاب بالمنيا في 6 مايو الماضي المحامي بكر محمد عيد، محامي المعتقلين الرافضين للانقلاب العسكري بمدينة سمالوط.
ويبلغ عدد المحامين من أبناء المحافظة الذين اعتقلتهم ميليشيات الانقلاب حوالي 15 محاميا، من بينهم طه أبو عمامة، عضو مجلس النقابة العامة للمحامين عن المحافظة.

محامي التلامذة

وبالتزامن مع اعتقالات محافظة المنيا، اعتقلت قوات أمن الانقلاب المحامي “طارق الشبعان”، عضو هيئة الدفاع عن تلاميذ كفر الشيخ، البالغ عددهم 32، وذلك من داخل قاعة محكمة جنايات كفر الشيخ، أثناء مرافعته بالقضية.

وكانت قوات أمن الانقلاب قد اعتقلت 32 تلميذا بالمرحلة الثانوية، يوم 9 مارس 2016، من وسائل المواصلات، وتم تلفيق اتهامات لهم “بالعمل على قلب نظام الحكم”، والزج بهم في ظروف لا إنسانية في سجون الانقلاب، شملت تعرضهم لعمليات تعذيب بشعة لا تتلائم مع كونهم أطفالا، يضع لهم القانون معاملة خاصة في أماكن احتجاز معينة.

إحصائية حديثة

وحتى 27 مايو الماضي، اعتقلت مليشيات الانقلاب 452 محاميًا تم اعتقالهم منذ الانقلاب، وتحتل محافظات الاسكندرية والشرقية والجيزة صدارة المحافظات الأعلى من حيث أعداد المحامين المعتقلين على خلفية دفاعهم عن مناهضى الانقلاب العسكرى ورافضى الفقر والظلم المتصاعد يوما بعد الآخر.

ورصدت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات 452 واقعة اعتقال لمحامين منذ الانقلاب، منها 237 حالة اعتقال حتى نهاية 2015، و55 واقعة اعتقال للمحامين خلال عام 2016 في حين هناك 160 واقعة غير معلومة التاريخ بدقة.

ولا يزال 68 محاميًا رهن الحبس الاحتياطي، و56 صدر بحقهم أحكام من محاكم مدنية وعسكرية.

ويعتبر الاختفاء القسري هو الوسيلة التي تقوم بها السلطات عندما تريد أن تخفي ما ترتكبه من انتهاكات ضد المعارضين، مثل: المعاملة السيئة، والتعذيب، والإعدام خارج نطاق القضاء.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

(ملف كامل) شهداء الدقهلية في مذبحتى رابعة والنهضة 14 أغسطس 2013

شهداء الدقهلية في مذبحتى رابعة والنهضة 14 أغسطس 2013 1- الشهيد عمر الفاروق صدقي  محفظ ...