الإمام البنا.. لماذا يثير رعب الخونة رغم مرور 69 عامًا على استشهاده؟

الإمام المجدد حسن البنا الرجل روى بدمائه غرس دعوته فأحيا أمة ومازال الأكثر تأثيرا في العالم. غاب الإمام الشهيد وترك جماعة الإخوان المسلمين التي أسسها تنظيميا الآن في أكثر من 100 دولة وفكريا في كل العالم، رغم استشهاده قبل 69 عاما في الثاني عشر من فبراير عام 1949، بعدما تم استدعاؤه إلى جلسة مفاوضات مع ممثلي الحكومة في مقر جمعية الشبان المسلمين فذهب في الموعد المحدد قضى ساعته الأخيرة في التفاوض حول قرار حل جماعة الإخوان المسلمين واعتقال أعضائها والذي صدر قبل شهرين من تلك الليلة.

هو حسن أحمد عبد الرحمن محمد البنا الساعاتي، المولود في مدينة المحمودية بمحافظة البحيرة في ١٤ أكتوبر ١٩٠٦ لأسرة بسيطة، فقد كان والده يعمل مأذوناً وساعاتي، والتحق بمدرسة الرشاد الإعدادية وشارك في تأسيس «جمعية الأخلاق الأدبية»، وكان رئيسًا لها، ثم أنشأ جمعية أخرى خارج مدرستهم وهى «جمعية منع المحرمات»، وكانت ترسل الخطابات لكل من يرتكبون الآثام أو لا يحسنون أداء العبادات.

ثم تطورت الفكرة بعد التحاقه بمدرسة المعلمين بدمنهور فأنشأ «الجمعية الحصافية الخيرية»، التي عنيت بنشر الدعوة إلى الأخلاق الفاضلة ومقاومة المنكرات والمحرمات المنتشرة، ومقاومة الإرساليات التنصيرية التي تشكك المسلمين في عقائدهم خدمة للاحتلال البريطاني .

غرس شجرة الإخوان

بعد انتهائه من الدراسة في مدرسة المعلمين انتقل إلى القاهرة وانتسب إلى مدرسة دار العلوم العليا، ثم اشترك في جمعية مكارم الأخلاق الإسلامية، وبدأت تتبلور في رأسه وهو طالب بدار العلوم، فكرة إنشاء جمعية أو جماعة دينية، وهى ما عرفت لاحقا باسم جماعة الإخوان المسلمين، فلما حصل على دبلوم دار العلوم العليا سنة ١٩٢٧ عين معلماً بمدرسة الإسماعيلية الابتدائية الأميرية، وفى مارس من عام ١٩٢٨ تعاهد مع ستة من الشباب على تأسيس جماعة الإخوان المسلمين في الإسماعيلية.

حرب فلسطين

في أكتوبر 1947 أصدر الإمام حسن البنا أوامره لشعب الإخوان ببدء الاستعداد للجهاد لتحرير فلسطين، وتوجهت الكتيبة الأولي يوم 20 أكتوبر، وشارك متطوعو الإخوان في القتال ضد الصهاينة، وخاصةً في النقب، وقدموا مساعدات هائلة للقوات المصرية المحاصرة في الفالوجا، وكان رد فعل الحكومة المصرية بإيعاز من المستعمر البريطاني في منع مشاركة الإخوان في قتال اليهود هو حل الجماعة في ديسمبر 1948م، والقبض على مجاهدي الإخوان.

استشهاد الإمام

أعلن النقراشي باشا، رئيس وزراء مصر في ذلك الوقت، في مساء الأربعاء ٨ ديسمبر ١٩٤٨ قراره بحل جماعة الإخوان المسلمين ومصادرة أموالها واعتقال معظم أعضائها، بعد عام من القرار المشئوم وفي الثامنة والثلث من مساء الثاني عشر من فبراير عام 1949، عندما خرج البنا من مقر الجمعية بصحبه صهره عبد الكريم منصور ليستقلا سيارة تاكسي كانت تنتظرهما ظهر رجلان يعبران الطريق جريا وأطلقا عليهم الرصاص، فر القاتلان داخل سيارة فورد ليموزين سوداء استطاع شاب أسمر مجهول الهوية حتى الآن أن يلتقط رقم السيارة ويمليه على محمد الليثي سكرتير لجنة الشباب بالجمعية وكان هذا هو الخيط الوحيد للوصول إلى القتلة.

أصيب حسن البنا بست رصاصات إلا أنها لم تكن قاتلة نُقل الاثنان إلى مقر جمعية الإسعاف والتي لا تبعد كثيرا عن موقع الجريمة كان البنا متماسك يطمئن صهره ويشد من أزره وعندما جاء الطبيب كان البنا يرفع ثيابه الخارجية بنفسه للكشف عن مواضع الجروح لكن حالة عبد الكريم منصور كانت تتطلب نقله إلى المستشفى فأصر البنا على أن يرافقه إلى هناك للاطمئنان عليه غير مبال بجراحه التي تنزف.

يد الغدر والخيانة

كان من الواضح أن خطة القتلة لم تنفذ بإحكام فحاولوا تدارك ذلك سريعا لم يكن الإمام حسن البنا يعلم أن أوامر مشددة قد سبقته إلى مستشفى القصر العيني تمنع أي شخص من القيام بأي محاولة لإيقاف النزيف وُضِعَ على فراش وترك ينزف لمدة ثلاث ساعات على مرأى من المحيطين به وبعد منتصف الليل بقليل توقفت أنفاسه وفارق الحياة.

رحل الإمام الشهيد حسن البنا تارك وراءه جدل عظيم وتناقض صارخ بين أتباع وجدوا فيه إمام ومجدد قل نظيره وبين أعداء اتهموه بأنه كان المؤسس الأول لمدرسة العنف والإرهاب، أحداث خطيرة سبقت اغتيال المرشد العام للإخوان المسلمين جعلت منه عدو لكل القوى السياسية والاستعمارية في المنطقة.

قالوا عنه

من جانبها تقول عزة الجرف النائبة عن حزب الحرية والعدالة في البرلمان المنتخب :”اغتالوا الجسد وزرعوا الفكر.. الإخوان المسلمون فكر لن يموت”، وأضافت الجرف: “شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء”.

وأضاف نزار غراب، البرلماني السابق: “حسن البنا في ذكرى اغتياله تقبله الله شهيدا مؤسس الانطلاقة الكبرى لمواجهة الحرب على الإسلام في العصر الحديث اجتهد لعصره …فأصاب ….وأخطأ …تقبل الله منه أفضل ممن انتفع بصوابه سيد قطب.. رفاعي سرور..حازم أبو إسماعيل وهناك من انحرف عن صوابه.. حتى ساهم في إجهاض مرحلة ثورة”.

يشار إلى أن لجماعة الإخوان المسلمين جهد كبير في حرب العام 1948 دفاعًا عن فلسطين، وعلى أكثر من جبهة؛ من مصر والأردن وسورية، كما كان للجماعة فضل في التوعية وحفظ الهوية الإسلامية، والإسهام الكبير في بث روح الحرية والاستقلال؛ إذ كان الانتداب البريطاني بوقعه الهادئ يمكّن للغزو الفكري في مصر بالذات، ويهيئ الأرضية الكاملة لإقامة الكيان الصهيوني وحمايته، فهل كان وجود الإمام البنا ومن بعده جماعة الإخوان المسلمين مانعًا وسدًا قويًا في وجه اتفاق القرن، الذي أبرمه صهاينة الانقلاب بقيادة السفيه عبد الفتاح السيسي، وصهاينة الغرب بقيادة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وبسببه تجري الآن محرقة دموية للبشر والشجر والحجر على أرض سيناء؟

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“عمر التلمساني” مجدد شباب الجماعة ومُطلق الدعوة إلى العالمية

في مثل هذا اليوم 22 مايو 1986، أي قبل 33 سنة، ودّعت الأمة عمر التلمساني، ...