زيارات السيسي أكثر من مشروعاته

بقلم: ناصر البنهاوي

 

لم أستغرب عندما قرأت التغطيات الصحفية لزيارة السيسى المرتقبة لفرنسا الأسبوع المقبل، فكلما ضاق الخناق حوله فى الداخل زار أحد داعميه فى الخارج لإعلان ولائه وتجديد البيعة له وطلب المزيد من الدعم والمشورة.

 

المشورة والدعم لن ينفع نظام السيسى فهو لا يسمح لنصائح الأمريكان، كما أنه أهدر أموال الخليج فى مشروعات فاشلة وصفقات سلاح لا يحتاج إليها.

 

ولم أستغرب عندما قرأت أن السيسى سيناقش مع الرئيس الفرنسى الأزمة الليبية والحرب على الإرهاب.

 

فهذه الموضوعات دائما على قائمة أجندته الخارجية بالإضافة الى إلحاحه على هذه الدول من أجل حظر جماعة الاخوان المسلمين فيها وعرضه المساعدة فى ملف الهجرة غير الشرعية وغيرها من الملفات التى يهتم بها مواطنى هذه الدول.

 

إلى جانب هذه الأجندة يتقرب السيسى لهذه الدول بشراء صفقات من الأسلحة بمبالغ كبيرة ومما يضمن عمولات ومكافآت وسفريات لقيادات الجيش إما لتسهيل الحصول نقلها أو للتدريب عليها أو غيره. كما أنه يضمن علاقة طويلة الأجل مع هذه الدول لأن هذه الأسلحة المعقدة تحتاج إلى عقود للصيانة وتوريد قطع الغيار.

 

صفقاته لا يستفيد منها إلا الدول الداعمة له وقيادات الجيش وتضر بالمواطن المصرى عندما يستخدمها جنود السيسى بالخطأ كما حدث مع السياح المكسيكين.

 

لقد زاد عدد زيارات السيسى الخارجية عن 69 زيارة شملت 25 دولة كما عقد 543 لقاء مع قادة الدول الأجنبية ومسئوليها الكبار، حسب تقارير نشرتها الصحف المحلية على رأسها الأهرام واليوم السابع.

 

إذا حسبنا أن كل زيارة تحتاج إلى ثلاثة أيام (يوم الإعداد للسفر ويوم يقضيه فى الدولة المضيفة ويوم للراحة بعد السفر) نجد أن السيسى أهدر 180 يومًا فى سفرياته، إضافة إلى 112 يوما خصصها لمسئولين كبار وقادة دول زاروه فى مصر.. وللمقارنة.. هل قابل السيسى 122 من الساسة المصريين وقيادات الأحزاب المصرية وغيرها من المؤسسات الفاعلة فى الدولة؟ هل عدد المشروعات التى افتتحها السيسى يساوى عدد زياراته الخارجية؟

 

الأهرام تتفاخر على صفحاتها أن السيسى خصص 30% من زياراته الخارجية لإفريقيا، ولم تذكر أن كل هذه الزيارات والنفقات لم تفلح فى وقف تنفيذ سد النهضة أو على الأقل حصول مصر على التزام وتعهد مكتوب من حكومة إثيوبيا بعدم المساس بحصة مصر من مياه النيل، وأن تتحمل إثيوبيا تكلفة أى أضرار تنجم عن انهيار السد أو أى مخاطر يسببها.

 

زيارته لإفريقيا كانت سببًا فى تنازله عن حقوق مصر التاريخية فى مياه النيل عندما وقع موافقة مصر على بناء سد النهضة.

زياراته الخارجية كانت سببًا فى إهدار نحو 30 مليار دولار على صفقات للأسلحة لن نحتاج إليها فى حربنا على الإرهاب، ومنها الغواصات الألمانية وطائرات الرافال وحاملات الطائرات الفرنسية، وإذا أضفت تكلفة الزيارات نفسها وما يسبقها من حملات دعائية تجد أن الأموال المهدرة تكفى لتعمير مصر.

 

ماذا تفيد هذه الطائرات وحاملاتها باهظة الصيانة والغاوصات فى اكتشاف إرهابيين وقتلهم قبل هجومهم على نقاط تفتيش الجيش؟ السيسى يملك أسلحة الدول العظمى وعنده أسوأ نظام تعليم فى العالم، وأسوأ رعايه صحية، وأسوأ ظروف أمنية.

السيسى يشترى غواصات وحاملات طائرات بينما الحرب على الإرهاب تحتاج إلى كاميرات مراقبة وأجهزة استشعار عن بعد، ودبابات ومدرعات مضادة للدروع والصواريخ، وتحصينات للجنود المرابطين على نقاط التفتيش.

 

زيارات السيسى فى 3 سنوات فاقت زيارات أى رئيس سابق فى الــ65 سنة الماضية، حيث ذكرت صحيفة الأهرام أن السيسى استحوذ على 30% من إجمالى زيارات رؤساء مصر من ثورة يوليو، أى أن معدل زياراته يصل إلى عشرة أضعاف معدل زيارات مبارك خادم الغرب وعراب العمالة نفسه.

 

الغريب هو موعد زيارة السيسى المفاجئ، والتى أتت بعد زيارته الفاشلة للإمارات، حيث فشل فى الحصول على المزيد من الدعم المالى والسياسى، كما أنها أتت بعد خسارة مشيرة خطاب أمام أودري أزولاي اليهودية الفرنسية برئاسة اليونيسكو. وكأن السيسى ذهب بنفسه لتهنئة ماكرون وطلب مقابل قيام مصر بتفتييت الأصوات العربية والإفريقية والإسلامية بين مصر وقطر لصالح مرشحة فرنسا.

 

والأغرب من ذلك أن السيسى لم يطلب من الدول العظمى التى زارها أن تنزع الألغام التى زرعتها فى الساحل الشمالى أثناء الحرب العالمية الُثانية، ومن الغرابة أيضا أن السيسى يزور هذه الدول وعلى أجندته ملفات الحرب على الإرهاب ومكافحة الهجرة غير الشرعية وصفقات السلاح، أما هذه الدول فدائمًا تضع على أجندة الزيارة ملف حقوق الإنسان فى مصر.

 

السيسى لا يتوقف عن زيارة رؤساء الدول الأجنبية، على الرغم من أنها تهيج منظمات حقوق الإنسان ودائما ما يقابلونه بملف حقوق الإنسان.

السيسى ينفق الملايين على زياراته الخارجية ويأخذ حاشية كبيرة تطلب له وتتظاهر تأييدا له فى الشوارع وتستقبله فى المطار إذا لزم الأمر حتى تقوم حكومات هذه الدول بانتقاد انتهاكاته لحقوق الإنسان.

والأغرب من كل ذلك أنه لم يطالب هذه الدول بتعويضات عن حروبها واحتلالها لمصر، وهو كان أحد مطالب ثورة يناير وقد فعلها القذافى من قبل مع إيطاليا وحصل على 6 مليارات دولار كتعويض.

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...