“في القلب أنتم”.. الشهيد محمد أحمد محمد علي عصر

الشهيد محمد أحمد محمد علي عصر

هو شاب متدين خلوق ، نقي القلب ، عظيم الإحساس ، باراً بأهله ، واصلاً لرحمه ، يألف ويؤلف ، يرفق بالناس ويحسن إليهم ، تميز بالتفوق العلمي والنبوغ المهني ، يعشق هذا الدين ويتطلع لنصرته والشهادة في سبيله ، كان واعياً بالواقع السياسي والمشهد المصري وحال الأمة ، يبذل جهده للنصرة ، والخروج بزوجته وأطفاله لدعم الحق ومواجهة الباطل.

الشهيد محمد أحمد محمد علي عصر ، عمره 34 عام، مهندس شبكات مصري ، من دكرنس دقهلية ، خريج كلية حاسبات ومعلومات المنصورة دفعة 2001م ، وكان يعمل بالسعودية ، متزوج ولديه طفلان ، عبد الرحمن (6 سنوات) ، وياسين (3 سنوات).

نبوغه العلمي والمهني

كان المهندس طالباً للعلم ومتفوقاً ، نهماً في مجال عمله ودينه ، بل وفي الأدب والسياسة والتاريخ ، وبزغ نبوغه العلمي في تقديراته المرتفعة في دراسته كما لفت الانتباه لتميزه المهني وإتقانه وحبه لعمله.

تخرج من كلية الحاسبات والمعلومات جامعة المنصورة بتقدير جيد جداً وبترتيب الخامس علي الدفعة وقبل تخرجه عمل بمركز تقنية المعلومات بجامعة المنصورة لتفوقه واجتهاده وعلاقته الطيبة بالجميع ثم ما لبث أن رشحه أساتذته للعمل بمركز الكلي والمسالك البولية بجامعة المنصورة وتم عمل بالفعل لمدة أربع سنوات ضمن فريق عمل صميم أكبر وأضخم شبكات معلومات بمركز غنيم للكلي والمسالك البولية.

ثم رشح أيضاً واختير بعدها للعمل بمدارس كولدج بالمنصورة لأربع سنوات أخرى ثم انتقل للعمل بالمملكة العربية السعودية بالرياض.

حصل علي شهادات في: MCP, CCNA, CCNP, CCIP, ITIL, CCIE written Exam

أخلاقه وشهادات محبيه

شهد له كل من عرفه باحترامه وأدبه وطيب الخلق ودماثته وبشاشة وجهه وبرّه بوالديه وصلة رحمه بأهله وحسن معرفته بكل أصدقائه وزملائه وتفوقه في علمه وعمله.

يقول أحمد الإتربي: والله لم يعرفه أحد وإلا أحبه ، كان مثالاً للشهامة والرجولة والعبقرية والإتقان والتفاني فى العمل.

ويضيف عمرو سليمان: مختلف عن الآخرين ، يحب التميز ويجتهد فى إسعاد الآخرين ، عرفته منذ الطفولة يتمتع بإخلاص وصدق ، ويجبرك على الاحترام.

ويستكمل خالد نبيل: عرفته -ونعم الشاب الخلوق- أثناء دراسة ccna في الجامعة الامريكية وكان مثالا للجد والاجتهاد.

ويقول معاذ محمد أحد أقاربه: إنسان محترم ، خلوق ، علي علم ، هل هذا إرهابي يستحق القتل بهذه الطريقة؟

ويقول جاره محمد ماجد: محمد شخص محترم جداً جداً فوق الوصف.

ويتساءل عادل إمام: والسؤال لكل من ساهم في قتل هذا الشاب الطيب المؤدب الوديع وكل من يعرفه هل كان المهندس محمد من الإرهابيين الخطيرين على الأمن القومي المصري؟!

السعيد ابراهيم: والله ما عهدته إلا سليم الصدر محباً للخير راغبا فيه حالما بيوم يستطيع أن يقدم خدمة لدينه وأن ينصره ويعزه ، وكانت تطول بيننا الأحاديث حول ذلك ، وأحسبه أنه صدق الله فصدقه الله فاصطفاه الله عز وجل من بيننا ليسكنه الجنان ، كان يحلم أن يقدم شيئاً فإذا به يقدم روحه وأغلى ما يملك.

 

استشهاده

آخر ما كتبه الشهيد: “لابد من دخول ميدان العمل والجهاد ولا هنفضل علطول في ميدان الكلام.”

ويروي أحد مرافقيه بميدان رابعة العدوية ويقول: دخلنا الميدان ليلا ونوينا الرباط في سبيل الله ثم صلينا صلاة التهجد والوتر والفجر في جماعه ثم الاذكار ثم صلاة الضحى ثم جاء قدر الله بعدها بحوالي ساعه ، فنعم الخاتمة ، صدقت الله فصدقك.

يقول محمد نسيبه: كان المهندس محمد يعلم أنه مُلاقي الله عما قريب فكان منذ مدة تزيد علي الستة أشهر يودع أسرته بشكل دائم ، محمد قرر النزول لقضاء إجازته السنوية بمصر رغم سوء الظروف بها وعدم استقرار الأوضاع الأمنية ، بل كان يري أنها فرصة يجب استغلالها للمشاركة في نصرة الحق وليشتري لأولاده مستقبلا حرا مشرقا ومشرفا …وبالفعل دفع حياته ثمنا لهذا الهدف. الشهيد المهندس محمد عصر كان بالميدان مع أولاده وأسرته مساء الثلاثاء وعندما عاد للمنزل علم ان الأمن ينوي فض الإعتصام قرر النزول لمناصرة المرابطين هناك فتوضأ وصلي وارتدي ملابسه وودع أهله بوجه مضيء وعزم صادق ،، اختار الشهيد النزول رغم علمه بخطورة الموقف متيقنا بالله وقدره أن ” لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ” وأن أحدا منا لن يموت ولم يوفي أجله وعمره كان يتمني أن ينالها علي أعتاب المسجد الأقصي الأسير المغتصب ،ولكن ما قدر الله كان وسيكون ولا نملك إلا الاستسلام لإرادة الله الشهيد محمد عصر صدق الله نيته في طلب الشهادة فنالها بفضل من الله ورحمة.

تقول زوجته: اتصل بى محمد قبل استشهاده وصوته فى غاية التأثر وهو يردد: مش معقول دول مش بنى أدمين ، أنا عند المستشفى الميدانى والناس متقطعة على ايدينا.

واستهد المهندس محمد عصر صباح مجزرة فض ميدان رابعة العدوية في 14 أغسطس 2013م ، برصاصة في القلب اختارت أنقي ما فيه وأطهر فقد كان يملك قلبا يحمل كل الحب والخير لكل البشر ، قلبا لا يعرف النفاق ولا الزيف.

وتوفاه الله في أول ساعة من بداية الفض ، فوجد سريرا ينام عليه في ثلاجة المستشفي ، ولم يعش بعد الرصاصة سوي مدة لا تتجاوز العشر دقائق فتوفاه الله برحمة منه وفضل ، وتم تغسيله في بيته وتكفينه والصلاة عليه ودفنه في بلده.

وخرج الآلاف لتشيع الشهيد إلى مثواه الأخير بعد صلاة العشاء والجنازة من مسجد الجبارنة بدكرنس.

 

وهذه شهادة زوجته بعد استشهاده:

الحمد لله علي نعمة الإسلام وكفي بها نعمة ، حقاً ، الحمد لله ،هذا الموقف الذي مررت به من فقد أهم وأعز وأروع إنسان وزوج وحبيب وصديق ورفيق تعلمت منه الكثير ، وشعرت فيه بفضل الله ونعمته ، وأن الله حين ينزل البلاء يرافقه الصبر بل قد يسبقه ، محمد كان يودعنا من أكثر من ستة شهور من استشهاده ، فكان كثيراً ما يردد هذه العبارة “عشان تفتكروني ومتنسونيش بسرعة”

أعلم أن الله أراد لزوجي الشهيد بإذن الله بهذه الموتة حسن الخاتمة وثواباً إن شاء الله عظيما وأن تلك الرصاصة ما كانت إلا سبباً لنفاذ قدر الله.

والله يا حبيبى لقد أحبك الله ، والله يا حبيبى راضيين عنك كل الرضا ، اللهم ارضى عن عبدك محمد عصر ورضه بعطاءك فى الفردوس بصحبة نبيك وصحابته الكرام .

لطالما كانت أخلاقك وصفاتك أنقى من العسل ولكنك كنت فى شهورك الأخيرة تقطر عسلا مصفى لقد كنت تراجع نفسك فى كل فعل والله وصل الأمر لأن أجده فى يوم يقول لى ” أنا راجعت نفسى ولقيتنى بستعمل الموبايل كتير فى البيت وبنشغل عنك وعن الولاد أوعدك أنى حظبط الموضوع ده ” …. والله على ما أقول شهيد

وفي ليلة باردة كان يرتدي قميصاً خفيفاً وفوقه بلوفر تقيل ، وكنا نتسوق ، ثم ما لبث أن رأيته بدون البلوفر ، فسألته أين البلوفر فابتسم دون إجابة ، ولما أصريت وكررت السؤال قال : أعطيته للراجل اللي بيغسل العربيات أصل أنا لقيته واقف بردان وبيغسل العربيات فقلعت البلوفر وخليته يلبسه يتدفي.

كنت دائما أنظر للشهيد محمد وأقول فى نفسى إما سيكون لك شأن كبير أو أنك لا تصلح لهذا الكون فذلك التفكير والقلب والوعى والطموح ليس لأهل الأرض .

يا من اختزلتم استشهاد زوجي إلى قضية شفقة علىّ وعلى أولادي ، كيف تشفقون علينا وقد أكرمنى الله بشرف عظيم كونه اختار بيتى وقلبى ليصطفى منه شهيدا لينعم بجنة الخلد ان شاء الله ، كيف تشفقون علينا وقد اختار الله لنا طريقا إلى الجنة يشرف كل من يمضى به , فكم من الناس عاش عمرا طال أو قصر ولم يختر لنفسه طريقاً أو مسلكاً يكون بابا له للجنة , أما وقد اختار الله لى طريقا فقد رضيته برغم ما فيه من الألم ولكنها خيرة الله وفقط أدعو الله أن أكون أهلا لها ..

أحمد الله تعالى فما كان استشهاد زوجى إلا وفقا لهدف قد خططنا له سويا ألا وهو أن ندخل الجنة معا ونحيا بها حياة بلا انقطاع بإذن الله , وأحمد الله أن أعانه ووفقه وسدد خطاه ليقطع بهذا شوطا كبيرا فى تحقيق حلمنا الذى طالما حلمنا به , وأسأل الله السداد والتوفيق والإخلاص لأكمل ما بدأ زوجى لألقاه على أنهار الجنة بإذن الله

فليتحمل كل منا مسئوليته ويقدم لدينه ووطنه ما يستطيع حتى يبرأ ذمته أمام الله .. ولنترك كل لشأنه والله هو العالم ببواطن الأمور وحده ولينشغل كل بنفسه .

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“عمر التلمساني” مجدد شباب الجماعة ومُطلق الدعوة إلى العالمية

في مثل هذا اليوم 22 مايو 1986، أي قبل 33 سنة، ودّعت الأمة عمر التلمساني، ...