رغم عدم جدواها.. لماذا يُصر “السفيه” على مؤتمرات الشباب؟

عقد رئيس الانقلاب خلال الشهور الماضية عدة مؤتمرات للشباب، في شرم الشيخ ثم القاهرة والإسماعيلية وأسوان وأخيرا في الإسكندرية، يشارك في كلّ منها ما بين 1000 إلى 1300 شاب وفتاة؛ فما الذي تحقق من ورائها؟ وهل استفاد الشعب والوطن من إقامتها وإنفاق الملايين على هؤلاء الشباب والفتيات؟ وما جدواها؟ ومن يدفع فاتورة هذه المؤتمرات؟ وهل حققت اختراقا في أي من الملفات السياسية والاقتصادية وساهمت في حل أي مشكلة؟ وما هذه المشاكل التي ساهمت فيها مؤتمرات السيسي للشباب؟.

الإجابة بكل وضوح هي صفر كبير، يضاف إلى الأصفار الكثيرة التي حققها رئيس الانقلاب، وتعتبرها صحف وفضائيات العسكر إنجازا كبيرا لم يكن ليتحقق في 30 سنة، بحسب تصريحات السفيه السيسي نفسه!.

وفي هذا التقرير نرصد أبرز الملاحظات على مؤتمرات السيسي للشباب.

شباب على الفرازة الأمنية

ومن الملاحظات الجديرة بالذكر، أن كل هؤلاء الشباب من أقارب وأبناء كبار الجنرالات والموالين للنظام العسكري، يتم اختيارهم عبر فلاتر أمنية مشددة، ولا أحد يعرف بالضبط شروط المشاركة، وكيف يتم التقديم، كل ما يعلمه الشعب هو الإعلان عن عقد المؤتمر يوم كذا في قاعة كذا بالمدينة الفلانية.. ثم يتوافد الشاب في باصات فخمة مكيفة.

خراب على المدن التي تستضيفها

ووفقًا لمحمود سلطان، فإن تكلفة مؤتمرات الشباب لا تتوقف عند حدود فاتورة التنظيم والانتقالات والإعاشة.. وإنما تمتد تكلفتها إلى المدن التي يوقعها حظها العاثر في تنظيم أحد تلك المؤتمرات، إذ يتوقف حالها بالكامل، وتتحول إلى مدن أشباح لا يسكنها إلا الأمن، ولا تسمع فيها إلا صوت سيارات الشرطة التي لا تنقطع، وتختفي حركة الأسواق، وتحل محلها الكمائن والحواجز الأمنية، يقضي الأهالي بضعة أيام في جحيم حقيقي.

اصطناع صورة ديمقراطية

وفي مقاله «مؤتمر الشباب وتأميم السياسة» يُبدى الكاتب الصحفي جمال سلطان، رئيس تحرير صحيفة المصريون، اندهاشه من الإصرار على إقامة هذه المؤتمرات رغم عدم جدواها، قائلا: «لا أعرف لماذا تصر (الرئاسة) على الاستمرار في الصور الاحتفالية والشكلية في إدارة الحياة السياسية في مصر، بينما الواقع الحقيقي متهرئ والعالم كله يراه وينتقده».

ويضيف سلطان: «السيسي نفسه يسمع هذا الاتهام والوصف في أي حوار صحفي في عواصم العالم، ويجيب إجابة كاذبة بأن الظروف في مصر لا تسمح بالديمقراطية ولا الحريات العامة كما تعرفها الدول الأخرى، ومع ذلك يصر على أن يصطنع “صورة” ديمقراطية غير حقيقية في الداخل ويعقد مؤتمرا شكليا.. ثم ينفض السامر».

تأميم العمل السياسي

كما يأتي إصرار السفيه على هذه المؤتمرات في ظل تأميم كامل للحراك السياسي ومحاصرة الأحزاب، وهو الذي قاد انقلابا دمويا أجهض به المسار الديمقراطي الذي أثمرته ثورة 25 يناير 2011م.

وفي لقائه اليوم بالإسكندرية، يسأل رئيس الانقلاب ويرد على سؤاله: “بنقعد ليه؟ علشان نسمع بعض وأشكي لكم وتشكولي، وأشكي لكم حالي وحال بلدي”!.

وينتقد سلطان هذا الأسلوب لتبرير إقامة هذه الكلمة، مؤكدا أن هذا كلام لا يصح أن يقوله مسئول رفيع، فالدولة لا تدار بمنطق الفضفضة والطبطبة، وأشكي لك همي والشعبوية المتجاوزة للمؤسسات، بما فيها الأحزاب السياسية، وإنما تدار الدول بمنطق احترام قواعد الدستور، بإتاحة المعلومات الكاملة لكل مواطن ليعرف الحقائق عن أداء الحكومة وعن المال العام وعن الإنفاق وعن السياسات بشكل عام، وبمنح المواطن حقه في الاحتجاج والمراجعة والنقد، وأن تكون له أحزابه الحرة بخبرائها الذين يملكون البدائل والإجابات والحلول.

لغة عاطفية تفتقد الرشد

وبحسب سلطان، فإن السيسي في مؤتمر الشباب اليوم، يتحدث بالأسلوب العاطفي المألوف والحماسي: «ليس أمامنا إلا أحد طريقين، إما الكفاح وإما الاستسلام»!.، وهو كلام بالغ الغرابة، فلا أحد يعرف أساسا: يكافح ماذا أو يستسلم لماذا، هل نكافح القمع وتكميم الأفواه وغياب العدالة والشفافية وإهدار استقلال القضاء وسوء إدارة الثروة الوطنية، أم نستسلم لكل تلك الإجراءات!.

كما افتقد المؤتمر للغة الرشد في إدارة الحوار، حيث غضب السفيه من أحدهم عندما طالب برفع رواتب العاملين لأنها ضعيفة، فرد السيسي غاضبا: “إنت فاكر إني مش عارف إن المرتبات ضعيفة، طبعا أنا عارف إن المرتبات مش جيدة لكن قل لي أجيب منين!”.

وبحسب مراقبين، لو كان حوارا جادا لوجد السفيه من يرشده من أين يزيد الدخل القومي، وهو الذي أهدر أكثر من 100 مليار جنيه على مشروع تفريعة قناة السويس دون جدوى اقتصادية رغم تحذيرت الخبراء والمختصين، وعندما سئل عن ذلك قال إنها لرفع الروح المعنوية للمواطنين.

ولو كان الحوار جادا، ولن يكون، لوجد “السفيه” من يرشده إلى أن هناك خللا في أولويات إدارة البلاد، وكيف تكون الأولويات لإنشاء المصانع وإعادة تشغيل ما تعطل منها، وتحديث إدارة الإنتاج لتعظيم الدخل القومي، وليس لبناء مدن ضخمة جديدة بدون أي ضرورة تقتضيها، وأن من يخطط لنهضة أمة يكون مشغولا بالإنفاق على المزيد من المدارس والمكتبات ومراكز الأبحاث، وليس بالإنفاق على تأسيس المزيد من السجون.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...