الإسلام بين الإنصاف والإجحاف

خميس النقيب :

 

الاسلام لا يوافق الغبن ولايرضي بالظلم ، للغني والفقير ، للقوي والضعيف ، للحاكم والمحكوم ، للمسلم وغير المسلم علي السواء …!!

لذلك عاش به الصحابة الكرام ، يرسون العدل في الارض ، ويبثون النور في الحياة ، وينشرون الخير في ربوع الدنيا.!! يعيدون روح الاخوة …!! اخوة العقيدة ، واخوة الوطن واخوة الانسانية ..!!

المخلص والمشرك ، المؤمن والكافر ، المسلم وغير المسلم ، طالما كان هناك عهد وذمة ، وطالما كان هناك سلام وأمان ، وريثما كان هناك ميثاق والتزام ، فلاضير ولا أذي ولاخيانة ..!!

قصة حدثت بعد الهجرة  ، ونزل فيها قران يوجه الانظار ، ويصحح المسار، ويكشف البوار ، ويجلي العوار ،  يبين الكاذب من الصادق ، والامين من الخائن ،  قرآن يظهر المتورط ويفضح الخائن، ويؤسس لمسار العدل في الارض ، ويتعبد به  الناس الي يوم الدين ..!!

لكل متحامل علي الاسلام  ، لكل حاقد في االاعلام..!! لكل متوحش في الأقلام ، لكل متحمس للأزلام ،  لكل مرتشى و مزور والسلام ، لكل مداهن يدافع عن قضيه وهو يعلم ان صاحبها يغوص في الحرام .. !!

اليكم جميعا هذه الرسالة ….

الاسلام ينتصر لغير المسلم من المسلم ..!! و يبرئ ساحة معارضيه  كيف ؟!!

مكث النبى في مكة مضطهد لمده ثلاثة عشر سنه يبحث عن مكان يؤيه الى ان وصل المدينة المنورة دار الايمان وحصن الفرسان ، وميدان القراّن..لكن من كان يسكن المدينة…؟ كانوا اما من الاوس او من الخزرج وهم اعداء وكانت بينهم حروب مستمرة ، اراد النبى ان يصلح بينهم حتى تهدأ الامور في المدينة ، فيها كفار لم يسلموا بعد.. و فيها يهود …وفيها منافقين ،  والصحابة كانوا فقراء جدا حتي انهم  ربطوا على بطونهم احجار من شده الجوع فلو امتلك احدهم درعا يكون في عداد الاغنياء ..!!

قتاده بن النعمان  وهو من الاوس اعطاه الرسول درعا من غنائم احدى الغزوات وكان فرحان به جدا وبعد يومين سرق الدرع و المتهم فيه واحد من الخزرج اسمه طعمه بن ابيرق  وراه قتاده وهو يسرق الدرع فذهب للرسول وابلغه فاغتم الرسول وحزن ..لما علم ان السارق مسلم و من الخزرج..!!

وخاف ” طعمة ” أن يحتفظ بالدرع في بيته فيعرف الناس أنه سرق الدرع… وكان ” طعمة ” فيما يبدو مشهوراً بأنه لص،فذهب إلى يهودي وأودع عنده الدرع، وكان الدرع في جراب دقيق. وحينما خرج به ” طعمة ” وحمله صار الدقيق ينتثر من خرق في الجراب وتَكوَنّ من الدقيق أثراً في الأرض إلى بيت اليهودي وكان اسمه ” زيد بن السمين وعندما تتبعوا أثر الدقيق وجدوه إلى بيت طعمة، ولكنه حلف ما أخذها وما له بها علم فتركوه واتبعوا أثر الدقيق حتى انتهى إلى منزل اليهودي فأخذوها وقالوا: ” لقد سرق ابن السمين وهنا قال ابن السمين: ” أنا لم أسرق الدرع ولكن أودعه عندي ” طعمة بن أبريق وذهبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلبوا منه ان يصعد المنبر ويبرئ طعمه وفعلا يبرئ الرسول طعمه ويعتب على قتاده اتهامه لطعمه.. ينتهى الموقف وتهدأ المدينة وينام المسلمون بعد ان  عرفوا  ان المتهم يهودي وليس المسلم ولكن ،  اذا نامت المدينة هل تنام السماء ، اذا نام المخلوق هل ينام الخالق .. سبحانه ، كلا ” لا تأخذه سنة  ولأنوم ”  قبل الفجر ينزل جبريل بعدالة السماء ويقول يا رسول الله : اليهودي برئ وطعمه هو السارق.. “ِ إنَّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَاكَ ٱللَّهُ وَلاَ تَكُنْ لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيم “( النساء :105 ) في اي شريعة تجد ذلك ..!! في اي دين تجده يدافع عن معارضيه ، ويبرئ المتطاولين عليه ..!!إنه الاسلام  ..!!

و الجميل في الأمر أن هذه القصة جاءت في سورة النساء بعد سورتي البقرة وآل عمران، و سورة البقرة تتكلم عن مسؤولية المسلمين عن الأرض وسورة آل عمران تتحدث عن نموذج لعائلة كانت مسؤولة عن الأرض – مريم وزكريا ويحيي، وسورة النساء تتحدث عن الضوابط التي من شأنها الحفاظ على أن نكون مسؤولين عن هذه الأرض وتظهر كذلك حقوق واحوال الارامل الذين فقدوا ازواجهن في غزوة احد وكن يقاربن السبعين ارملة ..!! ولهذا فسورة النساء تتحدث عن كل أنواع العدل، مع الأيتام ومع المستضعفين، وسميت بسورة النساء؛ لأنه من استطاع  ان بعدل  مع زوجاته وأبنائه يستطع أن يعدل مع الاّخرين على الأرض..!!

نعم نزل القرآن بكذب المسلم ويبرئ اليهودي  ” إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما اراك الله ولا تكن للخائنين خصيما”( النساء )    ويقول للنبي صلي الله عليه وسلم “ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا”    النساء

انه الاسلام فلماذا كثر المجحفون  وقل المنصفون ؟!

المجحفون اكثرهم  – للأسف –  يدينون بالاسلام ، رغم ان الاسلام نفسه لا يمل من انصاف المعارضين ..!!

ولا ننسي موقف الاسلام من سمرقند ، ودرع علي بن أبي طالب ، وموقف عمر بن الخطاب من بن عمرو بن العاص والقبطي وغيرها كثير …!!

فيامن كذبتم احذروا من بغض الله لكم وبطشه بكم  ..!! إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً ” النساء:..

يا من ظلمتم الناس وأخذتم حقوقهم، يا من تحتكرون البضائع ،  يا من زورتم وافتخرتم بذلك ، راجعوا امركم وحاسبوا انفسكم ،  لماذا تستخفون من الناس ولا تستخفون من الله ، الا تعلموا ان  الظلم ظلمات يوم القيامة، يقول تعالى : ” يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ”  ..

هذا هو الاسلام الذي يتحاملون عليه – الآن – ويضعونه موضع المتهم ، ويحملون علي ابناءه ، هاهو ينتصر للمظلوم ولو كان منافقا ، ويعين المنكوب ولو كان مشركا ، ويداوي المكلوم ولوكان عاصيا .ويطعم الجائع لوكان كافرا ”  وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ” البقرة..

أيها المجحف .. أيها المتطاول … أيها المتحامل … في العلن تزعمون انكم تؤيدون الإسلام وأنتم تهدمونه في الخفاء ، فشيء من الانصاف وبصيص من الاعتراف وبعيدا عن الاجحاف ، قدر موقفك وراجع منطقك وكن  على ثقة بأنك مكشوف أمام الله تعالى ،  سرك وعلانيتك  حركاتك وسكناتك ، نبراتك وكلماتك ، نظراتك وهمساتك ..!! فلتردد دائما ،  الله شاهدي، الله ناظري، الله مطلع علىَّ

ان ذلك سيقوم بإيقاظ ضميرك اذا توقف ، وامداد قلبك اذا تجمد ، واصلاح عقلك اذا تعطل !!

ولا تنس ان  قارون الملعون  لم ينفعه ماله “فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ ”  القصص ، وهامان  لم تنفعه وزارته ” وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ”  القصص ، وفرعون المطرود من رحمة الله لم ينفعه ملكه ولا سلطانه ” كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَونَ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ “الأنفال

فلماذا اذن التمايل والتخاذل و التحامل..!!

ايها المتحامل علي الاسلام لا تكن افاكا فتصبح صديقا للشيطان عدوا للرحمن مدمرا لبني الانسان “هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ* تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ”   الشعراء..!!

الاسلام دين عظيم يهذب الاخلاق ويقوم السلوك ويرفع الهمم ويعلي القيم ويسمو بأتباعه الي المرتبة ألاعلي وفي المكانة الاعلي حتي لا يكون احدهم في المرتبة التالية ،أو المكانة الدونية ، لماذا ؟!!

للأخلاق الحسنة والقيم العالية والآداب الرفيعة التي يربي عليها بنيه ..!! لذلك عندما فهموا اسلامهم ، وعرفوا ربهم ، كانوا امة عريضة ، امة عظيمة ، أمة مترامية الأطراف … كيف ؟

امة الأفضلية : “وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً …” الإسراء

وأمة الخيرية:  “كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ…”آل عمران،

وامة الوسطية : “وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شهيدا” البقرة

وأمة الفوقية :  ”وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا”  النساء

ولن تعود الامة لسابق عهدها ، واول مهدها ، وكامل مجدها ، مهابةالمكانة ، عالية القدر ، مأمونة الجانب  الا بالعودة الي الاسلام ، والعيش بسلام ، واتباع النبي عليه الصلاة والسلام .

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...