نداء .. إلى نخبة الثورة المصرية!

عزت النمر:

لا يماري أحد في كارثية المنعطف الحالي الذي تردت فيه مصر بكل مكوناتها.

مصر الثورة تعاني من العجز والتكلس، ومصر الشعب تعاني من الفقر وضنك العيش وصعوبة الحياة، ومصر الإنقلاب تعاني من الهوان وقلة القيمة في الداخل والخارج.

لا فارق كبير عندي بين قطب ثوري فصيح أو مواطن بائس مكسور أو إنقلابي صايع ضايع بدرجة رئيس وزراء؛ يشتركون جميعاً في كآبة المنظر وتفاهة الواقع وغياب الأمل وجسد بلا روح وجعجة بلا طحين.

معظم هذه الوجوه الكئيبة التي تمثل مصر الحالية يحاول أطرافها نفي واقعهم البائس وصورتهم الفاضحة إما تجملاً وربما عناداً أو حياءً.

الإنقلاب فقد حاضنته من المغيبين والموتورين، وهان خارجياً على داعميه ومؤيديه فأصبح كعاهرة عجوز تعيش على إجترار خطيئتها الأولى قبل أن ينبذها الجميع.

عصابة السيسي تعيش وهم الأمل ليس لهم إلا الإستمرار في البلادة والسقوط، ألهتهم سَكْرة ترامب من بعد أوباما واعتبروها هدية من هدايا الزمن وبشارة بالاستقرار والتمكن.

فئات الشعب المصري لا حيلة لهم في مواجهة الواقع إلا استهلاك الوقت ومزيد من الصبر والتحمل؛ منهم من ينظر بأسى وينتظر نخبة هَشَّة، والبعض فقد قيمه وثوابته تحت ضغط الحاجة والعوز، وهناك مَنْ يهرب من الحياة أو يتجاوزها إما بالإدمان أو الانتحار.

وكطبيعة الشعوب ــ كل الشعوب ـــ فإن استهلاك الوقت والتلهي بكرة القدم أو تفاهات الفن والاعلام قاسم مشترك للقطعان البشرية كحل سهل وغيبوبة مقصودة للهروب من الواقع والتعامي عن الجراح والألم.

لا أحد يلوم الشعب المصري إذا كان حال مجتمع الثورة ليس بعيداً عن ذلك.

ربما يكون مجتمع الثورة هو الأسوأ حالاً لأنه يعيش العجز بينما يُنْتَظر منه الأمل، يحمل ألقاباً لا يدل عليها واقعه وحركته، ويهتف بشعارات تحسبها حارة وهي أبرد من صقيع شتاء قاسي.

يا نخبة ثورتنا..

ماذا بعد توصيف الواقع ؟!.

ألا يكفي ثلاث سنوات ونصف؟!.

ما الفارق إذا كان السيسي عميل صهيوني ولدته “مليكة” وتربى في الموساد، أو كان غبياً فاشلاً أضاع على مصر كل شيءبجهله وغباوته، أو كان من أذكى مائة شخص في العالم استطاع بدهائه ومكره أن يخدع الجميع وينتصر لنفسه ويحكم مصر على حساب الشعب والأمة والدين والوطن؟!.

الاستغراق في النقاش حول التوصيفات السابقه إما سذاجة مفرطة أو غباء محكم أو مشاركة عن عمد في التيه وصناعة الإفك والضياع.

النتيجة على كل حال واحدة، والواجب في أي الظروف هو السعى لتغير هذا الواقع الكارثي المنكور.

شتات مجتمع الثورة على ما فيه من أسماء وكيانات حاول كثيراً وبذل كثيراً لكنه لم ينتج أو يقدم شيئاً ذا بال.

أصبحت الخيارات محدودة، خاصة إذا ظلت نفس الخيارات!!.

التواصل الخارجي مهم وضروري.. لكنه على كل حال ليس الحل!!.

المظاهرات حافظت على حيوية الثورة وأدت دورها.. ثم خفتت، ولو استمرت لن تذهب بالإنقلاب!!.

الإعلام ساهم في كشف بعض الحقائق والوجوه، قام بالتسرية والسلوى لمجتمع الثورة.. ولكن ماذا بعد؟!!.

الكيانات الثورية تملأ فراغات الإعلام، وتمارس أدواراً مهمة وحقيقية.. لكنها لم تُجِب على الأسئلة التي تنتظرنا جميعاً:

كيف يمكننا أن نسقط الإنقلاب؟!.

ما هي الخطة ذات الجدول الزمني لذلك؟!.

مَنْ يتولى المهمة بهذا الوضوح ويحمل رأسه على كفه؟!.

وَضَعنا الجرس في رقبة القط .. لكن مَنْ يقطع رأس الإنقلاب وذنبه؟!.

أسئلة كثيرة على هذا النحو بعضها يحتاج قرارات بأكثر مما ينتظر أجوبة أو تبريرات.

هل من أوراق جديدة تغير المعادلة ؟!.

هل من أفكار أو مراجعات تغير من واقع الصف الثوري ونخبته؟!.

هل نحن في حاجة إلى قيادة جادة للعمل الثوري؟!.

هذه القيادة الجديدة ..

تمارس الثورة ولا تقيدها السياسة..

تستهدف الشرعية والحرية والاستقلال ولا يشغلها قيل وقال..

تجمع شتات مجتمع الثورة وتستفيد من كل كوادره من غير حسابات تاريخية أو تنظيمية..

تحدد أهدافها وتضع خطتها وتستدعي برنامجاً عملياً لتنفيذها وتمضي في طريقها لا يضرها من خالفها..

هل آن الآوان لمثل هذا؟!..

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...