بقلم: ممدوح الولي
هلل إعلام الانقلاب المصري لتراجع سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري خلال الشهر الجاري بنسبة 14 في المئة، رغم اعتراف بعض أفراده بأنه لا توجد أسباب جوهرية أدت لذلك، وإنما يعود الأمر لتدخل البنك المركزي بالسوق، من خلال ما لديه من احتياطيات اقترض معظمها، إلى جانب التوقف شبه الكامل للاستيراد من جانب القطاع الخاص.
لكن الناس المطحونة الذين لا يملكون دولارات، وسمعوا كثيرا عن تبرير ارتفاع الأسعار بارتفاع الدولار، يتساءلون لماذا لم تنخفض الأسعار طالما انخفض الدولار؟
ويجيب التجار بأنهم ينتظرون حتى يتأكدوا من استمرار سعر صرف الدولار، وهي فترة انتظار لا تقل عن ثلاثة أشهر، خاصة أنهم يعرفون أنه لا توجد أسباب اقتصادية جوهرية قد أدت إليه.
حتى عندما قال وزير الصناعة والتجارة إن الصادرات زادت خلال العام الماضي عن العام الأسبق، بنحو ملياري دولار، لتصل إلى 20 مليار دولار، وجدوا ذلك يتعارض مع الإحصائيات الرسمية المنشورة على موقع الوزارة نفسها، التي تشير إلى بلوغ قيمة الصادرات عام 2015 نحو 21.4 مليار دولار، أي أنها انخفضت بحسب الرقم الذي أعلنه الوزير لحصيلة 2016.
ولهذا يرون أنه بعد استقرار سعر الدولار المنخفض لفترة، سيقومون بعمل متوسط حسابي بين تكلفة السلع المستوردة بالسعر المنخفض، والسلع المستوردة بالأسعار الأعلى الموجودة لديهم، حيث أن سعر الدولار كان يزيد عن الـ 16 جنيها من الجنيهات المصرية منذ تموز/ يوليو من العام الماضي، وما بعدها بالسوق غير الرسمية.
وحتى من حصلوا على دولارات من البنوك بأسعار أقل، تريد البنوك حاليا محاسبتهم عليها بحسب سعر الصرف بعد التعويم، بالإضافة إلى الفائدة.
وما زالت المشكلة بلا حل. ومن شواهد ذلك، تصريحات عدد من شركات بيع السيارات، بأنها في ضوء تراجع سعر صرف الدولار، ستخفض أسعارها بعد شهرين، وليس الآن.
ويقول التجار، إنه إذا كانت الحكومة تلقي دائما باللائمة على التجار لعدم خفض الأسعار بعد تراجع الدولار، فلماذا لم تبدأ بنفسها، وتخفض أسعار المواد الغذائية بالمجمعات الاستهلاكية التابعة لها، وبمنافذ الجيش؟ أو حتى تتراجع عن الزيادات التي قررتها على أسعار سلع البطاقات التموينية، بحجة ارتفاع الدولار.
أسباب عديدة للتضخم الدولار أحدها
وبعد تراجع الدولار، ظلت غالبية الأسعار في الأسواق المصرية كما هي، عدا سلع قليلة، أبرزها حديد التسليح، والدواجن، بسبب تراجع تكلفة الأعلاف إلى جانب الركود، وضعف الطلب، بالإضافة إلى بعض العروض السعرية فى المولات والسلاسل التجارية.
لكن أسعار الخضار والفواكه واللحوم والأسماك ومنتجات الألبان والأجهزة المنزلية والسندويشات وغيرها، ظلت كما هي.
وتعود أسباب ذلك إلى أن ارتفاع الأسعار في مصر له أسباب عديدة، إذ يعد ارتفاع سعر الصرف الدولار أحدها وليس كلها، حيث تم رفع أسعار المنتجات البترولية جميعا، ما زاد من تكلفة نقل السلع إلى جانب ارتفاع أسعار السيارات.
أيضا، تم فرض ضريبة للقيمة المضافة، وزيادة الأسعار الاسترشادية في الجمارك، وزيادة نسب الجمارك على مئات السلع، ورفع قيمة الدولار الجمركي، أيضا رفع تكلفة العديد من الخدمات الحكومية، منها أسعار الخدمات التي تقدمها الموانئ.
وهناك أسباب أخرى، منها زيادة تكلفة الاقتراض المصرفي لأكثر من 20 في المئة، وتعدد حلقات الوساطة لتداول السلع، وارتفاع هوامش الربح لكل حلقة.
وارتفاع نسب الفاقد وتعويضها برفع الأسعار، وضعف إنتاجية العمالة وارتفاع تكلفتها، واستمرار القيود على الاستيراد من قبل القطاع الخاص، ما يقلل من كميات السلع في الأسواق.
وإضافة إلى ذلك، هناك أسباب خارجية مستجدة، منها زيادة أسعار السكر وزيت الطعام ومنتجات الألبان واللحوم عالمي التي تستورد مصر منها كميات كبيرة.
وأشارت بيانات البنك الدولي لأسعار السلع في الشهر الماضي، إلى ارتفاع أسعار العديد من السلع خلاله عما كانت عليه في العام الماضي، ومنها البترول والغاز الطبيعي والفحم.
ومن المعادن، الألومنيوم والنحاس والحديد والرصاص والنيكل والقصدير والزنك، وغيرها من القطن والمطاط والبن والشاي والذرة.
وحتى مع استمرار تراجع الدولار، وهو أمر مستبعد، تظهر عوامل أخرى سترفع من الطلب على السلع الغذائية، وسترفع الأسعار، منها ارتفاع تكلفة استيراد المنتجات البترولية بعد توقف الواردات من شركة “أرامكو” السعودية، مع ارتفاع الأسعار العالمية، وطلب صندوق النقد الدولي رفع سعر الوقود في العام المالي الجديد، الذي يبدأ في تموز/ يوليو المقبل.
وإعلان وزير الكهرباء زيادة أخرى بأسعارها في تموز/ يوليو المقبل، ورفع معدل ضريبة القيمة المضافة إلى 14 في المئة في تموز/ يوليو المقبل، وارتفاع الأسعار الموسمي في شهر رمضان، نتيجة زيادة الاستهلاك.