تدهور حالة المعتقل “فتحى عزمى” الصحية (تفاصيل قصته)

%d9%81%d8%aa%d8%ad%d9%8a-%d8%b9%d8%b2%d9%85%d9%8a-%d8%ad%d8%a7%d9%85%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%b5%d8%a8%d9%8aعام وأربعة أشهر من الاعتقال التعسفيّ تعني الكثيرَ والكثيرَ من عُمرِ الإنسانِ وحياته ، وهي لكفيلةٌ بأن تهدم ما بنته المعاهدات والدساتير من أجل أن ترقى بالإنسان وتضمن أمنَه وسلامته . سبعةُ أشهرِ تداخلت فيها الليالي حاملـًة صُراخ التعذيب وانتفاضة الجسدِ من الكهرباء وبرودة الماء ، وانخلاعُ الأنفاس مع صَعقات الأسلاكِ في الجسد المتورم والمُنهك من شدة آلامه وأنينه . الوضع هنا مع مُعتقل طالته كافةُ الانتهاكات وتعددت أشكالها حتى أعجزت الأقلام .

الطالب فتحي عزمي ، بدأ مُختطفاً ثم مُعتقلاً ثمَ مُتهماً بالشروع في القتل ! هذه هي الحال مع الانسان في مصر ، يدرس الطالب في السنة الخامسة من كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر فرع تهنا الأشراف ، يبلغ من العمر 27 ربيعاً ، تزوج منذُ فترة قصيرة وأنجب طفلاً حُكم عليه مع أبيه أن يبقى وحيداً دون أمن أو أمان ، يسكن الطالب بقرية بساط – مركز طلخا – بمحافظة الدقهلية .

بدايةً اختُطف فتحي عشوائياَ في نهاية شهر ديسمبر من عام 2014م ، أثناء سيره مع والد زوجته في أحد شوارع مدينة طلخا وتم اختطافهما معاً وأُخذا في عربة صغيرة إلى مكان مجهول ولمدة 10 أيام ، وكان أول ظهور له بعد هذا الاختفاء يوم السبت الموافق 12-1-2015م وتبين أنهما كانا في مركز شرطة طلخا والتى يُسميها القاطنين هناك (سلخانة تعذيب ) من شدة ما يُمارس بحق المعتقلين داخل زنازينه .

إذا اختفاءٌ قسري لفترة طويلة وهذا ما يُخالف صريح المادتين (1)و (17) من الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء : ” لا يجوز تعريض أي شخص للاختفاء القسري ولا يجوز حبس أحد في مكان مجهول ” ، وذُكر الأمر نفسه بالقانون المصري فيقانون الإجراءات الجنائية الذى نص في المادة (40) منه على أن : ” لا يجوز القبض على أى إنسان أو حبسه إلا بأمر من السلطات المختصة بذلك قانوناً . كما تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان ولا يجوز إذاؤه بدنياً أو معنوياً ” وكذلك ما جاء في المادة (42) من ذات القانون .

بعد ظهور المُعتقل بقسم شرطة طلخا وجهت له النيابة هناك التُّهم ومنها الشروع في قتل مُحام يُدعى ( عوض صلاح ) والذي انكر الطالب معرفته به وأنه لم يره على الإطلاق في حياته ولا صلة له به ، وحُرر محضر بالقضية ، وفي يوم الأحد الموافق 10-3-215م تمت إحالة الطالب إلى محكمة الجنايات في القضية رقم 16792 لسنة 2014 جنايات طلخا والمقيدة برقم 193 لسنة 2015 كلى جنوب المنصورة، والمتهم فيها بالشروع في قتلِ محامٍ , بعد سلسلة تجديدات استمرت 5 مرات قبل الإحالة إلى الجنايات .

كل هذا في عُرف قوانين الإنسان يُعد انتهاكاً جسيماً بحق إنسان فقد كل ملامح الحريّة دون أي جُرم أو تلبسٍ بجريمة , ففي المادة المادة 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان : ” لا يجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً ” وكذلك المادة 3 منه . ولا تختلف المادة الـ 9 من العهد الدولي حيث تقول :” لكل فرد حق في الحرية وفى الأمان على شخصه. ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفا. ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون” .

لم يقف الأمر عند هذا الحد بل تعدى إلى التعذيب المُمنهج والذي بدأ منذُ أول يومٍ من الاختفاء حيثُ تقول زوجته: ( تعرض للاخفاءالقسرى لمدة 10 أيام فى قسم طلخا وكان المركز ينفى وجوده ومنع عنه الطعام والشرب طوال الـ10 أيام وتعرض فيهم للضرب الشديد ثلاث والاهانة مع تقييد اليدين والقدميين ومغمى العيينين والتعليق من القدميين والسحل والصعق بالكهربا مع زيادة قوتها حتى فقد وعيه مرات والتعرية من ملابسه وادخاله الثلاجة ، للاعتراف بتهم ملفقـة).

نُقل المعتقل بعدها إلى قسم شرطة جمصة ثم عاد مرةً أخرى في أحد التجديدات إلى قسم شرطة طلخا وتمت ممارسة نفس طرق التعذيب عليه ، ثُم نُقل بعدها إلى قسم شرطة ميت سلسيل وهناك كانت الكارثة هناك حيث فنون التعذيب التى لا يتحملها بشر .

تروي والدته قائلةً: (في مساءيوم الأحد الموافق 21-6-2015 عقب ترحيله إلى مقر مركز شرطة ميت سلسيل، كان كلاً من *محمود يعقوب* رئيس مباحث قسم ميت سلسيل بمحافظة الدقهلية ، والنقيب *محمد قشطة* معاون المباحث، وعدد من المخبرين بتجريده ملابسهم ورشه بالمياه، وذلك قبل أن يقوموا بالاعتداء عليه بالضرب بكابلات الكهرباء والخراطيم البلاستيكية، مما أدى إلى إصابات جسيمة بجسده النحيل، والتي ظهرت عليه آثار الإصابات التي لحقت به عند نزوله إلى الزيارة، فوفقًا لما روته والدة الطالب، فقد بدا وجه الطالب متورما وعليه آثار تعذيب واضحة ).

وهذا ما قالته زوجته: (كل فتره اعتقاله فى اقسام مرحش سجن خالص للاسف وطول ما هو فى الاقسام بيعذبوه يوميا يعروه ويرشوا مايه بارده وكهرباء وضرب وتعليق متعرضش على اى طب شرعى حاليا وجهه وارم وازرق فى اصفر كان كده فى اخر زيارة غير ان دراعه تعبه والمفروض يعمل فيه عمليه ترميم عظام وللاسف اشتكى من دراعه بعد التعذيب كذا مره ).

ليس أمامنا هنا وأمام هذا الكم الامحدود من الانتهاكات بحق إنسانٍ واحد ؛إلا أن نوضح مدي المُخالفات القانونية التى ارتُكبت مع الطالب قياساً بما ورد في الدستور المصري لعام 2012 في مادته(52) :” التعذيب بجميع صوره وأشكاله، جريمة لا تسقط بالتقادم.” والمادة (7) من العهد الدولي حيثُ ورد بها مانصه : ” لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة . ” .

وجديرٌ بالذكر أيضاً ما جاء في دستور الدولة المصرية في دستور 2014 في مادته(55): ” كل من يقبض عليه، أو يحبس، أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنيًا أو معنويًا، ولا يكون حجزه، أو حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانيًا وصحيًا،ومخالفة شيء من ذلك جريمة يعاقب مرتكبها وفقا للقانون ” .وأيضاً الماده (5) من الاعلان العالمي .

تسير القضية ويستمر التعذيب وتستمر مُعاناة الأهل مع ذويهم ، هذه هي الحال في مصر ، تُحال القضية للجنايات في العاشر من شهر مارس لعام 2015م ليُبت الأمر فيها فعقدت الجلسة الأولى يوم12-5-2015م وتم التاجيل ليوم 15-9-2015م القادم .

وفي رسالة وردت يوم الأحد 9 أغسطس 2015 ، أعلن فيها المعتقلان أحمد محمود أحمد جاد، خريج هندسة السلاب، وفتحي عزمي حامد القصبي، الطالب بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، إضرابهما عن الطعام بعد تكرر تعرضهما للتعذيب، من قبل ضابط يدعى محمد عادل وأمناء الشرطة هاني سليمان ومسعود، وعامل الشاي حامد.

وطالب المعتقلان بتحرير محاضر بواقعة التعذيب ونقلهم من مركز “ميت سلسيل” خاصة مع تكرر الاعتداءات عليهم، وإجراء كشف طبي عاجل لهما ومعالجتهما، واصفين المركز بـ”مقبرة الأحياء”.

وذكر المعتقلان في رسالة لهم، تفاصيل واقعة التعذيب التي بدأت بخروج المعتقل “جاد” تنفيذاً لقرار النيابة، للكشف الطبي بالمستشفى على قدمه اليسرى التي أجرى بها عملية الغضروف قبل اعتقاله الذي منعه من استكمال جلسات العلاج، وعلى كتفه الأيمن الذي بات يؤلمه بعد تعذيبه، فقام أمناء الشرطة “مسعود” “وهاني” عنوة بشد مصحفه الذي اعتاد التنقل به، وتبادلا ضربه وصفعه على الرقبة والوجه حين استنكر ما حدث، قائلين له “بص في الأرض”، حيث نقل بعد تلك الاعتداءات إلى المركز من المستشفى.

وأضاف المعتقلان، أن تلك الانتهاكات دفعت “جاد ” و”عزمي” للامتناع عن استلام التعيين (طعام المحبوسين) والإضراب عن الطعام اعتراضاً على ما حدث، وأبلغا إدارة السجن بذلك، ليتم بعدها استدعاؤهما إلى ساحة المركز وأمرهما بفك إضرابهما.

وتذكر زوجته قائلة : “فتحي عنده كسر في معصم يده الشمال ومحتاج إلى زرع عظام” ، مؤكدة أنهما مستمران في الإضراب لحين نقلهما من “مركز الظلم ومقبرة الأحياء”، على حد وصفها، وإجراء الكشف الطبي اللازم عليه وعلى زميله جاد.

في الثالث من أبريل 2016 ارسلت زوجته للمنظمة قائلة : ” فتحي منذ 5 شهور في عنبر التأديب ومعزول عن السياسين في سجن وادى النطرون ” ليمان 430″، من يوم ما تم ترحيله بعد الحكم وهو على هذا الوضع وممنوع من التريض و المستشفى وممنوع دخول علاج أو بطاطين، و توزيع التعيين عليهم يتم بالكلاب البولسية وبدأ اضرابه عن الطعام مع معتقل آخر يُدعى “محمد سيد”.

وتستكمل قائلة : حاولنا طول الـ 5 شهور نقله مع السياسين ولكن دائما ما يتم الرفض مرددين عبارة “متوصى عليه”، حاولنا نقله مقابل ملبغ مادي وتقدمنا بطلبات لمصلحه السجون وللسجن نفسه، لكنه “متوصى عليه”.

ومادامت مصر موقعة على اﻟﻌﻬﺪ اﻟﺪوﻟﻲ للحقوق اﻟﻤﺪﻧﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، وبهذا تقع عليها مسؤولية الحفاظ على حرية المواطنين في التعبير بموجب المادة رقم 19، وهي ملزمة أيضًا بالمادة 7 التي تنص على أنه لا يجوز إخضاع أي مواطن للتعذيب ولا للمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (وهو ما نصت عليه المادة 5 من إعلان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والمادة الأولى من الاتفاقية المناهضة للتعذيب أيضًا)، وأن لكل سجين الحق في الكرامة والمعاملة الإنسانية بموجب المادة 10. وقد يندرج ذلك أيضًا تحت تفسير الحق في الصحة، والتي التزمت به مصر في ظل العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

ورد إلى منظمة “إنسان” تدهور حالة المعتقل “فتحى عزمى” الصحية، حيث استغاثة زوجته أنه تعرض لإغماءات متعددة، نقل على إثرها إلى المستشفى ثلاث مرات فى أقل من أسبوع، وتم وضعه على جهاز التنفس الصناعى، وذلك بسبب الكثافة العالية لدخان السجائر، حيثُ أنه محتجز بسجن وادى النطرون بليمان 430 بزنازين “الإيراد” منعدمة التهوية على حد ذكرها.

وأكدت أنه على الرغم من نقله إلى المستشفى، تم إيداعه بالإيراد مرة أخرى، ولذلك طلب مقابلة رئيس المباحث أكتر من مرة وتم تجاهل طلبه، وبعدها بعدة أيام تم نقله لعنبر جنائى، بالرغم أن المتهمين معاه فى نفس القضيه فى عنبر السياسى.

واستطردت تقول “فتحى كان طالع الزيارة شكله مجهد ومرهق جدآ، لأن بقاله فترة طويلة فى إيراد وادى النطرون430، بالرغم أن المفروض ميقعدش فيه أكتر من 3 أيام، كما تم الاستيلاء على كل متعلقاته وملابسه، وهو الوحيد زيارته كانت خمس دقايق، ومن وراء السلك واتمنع أنه يسلم على أهله.

وأضافت أيضا: “والدته سألت الضابط قالها دا كله ولا حاجه و لسه كمان، لا نعرف ما سبب كل هذا التعنت، وفتحى قال أنه منذ عودته من الاستشكال وهو في الإيراد ولم يكلم أحد”.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

(ملف كامل) شهداء الدقهلية في مذبحتى رابعة والنهضة 14 أغسطس 2013

شهداء الدقهلية في مذبحتى رابعة والنهضة 14 أغسطس 2013 1- الشهيد عمر الفاروق صدقي  محفظ ...