التغيير هو الحل بقلم: ممدوح الولي

1

بقلم: ممدوح الولي
مظاهر عديدة للأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد منذ فترة، لعل أبرزها النسب الرسمية المرتفعة للفقر والبطالة والتضخم، والتى نعلم أنها أقل من الواقع بكثير بحكم المعايشة، إلى جانب البيانات الرسمية التي تشير إلى كبر حجم الديون المحلية والخارجية، والعجز بالموازنة والعجز بالميزان التجار.

ولقد أسفر كل ذلك عن نقص في العملات الأجنبية، ترتب عليه فجوة ضخمة بين السعر الرسمى والسعر بالسوق الموازية، أدت بدورها إلى عزوف المستثمرين عن القدوم، بجانب عوامل أخرى منها زيادة دور الجيش في النشاط الاقتصادى، وصعوبة منافسته في ظل ما يتمتع به من مزايا.

ولم تفلح المعونات الخليجية الضخمة في تخفيف حدة الأزمات الاقتصادية، ونفس الأثر لما تلاها من توسع بالاقتراض الداخلى والخارجى، حتى قرض صندوق النقد الدولي قالت وكالة بلومبرج الاقتصادية أنه سيتم إهداره كما تم إهدار المعونات من قبله، وهو أمر لم يأت من فراغ، حين قال رئيس هيئة قناة السويس علانية إنه تحدث مع رأس النظام بالمساء عن مشروع التفريعة السابعة لقناة السويس، وإذا به يتصل به بالصباح يأمره بالبدء بالتنفيذ، ليبدأ تنفيذ مشروع تتعدى تكلفته العشرين مليار جنيه دون دراسة جدوى، والنتيجة تراجع إيرادات القناة بعد التفريعة السابعة.

وتكرر نفس الأمر مع مشروع استصلاح المليون ونصف فدان، والعاصمة الجديدة وغيرها، ومن هنا فإنه مهما جاء إلينا من موارد فإن إنفاقها بنفس الطريقة التي تمت مع تفريعة قناة السويس، يعنى أن الإهدار للموارد في غير الأولويات هو سيد الموقف، ولا يجرؤ أحد على المطالبة بالتريث والدراسة، في ضوء ما يشهده من تنكيل وتشهير لمن اتخذوا مواقف مشابهة.

وهكذا قال رئيس سابق لهيئة الرقابة المالية وهو من أنصار النظام حتى إنه كان مرشحا رئيسا للوزارة، إن سبب مشكلتنا الاقتصادية يرجع لكيفية مواجهتنا لها والغموض الذي تشهده إدارة المشكلة، وفي نفس السياق حمل نائب سابق لرئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية بأول وزارة بعد الثالث من يوليو النظام الحالى المسؤلية عن الأوضاع السيئة التي نمر بها والتى دفعتنا للجوء للاقتراض من صندوق النقد الدولي وتنفيذ مطالبه المؤلمة المصاحبة للقرض.

وهكذا يجب أن نقر أن ما يراه رأس النظام له الأولوية، وعلى جميع مسؤولي الملف الاقتصادى السمع والطاعة، وإظهار عظمة فكر ونهج القائد والزعيم، حتى يحتفظوا بمناصبهم، مدركين أنه لن يحاسبهم أحد سواء من البرلمان الصورى أو من الاعلام الموالى للنظام، وكلما أسهبوا في المدح والثناء على عظمة القائد، طالت فترة بقاءهم مثل وزير التخطيط وغيره، لذا يصبح انتظار الحل والعلاج على يد مثل هؤلاء أمرا مستبعدا لأن أيديهم مكبلة.

وطالما أن هناك ملفات مؤجل فتحها مثل الفساد والاحتكار، فمن الصعب أن ننتظر حلا لمشاكل الأسعار والدولار والدعم والإنتاج والعشوائيات وتدهور التعليم والصحة وغيرها. ولم تعد مشكلة مصر اقتصادية فقط، بل اجتماعية وسياسية أيضا، في ظل إعلام الرأى الواحد والبرلمان الذي تم انتقاء أعضاءه من قبل جهة سيادية، والتهديد بالجيش، والهيمنة الأمنية على البلاد، ولقد تداخلت الأمور حتى قال أحد المستثمرين مبررا عزوفه عن الاستثمار بمصر: “كيف أستثمر ببلد يستطيع فيه أمين الشرطة أن يقتل أى مواطن يختلف معه.. ثم يتم اتهام المقتول بالقائمة المعروفة من الاتهامات مثل التآمر والتخطيط والإرهاب، ويمكن أن تصل الاتهامات إلى حد إطلاق النار على أفراد الأمن وحيازة متفجرات وأسلحة ونحو ذلك”.

وكثيرا ما نسمع عن مواطنين يتم اقتحام منازلهم وأخذ أموال ومتعلقات شخصية واتهامهم بأمور غير حقيقية، ولا يجد هؤلاء وأسرهم ملاذا يلجأون إليه لعرض شكواهم، فكل الأبواب موصدة مهما كانت المسميات، وما يقوله رجل الأمن له الأولوية، مما ينشر الإحساس بالظلم والكراهية للمجتمع، ومن الصعب أن تطلب من هؤلاء أو من أسرهم أن يكونوا إيجابيين أو منتجين سواء لحسابهم أو لحساب غيرهم ممن يعملون لديهم.

لذا يصبح الحديث عن حل لمشكلة الدولار وحدها، أو مشكلة ارتفاع الأسعار أو مشكلة نقص السكر، أو عدم ترخيص التوك توك، أو ضريبة القيمة المضافة، أو سوء المعاملة في أقسام الشرطة، أو خيبة الأمل في أداء البرلمان أو غير ذلك مما نعيشه أمرا جزئيا لن يؤدى إلى تحسن الأحوال، لأن الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية المتردية تشابكت معا، وأصبح الحل الشامل والتغيير الشامل هو السبيل، أما غير ذلك فهو بمثابة تسكين وتأجيل للحل، يساهم في تعقد المشاكل أكثر وأكثر.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...