استطاعت الثورة المضادة والانقلاب العسكري في مصر تدمير كل ما جنته ثورة 25 يناير 2011 من مبادئ وحقوق ناضلت من أجلها النساء طويلًا، فبدت انتهاكات أفراد الشرطة والجيش معًا للمعتقلات السياسيات أمرًا مقبولًا من مؤيدي الانقلاب العسكري، لتأتي مصر بتصنيف الأسوأ عربيًا في معاملة المرأة والأكثر قمعًا لحريات الصحافة والتعبير، فلم نعد بعدها نسمع أصواتًا للحركات النسوية في الاعتراض على الإعدامات المطبقة على العديد من المعتقلات السياسيات بدون تُهم واضحة.
وما يحدث في السجون المصرية للمعتقلات السياسيات أكبر دليل على عودة المرأة للشخصية المهمشة في المجتمع المصري ومحاولة النظام حبسها داخل ذلك الإطار لتعود للنساء المصريات لفكرة الخوف من التعبير عن الرأي والمطالبة بالحريات كما كان يحدث في عهد مبارك.
والدليل على ذلك إذاعة حالة الانتهاك رسميًا على التلفزيون المصري كما حدث في حالة الاغتصاب الجماعي في ميدان التحرير أثناء أحداث 30 يونيو، أو كما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعي الذي سجل ودشن أكثر من حملة للمطالبة بوقف الانتهاكات الجسدية والجنسية ضد المعتقلات دون أي خوف أو قلق من النظام على فضح جرائمه.
ولم يقتصر الحراك السياسى الفعال للمرأة المصرية الرافضة للانقلاب العسكرى الدموى على الداخل المصرى فحسب٬ بل امتد إلى الخارج لتسطر المرأة حضورا واسعا فى المسيرات والوقفات الاحتجاجية التى تنظمها الجاليات المصرية فى الخارج فى مختلف الدول الأوروبية وأمريكا وغيرها من البلاد للتعبير عن دعمها للشرعية الدستورية والقانونية وللرئيس المنتخب د.محمد مرسى٬ ورفضا للانقلاب الدموى وتنديدا بجرائمه البشعة فى حق الشعب المصرى وخاصة النساء والفتيات والأطفال.
انتهاكات العسكر
وعلى مدار سنوات الانقلاب تعرضت المرأة المصرية لانتهاكات غير مسبوقة من قبل مليشيات الانقلاب العسكرى الدموى٬ شملت كل ألوان الجريمة ما بين قتل وضرب وسحل واعتداء واعتقال٬ حيث بلغ عدد الشهيدات من النساء الرافضات للانقلاب ما يزيد عن 25 سيدة، فضلا عن اعتقال يزيد عن 350 فتاة منهن من تم اعتقالها من منزلها فجرا دون مراعاة لأى حرمة أو احترام لأى تقاليد وأعراف، بجانب المئات اللاتى تم اعتقالهن فى أثناء مشاركتهن فى المسيرات الرافضة للانقلاب.
فعلى خلفية أحداث مسجد الفتح بميدان رمسيس تم اعتقال ما يزيد 240 سيدة بتهم ملفقة منها حيازة سلاح٬ وتم التحقيق معهن بشكل غير قانونى وبإجراءات استثنائية غير إنسانية، ومؤخرا تم اعتقال 22 فتاة من المنتمين لحركة 7 الصبح فى أثناء مسيرة مناهضة.
ولا تزال مليشيات الانقلاب الدموى مستمرة فى انتهاكاتها البشعة ضد المرأة والتى كان آخرها إخضاع خمس فتيات من المعتقلات بسجن الأبعادية بدمنهور بمحافظة البحيرة لاختبارات الحمل وهو ما كشفه مركز “ضحايا حقوق الإنسان”.
ورغم كل هذه الممارسات والانتهاكات التى تفوق فيها الانقلاب العسكرى على جيوش الاحتلال وعلى كل الأنظمة الاستبدادية السابقة لثورة يناير لا تزال المرأة صامدة ومستمرة فى نضالها ضد الانقلاب ليس فى داخل مصر فحسب بل فى الخارج أيضا.
ممارسات وحشية
فى هذا الإطار أكدت ماجدة أبوالمجد -عضو حركة نساء ضد الانقلاب- أن الحراك الثورى للمرأة ضد الانقلاب يشهد بمرور الأيام تزايدا كبيرا من حيث الأعداد المشاركة وتنوعها على الرغم من الممارسات الوحشية للانقلاب العسكرى والتي تجاوز فيها كل القيم والأعراف.
وأشارت إلى أن مشاركة المرأة فى الفعاليات اليومية المناهضة للانقلاب لم تقتصر عند حدود المرأة المنتمية للتيار الإسلامى فحسب كما يحاول بعض المخادعين والمضللين تصوير ذلك٬ بل تشهد المسيرات مشاركة كبيرة من اللبيرليات والمسيحيات بما يؤكد وعى المرأة المصرية، وإدراكها بالقضية وحرصها على إزاحة وإنهاء هذا الانقلاب الدموى حرصا منها على مستقبل أفضل لأبنائها.
وأضافت أبو المجد٬ أن مشاركة المرأة فى الخارج من خلال المسيرات التى تنظمها الجاليات المصرية فى معظم الدول الأوروبية وأمريكا تمثل دعما حقيقيا للمرأة فى الداخل وشدا لأزرها فى مواجهة هذا الانقلاب الغاشم٬ والذى تجاوز كل الخطوط الحمراء التى كانت حرصت الأنظمة الاستبدادية قبل ثورة يناير على عدم تجاوزها.
سجل إرهابي
ومن جانبها٬ قالت آية علاء المتحدث الإعلامي باسم حركة نساء ضد الانقلاب إن التجارب السابقة التى عاشها المجتمع المصرى فى ظل حكم العسكر والتى كان أشهرها قضية سحل الفتاة فى أحداث محمد محمود، فضلا عن قضية كشف العذرية وغيرها من الانتهاكات ضد المرأة يجعلنا لا نستغرب كثيرا مما يمارسه العسكر من انتهاكات مشينة ضد المرأة٬ فالعسكر يواجهون الشعب بنفس منطق مواجهة العدو، ولديه دائما الضوء الأخضر فى هذه المواجهة.. فلا يفرقون بين رجال أونساء أو أطفال.
وأضافت آية علاء أنها من ثم ترى أن الجرائم التى يرتكبها قادة الانقلاب ضد حرائر مصر ونسائها٬ ما هى إلا حلقة جديدة تضاف إلى سجلهم الإرهابى٬ مؤكدة أن استمرار هذه الممارسات لن يفت فى عضد النساء ولن يثنيهن عن مواصلة نضالهن ضد الانقلاب الدموى وأن نساء مصر فى داخل مصر وخارجها من المناهضات للانقلاب سيظللن شوكة فى حلق الانقلاب٬ فوعى المرأة وإيمانها بالقضية هو السلاح الحقيقى الذى يواجهن به بطش وغطرسة الانقلابيين.