لماذا يحارب الجميع باسم الله في “الفلوجة”؟

1

 

بقلم- محمد ثابت :

جلس الحسن البصري، إمام التابعين،”21 ـ 110هـ”، رضي الله عنه يعظ الناس فبكوا جميعاً، وارتفع صوتهم بالنحيب، حتى إذا ما انتهى أخذ يبحث عن “مصحفه”، وكانت المصاحف حينها نادرة، إذ لم تكن تتداول مثلما هو الحال اليوم وتطبع، ولكن الرجل لم يجد مصحفه فألتفت إلى الباكين قائلاً كلمته الخالدة:

ـ كلكم يبكي فمن سرق المصحف؟!

يا الله على ما يعيشه ويعانيه العالم الإسلامي اليوم، وفي شهر رمضان الفضيل، ولكم كنتُ أتمنى مع ملايين المسلمين أن يُهذبَ الشهر المبارك من أخلاق المسلمين كي يتوحدوا ضد عدوهم بدلاً من أن يصيروا أكثر عداوة في مواجهة بعضهم.. يتفانى البعض في إفناء آخرين اللهم إلا مَنْ رحم ربي!

وكلهم إذ يفعل يدعي إنه يفعل باسم الله، اللهم إلا مَنْ رحم ربي، اللهم ارحمنا وألطف بنا!

“1”

تقرير للأمم المتحدة الخميس الماضي نشرته وكالة “رويترز” البريطانية بعنوان:”90 ألف عراقي محاصرون في الفلوجة”، وتحذر “ليز غراند”، منسقة المساعدات الإنسانية من كارثة مروعة ستحل بهم، وتعتذر عن  إنهم أحسنوا التقدير لما قالوا أن المحاصرين في “الفلوجة” العراقية يعانون الموت يقدرون بـ خمسين ألف مسلم.

وفي المقابل يُحكم “تنظيم الدولة” “الإسلامية” قبضته حولها، ويحاصرها مانعاً عنها الغذاء حتى لا يستطيع أهلها الصيام بحال من الاحوال، ويبلغ الجوع منهم حداً يجعلهم يطحنون نوى البلح ليصنعوا منه خبزاً ليأكلوه، أو يطحنون طعام الدواجن، كما اعتاد عدد غير قليل منهم أكل نبات اسمه “السليقة” يخرج من باطن الارض، وهو في الأصل طعام للماعز.. وهذا أقل القليل، بحسب تقرير لمواقع.

إذ إن أهالي المدينة المنكوبة خارج بيوتهم صاروا يقيمون خوف أن تقصف فوق رؤوسهم وهم بها، وهم على هذه الحال الذين يريدون النجاة منهم يعبرون النهر ليغرقوا في القوارب، كما قالوا تقرير الأمم المتحدة أن عشرة منهم على الأقل لقي الموت في نهر الفرات.

أما أصل “القصة” المُحزنة المُخزية فهو أن تنظيماً مُسماً زوراً وبهتاناً على الله بتنظيم الدولة “الإسلامية”، فيما أعلن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في مارس/أذار الماضي براءة الإسلام منه، التنظيم الذي “دسه” أعداء الإسلام على الإسلام، والمسمى باسم غريب مثله، قيل اختصاراً لأول كلمات من اسمه.

“داعش” التنظيم الإرهابي المتطرف الذي يبالغ في قتل المسلمين في سوريا والعراق ويترك إسرائيل لم يصوب “نبلاً” عليها، ويقول إنه سيحرر أراض العرب بداية ثم يتفرغ لإسرائيل، هذا بعد أن يتخلص من المسلمين طبعاً ليخلو لهما معاً الجو!

استولت “داعش” في أصل القصة على محافظة الفلوجة منذ يناير/كانون الثاني 2014م، وتذكرت الحكومة العراقية الظالمة الأمر منذ اسبوعين فأعلنت شن حملة لاستعادة المحافظة، وحشدت الجيش المسمى بالعراقي، وقيل إن الولايات المتحدة تقود الحملة، وأن استعادة الفلوجة على بعد خطوات، ولكن الحقيقة أن الحكومة سمحت لما يسمى بـ “ألحشد الشعبي” أو الميليشات الشيعيى المتطرفة بالدخول إلى المدينة.

ولله در اهلنا في العراق وفي “الفلوجة” بالتحديد، فإن الجوع ليأكل فيهم، والذين ينجون من “داعش” تقتلهم بل تغتصبهم قوات “إيران”: التي أرسلت 80 مستشاراً عسكرياً لدراسة كيفية إلتهام المدينة، بحسب جريدة الشرق الأوسط الجمعة، وبعد ان كان العراقيون يستعينون بالجيش المسمى باسم بلدهم، وجزء منه من الشيعة، ضد الميليشيات الشيعية، صار يستجير بالعدوينِ ضد “داعش”.

وفي النهاية تناشد الامم المتحدة، عبر تقرير لوكالة “رويترز” الخميس المجتمع الدولي، وفيهم العرب والمسلمون إغاثة أهالي الفلوجة الذين يموتون من الجوع والقهر، حتى ان الاب ليدفن الام أمام الأبناء، وبحضورهم في حديقة المنزل، على بعد 30 سم من الأرض، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

“2”

أما الفضيحة المدوية فمن الناحية الاخرى إذ إننا فوجئنا في 3 من يونيو،حزيران الجاري شهر قبل ساعات من شهر رمضان بأن “بان كي مون” الامين العام للأمم المتحدة يضع “التحالف العربي” ضد اليمن المسمى بـ”عاصفة الحزم” بمشاركة مصر والإمارات ودول أخرى بقيادة السعودية، وبدأ حربه في 25 من مارس/أذار العام الماضي، قتل 510 طفلاً، وأصاب 667!، ودمر المدارس والمستشفيات، التحالف في القائمة السوداء لقتله الاطفال في اليمن، وهؤلاء 60% ممن ماتوا فقط، بحسب موقع روسيا اليوم، والخميس تم رفع اسم السعودية من القائمة السوداء “مؤقتاً”، لإنها هددت بسحب أموال الدعم لمنظمات أخرى مما سيسبب موت “ملايين الأطفال جدد بحسب الأمم المتحدة، كانت المنظمات التي هددت السعودية بالانسحاب منها تدعمها، و”بان كي مون” يقول ان قرار رفع اسم السعودية كان “مؤلماً وصعباً” .

ما هذا أهؤلاء هم المسلمون؟ .. لم يكتفوا بأن يتفرجوا على إخوانهم يموتون في العراق بل يميتونهم في اليمن، وتعهدت السعودية حين وضعها في القائمة السوداء، حينها، فقط، بإنهاء الحرب في اليمن قريباً كيلا توضع في القائمة السوداء فترفع عليها قضايا بالجملة من جهات دولية، إذ إن أمر المسلمين لا يهم حكامها وكل ما يهمهم أموالهم، وألا يكونوا مرماً للسهام كما حدث مع “صدام” و” القذافي” ..هؤلاء جيل “مدجن” من الحكام تكفيهم الإشارة ليخروا ساجدين تحت الأقدام!

“3”

العرب والمسلمون الخميس الماضي يستعطفون المدعو “بشار الأسد” لكي يسمح لهم بدخول المعونات الإنساني إلى مدينة “داريا” المحاصرة بريف دمشق منذ عام 2012 تموت جوعاً هي الأخرى، فيرفض الحاكم الجبان الذي يفني شعبه ليظل حاكماً على الخراب، وقيل القنطرة جنوب غرب سوريا، بحسب موقع “أمية برس الخميس” فيطير الطيران الإسرائيلي فيلقي المساعدات العاجلة على المدينة فالعدو يعرف كيف يحسن صورة نفسه على حساب المسلمين الذي يلقون كميات هائلة من الطعام في القمامة في رمضان، وسل الخليج بل سل كل دول المسلمين التي تنتظر الدور من عدوها ليعمل فيها دباباته كما يعملها الآن في سوريا والعراق وفلسطين .. والكام نائمون يغطون في النعاس فالمهم لديهم أن يحيوا يومهم هذا فقط ليس أكثر!

“4”

أما العجيبة التي لا ادرى أي عقل يفهمها فهو تصدير الشيخ منصور بن زايد شقيق حاكم الإمارات، الأربعاء الماضي، بحسب “موقع عربي 21 نقلاً عن ميدل إيست آي” للحوم إلى إسرائيل في مشاركة لشركته “إمارات المستقبل”  مع ابن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق “آريل شارون”، ما هذا ولماذا يفعل وهو لا ينقصه المال أو السيادة أو حتى متعة من متع الحياة الدنيا؟

فقط إنها الخيانة تأبى إلا أن تطل برأسها وخلال الأيام المباركة.

هل هذا “الأمر” أصعب أم قتل حكام عرب مسلمون لأطفال اليمن واستعطاف الأمم المتحدة كيلا تضعهم في القائمة السوداء؟

“5”

سأل الرسول، صلى الله عليه وسلم ربه ألا يفني أمته بسنة عامة فأجابه، وسأله ألا يجعل بأسهم بينهم شديداً فلم يجبه، إن الذين يدعون وصلاً برب العزة، ويُبيدون المسلمين في رمضان مثل غيرهم من الاعداء.. الإسلام منهم براء، ولكن الله تعالى يريد لهذه الامة أن تتنقى من خبثها، ومن الخبث “بشر” يسمون بأسماء المسلمين وأفعالهم غير هذا، ومع التسليم بأن أمر عقيدتهم إلى الله، إلا أنه تعالى يسلط عليهم أعداءهم، كي ينقي عن الأمة الإسلامية هذا الخبث.

وما لا يصل إليه الأعداء من “الخبث” يصل إليه “الخبثاء” من “المُسمين بالمسلمين”، نائب في البرلمان الكندي اسمه “مارك هولاند” يعلن صيامه رمضان للمرة الثانية مع كونه غير مسلم، ليشعر بمشاعر الجائعين في العالم، مدخراً نقود الطعام لهم. بحسب هافينغيتون بوست الثلاثاء الماضي.

فيما أعرف تماماً بعض المفترض بهم أن ينقلوا أموالاً إغاثية “يسرقونها” لانفسهم، ولا اجد لفظاً مخففاً عن هذا، وحسبي أني لا أذكر أسماءً، والبعض يمعن في ارتكاب “أخطاء مريرة” في أماكن الأصل فيها “مساعدة” أمثال هؤلاء المنكوبين.

وفي المنتصف كثير من المسلمين يبررون، لكي يحيوا، ولو أفنى أعداءهم إخوانهم، أو أفنى حكامهم مسلمين آخرين، أو ليست مثل هذه الأمور أدعى لأن ينقي الله هذه الصفوف حتى تتطهر في “الفلوجة” كما في “داريا” و”القنيطرة” بل “اليمن” وغيرها لتكون هذه الأمة مستحقة بالفعل بعد ان ينفي الله عنها خبثها لتصدر العالم وقيادته من جديد، ويرحم، سبحانه، الموتى والشهداء من هم الحياة الدنيا؟!

ثم إنه لمن تمام الفتنة أن يتحدث هؤلاء عن أنفسهم وكأنهم مكلفون من قبل رب العزة!

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...