عبدالله أمين: من أسرار الصيام وفوائده
1) عن سلمة بن قيصر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من صام يوما ابتغاء وجه الله باعد الله بينه وبين النار كَغُرابٍ طارَ فَرْخّا إلى أن مات هَرِمًا”. بين الصائم والنار، مسافات لا يقطعها الغراب طيرانا طول عمره، وهو طويل العمر إلى ستين سنة، سريع الطيران إلى 60 كم في الساعة أو أكثر، ومن طبيعته الاغتراب عن وطنه، فانظر كم هي المسافة التي يقطعا في السنة الواحدة، مضروبا في عدد السنين، تحصل على مسافة البعد عن النار لصيام يوم واحد ابتغاء وجه الله.
2) وفي المقابل، روي عن أبي هريرة أنه قال: قال صلى الله عليه وسلم “مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ فِي غَيْرِ رُخْصَةٍ رَخَّصَهَا اللَّهُ لَهُ، لَمْ يَقْضِ عَنْهُ وَلَوْ صَوْمَ الدَّهْرِ”.
3) قال صلى الله عليه وسلم: “ثلاثةٌ لا تُرَدُّ دعوتُهم: الصَّائم حتَّى يُفْطِر، والإمام العادِل، ودعْوة المظْلوم”. وتأمل – فالإنسان مكون من جسد وروح، جسد من تراب الأرض، يتغذى على ما ينبت من الأرض، وروح لا يعلمها إلا الله، تتغذى على هدي الله والانسان بهذه الروح هو أعلى المخلوقات، بل كل ما في الكون مسخر له (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)، (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) ، (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ) .. والعبادات تهذب الجسد الترابي، ليرقى إلى مستوى الروح، وأخصها الصيام، لأنه يقضى مداومة الذكر والتسبيح وتدبر القرآن، حتى يرقى إلى حظيرة الود (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا) فيكون مقبول الدعاء.
4) قال صلى الله عليه وسلم:” الصَّوْمُ نِصْفُ الصَّبْرِ” والانسان تنازعه قوى ثلاثة، قوة غريزيه تهبط به إلى مستوى البهائم، وقوة غضبية تهبط به إلى مستوى الوحوش إن أطاعها، والثالثة قوة الروح التي تعلوا به إلى مستوى الملائكة إن أطاعها وترقى به هذه إلى الملائكية، بالعبادات وأخصها الصيام الذي هو نصف الصبر وهو الوقاية من وحل المعاصي، قال صلى الله عليه وسلم:” من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء” أي حمايه وبالصوم تتربى الإرادة وقوى العزيمة نحو الخير.
5) والصوم هو العبادة الخالصة لله والله هو الذي يكافئ عليه، جاء في الحديث القدسي: ” كل عمل بن آدم له إلا الصوم فهو لي وأنا أجزي به يدع طعامه وشرابه من أجلي”.
الصائم عبد أطاع ربه فكف عن الطعام والشهوات نهاره، وكف عن المعاصي بقية يومه، وأتقن صلاته التراويح والتهجد، وتدبر القرآن، وألفت نفسه الاتصال بربه، وتأكدت عبوديته له ، فمنحة الله منحة رضاه…
ألا كم في الصوم من أسرار وكم له من فوائد.