“عرفتوا ليه الجيش بيقاتل على الحكم ومستعد يضحي بالشعب كله بس يفضل في السلطة؟! خير مصر لجيشها مش لشعبها!، عارف يعني إيه بيزنس العسكر؟ يعني أرباح سنوية تصل إلى 5 مليارات دولار لا يستفيد المواطن منها بجنيه واحد، الجيش دولة داخل دولة”.. تلك كانت كلمات مواطنة مصرية أوضحت فيها هيمنة الجيش على الاقتصاد المصري، فبات اقتصاده اقتصادًا موازيًا لا تستفيد منه الدولة بمليم واحد.
وتتبع الجيش مؤسسات اقتصادية أُنشئت بالأساس لتلبية احتياجات الجيش العسكرية من تسليح ومعدات وما شابه ذلك، ولكن معظمها بعد الانقلاب تحول من التصنيع العسكري إلى إنتاج المنتجات المدنية، ومنها المقاولات والبنية التحتية، وقطاع الاتصالات، وقطاع الصحة وسوق الأدوية، والمشروعات القومية، والقطاع العقاري وما يرتبط به من صناعات، ومجالات الصناعة الكيماوية والتعدين، ومجال الإنتاج الزراعي والصناعات الغذائية، ومجال الاستزراع السمكي، وإنتاج وتجارة اللحوم الحمراء والبيضاء، ولبن الأطفال، واستيراد القمح والسكر، وتنفيذ مشروع بطاقات التموين.
أما عن المؤسسات الخدمة المتحكمة بالاقتصاد المصري فهي:
1-جهاز مشروعات الخدمة الوطنية
والجهاز تتبعه الآن شركتان تغطيان مجموعة واسعة من القطاعات، من البناء والنظافة إلى الزراعة والمنتجات الغذائية، وتضم شركات معروفة منها: كوين سرفيس للخدمات الأمنية، والشركة الوطنية لاستصلاح الأراضي، وشركة مصر للتصنيع الزراعي التي تمتلك 7 مصانع لإنتاج “صلصة طماطم، منتجات ألبان، أعلاف الماشية والأسماك، البصل المجفف”، وشركة كوين لإنتاج المكرونة، إضافة إلى قطاع الأمن الغذائي الذي يمتلك عددا كبيرا من المزارع والمجازر للحيوانات والدواجن، إضافة إلى وحدات إنتاج الألبان ومجمعات إنتاج البيض وغيرها.
وأنشئ الجهاز بقرار من الرئيس السادات رقم 32 لسنة 1979 عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع الكيان الصهيوني، وكان يستهدف الاكتفاء الذاتي النسبي من الاحتياجات الرئيسية للقوات المسلحة لتخفيف أعباء تدبيرها عن كاهل الدولة مع طرح فائض الطاقات الإنتاجية في السوق المحلية والمعاونة في مشروعات التنمية الاقتصادية في الدولة من خلال قاعدة صناعية إنتاجية متطورة.
2ـ الهيئة العربية للتصنيع
ويرأس الهيئة الفريق عبد المنعم التراس، عضو المجلس العسكري، وإنتاجُ الهيئة العسكري متواجد ولكن بشكل ضعيف جدا، وتُصنع معدات عسكرية ليست متوسطة، كما يرى الخبراء، بل ضعيفة ومحدودة الإمكانيات، ولم تُلب احتياجات الجيش من التصنيع العسكري، رغم أن هذا كان هو الدور المنوط بها، والذي كان يعمل عليه وزير الدفاع الأسبق المشير أبو غزالة.
وأصبح الجيش يعتمد على التسليح الخارجي بشكل أساسي، ويبعد تماما عن التسليح العسكري الوطني، وبناء على ما كشفه معهد أستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، فإن مصر أصبحت ضمن قائمة الدول الأكثر استيرادا للأسلحة في العالم بين أعوام 2008-2012 و2013-2017.
وأُنشئت الهيئة عام 1975 بتعاون بين مصر وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، بهدف بناء والإشراف على تطوير قاعدة تصنيع دفاع عسكري مشتركة.
وفي عام 1993، أعطت السعودية والإمارات مصر أسهمها في الهيئة والتي بلغت قيمتها آنذاك 1.8 مليار دولار، فأصبحت الهيئة مملوكة بالكامل للحكومة المصرية. ويتبع الهيئة العربية للتصنيع 11 مصنعا وشركة تعمل في مجالات الصناعات العسكرية والمدنية، منها مصانع صخر وقادر وحلوان للصناعات المتطورة ومصنع سيماف الذي ينتج عربات السكك الحديد والقضبان.
3-الهيئة الهندسية للقوات المسلحة
تحولت الهيئة الهندسية بعد وصول عبد الفتاح السيسي إلى الحكم في مصر، في منتصف عام 2014م، من كونها إدارة متخصصة بالأعمال الهندسية العسكرية داخل الجيش إلى شركة مقاولات كبرى مهيمنة على السوق، وهذا ما أكده الفنان ورجل الأعمال محمد علي، والذي عمل مع الهيئة في عدد من المشروعات ذات الصلة.
وتسيطر الهيئة الهندسية على (الأشغال العسكرية، والمساحة العسكرية، والمياه، والمشروعات الكبرى، والمهندسين العسكريين)، وتقوم بتنفيذ وإنشاء شبكات الطرق الحرة والكباري والمطارات والفنادق والمدن العمرانية الجديدة في مختلف محافظات مصر، وإقامة العديد من محطات تحلية المياه وحفر الآبار، ومد خطوط المياه إلى المدن والتجمعات العمرانية الجديدة، وتنفيذ الأعمال المساحية وإصدار الخرائط والموسوعات لمعاونة الأجهزة المدنية في تنفيذ المشروعات العملاقة.
وبحسب ورقة قدمها الباحث محمود جمال بعنوان “مصر: مؤسسات العسكر الاقتصادية والطريق نحو الهيمنة”، صادرة عن “المعهد المصري للدراسات”، تشارك في مشروعات التنمية الحضارية والاجتماعية الصحية بإنشاء وتطوير المدارس والمستشفيات والوحدات الصحية ومراكز التنمية الحضارية في جميع ربوع مصر، وإقامة المشروعات الزراعية والإنتاجية وصناعة الخامات والمواد الإنشائية المستخدمة في المشروعات، وإنشاء وتطوير الاستادات والملاعب والساحات الرياضية لإقامة البطولات المحلية والدولية.
وتعاون الهيئة القطاع المدني في التغلب على الآثار الناجمة عن الكوارث الطبيعية والصناعية، والقيام بعمليات الإنقاذ والنجدة والتدخل السريع باستخدام أحدث الأجهزة والمعدات المتنوعة والقدرات والإمكانات، والقيام بإيواء المتضررين وإزالة الأنقاض والمعاونة في إنشاء معسكرات العزل الصحي.
4-الهيئة القومية للإنتاج الحربي
وتأسست عام 1984، بهدف الإشراف على المصانع الحربية، وتمتلك حاليًا أكثر من 18 مصنعًا للصناعات العسكرية والمدنية ولكن تصنيعها بالأساس حاليا ينحصر على الصناعات المدنية ومن تلك المصانع “أبو قير – أبو زعبل – شبرا – حلوان” للصناعات الهندسية، إضافة إلى مصنع حلوان للأثاث ومصنع حلوان لمحركات الديزل ومصنع حلوان للصناعات غير الحديدية، وفي الصناعات الكيمياوية تمتلك الهيئة مصانع “أبو زعبل وقها وهليوبوليس”، وفي الصناعات الإلكترونية هناك مصنع بنها للصناعات الإلكترونية، كما تمتلك الهيئة أسهمًا في شركات أخرى مثل “ثروة البترول” و”إيبيك” العالمية لصناعة المواسير، وهي أكبر منتج لأنابيب النفط والغاز في المنطقة، كذا الشركة العالمية لصناعة الكمبيوتر.
5-وزارة الإنتاج الحربي
ويدير اللواء محمد سعيد العصار، عضو المجلس العسكري على قائمة الاستدعاء، الوزارة المسئولة عن إدارة وتطوير وتشغيل المصانع الحربية، ولكن معظم المصانع الحربية التابعة للوزارة اتجهت للتصنيع المدني بشكل كبير، وكان آخر تلك المصانع، مصنع النجيلة الصناعي الذي أصبح مهيمنا على ذلك المجال في مصر.
خطورة الهيمنة
يقول الباحث يزيد الصايغ، كبير الباحثين بمركز كارنيجي: إن “الادعاء اليوم بأن المدراء العسكريين يستطيعون القيام بكل شيء على نحو أفضل من نظرائهم المدنيين، ينطوي على قدر من التضليل والخداع. فإن قدرة المتقاعدين العسكريين على “تدبير الأمور” هي نتيجة متوقعة لأنهم هم الذين أوجدوا جزءا كبيرا من النظام الإداري الذي يعملون ضمنه وتتوغل فيه شبكاتهم، ما يسهل عليهم السلوك بسهولة وأمان عبر دهاليزه”.
ويضيف أن “قرار السماح للجيش بتأسيس وإنشاء شركات بمفردها أو بالمشاركة مع رأس المال الوطني أو الأجنبي؛ مجرد خطوة لاستكمال سيطرة الجيش على أوجه الحياة، منذ سنتين، توجد عملية تروج لأن يكون الجيش بديلا للدولة”.