أصدرت نيابة الانقلاب (أمن الدولة العليا) بيانا مساء أمس الاثنين 25 نوفمبر 2019م ادعت فيه أن جماعة الإخوان المسلمين هي التي أنشأت موقع “مدى مصر” الذي اقتحمته عصابات الانقلاب أول من أمس واعتقلت رئيسة التحرير وعددا من الصحفيين قبل أن تفرج عنهم في وقت لاحق.
وأذنت نيابة أمن الدولة العليا، بتفتيش مقر “مدى مصر” الكائن بوحدة سكنية بحي الدقي بمحافظة الجيزة، وزعمت في بيانها أن ذلك يأتي “بعدما عُرض على النيابة العامة محضر بتحريات قطاع الأمن الوطني التي توصلت إلى إنشاء جماعة الإخوان الموقع الالكتروني المذكور لنشر أخبار وشائعات كاذبة لتكدير الأمن العام”. وادعت كذلك أنه قد أسفر “التفتيش عن ضبط آلات ومعدات مما تستخدم في الجريمة”.
وكانت عصابات الانقلاب الأمنية، قد أطلقت سراح رئيسة تحرير موقع “مدى مصر” المستقل، لينا عطا الله، وكلاً من الصحفيين شادي زلط، ومحمد حمامة، ورنا ممدوح، أول من أمس الأحد، بعد اعتقالهم على وقع اقتحام مكتب الموقع الإخباري في القاهرة، واحتجاز فريق العمل داخله لمدة جاوزت الثلاث ساعات، بغرض تفتيش أجهزة الحاسوب والهواتف المحمولة للصحافيين العاملين فيه.
وكانت ماريا أديباهر، المتحدثة باسم الخارجية الألمانية، قد أبدت في مؤتمر صحفي، ببرلين الاثنين عن “ارتياحها” لإطلاق سراح صحفيي الموقع الإخباري “مدى مصر”، معربة عن قلقها مما اعتبرته “تدهورًا متزايدًا لحرية الصحافة في مصر”. وأوضحت إن ما حدث لـ”مدى مصر”، “يمثل من وجهة نظرنا تدهورًا متزايدًا مقلقًا للغاية لحرية الصحافة في مصر”. وأضافت: “نشعر الآن بالارتياح لأن الصحفيين الأربعة بالموقع”. وأوضحت أديباهر أن ما يحدث ضد ممثلي وسائل الإعلام بمصر يحدث “دون سبب واضح”، مؤكدًا أنها عبرت أكثر من مرة عن قلقها بشأن وضع الصحافة بمصر.
كما انتقد رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس النواب الأمريكي، “آدم شيف”، الإثنين، اقتحام سلطات الانقلاب لمقر موقع “مدى مصر” الإخباري واحتجاز صحفيين. واعتبر “شيف”، في تغريدة نشرها عبر حسابه بـ”تويتر” أن ذلك “هجوم غير مقبول على الصحافة الحرة في مصر”.
وكتب المسؤول الأمريكي: “داهمت السلطات المصرية أحد مكاتب آخر وسائل الإعلام المستقلة المتبقية في البلاد واحتجزت عدة صحفيين”.وأضاف: “هذا هجوم غير مقبول على الصحافة الحرة وما تبقى من الديمقراطية المصرية”، مردفا: “لا يمكن الوقوف ومشاهدة هذا الأمر”.
وكان الاتحاد الأوروبي قد علق على أزمة اقتحام “مدى مصر”، وعبر عن قلقه من التضييق المستمر على الحريات، مطالبا بضرورة حصول الصحفيين على حقهم الدستوري بالعمل دون الخوف من المضايقة.
وانتقد الناطق الرسمي لوزارة الخارجية الفرنسية اقتحام عصابات السيسي موقع “مدى مصر”، ونشر الحساب الرسمي لسفارة باريس في القاهرة تصريحات الناطق الرسمي للخارجية، ورده على سؤال حول رد فعل فرنسا حول ما قامت به الشرطة المصرية ضد الموقع. وقال المسوؤل الفرنسي إن باريس متمسكة بحرية الصحافة وأمن الصحفيين وكل يساهم من خلال الرأي الذي يعبر عنه في النقاش العام في جميع أنحاء العالم. وأضاف: “إنها أولوية في سياستنا الخارجية وأحد محاور الحوارالصريح والمنتظم الذي نقيمه مع مصر حول مسألة حقوق الإنسان”.
وكان “مدى مصر” نشر قبل أيام تقريراً حول تهميش دور العميد محمود السيسي، نجل الطاغية عبد الفتاح السيسي، داخل جهاز المخابرات العامة. وكانت لجنة الحريات في نقابة الصحفيين قد أصدرت بيانا السبت الماضي تعليقاً على واقعة اعتقال الصحفي شادي زلط، فجراً، مؤكدةً أن الجميع في مصر بات يدرك مدى قسوة الحصار المفروض على الصحافة، حتى أوشكت المهنة ذاتها أن تموت، بعد أن حاصرتها قبضة باطشة، وقيود خانقة بدرجة لا يمكن قبولها.
ويقبع العشرات من الصحفيين في سجون الانقلاب، في قضايا رأي ونشر، وتجاوزت مدد حبسهم مدة الحبس الاحتياطي (عامين)، دون محاكمة عادلة.