محاولات امتصاص غضب المصريين تفاقم أزمات قائد الانقلاب

تتسارع محاولات نظام السيسي المأزوم لامتصاص غضب الشارع المصري التي لم تتوقف منذ 20 سبتمبر الماضي، حتى الآن، وتتنوع استراتيجيات السيسي، بين محاولات التهدئة بالغاء خذف المواطنين من التموين، وإلغاء مجلس الوزراء اليوم تعديل أسعار الوقود لمدة ثلاثة شهور؛ حيث كان من المقرر تخريك الاسعار مطلع أكتوبر وفق أسعار الأسواق العالمية، وبين حملات إعلامية تتحدث عن القبول بحرية الرأي والاستماع للمواطنين، عبر عنها إعلاميو الحظيرة الانقلابية أحمد موسى ومصطفى بكري وعبدالرحيم علي بتصريحات معسولة على غير عادتهم.

وفي الحلسة الافتتاحية لدور الانعقاد الخامس بمجلس نواب السيسي، أمس، تقمص النائب المعروف بتأييده المطلق للنظام، مصطفى بكري، دور المعارض. مطالبا بالحرية للإعلام والصحافة وقبول الرأي الآخر، “علشان ما تحصلش ثورة يناير جديدة”، محذرًا النظام من تآكل الطبقة المتوسطة وسوء الأحوال الاقتصادية، ومطالباً الحكومة بمراعاة المواطن البسيط.

وحاول رئيس برلمان الانقلاب، علي عبد العال، الدفاع عن السيسي، لكنه زاد الطين بلة، وقال: “هتلر (زعيم النازية أدولف هتلر) كان ليه أخطاء، لكن البنية الأساسية اللي بناها كانت قاطرة في تقدم ألمانيا”، وهو ما أثار غضب المتابعين والمؤيدين للسيسي.

ومن جهة ثانية، واصلت دائرة السيسي وأجهزته السيادية والرقابية مشاوراتها بشأن إجراء التعديل الوزاري المرتقب، ودعم ذلك حديث علي عبد العال، أمس، عن “تقصير الحكومة” وأن “البرلمان لن يسمح للمسؤولين التنفيذيين خلق المشاكل لرئيس الجمهورية” وأنه يجب على “أعضاء الحكومة تحمل المسؤولية وأن يحنوا على الشعب الذي ينتظر منهم الكثير”.

محاولة السيسي ودائرته امتصاص غضب الفئات الكادحة الأكثر تضررًا من السياسات الاقتصادية والاقتراض وتخفيض الدعم، والتي مثّلت القسم الأكبر من الحراك الجماهيري الأخير ضده في انتفاضة 20 سبتمبر وما تلاها في الأسبوع الماضي من تظاهرات، إلى جانب مساعي وسائل الإعلام ورئيس البرلمان رمي المشاكل على أكتاف الوزراء، واصطناع عدم علم السيسي بها أو أنه يتدخل فقط لتخفيف معاناة المواطنين، وتعكس جميعها عودة دائرة السيسي إلى الاستراتيجية القديمة التي كان يتبعها نظام المخلوع حسني مبارك مع الأزمات الشعبية المتلاحقة، خصوصا في السنوات العشر الأخيرة من عهده، ليبدو السيسي وكأنه الملاذ الأخير للمواطن البائس، وأنه يعمل على تخفيف وطأة قرارات الحكومة، وكأنه منعزل عنها وعن سياساتها.

وهذه الاستراتيجية كانت قد نجحت مرات عديدة في التعامل الإعلامي والرسمي مع الأزمات في عهد مبارك، عندما كانت وسائل الإعلام تقصر هجومها على الوزراء دون الرئيس، وعندما كانت الحكومة تطلق بالونات اختبار عديدة لجس نبض الشارع إزاء قرارات اقتصادية ومشاريع، كان أبرزها إنشاء عاصمة إدارية جديدة وتطوير القاهرة وإزالة العشوائيات بين 2007 و2009، ثم يتدخل مبارك في الوقت المناسب لنزع فتيل الأزمة وإعلان التراجع عن بعض القرارات والمشاريع، بناء على نصائح مخابراتية وأمنية من ذراعيه الرئيسيين آنذاك اللواء عمر سليمان واللواء حبيب العادلي.

محاولات فاشلة

لكن هناك عوامل عدة تمنع تكرار نجاح مبارك مع السيسي، أبرزها أن الأخير كان يحرص طوال السنوات الخمس الماضية على الظهور كمدير وحيد وخبير أعلى في جميع الملفات، بما فيها التقنية والفنية، كالإسكان والزراعة والصحة والتموين والتعليم، من خلال اجتماعاته المتكررة مع الوزراء وضغطه المتواصل عليهم لتغيير سياساتهم وبرامجهم الزمنية، وإجراء تعديل وزاري واحد على الأقل كل عام.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...