طبيب الفلاسفة ينصح الأفارقة بالعلاج ويقتل المعتقلين بالإهمال الطبي

يتصف الثعلب بالمكر والحيلة والدهاء، أما الإنسان “المُتثعلب” فهو أكثر مكرًا ودهاءً منه؛ فنحن نظلم الثعلب عند اعتباره مقياس الدهاء مقارنة بمكر شياطين البشر وحيلهم الخبيثة والشرّ المستتر في نفوسهم المريضة، فتقف مذهولا من هول صنعهم قولا وفعلا، وتمسي موسوما بوسم الغباء مهما بلغت حدّة ذكائك أمام خستهم ونذالتهم، لا سيما لو كان الموصوف بالتثعلب جنرال إسرائيل السفيه السيسي.

السفيه السيسي واحد من شياطين الإنس وما أكثرهم، وما زال المصريون يشعرون بحجم الذنب عندما تساهلوا وتجاوزوا مع العسكر الذين لا يستحقون سوى الحذر، منذ انقلاب كبيرهم الفاشي جمال عبد الناصر، وأجمل ما يليق بوصف السفيه السيسي قول أمير الشعراء أحمد شوقي “برز الثعلب يوما في ثياب الواعظينا.. فمشى في الأرض يهذي ويسبّ الماكرينا.. ويقول: الحمد لله إله العالمينا.. يا عباد الله توبوا فهو كهف التائبينا!”.

المتثعلب السفيه السيسي هو مريض سيكوباتي يحاول جاهدا تقليل الفجوة الضخمة بين الأنا المثالي المتضخم، والأنا الآخر من أناه المحتقر والذي يحاول إسقاطه على غيره، ويكون بارعا في التمثيل وتغطية شعوره بالنقص والدونية وشروره اللامتناهية بلباس الإنسانية والوطنية المزيّف وثوب الأخلاق العفن، وللأسف الشديد ينجح دوما في تمثيلياته على من حوله، إلى أن يوضع على المحكّ أو تتضارب مصالحه؛ فتبدأ الأقنعة بالزوال واحدة تلو الآخر لِتُعرّي الوجوه الأخرى الشرّيرة .

السفيه ناصحًا!

ونصح السفيه السيسي، خلال كلمته فى الجلسة الافتتاحية بقمة “تيكاد” فى اليابان، دول إفريقيا بتقديم الرعاية الصحية لمواطنيها، وهنا طفح الكيل بالسؤال المعتاد في كل مرة يكذب فيها السفيه السيسي ويخادع العالم: “ماذا عن مئات المعتقلين الذين ماتوا في سجونه نتيجة الإهمال الطبي؟”.

واعتبر مختصون أن تصريحات السفيه السيسي “محض هرتلة” غير واقعية، وأن الأزمة ليست في تقديم النصيحة لدول إفريقيا لعلاج مواطنيها، لكن في أن الناصح الأمين هو نفسه قاتل لعشرات المعتقلين بالإهمال الطبي، تلك الجريمة المسكوت عنها محليًّا ودوليًّا وعربيًّا.

قضية الإهمال الطبي التي أودت بحياة المئات من رافضي الانقلاب في سجون السفيه السيسي، حتى إن مصادر حقوقية قالت إن أستاذ الهندسة في جامعة القاهرة عصام حشيش طلب من إدارة سجن العقرب المعتقل فيه حاليًّا السماح له بشراء كفن على نفقته الخاصة “استعدادا للقاء ربه”.

ونقلت التنسيقية المصرية لحقوق الإنسان وحملة باطل عن “حشيش”، القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، هذه المطالبة التي بررها “بتدهور حالته الصحية”، وتعمد إدارة سجن العقرب الإهمال الطبي بحقه وسعيها لقتله بالبطيء.

ودشن نشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي حملة للتضامن مع عصاك حشيش، وأطلقوا هاشتاج (#أنقذوا_عصام_حشيش)، وطالبوا بالإفراج الفوري عنه مراعاة لظروفه الصحية، مستحضرين ما هو متداول عن تعرض المعتقلين للقتل البطيء داخل سجون عصابة الانقلاب.

وتساءل بعضهم: هل من المقبول السكوت على مثل هذه التجاوزات، وانتظار موت المعتقلين واحدا تلو الآخر؟ في حين استحضر العديد من طلبة حشيش قصصا عن نبوغه وتميزه، وما له من قدر أكاديمي وبروز علمي في مجاله.

أساليب إجرامية

وتستمر المسرحية الاستعراضية الهزلية للسفيه السيسي المتثعلب بسبب تمرير الدول الغربية الداعمة لانقلابه لخداعه السمعي والبصري. ولمن لا يزالون يصدقون السفيه المتثعلب دور كبير في مساعدته؛ لأنَّ إعطاءه إيحاء التصديق والموافقة على أقواله وأفعاله يدفعه لتصديق نفسه والتمادي في غيّه لأنه يكذب بصدق شديد.

ولا يزال قطار القتل بالإهمال الطبي يدهس المعتقلين في سجون العسكر، وآخرهم المعتقل المهندس عمر أحمد السيد الحسيني، بعد منع العلاج عنه بسجن المنصورة في الدقهلية؛ استمرارا لجرائم القتل البطيء التي تنفذها عصابة العسكر ضد المعتقلين من رافضي الانقلاب العسكري.

ونقلت شقيقته دارين، ابنة الشهيد أحمد الحسيني، خبر استشهاد شقيقها عبر حسابها على تويتر قائلة: “تلقينا الآن نبأ استشهاد أخي في سجون الظالمين”، وتابعت: قتلوه قتلهم الله.. اللهم أجرنا في مصيبتنا خيرا ولا نقول إلا ما يرضي ربنا.. إنا لله وإنا إليه راجعون”.

وتوجهت بالدعاء: “يا رب صبرنا وصبر زوجته وأولاده، اللهم انتقم من كل انقلابي خائن فاسد عميل.. واجعل دم عمر لعنة عليهم وعلى ذويهم إلى يوم الدين”، ويعتبر الشهيد عمر أحمد الحسيني هو تاسع الشهداء في أقل من شهر، فقد سبقه ارتقاء كل من:

1- محمد مشرف بسجن برج العرب الخميس الماضى بسبب الإهمال الطبي.

2-عمر عادل ٢٥ عاما، توفي بسجن طرة بسبب الإهمال الطبي.

3-الكيلاني حسن، توفي بسجن المنيا بعد منع العلاج.

4-محمود السيد، توفي بسجن الزقازيق بعد إصابته بالسرطان.

5-السعيد محمد، توفي بقسم شرطة الدخيلة وعليه آثار تعذيب.

6-سامي مهنى، توفي بسجن وادي النطرون بعد اعتقال 6 سنوات.

7 – عادل أبو عيشة، توفى بسجن وادي النطرون بعد إصابته بأمراض الكبد.

8- حسام حامد، المعتقل بسجن “العقرب” شديد الحراسة، والبالغ من العمر 35 عامًا، بعد إضراب عن الطعام.

ورصدت عدة منظمات حقوقية استشهاد 30 معتقلًا داخل سجون الانقلاب ومراكز الاحتجاز، منذ مطلع العام الجارى  2019 نتيجة القتل البطيء الذى يتصاعد مع المعتقلين السياسيين .

شهداء السجون

وقال مختار العشري، المستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة، فى مداخلة هاتفية عبر تلفزيون قناة وطن: “إن سلطات الانقلاب تسعى للتخلص من المعتقلين السياسيين؛ لأنهم يذكرون النظام بجريمة الانقلاب العسكري على أول رئيس مدني منتخب”.

وأضاف العشري أن “الانقلاب العسكري يقدم أوراقًا رسمية للإنتربول تزعم أن المعتقلين يُتاح لهم العلاج والرعاية الصحية المناسبة، وأن إدارة السجن تسمح لهم بدخول الأدوية بالمخالفة للواقع تمامًا، حيث يتعرض المعتقلون لإهمال طبي متعمد وللقتل البطيء”.

وأوضح العشري أن ما يتعرض له المعتقلون يعد جريمة قتل عمدٍ يتحمل مسئوليتها المباشرة عبد الفتاح السيسي، قائد الانقلاب العسكري، لأنه من أمر بذلك، بالإضافة إلى مصلحة السجون ومأموري السجون.

ومع استشهاد هذا العدد من المعتقلين الرافضين للانقلاب العسكري، أعلن حقوقيون مصريون عن ارتفاع عدد الذين استشهدوا بسبب الإهمال الطبي أو سوء المعيشة أو التعذيب منذ يونيو 2013 بداخل سجون الانقلاب إلى 823 حالة وفاة.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...