مصيرهم إلى الشارع.. المخابرات تقوم بأكبر عملية تسريح إعلامي في 2019

انتاب عشرات الموظفين في قناة “دي إم سي نيوز”، التي تديرها المخابرات العامة، حالة من الغضب والسخط، بعد أن أصبح مصيرهم إلى الشارع بعد نحو ثلاث سنوات من العمل مع القناة التي لم تر النور، ودخلت القناة في أغسطس الجاري عامها الرابع تحت التجهيز؛ ما شكل انتكاسة لجهود عصابة الانقلاب في إطلاق قنوات إخبارية منافسة لقنوات المعارضة بالخارج.

وأبلغت إدارة القناة نحو 160 موظفا ما بين محرر ومعد برامج ومذيع وصحفي ومخرج وفني، بانتهاء تعاقدهم مع الشركة، دون سابق إنذار، وأنه تم إيقاف العمل في القناة حتى إشعار آخر.

من جهته كتب الإعلامي محمد عبد الرحمن، المذيع في قناة “دي إم سي نيوز”، تغريدة رصدتها “الحرية والعدالة”، يقول فيها: “انتهت اليوم علاقتي بمشروع قناة دي إم سي نيوز الذي لم ير النور. وبأدوّر على شغل داخل مصر أو خارجها. مذيع ومقدم برامج عنده مبادئ، ويبحث عن عمل في محطة عندها مبادئ؛ يعني الجزيرة متنفعش!”.

شغل مخابرات!

سيطر التخبط على شركة “مجموعة إعلام المصريين”، المملوكة للمخابرات، والتي عقدت اجتماعًا أسفر عن إقالة رئيس شبكة “دي إم سي” المُنتج هشام سليمان، ومدير قناة “دي إم سي نيوز” المؤقت أحمد الطاهري، بعد تعاقد المجموعة مع مدير قناة “سي بي سي إكسترا نيوز” ألبرت شفيق، والمدير السابق لقنوات “أون تي في”.

وكان هناك قرار نهائي بإغلاق قناة “دي إم سي نيوز” بشكل نهائي، في أغسطس الماضي، التي كان يشرف عليها مدير المخابرات الحربية آنذاك اللواء عباس كامل، إلا أن قرار الإغلاق ألغي أو تم تأجيله لأجل غير مسمى.

وتدْخُل قناة “دي إم سي نيوز” في أغسطس المقبل عامها الثالث تحت التجهيز، وهو ما يشكل انتكاسة لجهود جنرال إسرائيل السفيه السيسي، وفريقه الإعلامي في إطلاق قنوات إخبارية منافسة لقنوات المعارضة، تكون قادرة على جذب الجمهور وإقناعه بما تقدمه من محتوى إخباري حقيقي. ولم تعلن شركة إعلام المصريين، المالك الجديد، عن سلسلة القرارات التي اتخذتها بحق الاستغناء عن كل من هشام سليمان، وأحمد الطاهري، أو بخصوص استقدام ألبرت شفيق وسمير يوسف والمناصب التي ستئول إليهما؛ بسبب مناقشة مصير مئات العاملين.

أصابع عباس

منذ عامين، بدأت الأجهزة الأمنية خطة السيطرة التي أعدّها مدير مكتب السفيه السيسي آنذاك، اللواء عباس كامل، تعثرت الخطة قليلاً بسبب الصدام بين جهازَي المخابرات العامة والحربية، والذي انتهى إلى سيطرة الأخيرة ورجالها مع إقالة مدير الأولى اللواء خالد فوزي فجأة، وتعيين كامل محله، ليكمل الأخير خطة الاستحواذ على جميع المحطات التلفزيونية والإذاعية تقريبا.

أطاح “كامل” بفوزي بتهمة الفساد المالي، ومنه ما يتعلق بالإنفاق على المحطات، وهو ما تبعه بإقالة عدد كبير من وكلاء الجهاز المسئولين عن التعامل مع الإعلام، فجميعهم خرجوا من المشهد ما بين إقصاء كلي واحتجاز قيد الإقامة الجبرية حتى ردّ مبالغ مالية، في حين أن ضباطاً آخرين عادوا إلى عملهم بعد إعادتهم مبالغ كبيرة حصلوا عليها بطريقة غير مشروعة عبر التربّح في عمولات إعلامية، كما تقول مصادر.

اللافت أن عملية التربّح لم تُطِح بضباط في المخابرات العامة فقط، بل في الحربية وشبكتها “دي إم سي”، التي تبين أن فيها عمليات استغلال بعد مراجعة حسابية مفاجئة، وتأكيد صرف مبالغ على سبيل الرشوة من أجل المبالغة في التعاقدات، وهو ما حدث مع برامج عديدة قبل أن تقرر الشبكة تخفيض مصروفاتها والاستغناء عن كثير من العاملين وتخفيض أجور آخرين.

وعلى رغم ضعف المردود الإعلاني، الذي جاء غالبيته بالأمر المباشر من دون مناقصات من شركات وَجِهات تابعة لرجال أعمال يسعون إلى نيل رضا عصابة الانقلاب، إلا أن “دي إم سي” تواصل الإنفاق الكبير على أمور ثانوية من دون تحقيق مردود، فضلاً عن إعدادها منذ أربعة أعوام لإطلاق قناة إخبارية بقي مذيعوها ومعدّوها ومخرجوها يتقاضون رواتبهم من دون أن تخرج هذه المحطة إلى النور حتى الآن، وانتهى تفرد “دي إم سي” أخيرا بقرار دمجها ضمن “مجموعة إعلام المصريين” التي صارت تمتلك إعلاما موازيا للإعلام الرسمي للعسكر.

العيال كبرت!

منذ انقلاب جنرال إسرائيل السفيه السيسي، يسعى مدير مكتبه السابق ووزير المخابرات العامة الحالي اللواء عباس كامل إلى تنصيب نفسه حكما في كثير من المجالات، ومن بينها الإعلام؛ فاللواء الذي عمل مع السفيه منذ خدمته في الجيش ويوصف بأنه كاتم أسراره، أدرك مبكرا أهمية الإعلام وأن يكون له نفوذ داخله، فما كان منه إلا أن وضع زوجته وابنته في هذا المجال المهم.

حتى قبل تعيينه رسميا وزيرا للمخابرات العامة، كانت زوجة كامل مديرة مسئولة في شركة “دي ميديا” المالكة لشبكة قنوات “دي إم سي” وإذاعة “9090”، لكن بعد تعيينه تقرر إبعادها من المنصب لأسباب أمنية، على اعتبار أن عملها لا تتناسب طبيعته مع زوجة مدير المخابرات، خاصة أنها كانت ملتزمة الحضور اليومي في مقرّ الشركة.

أما ابنته، فقرر الدفع بها كمذيعة راديو في البداية ثم مذيعة في التلفزيون، ورغم افتقادها المؤهلات، فإنها صارت تحصد لقب “أفضل مذيعة راديو” وهي لا تجيد حتى الحديث عبر ميكروفون الإذاعة، بل أُنتج لها برنامج تلفزيوني أخيراً لتطلّ من خلاله على الشاشة.

وابنة اللواء وزوجته ليستا وحدهما في هذا النطاق، بل يوجد مذيعون آخرون هم أقارب لمسئولين في الجيش، تم الدفع بهم وتخصيص برامج لهم في مواعيد مميزة يوميا.

وهو أسلوب وإن كان يتبع على نحو فجّ حاليا، فإنه يشبه ما كان يجري إبان نظام المخلوع مبارك، عبر تصدير أبناء اللواءات والمسئولين والدفع بهم في مواقع كثيرة، من بينها الإعلام.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...