هل شبع المصريون من عصافير الإلهاء التي يطلقها السيسي؟

ما يجري بين رئيس تحرير صحيفة تعد من أعمدة الانقلاب وبين نجل المخلوع مبارك، لا يخرج بأي حال عن سيطرة سلطات الانقلاب. واعتاد المصريون على سلوك التشهير وإشاعة الفضائح الذي ينتهجه العسكر من أبو الانقلاب الفاشي جمال عبد الناصر.

وأخرج جنرال إسرائيل السفيه السيسي من جرابه فضيحة سياسية وأخلاقية من الحجم الكبير، بطلاها ابن المخلوع بفعل ثورة يناير، ورئيس تحرير صحيفة يومية، استخدمت فيها أقذر الأسلحة وأعنفها، كل يوم قضية وكل يوم فضيحة وكل يوم كارثة، شيء ربما يفوق السحر أو الخيال.

يقول الأمين العام للمجلس الثوري المصري، المستشار وليد شرابي: “أن ينشر الإنسان تفاصيل جريمة يجب أن يسأل عنها والده.. فهذه سقطة كبيرة تجعلنا نفتخر ونتشرف أننا شاركنا في ثورة 25 يناير المباركة.. بل وتجعلنا نحكي لأبنائنا عن ماض أسود حكم فيه مبارك فاستُبيحت الدماء والأعراض والأموال، بل وتجعلنا نبصق في وجه كل من كره هذا الخائن الذي يحكم مصر الآن، فقال ولا يوم من أيامك يا مبارك”.

ويضيف: “إن الشعب المصري يوم أن امتلك إرادته اختار لنفسه رئيسا كان شعاره (فساد لأ.. ظلم لأ.. تضييع أوقات على الناس لأ)، فما كان من الخونة إلا اغتياله.. أنا أعلم جيدا أن خالد صلاح إنسان فاسد ومفسد لمن حوله.. لكن للأسف بعد الذي نشره عنه علاء مبارك تأكدت أن فساده ثمرة من ثمرات حكم والده”.

بُص العصفورة

وفجر علاء مبارك، نجل المخلوع مبارك، فضيحة جنسية بطلها خالد صلاح رئيس تحرير اليوم السابع، بعد هجوم الأخير بشكل متكرر في صحيفته، مما تسبب في غضب علاء مبارك لدرجة الخروج عن المألوف ونشر فضيحة من العيار الثقيل لخالد صلاح.

سلطات الانقلاب باتت تتفنن في نظرية “بُص العصفورة”، إلا أن الإعلام يبدو مُدهشًا في تطبيقها، الأمر لم تعد خطورته قاصرة على مجرد إلهاء البُسطاء عن القضايا الأساسية، لكن الأمر تعدى إلى تجريف الشخصية المصرية، وهو تعد واضح وتغول على الأخلاقيات والسلوكيات، الأعجب أن الفوضى الإعلامية ظاهرها الفوضى المُطلقة، إلا أن باطنها الفوضى المنظمة المُخططة.

وتداول ناشطون وثيقة قالوا إن “علاء” نجل مبارك سربها إلى الإعلام، وتظهر تعرض رئيس تحرير صحيفة “اليوم السابع”، المقربة من سلطات الانقلاب، “خالد صلاح” إلى الاغتصاب، خلال احتجازه داخل قسم شرطة، قبل سنوات.

من جهته يقول الإعلامي سامي كمال الدين: “أعرف خالد صلاح جيدًا.. كان صديقي.. شاركت معه في تأسيس اليوم السابع عملنا معًا في الأهرام صحفي يمتلك أدواته.. ذكي”.

ويضيف: “كلب أي سلطة تمنحه وجوده وماله.. خاضت اليوم السابع في عرضي طوال 6 سنوات لكن المحضر الذي سربه علاء مبارك تدليس، ولو تم فهو جريمة قام بها نظام مبارك في السجن.. خالد مش شاذ”.

فخ العسكر

من جهته رفض الكاتب الصحفي وائل قنديل، أن ينجرف السياسيون والنشطاء المدافعون عن الشرعية وثورة يناير إلى فخ نصبه العسكر، مستنكرا التفاعل الواسع مع المعركة البذيئة المشتعلة على مواقع التواصل الاجتماعي بين ابن مبارك وأحد أذرع السفيه السيسي.

وقال قنديل: “الأفدح من ذلك كله أن يهبط فريقٌ محسوب على الثورة ومقاومة الانقلاب إلى هذا المستنقع العفن، ويستخرج جيفًا ليقيم عليها حفلات شواء، ويدعو الجمهور إلى تناولها، وهو يحسب أنه يحسن صنعًا، ويدعم قضية الثورة والمعارضة، استثمارًا في فضائح الخصوم، المصنوعة بدهاء، والمطروحة في الأسواق للاستهلاك.”

وتابع: “لم يتوقف أحد عند فرضية أن ما يتعاطى معه باعتباره وثيقة إدانة للخصم، قد يكون فخًا منصوبًا بمهارة للتوريط في فضيحة مهنية لا تقل كارثيةً عن فضائح حرب الوثائق مجهولة المصدر، الآتية من حضيض الانحطاط الإنساني، والتي لا يمكن لصاحب عقل أو ضمير أن يستقبلها باعتبارها حقيقية.. كما لم ينتبه أحد إلى أن السباحة في المستنقعات ليست عملًا ثوريًا، أو معركة تخص الثورة أو تفيد المعارضة”.

وشدد قنديل قائلا: “مرة أخرى: نقاء الغاية يستدعي نظافة الوسيلة، ولا يمكن لقضيةٍ محترمة أن تنتصر بأسلحة غير نظيفة، حتى لو كان الخصوم موغلين في استخدام أحط الوسائل، وأقذر الأسلحة وأفتكها. لا توجد ثورة تنتظر ما يتساقط من لحوم خصومها وهم يفترسون بعضهم بعضًا لتتغذّى عليه، فالثورات لا تأكل الموقوذة والمتردّية والنطيحة”.

تشتيت الانتباه

إعلام الانقلاب ينهال على المصريين كل يوم بمواضيع تثير جدلًا ولا هدف منها سوى تشتيت الانتباه وخلق أزمات خلافية تلغي العقل وتذوّبه وتظل تلك الحكايات محور النقاشات لأيام وأحيانًا لأسابيع ينسى الناس فيها الفقر والبطالة وغلاء المعيشة والتنمية والتشغيل وتردي حال التعليم والصحة والقمع والقتل.

العُصفورة يتم إعادة إنتاجها يوميًّا بشكل مختلف آلاف المرات؛ ربما اعتمادًا أصيلا على أن الشعب المصري “نسّاي”، من يُدير هذا السيرك العجيب؟! من يرعاه؟! من يرفع هذا ليتصدر “التريند”، ليس مهما استعراض نماذج للأحداث والوقائع, فقط يمكننا أن نعدد كم أزمة خلقت وكم فتنة زُرعت وكم شخصية اتُهمت وكم إجراءات وقوانين وقرارات مررت.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...