قدّرها بـ«32.5%».. «المركزي للإحصاء» يتلاعب بالأرقام لتقليل نسبة الفقر

في محاولة لتقليل نسبة الفقر في مصر، قدَّر “الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء”، وهو هيئة رسمية تابعة لحكومة الانقلاب، نسبة الفقر في مصر بـ«32,5%» خلال العام المالي 2017/2018م، مقابل 27.8% في عام 2015/2016م، فضلا عن ارتفاع نسبة  المواطنين القابعين تحت خط الفقر إلى 6.2 في المائة مقابل 5.3 في المائة، بما يمثل أكثر من 6 ملايين مصري.

وفي سياق التلاعب بالأرقام، قال رئيس الجهاز اللواء خيرت بركات، في مؤتمر صحفي، أمس الاثنين، للإعلان عن نتائج بحث الدخل والإنفاق عن العام المالي 2017-2018: إن متوسط الإنفاق الكلي للأسرة ارتفع من 36 ألف جنيه إلى 51 ألف جنيه سنويا، علاوة على ارتفاع متوسط الدخل السنوي من 44 ألف جنيه إلى 58 ألف جنيه، وكذا قيمة الدعم الغذائي إلى 2000 جنيه مقابل 860 جنيها في عام 2015.

ويأتي إعلان المركزي للإحصاء، في أعقاب ما أثير من جدل بشأن إعلان البنك الدولي في مايو 2019، عن ارتفاع نسبة الفقر المدقع على مستوى العالم باستخدام مؤشر خط الفقر الدولي، وهو 1.9 دولار للفرد في اليوم. وبحسب البنك الدولي فإن 30% من المصريين تحت خط الفقر، وأن 60% إما فقراء أو عرضة له. وذلك في سياق تقرير البنك حول قرار تمديد استراتيجيته الحالية في مصر لمدة عامين لتنتهي في 2021 بدلا من 2019.

وقال البنك تحديدا، إنه “وعلى الرغم مما تحقق من نتائج مهمة في المجالات الثلاثة السابق ذكرها، لا تزال هناك ثغرات، وهناك حاجة إلى بذل مزيد من الجهود لتسريع الاحتواء الاقتصادي واستيعاب القوى العاملة المتنامية. فحوالي 60% من سكان مصر إما فقراء أو عرضة للفقر، كما أن عدم المساواة آخذ في الازدياد”. وأضاف البنك أن “معدل الفقر الوطني اقترب من 30% عام 2015، ارتفاعًا من 24.3% عام 2010 كما ورد في إطار الشراكة. وهناك تباينات جغرافية مذهلة في معدلات الفقر، إذ تتراوح من 7% في محافظة بورسعيد إلى 66% في بعض محافظات الصعيد. علاوة على ذلك، أثرت الإصلاحات الاقتصادية على الطبقة الوسطى، التي تواجه ارتفاع بعض تكاليف المعيشة نتيجة للإصلاحات”.

لكن الأرقام التي أعلنها البنك، قوبلت بالتشكيك وقتها من رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة الإحصاء اللواء خيرت بركات، الذي زعم أن الأرقام التي أعلنها البنك الدولي غير دقيقة، موضحا أن الدولة هي الجهة الوحيدة التي تمتلك البيانات الدقيقة حول ظروف المعيشية ومستوى الدخول في مصر، دون غيرها من المؤسسات الأخرى.

وعلى الرغم من أن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء يجري بحوث الإنفاق والدخل مرة كل عامين، فإن آخر رقم معلن كان في يوليو 2016، ووصلت نسبة الفقر إلى 27.8% من السكان، قبل الإعلان أمس أنها ارتفعت إلى “32.5%”.

تدخل جهات سيادية

وكانت سلطات الانقلاب قد أصرت على تأجيل إعلان المركزي للإحصاء بياناته حول المؤشرات النهائية لبحوث الإنفاق والدخل رغم الانتهاء منها منذ أكثر من 6 شهور، بسبب اعتراض جهات سيادية على النتائج التي تكشف ارتفاع نسبة الفقر، بدعوى أنها تتعارض مع “الإنجازات التى قامت بها الدولة خلال العامين الماضيين”، وذلك وفق ما كشفته صحيفة البورصة الاقتصادية في مايو الماضي.

وكانت صحيفة “البورصة” المحلية قد أكدت أن الحكومة المصرية قامت بتأجيل إعلان مؤشرات بحوث الإنفاق والدخل، الذي كان من المفترض الإفصاح عنه في فبراير الماضي، لارتفاع معدل الفقر. وقالت مصادر ذات صلة للصحيفة، إنه تم الانتهاء من مراجعة وتدقيق المؤشرات النهائية لبحوث الإنفاق والدخل منذ شهرين، إلا أن ارتفاع معدل الفقر أدى إلى اعتراض “جهات عليا” على النتائج لتعارضها مع “الإنجازات التي قامت بها الدولة خلال العامين الماضيين”. وأضافت المصادر أنه طلب من القائمين على البحث مراجعة النتائج مجددا قبل إعلانها حتى تتوافق مع تلك “الإنجازات”.

البنك الدولي: «60%» نسبة الفقر بمصر

وبعيدا عن التشكيك الرسمي في أرقام البنك الدولي،، يرى د. أحمد ذكر الله، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر وخبير دراسات الجدوى، أن هذا الرقم يمثل خطورة كبيرة على المجتمع المصري، وأخلاقياته وتماسكه. وقال في تصريحات صحفية: إنه “من المعروف أن تقدير خط الفقر كان للدلالة على الدخل الذي يكفي الإنسان للحصول على مقدار من السعرات الحرارية يحافظ على كفاءة أجهزة جسمه وأعضائه الحيوية”. مضيفا “بذلك فإن ستين مليون مصري الآن- وطبقا لتقدير البنك الدولي- ليس لديهم من الدخل ما يكفي للحصول على غذاء يحفظ أجسامهم بكفاءة وحيوية، وهم عرضة لأمراض نقص الغذاء، وعلى رأسها مرض التقزم الناتج عن سوء التغذية “.

ووفق منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، فإن مصر تعاني من مشكلة مزمنة في سوء التغذية لدى الأطفال دون الخامسة، مما أصاب 30% من الأطفال بمرض التقزم.

أما الخبير الاقتصادي د. عبد النبي عبد المطلب، فيرى أن 60% من الشعب المصري فعلا فقراء، مشيرا إلى أن النتيجة التي توصل إليها البنك الدولي سليمة بكل المقاييس العلمية.

ويبرهن عبد المطلب على ذلك بالقول: إنه “إذا نحيت من المعادلة 20 مليون مواطن مصري يحصلون على 80% من الناتج المصري، سيكون هناك 80 مليون مواطن مصري يحصلون على 20% من الناتج المصري، وإذا حذفت منهم 20 مليون شخص يحصلون على 10% من الناتج ستكون النتيجة أن 60 مليون مصري يحصلون على نحو 10% من الناتج المصري”.

ويضيف عبد المطلب أن “الناتج المصري يبلغ نحو 4 تريليونات جنيه، أي حوالي 240 مليار دولار، وتكون نسبة الـ60 مليون مواطن هي 24 مليار دولار، وبذلك يكون متوسط دخل الفرد حوالي 400 دولار في العام، وبذلك فإن متوسط دخل الفرد يوميا سيكون 1.1 دولار يوميا”، مؤكدا أن ما خلص إليه البنك الدولي في مجمله صحيح علميًّا.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...