الصمت على وفاة الرئيس مرسي يكشف أكذوبة “الغرب الديمقراطي والإنساني”

علي حسين باكير: المعايير المزدوجة ليست جديدة في تعامل الغرب مع المنطقة.. وصمته يوفر دعما وغطاء لممارسات النظام المصري الوحشية 
عمار قحف: الموقف الدولي سلبي ومتواطئ مع الأنظمة بحجة الاستقرار.. ويمثل عارا على جبين الإنسانية
جاهد طوز: الدول الغربية تتصرف وفق مصالحها مع الحاكم ولم تكن سعيدة بحكم مرسي.. والغرب شريك في جرائم السيسي
نبيل البكيري: الصمت الغربي هو استمرار لانكشاف أكذوبة الغرب الديمقراطي والإنساني ويكشف رضا الغرب بمآل الأوضاع في المنطقة كلها إلى المصير ذاته

شكل الصمت الرسمي الدولي، وخاصة الغربي، على وفاة الدكتور محمد مرسي (67 عاما)، أول رئيس مدني مصري منتخب ديمقراطيا، أثناء محاكمته الإثنين، صدمة شعبية كبيرة.

ذلك الصمت دفع خبراء عرب وأتراك، في أحاديث مع الأناضول، إلى القول إنه يكشف “أكذوبة الغرب الديمقراطي الإنساني”، ويوفر “غطاء وضوءا أخضر” للنظام الحاكم في مصر، بل يعبر عن “شراكة في جرائمه”.

وأعلن التلفزيون الرسمي المصري وفاة مرسي، إثر تعرضه لـ”نوبة إغماء”، أثناء محاكمته، في قضية “التخابر مع حماس”.

واتهمت منظمتا “العفو الدولية” و”هيومن رايتس واتش”، الحقوقيتان الدوليتان، الحكومة المصرية بعدم توفير الرعاية الصحية الكافية لمرسي؛ ما أدى إلى وفاته.

واعتبرت القاهرة أن تلك الاتهامات “لا تستند إلى أي دليل”، و”قائمة على أكاذيب ودوافع سياسية”.

وباستثناء تعازٍ رسمية محدودة، أبرزها من تركيا وقطر وماليزيا والمالديف والأمم المتحدة، لم يصدر عن المستوي الرسمي مصريا وعربيا ودوليا ردود أفعال على وفاة مرسي، الذي تولى رئاسة مصر في 2012، وأُطيح به في العام التالي.

الصمت الرسمي على وفاة مرسي كان لافتا للأنظار، تماما كالصمت الذي رافق إعدام قرابة 50 معتقلا مصريا، في محاكمات يعتبرها منتقدون “تعسفية”.

** ضوء أخضر

الكاتب اللبناني، علي حسين باكير قال: “أن يموت أول رئيس منتخب بطريقة ديمقراطية في تاريخ مصر في سجون حكم الانقلاب العسكري، دون رد فعل من الدول الغربية، لهو أمر مشين وعار على جبين الإنسانية”.

وأضاف باكير للأناضول: “بغض النظر عن الموقف الأيديولوجي، الذي أبداه البعض ضد الرئيس الراحل مرسي، فإن دفعه إلى الموت بشكل حذّرت منه مسبقا مؤسسات حقوقية معتبرة، لهو مؤشّر إضافي خطير على طبيعة النظام الحاكم في مصر، وإلى أين تتّجه الأمور مستقبلا، وأوروبا ستكون بلا شك أوّل المتضررين”.

واعتبر أن “المعايير المزدوجة ليست جديدة في تعامل الدول الغربية مع المنطقة وشعوبها، فهم يعتقدون أنه من الأسهل عليهم والأفضل لهم، التعامل مع حاكم ديكتاتوري يرتبط بقاؤه في السلطة بمصالحهم هم، على أن تكون شرعيته مستمدة من الشعب، ويمثّل مصالح وطنه وشعبه”.

وتابع: “في هذا السياق، يمكن فهم السياسة الغربية تجاه نظام الانقلابي عبد الفتاح السيسي”.

وكان السيسي وزيرا للدفاع حين تمت الانقلاب على مرسي، ثم تولى الرئاسة عام 2014، وأعيد انتخابه لولاية ثانية في 2018، قبل أن يُعدل الدستور بما يتيح له البقاء في منصبه حتى 2030.

وأردف باكير: “غياب أي رد فعل دولي وغربي معتبر ضد انتهاكات النظام المصري منذ سنوات، لا يعني فقط وجود نيّة لغضّ الطرف عنها، بل يعني أيضا وجود دعم وتغطية لممارسات النظام الوحشية ضد معارضيه”.

وحذر من أن “هذا الموقف سيفهمه نظام السيسي على أنه ضوء أخضر لاستكمال اضطهاد وظلم الناس دون رادعٍ ولا محاسب”.

وزاد بقوله: “وبهذا المعنى، ستكون على المجتمع الدولي والغرب مسؤوليات إزاء مثل هذا الأمر، فالسماح للسيسي بمواصلة سياساته يعني أنّهم سبب من أسباب استمرار الظلم بحق الشريحة الأكبر من الشعب المصري”.

** تواطؤ مع الأنظمة

رئيس مركز عمران للدراسات، الباحث السوري، عمار قحف، قال إن “الموقف الغربي شديد السلبية تجاه وفاة أناس مظلومين ولهم وزنهم في مجتمعاتهم.. كان أضعف الإيمان أن يطالبوا بتحقيق وشفافية وبحقوق العلاج للسجناء”.

وأضاف قحف للأناضول: “الموقف الغربي هو عار على جبين الإنسانية.. لم نسمع مطالبات بالتحقيق وكشف الحقائق، وكان الصوت خافتا على مستوى الدول والمؤسسات العربية والدولية”.

وتابع: “حتى لو كانت هناك اختلافات، فهناك مبادئ قيمية عالية من سيادة القانون وحقوق الإنسان والمحاكمة العلنية”.

وأردف: يتوجب “مقارنة تصرف القضاء المصري مع الرئيس المخلوع حسني مبارك (1981: 2011) ومحاكماته، وتعامل المحكمة مع الرئيس مرسي، فشتان بينهما، وهذا يدل على السياسة الممنهجة من النظام لإهانة وحرق هؤلاء المسؤولين”.

وشدد على أن الموقف الدولي “هو موقف سلبي متواطئ مع الأنظمة، بحجة الاستقرار.. يهدمون القيم التي تدعو إلى العدالة وسيادة القانون، وكان هذا مفاجئا”.

** مصالح الغرب

الكاتب والباحث التركي، جاهد طوز، قال إن “الموقف الدولي هو عار على جبين الإنسانية.. صمت الدول الغربية يدل على أنها لم تكن بجانب شعوب الشرق الأوسط في محاولتها لبلوغ تطلعاتها”.

ورأى طوز للأناضول أن “موقف الغرب ليس مستغربا.. ولم يكن موقفه بالأساس تجاه الانقلابات والأنظمة وفق قيمه ومبادئه، والسبب هو تفضيل المصالح وفق الحاكم الذي يأتي، فإن تصرف لصالحهم، ولو بشكل غير إنساني، فهم يدعمونه، كما يحدث مع خليفة حفتر في ليبيا”.

وأردف أن “مرسي لم يكن متناغما مع الأهواء الغربية، بل كان وطنيا ويرغب بتطوير مصر، ولهذا كان الغرب صامتا إزاء الإنقلاب عليه، ثم وفاته”.

واستطرد: “الغرب لم يتحرك أبدا وفق قيمه الديمقراطية والإنسانية.. تم تحويل تلك القيم إلى نظام خاص بهم، بينما الديمقراطية هي وسيلة فقط للوصول إلى مصالحهم”.

ومضى قائلا: “في القرن الحادي والعشرين تم تنفيذ جرائم تطهير بحق الشعب المصري في الشوارع، وصمت الغرب عن تلك الجرائم يدل على أنهم كانوا غير سعداء بحكم مرسي ويريدون شخصا يتناسب مع سياساتهم مهما كان.. الغرب شريك في جرائم السيسي”.

** أكذوبة الغرب

أما المحلل السياسي اليمني، نبيل البكيري، فرأى أن “صمت الغرب تجاه وفاة مرسي في ظروف اعتقال لا إنسانية، هو استمرار لانكشاف أكذوبة الغرب الديمقراطي والإنساني، التي كشفتها ثورات الربيع العربي (بداية من أواخر 2010 في تونس)”.

وتابع البكيري للأناضول أن “الصمت الغربي هو تعبير ضمني عن رضا الغرب بمآل الأوضاع في المنطقة العربية كلها إلى المصير ذاته، وما موقفهم من مصير مرسي سوى مؤشر حقيقي على أكذوبة حقوق الإنسان التي يرفعها الغرب غطاء لتحقيق مصالحه غير المشروعة”.

وختم بقوله: “ارتُكبت طيلة السنوات الثماني الماضية الكثير من الجرائم ضد الإنسانية في منطقتنا العربية، ما يخبرنا بوضوح بحقيقة الغرب وطبيعة سياساته التي لا علاقة لها بكل ما يرفعها من شعارات براقة عن الديمقراطية وحقوق الإنسان”.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...