قمم مكة.. ماذا يُخفي زعماء الثورة المضادة تحت شعاراتهم المزيفة؟

التقت الأجندتان السعودية والأمريكية في الهدف الأبعد للقمم الثلاث التي عقدت في مكة، فالرياض وحلفاؤها من زعماء الثورات المضادة يرون في صفقة القرن فرصةً لطي ملف القضية الفلسطينية نهائيًّا، والتفرغ لمواجهة “العدو الجديد” المتمثل فى إيران، والاستقواء بالولايات المتحدة في ذلك.

وشهدت مدينة “مكة المكرمة” انعقاد ثلاثة اجتماعات طارئة: الأول للقادة العرب، والثاني للقيادات الإسلامية، والثالث لقيادات أعضاء “مجلس التعاون الخليجي”، وتجاهلت “القمة الإسلامية”، إحدى القمم الثلاث، الأنباء المتواترة عن عزم السلطات في المملكة العربية السعودية إعدام ثلاثة من علماء الأمة، وتوقع مراقبون أن يُطالب بيان القمة الإسلامية بضرورة الإفراج عنهم بعد التثبت من جور اعتقالهم، بل كان من الواجب والضروري أن تفعل القمة ذلك، إلا أنها لم تفعل.

بيزنس ترامب

غير أن حسابات المواجهة هي التي تختلف بين الطرفين، فالمحور السعودي يعوّل على عمل ميداني لا تزال الولايات المتحدة بعيدة جدًا عنه، خصوصًا في ظل مفاهيم “البيزنس” التي تقود خيارات ترامب، وأكثر حلفاء ترامب العرب الذين يعيشون اليوم ظروفا عصيبة، لا تقل عن التي يمرّ بها ساكن البيت الأبيض.

أولهما محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي والحاكم الفعلي في دولة الإمارات، وعراب سياسة ترامب في منطقة الشرق الأوسط، الذي قد تكشف خيوط التحقيق الذي انتهى إليه المحقق الأمريكي “روبرت مولر”، عن الدور الذي لعبه في دعم وصول ترامب إلى البيت الأبيض.

والثاني محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، ورجل السعودية القوي الذي يراهن على استمرار ترامب لتثبيت نفسه ملكًا على السعودية، ونقل الإرث الملكي السعودي من سلالة آل سعود إلى سلالة آل سلمان، فكلا المحمّدين، في الإمارات والسعودية، راهنا ويراهنان على استمرار ترامب في الحكم لتنفيذ خططهما، وإعادة رسم خريطة نفوذهما في المنطقة.

الموت البطيء

وقد كلفهما وصول ترامب إلى البيت الأبيض، وشراء سياسته الداعمة لمخططاتهما مليارات الدولارات، بينما يحتاج جنرال إسرائيل السفيه السيسي إلى وجود رئيس أمريكي أهوج، لا يأبه بقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، لأنه يتغاضى عن جرائمه التي يرتكبها يوميا في مصر ضد معارضيه وعموم شعبه.

ويحتاج الرئيس ترامب إلى ديكتاتور بغيض أجهض أول تجربة ديمقراطية في مصر، ويجيد لعب دور حماية إسرائيل، وحراسة حدودها، وضمان أمنها وسلامتها، ويزكي سياسة الظلم والعدوان والاحتلال التي تمارسها ضد الشعب الفلسطيني، خصوصا سكان غزة الذين يشارك السفيه السيسي إسرائيل في حصارهم وتجويعهم ودفعهم إلى الموت البطيء.

وتأتي كل أنظمة الثورات المضادة التي اجتمعت في مكة, وارتفع رصيدها في ظل حكم إدارة ترامب التي صمتت عن انتهاكات حقوق الإنسان في أكثر من دولة عربية، وعن القمع الممارس ضد المعارضين، والأصوات الحرة في العواصم العربية، وعن القتل البطيء الذي تتعرّض له الصحافة الحرّة والتعدّدية السياسية والتجارب الديمقراطية الهشّة في أكثر من بلد عربي.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...