بعد إطلاق سراح رموز معارضة.. هل يسعى السيسي لتبريد الصراع منعا للانفجار؟

أثار قرار النائب العام المفاجئ بالإفراج عن 5 من الرموز الوطنية اليسارية ممن دعموا انقلاب السيسي ثم انقلبوا عليه، وهم معصوم مرزوق ويحيى القزاز، ورائد سلامة، وَعَبَد الفتاح البنا، ونرمين حسين، بعد حبس دام عشرة أشهر، تساؤلات عديدة حول دلالات القرار ولماذا الآن.

إطلاق هذه الرموز ليس تفضلا من جانب سلطة الانقلاب، فالاتهامات ضدهم وضد قادة وأنصار الإخوان وكل المعارضين ملفقة وتصدر بالهاتف لوكلاء النيابة، وليس معنى إصدار ظالم أحكاما أو قرارات باعتقال مظلومين دليلا على رحمته، بقدر ما هي اعتراف وإدانة للقاتل الظالم بأن قرارات اعتقال وإعدام وتعذيب أي معارضين ملفقة ومبنية على باطل.

بعبارة أخرى لا يعني هذا رأفة أو رحمة من القتلة الانقلابيين الذين يغتصبون السلطة بقدر ما يعني ذلك أن هؤلاء اعتقلوا ظلما دون ارتكاب أي جريمة يعاقب عليها القانون، وأن من يجب أن يُحاكم هم رموز سلطة الانقلاب ومن يدعمهم من قضاة ونيابة الانقلاب.

مأزق حقيقي

منذ انتقال السيسي إلى اعتقال مؤيديه ممن دعموا انقلابه من التيارات اليسارية والليبرالية ممن تصوروا وانخدعوا بأنه سيسلمهم السلطة ولا أطماع له ولا للعسكر فيها، وهناك اعتراف لدى مؤيدي السيسي بأن نظام الانقلاب يعيش مأزقا حقيقيا بعدما أصبح يعادي ويخاصم كافة القوى السياسية المصرية ويعتقلهم، وكذلك الشعب بقرارات الغلاء، وأنه لا يمكن لأي سلطة في العالم أن تستمر على هذا المنوال أو تنعم باي استقرار لحكمها الغاصب.

ويبدو أنه صدرت تعليمات ونصائح للسيسي بناء على تقارير مخابراتية بتبريد الصراع مع القوى اليسارية والليبرالية والانفتاح على من دعموا الانقلاب ثم طالتهم يد البطش لممارسته قدرا من النقد، لتبييض وتنظيف وجه السيسي لديهم وإعادة توحيد السلطة والقوى الداعمة لانقلاب 3 يوليه ليظلوا يدا واحدة ضد الإخوان ولمحاولة تفادي وإجهاض ما يثار عن توحيد صفوف المعارضة.

من هنا جاء قرار إطلاق سراح معتقلين ضمن 560 صدر قرار إداري بإطلاقهم في رمضان خاصة فتيات دمياط وبعض طلاب الجامعات الذين قضوا ما بين 3 و5 سنوات في السجون كمحاولة لتبييض وجه سلطة الانقلاب خاصة بعد الهجوم الشرس الذي قوبل به السيسي في أمريكا في زيارته الأخيرة واتهامه أنه يحول مصر إلى مفرخة لمؤيدي داعش بقيامه بتعذيب وحشي للمعارضين وغلق أبواب حرية التعبير، والنصائح التي وجهت له بتخفيف لقبضة الحديدية للنظام.

ومن هنا أيضا جاء تأكيد خبر إخلاء سبيل للسفير معصوم مرزوق والدكاترة رائد سلامة، ويحيى القزاز، وَعَبَد الفتاح البنا، ونرمين حسين، وهي قرارت كان يتحدث عنها – للمفارقة – أمريكيون من أصول مصرية اعضاء في حزب ترامب على مواقع التواصل قبل أن تصدر القرارات في مصر!

صحف الانقلاب

وجاء نشر الخبر في كل صحف الانقلاب مؤكدا ومعبرا عن هذا أيضا!! فقد نشرت الصحف الخبر في البداية نقلا عن “مصادر” وقالت إن اطلاقهم في سياق حل إشكالية معارضتهم للنظام وإظهار أن السلطة لا تعادي المعارضين أمام العالم وأنه تم التنسيق بين الشرطة والنيابة لإلغاء الاتهامات الموجهة لهم (الانضمام لتنظيم) !!

ويبدو أن هذا ما وصلهم من ضابط الاتصال بالصحف كتعليمات، ولكنهم نشروه كخبر وهو ما وقعت فيه الوطن واليوم السابع خصوصا، ولاحقا حذفوا جميعا الخبر وكتبوا خبرا موحدا عن إطلاق النيابة سراحهم بالفعل!

وكانت صحيفة الدستور أول من نشر الخبر ثم حذفه ثم أعادته وجاء نصه بعنوان: (مصادر: الإفراج عن معصوم مرزوق والقزاز وآخرين) وجاء على النحو التالي “وقال مصدر أمني مسئول، إن هذا القرار يأتي استجابة لمناشدات حقوقية ومطالبات مختلفة واستغاثات أسرية، طالبت بإخلاء سبيل المتهمين، وبعد التنسيق المشترك بين أجهزة الأمن والنيابة العامة بالقضية، حيث برأت المتهمين من التهم المنسوبة إليهم”.

وتابعت الصحف: “وأضاف المصدر أن إخلاء سبيل هؤلاء المتهمين يعتبر خطوة هامة في سبيل تحقيق العدالة الجادة، وعدم الاعتداد بأي تحريات مكتبية أو باطلة دون التحقق منها”!! وهو ما يعد اعترافا رسميا بتلفيق الاتهامات للمعتقلين!!.

وأضاف الخبر: “وفي السياق ذاته، قال مصدر سياسي آخر، إن قرار الإفراج عن المتهمين، له بالغ الأثر في صفوف المعارضة والنشطاء السياسيين وسيحرك الآفاق بشأن النظر مجددًا إلى ما يثار من اتهامات للحكومة بشأن موقفها من المختلفين معها سياسيًا”!!

لهذا بدأت سلطة الانقلاب تروج لأن الإفراج عن معصوم مرزوق ورفاقه “يسقط وهم اضطهاد الحكومة للمختلفين سياسيا معها”، حسبما قال موقع الهلال أون لاين!.

دلالات الإفراجات

لماذا يصدر قائد الانقلاب قرارا إداريا بإطلاق سراح معتقلين وقتلة من الشرطة باسم العفو، ويجري توجيه النيابة لإطلاق سراح يساريين وإلغاء التهم الموجهة لهم.

هنا يمكن رصد الدلالات التالية:

1- الحديث علنا في الصحف عن “تظبيط الامور” بين الشرطة والنيابة بحيث يتم إلغاء الاتهامات التي وجهت لهم وتصل عقوبتها لحد السجن المؤبد، هي اعتراف رسمي من سلطة الانقلاب أن النيابة تلفق القضايا وتسير وفق ما يصلها من تعليمات بالهاتف.

2- الأمر لا يتعلق بانفتاح السلطة وتخفيف القبضة الأمنية الوحشية وإلا ما قتل الانقلاب 73 مصريا في شهر رمضان فقط حتى الآن في جرائم بشعة بدعاوى أنهم إرهابيون ولأطلق رموزا وطنية وقضاة كل جريمتهم هي رفضهم للانقلاب مثل القاضي محمود الخضيري أو رؤساء أحزاب وصحفيين معتقلين برغم أن بقاءهم في المعتقل شهادة نزاهة لهم ولا شرف في قرار للسيسي بإطلاق سراحهم وهم أصلا ابرياء، وبالتالي فما يحدث هو مجرد محاولة للمصالحة مع بعض من دعموا الانقلاب وطالهم أذاه إملاء في استعادة التعاون سويا ضد الإخوان والإسلاميين وإجهاض مساعي المصالحة ولم الشمل وتوحيد قوى المعارضة ضد سلطة الانقلاب.

اتهامات ملفقة

3- توجيه تهم لهؤلاء الذين تم إطلاق سراحهم تصل الي السجن المؤبد ثم إعلان أنه تم الاتفاق مع النيابة على إلغاء هذه التهم هو أبرز دليل على انعدام العدالة وأن النيابة أداة في يد الانقلاب وظيفتها تكييف الاتهامات الباطلة وإعطاؤها شكلا قانونيا شرعيا يبرر الاحكام الباطلة وهي جريمة تبين كيف تدار الدولة من قبل عصابة لإدانة أصحاب الحق وكيف يقبع الآلاف في السجون بموجب اتهامات باطلة ملفقة.

4- ما حدث يكشف عن الطريقة المهينة التي يتم التعامل بها مع المؤسسات القضائية التي أفسدها الانقلاب بتوجييها باعتقال المعارضين ورافضي الانقلاب دون سند من قانون ثم إطلاق البعض في ظل غياب القانون بصورة كاملة.

5- إخلاء سبيل المحبوسين ليس منة من الانقلاب ولكنه وضع طبيعي لوضع كارثي نال من حقوقهم وحريتهم وسلامتهم النفسية، يستوجب اعتذار سلطة الانقلاب وتعويضهم، والافراج عن باقي الضحايا المتضررين من تلك الانتهاكات، وممارسات السلطة للحبس والاحتجاز بالمخالفة لقواعد القانون الدولي لحقوق الانسان، وتبييض وتنظيف سمعته بدعاوى إطلاق سراح معتقلين لا يمحو انه يعتقل 60 ألف معتقل ويقتل شهريا ما بين 50 إلى  70 مختفيا قسريا.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...