تفجير ناقلات النفط في الإمارات.. فتش عن “الطرف الثالث” لإشعال الحرب في الخليج

العديد من المؤامرات والاعتداءات وعمليات زعزعة الامن حدثت عقب ثورة يناير 2011، دون معرفة من يقف وراءها وكان دائما ما يوصف الفاعل بأنه “الطرف الثالث”، وعقب انقلاب 3 يوليه 2013 عرف المصريون من هو الطرف الثالث، وهو السيسي ومخابراته الحربية، وحكام الإمارات الذين كانوا يدعمونه لتخريب الثورة وإنجاح الانقلاب.

الأمر نفسه ينطبق على ما يجري حاليا في الخليج، وتعرض 4 سفن وناقلات نفط قرب ميناء الفجيرة الإماراتي لتخريب لم يتم الكشف عنه، وتوجيه حكام الإمارات اصابع الاتهام لإيران بغرض تسريع الحرب بين طهران وواشنطن؛ أملا في اضعاف إيران ودون إدراك أن هذه العمليات تخريبية في هذا التوقيت الحرج تحمل الكثير من الرسائل، بينها أن أمن الخليج العربي أمام التحديات الراهنة هش للغاية، وأن ما حدث قد يكون مقدمة لمزيد من القلاقل خاصة مع التصعيد الأمريكي الإيراني.

صحيح أن هناك احتمالات مختلفة لمن يقف وراء ما جري، وأنها ربما تمت بوسطة الحوثيين التابعين لإيران كرسالة للإمارات أن دورها السياسي التخريبي في اليمن والعالم العربي سيرتد عليها، أو أن يكون العمل التخريبي من فعل أجهزة استخبارات اجنبية لمزيد من حلب ترامب لأموال دول الخليج بدعاوى الحماية، ولكن يبقي دور الطرف الثالث الإماراتي في الخلفية بحكم أدوار قذرة سابقة قاموا بها.

فالأزمة بين إيران وأمريكا، ورغم أجواء الشحن والحشد العسكري، روتينية وقد لا تنتهي بحرب؛ لأنه لا ترامب ولا طهران يريدان الحرب والأمر ليس أكثر من حرب بلا دم للابتزاز، والرضوخ، لهذا تسعي أطراف خارجية لإشعال فتيل وشرارة الحرب، وليس أفضل من تخريب عدة سفن لنقل النفط، لدفع الغرب لمحاربة إيران.

ورئيس لجنة الأمن القومي الإيراني قال إن أمريكا وإيران قادرتان على إدارة الأزمة “لكن بإمكان طرف ثالث خلط الأوراق أمنيا”، وأدان انفجارات الفجيرة وطالب بتحديد هوية من يقفون وراء هذا الفعل التخريبي.

ألغاز في ألغاز

قيل إن تفجيرات الفجيرة ضربة تحت الحزام وجهتها إيران للإمارات، فالإعلان عنها كان عبر قناة الميادين الممولة إيرانيا، وسبقها إعلان الحوثيين غير مرة عن ضرب الإمارات بصواريخ بالستية وطائرات مسيرة لكن هذه المرة لم يصدر حتى الآن تبنٍ رسمي للهجمات وبدت الهجمات نفسها كألغاز.

فبيان خارجية الإمارات عن “التخريب” يطرح أسئلة أكثر مما يقدم إجابات: ما هو “العمل التخريبي” (طائرة مسيرة؟ صاروخ بالستي؟ لغم بحري؟ هجوم انتحاري؟ ..) ومن المتهم؟ وأين صور التفجير الذي وقع “في المياه الاقتصادية لدولة الامارات” بالقرب من الفجيرة؟ ما هي المياه الاقتصادية؟

والفاينتشال تايمز تحدثت عن “قلق” في الأوساط التجارية بسبب التفجيرات، ويبدو هذا هاجس السلطات في الإمارات ولذا لم تصف التفجيرات بالعمل الإرهابي أو العدوان واكتفت بـ “عمل تخريبي” وهي كبالع الموس إن صعدت هددت اقتصادها وأن صمتت كُسرت سياسيا، ولذا الارتباك سيبقى سيد الموقف.

مَن خرب السفن؟

المثير حقا أنه حتى الآن لا مؤشرات على أن السفن تعرضت لهجوم عسكري، ولا أحد يعلم ما جري باستثناء قول وزير النفط السعودي أن ناقلتين سعوديتين تعرضتا لأضرار في بدنها ما يشير لتفجير ما او انفجار ضخم وليس عاديا، برغم أنه لم يحدث إطلاق نار ولا ضحايا في السفن.

ولكن المرجح حدوث انفجارات داخل السفن عبر إدخال متفجرات إلى السفن المستهدفة وفق خطة مدروسة على الأرجح، فمن لديه القدرة على فعل هذا في منطقة تابعة للإمارات ومحصنة بشكل كاف؟!

هل الغرض توريط إيران، في ظل حرص واشنطن وطهران على عدم وقوع مواجهة عسكرية بينهما؟

مراقبون قالوا إن الإمارات تدفع كلفة سلوكها بالمنطقة، حيث إنها ضالعة في كثير من الملفات مثل حصار إيران والحرب في اليمن وليبيا، فضلا عن دورها في إجهاض الثورات، وإنه ليس من المستغرب بالتالي أن تتضرر الإمارات من سلوكها، وأن تفكر جهات في إيذائها في عقر دارها.

ولكن لو كانت إيران هي المتهمة لماذا لا تسارع الامارات وتتهمها علنا وتكتفي بالحديث الغامض (على طريقة الطرف الثالث) عن تخريب دون أن تعلن ما هو ولا كيف تم ولا من المتهم وتطالب العالم بالتدخل لرد من يفعل ذلك وكأنها تقول اضربوا إيران بشكل غير مباشر!.

لماذا لا تكون التفجيرات مفتعلة لتحريض أميركا أكثر على إيران، أو من فعل جهات قريبة من إيران أو قريبة من التنظيمات الجهادية على غرار القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية؟ هل أرادت أذرع إيرانية (الحوثيون مثلا) توجيه رسالة مفادها أن الإمارات ليست بعيدة عن الفوضى.

وهل الولايات المتحدة متورطة لاستثمار هذه القضية عن طريق مخربين، في إطار التصعيد مع إيران، أو لكي تدفع الإمارات لاتهام إيران، ومن ثم تكون بداية لتحول استراتيجي وخطير في المنطقة، والاهم لمزيد من حلب ترامب لدول المنطقة؟!

فالرئيس المريكي دونالد ترامب يبحث عن مكاسب انتخابية أو سياسية، ومن المستبعد أن تقدم أمريكا على توجيه ضربة جوية لإيران، لذلك يبقي الابتزاز المالي الذي تجيده إدارة رجل الاعمال ترامب.

فترامب يريد إعادة التفاوض على الاتفاق النووي مع إيران ولكن بتفاوض تحت تهديد السلاح وأمام حاملات الطائرات وفي ظل قاذفات B52، والا يشمل الاتفاق فقط قدرات إيران النووية، ولكن أيضا انسحاب قواتها من سوريا وربما تقليم أظافرها في العراق ولبنان وبلدان أخرى، وترتيبات بشأن بيع نفطها لبلدان بعينها ومطالب أخرى.

إيران تعرف أن واشنطن تحتاجها كفزاعة للخليج، لكن أيضا لا تريد لها أن تتجاوز المساحة المسموح بها.

والإيرانيون سياسيون براجماتيون، وغالبا سيصلون لاتفاق سواء بعد مفاوضات دبلوماسية صعبة، أو حتى مفاوضات عسكرية تشمل ضربات محدودة او عمليات تخريبية هنا أو هناك، لكن غالبا لن تتطور الأمور نحو ضربة أمريكية واسعة، والامور خاضعة للمساومة واللعب علي رقعة شطرنج الخليج والنفط، فهل تخريب الناقلات جزء من هذه اللعبة؟ وهل فعلها الطرف الثالث (حكام الإمارات) كعادتهم للحصول على مكاسب سياسية وهم لا يدرون أنه لو اشتعلت حرب فلن تكون بعيده عن مصالحهم وأراضيهم؟

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...