نذُر الحرب يخيم على الخليج.. ارتفاع مؤشرات الصدام بين أمريكا وإيران

رغم التصريحات المتبادلة التي توحي بعدم الانزلاق نحو مواجهة شاملة في الخليج بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، فإن مؤشرات التصعيد ترتفع منذرة بصدام عسكري وشيك، فأمركا وعلى الرغم من تهديداتها وحراكها العسكري، تبدي استعدادها للتفاوض، فيما يبدو الإيرانيون مقتنعين بأن إدارة دونالد ترامب لن تُقدم على شنّ أي حرب عليهم، في هذا التوقيت.

وكان ترامب كان قد أكد انفتاحه على الحوار مع طهران، قائلاً: “أريدهم أن يتصلوا بي… نحن مستعدون للحوار”، مضيفًا: “لا نريد أن يحصلوا على السلاح النووي، لا نطلب الكثير”، مضيفا في تصريحات صحافية أخرى أن الإيرانيين “أظهروا تهديدًا كبيرًا: “لدينا معلومات قد لا تتصورونها” من دون أن يوضح ماهية هذه المعلومات، فهو لم يستبعد إمكان اندلاع مواجهة عسكرية بين واشنطن وطهران، لكنه أضاف: “آمل ألا يحصل ذلك”.

ويتخوّف بعض منتقدي ترامب في الداخل من أن يكون البيت الأبيض يتعمد استفزاز إيران، وعلى الرغم من أن عمليات نشر حاملة الطائرات والقاذفات كان مسعىً من الجيش، فإن الإعلان نفسه جاء في بيان لمستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، الذي يؤيد استخدام سياسات صارمة مع إيران، وقال السيناتور الديمقراطي تيم كين، إنه يخشى “من أن إدارة ترامب تقودنا نحو حرب غير ضرورية”.

مؤشرات الصدام

وتتصاعد مؤشرات الصدام العسكري بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران في ظل ارتفاع حدة التوتر بين الطرفين بعد قرارات البيت الأبيض بنشر مزيد من الأسلحة في المنطقة، وبحسب خبراء ومحللين فإن وثمة 3 مؤشرات على قرب الصدام بين الطرفين:

أولا: تواصل الولايات المتحدة تعزيز وجودها العسكري في المنطقة؛ حيث أعلنت القيادة المركزية الأمريكية أن قاذفات “بي-52” التي أرسلتها إلى الشرق الأوسط وصلت بالفعل إلى قاعدة “العديد” الأمريكية في قطر. وشوهدت طائرتان في صورة التقطها أحد أفراد القوات الجوية الأميركية في قاعدة “العديد” ونشرها على موقع القيادة المركزية على الإنترنت، كما تم الإعلان عن نشر مزيد من بطاريات باتريوت بالمنطقة.

ثانيا: كانت حاملة الطائرات “أبراهام لنكولن” عبرت الخميس قناة السويس، فيما أفيد في وقت سابق أنها تتوجه إلى منطقة الخليج. بالتوازي مع ذلك، قال القائد المشرف على القوات البحرية الأمريكية في الشرق الأوسط، نائب الأميرال جيم مالوي، “إذا احتجت إلى جعل حاملة الطائرات (أبراهام لنكولن) تمر من مضيق هرمز، فسأفعل ذلك.. لست مقيدًا بأي حال ولا تواجهني صعوبة بأي شكل من الأشكال لتشغيلها في أي مكان بالشرق الأوسط”، ومع انتقال هذه الحاملة إلى البحر الأحمر الخميس، باتت تحت قيادة مالوي، قائد الأسطول الأمريكي الخامس المتمركز في البحرين.

ثالثا: تصريحات قائد الأسطول الخامس لرويترز؛ حيث قال إن المعلومات الاستخباراتية الأمريكية حول تهديد إيراني، مرتبطة “بنشاط حقيقي رصدناه”، مشددا على أن القوات الأميركية في حالة تأهب شديد، ورغم أنه أكد أن الجيش الأمريكي لا يسعى أو يعدّ لحرب مع إيران، إلا أنه أضاف “لست في وضع التخطيط لحرب ولم توكل إليّ مهمة القيام بذلك، لكننا جاهزون تمامًا للرد على أي عدوان ضد الولايات المتحدة أو الشركاء في المنطقة أو مصالحنا”.

وبحسب “رويترز”، يقول مسؤولون أمريكيون طلبوا عدم ذكر أسمائهم، إن إحدى المعلومات الاستخباراتية أشارت إلى أن إيران نقلت صواريخ على زوارق، وأشار المسئولون أيضًا إلى مخاوف متزايدة من خطر فصائل مسلحة في العراق تدعمها إيران.

تشدد إيراني

على الجانب الآخر، تبدي الحكومة الإيرانية تشددا ورفضا لأي حوار مع الإدارة الأميركية. وقال نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني يدالله جواني، في تصريحات له أمس، على أن إيران “لن تجري أي مفاوضات مع الأميركيين”، مؤكداً أن بلاده “تشهد اليوم إجماعاً ووحدة وطنية منقطعة النظير، لمواصلة الصمود الاستراتيجي”.

وعلّق جواني على إرسال واشنطن حاملة الطائرات “أبراهام لنكولن” ووحدة من القاذفات الأميركية إلى المنطقة، قائلاً إن الأمريكيين “لن يجرأوا على القيام بأي عمل عسكري ضد إيران”، مضيفًا: “يتصورون أنه إذا ما تبنّوا لغة عسكرية، فإن الشعب الإيراني والجمهورية الإسلامية سيرضخان للتفاوض”.

وأضاف أن “الأمريكيين يعانون من ارتباك وتخبّط، وهم منزعجون جدًا، وحشدوا كل طاقاتهم لهزيمة مقاومة الشعب الإيراني طيلة 40 عامًا، عبر جرّ الجمهورية الإسلامية إلى التفاوض”.

ويأتي الموقف الإيراني تماشيًا مع حظر أي تفاوض مع الولايات المتحدة، كان قد أعلنه المرشد الإيراني علي خامنئي، في أغسطس 2018، قائلاً: “أعلن حظر التفاوض مع أمريكا كما حظره الإمام الخميني”.

ورفض السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة مجيد تخت روانجي، في مقابلة مع محطة تلفزيون أمريكية، “المزاعم الأميركية” بوجود تهديد إيراني، ووصفها بأنها “معلومات مخابراتية كاذبة”، وأنها “من اختلاق الأشخاص أنفسهم الذين فعلوا الشيء نفسه قبل الغزو الأمريكي للعراق”.

الجارديان تحذر

إلى ذلك، اعتبر الكاتب سايمون تيسدال في مقال بصحيفة الغارديان البريطانية أن سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي وصفها بـ “الحمقاء” تجاه إيران تزيد من احتمالات اندلاع الحرب، وأضاف أن هذه السياسة الأمركية التي تهدف إلى تغيير النظام القائم في طهران لم تترك لحُكام إيران أي خيارات.

ورأى تيسدال أنه كثيرًا ما أُشيع أن ترامب يريد تجنب أي صراع جديد في الشرق الأوسط لكن الصقور في إدارته، مثل وزير الخارجية مايك بومبيو، ومستشار الأمن القومي جون بولتون ونائب الرئيس مايك بنس، لا يشعرون بالخجل من أفعالهم وهم من يُديرون السياسة الخارجية، بينما الرئيس مُنهمك في التغريد على تويتر ولعب الغولف، بحسب تعبير الكاتب. ويضيف الكاتب البريطاني أنه من غيرِ المرجح أن تكون لدى الأميركيين خطة لإيران في حال انهيار النظام، على غرار ما حدث في العراق عام 2003.

ويرى أنه بالنظر إلى الحرب الكارثية التي اندلعت في العراق، فإن على جون بولتون – الذي يعتبر مهندس غزو العراق – أن يفكر مليًا تجاه إيران، ويتحتم عليه والآخرين من “قصار النظر” أن يكونوا حذرين جدا بشأن طموحاتهم ورغباتهم فيما يخص التعاطي مع الملف الإيراني.

يشار إلى أن حدة التوتر زادت خلال الأيام القليلة الماضية بين كل من طهران وواشنطن بعد أن قررت إدارة ترامب فرض عقوبات جديدة على إيران، وما تلا هذا القرار من إرسال الولايات المتحدة حاملة طائرات وقاذفات من طراز “بي 52” إلى الشرق الأوسط للتصدّي لمخاطر هجمات إيرانية قالت إنها “وشيكة”. كما قررت واشنطن إرسال صواريخ باتريوت إضافية إلى المنطقة.

قي المقابل، أعلنت إيران عزمها تعطيل بعض بنود الاتفاق النووي والعودة لتخصيب اليورانيوم بنسبة 20% إذا لم تحمها الأطراف الدولية من تداعيات العقوبات الأميركية. وكان الرئيس الأمريكي قد أعلن العام الماضي انسحابه من الاتفاق النووي الذي وقعته طهران والقوى الكبرى، وفرض عقوبات على إيران.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...