ما هو أخطر من الاستفتاء.. الغرب يتجاهل دسترة ديكتاتورية السيسي لمآرب أخرى!

وصف مراقبون للمشهد المصري، التعديلات اللادستورية بأنها بمثابة انقلابٍ ثانٍ على إرادة المصريين، وأنها ستُمرر وبنسب كبيرة لمحاولة إقناع المجتمع الدولي بشرعية السيسي، ودسترة الديكتاتورية التي يعلمها القاصي والداني.

ورغم محاولات السيسي وأذرعه المخابراتية المتحكمة فى الإعلام إيهام العالم بمشاركة واسعة، إلا أن تغطيات الإعلام الغربي جاءت صادمة للسيسي ونظامه، حيث فضحت التغطيات الدولية مهزلة الرقص واستفتاء كراتين الزيت والسكر والرشاوى.

“فرعون جديد في مصر”، “سطو على الديمقراطية”، “استيلاء على السلطة”… هكذا وصفت كبريات صحف العالم التعديلات الدستورية. وكثير من الصحف والدوريات العالمية تجاهلت الاستفتاء من أساسه؛ لأنه أمر محسوم ونتيجته معروفة سلفًا، والسلطة تستهدف فقط إثبات أن المصريين لم يقاطعوا مثلما جرى في تمثيليتي انتخاب السيسي 2018، وتسعى السلطة إلى إزالة عارها في هذا الاستفتاء.

استفتاء إكسبريس

من جانبها قالت صحيفة “ألموندو” الإسبانية، في تقرير لمراسلها في القاهرة «فرانسيسكو كاريون»: إن «مصر تعقد استفتاء إكسبريس لتحصين عقد جديد للسيسي في القصر»، وأن التعديلات الدستورية وضعها السيسي وأجهزة المخابرات.

وأكدت أن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تطبقه مصر “سحق ودمر الطبقة الوسطى تماما”، ووصف كاريون ما شهدته مصر في 3 يوليو 2013 بأنه «انقلاب قام به السيسي، قائد الجيش الأسبق، والذي أخرج مسار الانتقال الديمقراطي عن مساره»، وهو ما أغضب هيئة الاستعلامات ودفع رئيسها نقيب الصحفيين ضياء رشوان إلى الاحتجاج.

وركزت صحيفة “وول ستريت جورنال” على حث المعارضة المصرية الناخبين على رفض التغييرات الدستورية التي تسمح ببقاء السيسي في السلطة حتى عام 2030، معتبرة أن هذا يعيد الحكم الاستبدادي بعد سيطرة السيسي على البلاد.

ديكتاتورية مطلقة

واعتبرت وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية أن المصريين ينظرون للتغييرات في الدستور على أنها خطوة أخرى نحو الاستبداد، ونقلت عن د. حسن نافعة قوله: “إن التعديلات ستضفي الشرعية على الديكتاتورية وتؤدي إلى ديكتاتورية مطلقة، وهو ما سيكون له تداعيات خطيرة على النظام السياسي مستقبلًا بسبب إغلاق جميع أبواب حرية التعبير”.

في سياق متصل، نشرت صحيفة واشنطن بوست مقالا للحقوقي بهي الدين حسن بعنوان “لماذا يعارض المصريون انقلاب السيسي ضد دستور مصر؟”، ركز فيه على أن السبب هو الاستبداد الذي جلبه السيسي لمصر، واعتقال 60 ألفًا في السجون، والتعذيب والقتل والإعدامات التي تجري في الصحراء لمصريين أبرياء، وتواطؤ القضاة مع استبداد السيسي.

وشدد على أن نتيجة الاستفتاء معلومة سلفًا؛ بسبب سيطرة نظام السيسي على كافة المؤسسات والقضاء، وسينتهي الأمر بمنح هذه التعديلات للسيسي سلطة كاملة على القضاء وإضفاء الطابع المؤسسي على هيمنة الجيش على الحياة السياسية.

نكسة كبيرة

وقالت صحيفة الجارديان البريطانية، إن الاستفتاء “غير نزيه”، وسخرت من الاستعجال في تمرير التعديلات، إلى حد غياب المراقبين الدوليين عن مراقبته، ونقلت عن معارضين مصريين أن التعديلات “بمثابة نكسة كبيرة للإنجازات التي حققها الشعب المصري خلال ثورة 2011”.

تلك التغطيات التي تبدو حيادية وموضوعية لا يكترث لها السيسي ولا نظامه، السائر نحو فرض الديكتاتورية العسكرية، التي تسقط معها كافة حقوق المصريين وحرياتهم، بل إنها تهدر كيان الدولة المصرية بفعل الفرعون الذي يسير بمصر نحو الهاوية، ويفكك كيان الدولة لصالح الصهاينة والمشروعات الغربية بالمنطقة.

ويرى مراقبون أن الخطر الأعظم من شرعنة الاستبداد هو تغاضي الغرب عن كوارث السيسي، بل وتشجيعه في بعض الأحيان نحو خدمة أهداف الغرب وأمريكا بالمنطقة العربية، وهو ما يؤكده تقدير الموقف الصادر، أمس الأول، بإسرائيل عن “مركز أروشليم للدراسات الاستراتيجية والأمنية”، والذى أشار إلى أن اضطلاع نظام السيسي بدور الوساطة مع حركة “حماس” يساعد إسرائيل على تطبيق استراتيجيتها القائمة على “إدارة الصراع” مع قطاع غزة، مشددًا على أن لتل أبيب “مصلحة كبيرة في تعزيز قدرة النظام المصري على مواصلة لعب هذا الدور”.

أسطورة المقاومة

ولفتت الورقة، التي أعدّها عيران ليران، نائب رئيس المركز، والذي سبق أن تولى مواقع مهمة في مجلس الأمن القومي والاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، إلى أن توظيف نظام السيسي أوراق القوة التي تمتلكها مصر في فرض تفاهمات التهدئة مع إسرائيل يساعد في المس بـ”أسطورة المقاومة”، التي تتشبّث بها الفصائل الفلسطينية في القطاع.

وأشار إلى أن الجهود التي تقوم بها مصر ونجاحها في التوصل إلى تفاهمات تهدئة في القطاع تأتي في إطار “الشراكة” الاستراتيجية بين تل أبيب والقاهرة، مبرزًا أن الدور المصري يسهم في “تآكل المسوغات” التي تستند إليها حركة “حماس” في تبرير استهداف إسرائيل انطلاقًا من القطاع.

وأضاف أن طريقة توظيف إسرائيل للدور المصري في غزة تشبه طريقة توظيفها للدور الروسي في سوريا، مشيرا إلى أن تل أبيب تستخدم نظام السيسي في “نقل رسائل تهديد شديدة اللهجة إلى قيادة حركة “حماس”، وكذلك إلى أن الدور المصري يجعل إسرائيل متحررة من إجراء حوار مباشر مع الحركة، على اعتبار أن الحركة تدعو إلى تدميرها.

وحسب عيران، فإن نظام السيسي يوظف أهمية مصر الجيوسياسية بالنسبة لقطاع غزة في الضغط على حركة “حماس” وإجبارها على الاستجابة لطلبات القاهرة.

وأشار إلى أن النظام المصري يجمع في تعاطيه مع “حماس” بين إغراءات وبوادر حسن نية، وضغوط ذات قيمة، ما يجعل الدور المصري في الوساطة مهمًا وذا جدوى.

شرطي الغرب

ولفتت الورقة إلى أن تعاظم دور المخابرات المصرية في القطاع يمكّن نظام السيسي من التواصل مع الفصائل والحركات الفلسطينية، وإقناعها بعدم إبداء أي قدر من التعاون مع تنظيم “ولاية سيناء”.

وذكرت أن مبادرة مصر لتدشين “منتدى الطاقة”، الذي يضم عددًا من دول حوض البحر المتوسط، وضمنها إسرائيل، يعكس التحول الذي شهدته العلاقة على الصعيد الاقتصادي، مبرزا أن تل أبيب تأمل أن يسهم هذا التعاون في التأثير إيجابًا على موقف الشعب المصري من إسرائيل.

وحسب الورقة، فإن نظام السيسي يرى أن إسهامه في التوسط بين إسرائيل و”حماس” يضفي مصداقية على دوره الإقليمي، ويبرزه كضمانة للاستقرار في المنطقة، وهو ما يعزّز مكانته لدى الغرب ولدى القوى الإقليمية التي تدعمه بالمال.

ولفت عيران إلى أن الحفاظ على هذا الدور يكتسب أهمية كبيرة بالنسبة لنظام السيسي، لأنه يساعده في مواجهة حملة الانتقادات التي يتعرض لها في الغرب، وتحديدا من قبل أوساط داخل الكونجرس وأوروبا، بسبب سجله في انتهاكات حقوق الإنسان.

وبجانب دور العراب الصهيوني، يقوم السيسي بدور القنطرة مع الغرب في ملفات الشرق الأوسط الأخرى، كما في سوريا وليبيا والبحر الأحمر، وأيضا دور الشرطي للغرب في البحر المتوسط، وحامي الشواطئ الغربية من المهاجرين، وأيضًا الترويج لأفكار الغرب بالقوة العسكرية في إفريقيا وغيرها من مناطق النفوذ المصري في الجنوب.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...