المصريون يصرخون.. “بي بي سي”: وجبة الفول بـ12 جنيهًا.. والبائعون يرفضون أكياس الغلابة

تناولت هيئة الإذاعة البريطانية، تقريرا عن ارتفاع أسعار وجبات الغلابة، على مختلف أرصفة الشارع المصري، مثل وجبات الفول والطعمية، والتي تعد هي الوجبة الرئيسية للمواطنين المصريين خلال ذهابهم إلى العمل صباحا، بعدما ارتفع سعر وجبة الفول فقط لعشرة جنيهات على الأرصفة، الأمر الذي مثل كارثة اقتصادية على جيوب الغلابة الذين مازالت رواتبهم لا تتعد الألف وخمسمائة جنيه، ليكون متوسط ما يحتاجه الفقير خلال قضاء يوم كامل في عمله بعد دفع أجرة المواصلات ووجبة الإفطار، ما يوازي 40 جنيها يوميا.

وتنتشر عربات الفول على نواصي الشوارع في كثير من الأحياء المصرية، في وقت الظهيرة، وقالت “بي بي سي” خلال تقريرها المنشور أمس الأحد ، وبعد استطلاع رأي الغلابة في حارة تتفرع من شارع رئيسي بحي امبابة الشعبي بالقاهرة الكبرى، رصدت عدة موائد الطعام المتواضعة على الرصيف على جانبي الشارع أمام محال تجارية مغلقة، وكانت تعج بشباب يعملون في حرف مختلفة بالمنطقة، وأطفال خرجوا للتو من مدارسهم، وسيدات كبار وشابات خرجن لقضاء بعض حوائجهن، جلسوا جميعا يتناولون وجبة الإفطار والغداء في آن واحد، إلى جوار عربة متنقلة لبيع الفول والفلافل.

وقالت “بي بي سي” إن عربة بيع الفول والفلافل التي يعمل عليها ستة أو سبعة من الشباب. اثنان منهم يعدان الأطباق باستخدام “مغرفة” ذات يد طويلة من قِدْر كبيرة لا تظهر منها إلا فوهتها، والباقون يوزعون الأطباق وينظفون الأماكن، وتتراص عبوات البهارات والزيوت والسلطات التي تكمل الوجبات أمام الشابين اللذين لا يتوقفان عن العمل لكثرة الطلبات من الزبائن الجالسين والواقفين، بدأت تمثل عبئا على الغلابة الذين كانوا يستترون بها في الماضي، للتغلب على ظروف المعيشة الصعبة.

في حين أصبحت في الوقت الحالي مع النظام الحكام، وبعد رفع سعر طن الفول، وأسعار الغذاء والنقل، أصبحت كابوسا يوميا، نتيجة عجز الغلابة عن دفع العشرة جنيهات ثمن الوجبة الواحدة، حيث بدا الزبائن في تلك المنطقة، التي يقطنها بالأساس عمال وحرفيون وموظفون متوسطو الحال، متأثرين بقرار اتخذه صاحب العربة مؤخرا بزيادة قيمة الوجبات بنسبة عشرين إلى ثلاثين %.

وأضافت أن هؤلاء الغلابة اعتادوا حتى وقت قريب على أن يحصلوا على وجبة معقولة تضم طبق فول وثلاث قطع فلافل متوسطة الحجم وطبق سلطة مضافا إليه بصلة وليمونة، بنحو خمسة إلى سبعة جنيهات وتكفي لفرد واحد.

في حين يطالبهم صاحب العربة الآن بنحو 10 إلى 12 جنيها مقابل الوجبة نفسها، بينما توقف البائع عن بيع الفول المخدوم بالبهارات أو من دونها في أكياس بلاستيكية للاستهلاك في المنزل بأقل من خمسة جنيهات، باستثناء زبائن يعرف أنهم أفقر من أن يدفعوا تلك الجنيهات الخمسة.

وأشارت “بي بي سي” إلى أسعار الساندوتشات فزادت من جنيهين إلى ثلاثة أو أربعة جنيهات بحسب محتويات الساندوتش ونوعية الخدمة. وفي مناطق ومطاعم أخرى زاد سعر الساندوتش إلى خمسة جنيهات وأكثر.

ونقلت عن أحد الحرفيين الذي قدم له أحد العاملين على العربة وجبته للتو، إنه كان ينفق حتى وقت قريب بين 200 و 300 جنيه أسبوعيا على طعامه منفردا كوافد إلى العاصمة من الريف للعمل.

أما الآن ينفق قرابة خمسمائة جنيه، سيما مع ارتفاع كلفة وجبات مثل الفول والفلافل التي يكتفي بها إفطارا وغداء لتخفيف فاتورة طعامه الأسبوعية.

وأوضحت أن كثيرا من المصريين ممن اعتادوا تناول تلك الوجبة يوميا خارج المنزل لانخفاض ثمنها باتوا الآن أمام عبء جديد، لا سيما وأن زيادات مماثلة طالت جميع مفردات سلتهم الغذائية منذ بدأت الدولة تنفيذ برنامج ما يسمى بالإصلاح الاقتصادي في نوفمبر 2016 تماشيا مع اتفاق للحصول على قرض قيمته 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي للخروج من أزمة خانقة يعيشها الاقتصاد المصري منذ 2011، والذي كانت كلفته على بطون الغلابة.

غير أن أسعار الفول والفلافل، وهي أرخص الوجبات وجزء لا يتجزأ من مفردات إفطار المصريين بكل طبقاتهم، شهدت زيادة استثنائية في الأسابيع الأخيرة مع الزيادة الكبيرة في أسعار حبوب الفول وهي المكون الرئيس في تلك الوجبة.

ونقلت “بي بي سي” عن عدد من التجار في سوق الغلال الرئيسية في العاصمة القاهرة، فإن زيادة سعر الفول نجم عن زيادة كبيرة في فاتورة استيراده، بينما وجّه أحد التجار إصبع الاتهام لمجموعة سمّاها بـ”الكبار” دون تحديد أسمائهم باحتكار السلعة المستوردة وتخزينها بهدف التربح منها.

وأضاف محمد هاشم، الذي قال إنه يقود حملة لبعض التجار ضد الغلاء واحتكار السلع، بأن “مجموعة من كبار المستوردين تحتكر الفول وسلعا أخرى”، مطالبا وزير التموين المصري بتفعيل قانون منع الممارسات الاحتكارية.

لكن رجب شحاتة عضو غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات نفى أن تكون هناك عملية احتكار للفول المستورد، مشيرا إلى أن هناك ارتفاعا عالميا في سعره نتيجة تراجع إنتاجيته في عدد من بلدان العالم بسبب عوامل الطقس، وغيرها، وكذا تراجع مساحة زراعته محليا، وتأخّر وزارة الزراعة في مكافحة الآفات المضرة بالمحصول، فضلا عن تأخر تنفيذ سياسات تعزيز الإنتاج المحلي.

لكن شحاتة كشف عن أن مصر تصدّر جزءا كبيرا من إنتاجها من الفول المحلي رغم ضآلته لجودته وسعره المرتفع، وفي المقابل تستورد الفول من بلدان مختلفة لسد العجز بالداخل.

وقال وزير الزراعة المصري عزالدين أبو ستيت في كلمة أمام جمعية لرجال الأعمال الشهر الماضي إن المساحات المزروعة بالفول البلدي (المحلي) تراجعت من 350 ألف فدان قبل عام 2005 إلى أقل من 100 ألف فدان، مما تسبب في حدوث عجز في تلبية الاحتياجات المحلية من الفول البلدي.

وأضاف أبو ستيت أن هناك خططا لتوسيع استيراد الفول من بلدان كالمغرب وإثيوبيا لتخفيض سعره محليا، زاعما أن وسطاء محليين يستغلون حاجة المواطنيين للفول وزيادة الطلب عليه، ما أدى إلى ارتفاع أسعاره، مشيرا إلى عزم الوزارة على التوسع في استزراعه.

وذكرت شعبة الحاصلات الزراعية فى غرفة القاهرة التجارية في نهاية يناير الماضي أن سعر طن الفول المحلى سجّل 29 ألف جنيه ليصل للمستهلك بحوالى 32 جنيها للكيلو، ارتفاعا من نحو عشرة جنيهات في نفس التوقيت من العام الماضي. في حين ارتفع سعر طن الفول المستورد إلى 18 ألف جنيه حسب دولة المنشأ ليتراوح سعر الكيلو بين 16 جنيها و 22 جنيها للمستهلك.

وأعلنت وزارة التموين والتجارة الداخلية، والبنك المركزي المصري، مؤخرا، عن استثناء واردات الفول والأرز والعدس من شرط الغطاء النقدي الكامل على العمليات الاستيرادية لمدة عام حتى 15 مارس2020.

وقال شحاته إن هذا القرار من شأنه أن يسمح بفتح خطابات ائتمان بدون إيداع المبلغ بالكامل بالعملة الأجنبية، وكذلك أن يسمح للبنوك بضمان المستوردين ومن ثم تيسير استيراد تلك السلع والتي بدورها ستُسهم في حل الأزمة بالسوق المحلي.

وكان البنك المركزي في مصر قد فرض هذا الإجراء عام 2015 في ظل نقص حاد في الدولار في ذلك الحين.

وفي العاشر من مارس الجاري، قال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر إن معدل التضخم ارتفع خلال شهر فبراير/شباط الماضي بنسبة 1.8 في المئة مقابل شهر يناير.

ورغم ارتفاع معدل التضخم على أساس شهري، أوضح الجهاز في بيان له أن معدل التضخم السنوي انخفض بأقل من 0.5 في المئة خلال شهر فبراير/ الماضي ليصل إلى 13.9 في المئة، مقابل 14.3 في المئة في ذات الشهر من العام الماضي.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...