جرارات “جنرال الكتريك”.. عيوب فنية خطيرة تكشف صفقات الانقلاب المشبوهة

كشف فنيون وخبراء في قطاع النقل أن الجرار هو محور كارثة القطارات، خاصة الجرارات من نوع جنرال اليكترك (امريكاني) والتي تعاقد معها الوزير الانقلابى المستقيل هشام عرفات (ذرا للرماد في العيون) في يونيو 2017، بمبلغ 575 مليون دولار لاستيراد عدد محدود من الجرارات والقطارات وعقد صيانة لتلك الماكينات الضخمة، بقرض يسدد على نحو 12 عاما بواقع دفعتين كل عام.

وبالتقصي عن تلك النوعية من الجرارات الامريكاني، ظهر وجه وزير الإنقلاب د.هشام عرفات قبل أسبوع وهو يعدد ميزات القطارات في مؤتمر، تعهد فيه بـ”خطة لتحويل مصر إلى مركز عالمي للنقل واللوجستيات” كما نقلت الشروق في 19 فبراير 2019، وربط المحللون بين نوعية الجرارات و”غرفة التجارة الأمريكية بالقاهرة” التي نظمت المؤتمر!.

ورغم أن المؤتمر كان يستهدف قطاع الموانئ البحرية وتسيير خطوط سكك حديد موازية لنقل البضائع، كما كان مستهدفا من مشروع محور قناة السويس الذي طرحه د.هشام قنديل في 2013، وكان يستهدف النهوض بمصر، إلا أن التضحية به كانت الأقرب لإنقلاب يتخذ قراراته بدون دراسة جدوى.

الفساد وأمريكان

مشكلة الوزير أنه علم أن عنصري “الفساد” و”امريكان” هما ما يتقرب به من قائد الإنقلاب، فكرر نفس تجربة وزير نقل المخلوع مبارك، محمد منصور، حيث تعاقد مع نفس الشركة الامريكية الشهيرة بمجال الطاقة، في 2008، وبحكم أنه أكبر مستورد للسيارات الامريكية (شيفرولية) في مصر، وأحد أغنى 10 مصريين في افريقيا، تجاهل وجود عيوب فنية خطيرة في الجرارات جنرال اليكترك، فمواصلات الغلابة لن تكبد إلا حوادث يفقد المصريين على أثرها المئات.

عيوب فنية خطيرة

يرى الفنيون أن جرارات جنرال اليكتريك مشاكلها تتمثل في “كمبروسر” الجرار، وثقل وزنه، والأخطر البطح والشروخ في العجلات وعيوب قاتلة في دورة الكهرباء، ويضيفون أن الجرار يكوّن كربون على المدخنة الخاصة، وفي أكثر من حادث يرى السائقون الجرار ومدخنته مشتعلة، لذلك في أغلب الأحيان يتم تسغيل هذه النوعية من القطارات داخل المحطات.

ويفترض الفنيون أن هذه النوعية من الجرارات يجب تكهينها أو بيعها خردة لأنه فشل فشلا ذريعا في السكة الحديد، مستغربين أن يتم التعاقد على صفقات جديدة من نفس الشركة.

ويؤكد الفنيون أن الهيئة أهدرت أكثر من ملياري ونصف جنيه، ثمن صفقة جرارات شركة جنرال اليكترك الأمريكية، حيث إنها سعة 4000 حصان، وهذه القوة أولا لا تناسب السير بسرعة كبيرة على القضبان لضعف الفلنكات وعدم صيانتها، فضلًا عن أن الهيئة لم تستورد قطع الغيار اللازمة للعمرة، ما تسبب في تكهين هذه الجرارات.

وأشاروا إلى أن “جنرال اليكتريك”، لم تراعِ في وزن الجرار الذي يزن 120 طنًا، والمسموح به على قضبان السكك الحديد بمصر تحمل 100 طن فقط، ما قد يسبب هبوط أرضي، حال استمرارها في العمل، كما أن ارتفاعها عن الأرض كبير جدا فهي أطول من السيمافورات.

صفقة يونيو 2017

وفي يونيو 2017، أعلن وزير النقل الانقلابى، هاشم عرفات في مؤتمر صحفي بمجلس وزراء الإنقلاب، أنه بحث اتفاقية الجرارات التي تم توقيعها مع شركة جنرال اليكتريك لتوفير 100 جرار لصالح هيئة السكة الحديد، لافتا إلى أن هذا البروتوكول خاص بالجرارات بقوة 4000 حصان والتى تختص بنقل البضائع بقيمة 272 مليون دولار، كما أن باقي التعاقد الذي يشمل الصيانة لـ81 جرار لمدة 15 عاما ليصبح إجمالى البروتوكول بشقيه التوريد والصيانة 575 مليون دولار.

وأضاف عرفات، أن البروتوكول يستهدف حل مشكلة النقل، حيث سيتم تسليم 20 جرار العام المقبل فضلا عن العناية بقطع غيار الجزء الثانى من البروتوكول الخاص بالصيانه لـ81 جرار، و سترفع الاتفاقية مستوى النقل إلى 25 مليون طن.
وتحدث وزير النقل عن توقيع بروتوكول أخر مع بنك التعمير والتنمية الأوروبي ل100 جرار لنقل الركاب اليوم الاثنين، بقيمة 290 مليون يورو.

وقالت المصادر أن الاتفاق يشمل حصول «جنرال إلكتريك» على قرض من بنك الصادرات الكندى، يعادل %85 من قيمة الصفقة البالغة 575 مليون دولار، أى بما يعادل 488.75 مليون دولار، بينما تتعهد الحكومة المصرية، بتوفير%15 المتبقية، من الخزانة العامة للدولة أو بالحصول على قرض تجارى، وسددت السكك الحديدية 55.5 مليون دولار دفعة مقدمة للشركة الامريكية.

حتى الصيانة

ولم تكتف حكومة الإنقلاب بالتعاقد على شراء ماكينات جرارات جديدة، بل تعاقدت أيضا على صيانة الموجود والجديد الذي لم يكن على الكفاءة المطلوبة، وأعلنت في سبتمبر 2017، عن التعاقد النهائي مع شركة “جنرال إلكتريك” الأميركية، على صيانة ملحق لعقد شراء الـ100 جرار جديد وتأهيل الـ81 جرارًا، وذلك لمدة 15 عامًا، تلتزم خلالها الشركة الأميركية بإجراء الصيانة لـ181 جرارًا وتوفير قطع الغيار اللازمة لها.

ويشمل الاتفاق تدريب 30 مهندسًا و245 فنيًا بالسكة الحديد في مصانع الشركة وتأهيلهم، ليصبحوا كوادر بالسكة الحديد، بحيث يتم الاستفادة منهم عقب ذلك في تدريب باقي المهندسين والفنيين بالسكة الحديد.

“الكندي” و”الدولي”

وبعد الاقتراض من البنك الكندي لصالح التعاقد، إلا أن الحكومة لم توف بسداد التعاقد فاتجهت أخيرا في 13 ديسمبر الماضي، للتباحث مع “البنك الدولي” تحت عنوان “التعاون في مجال السكك الحديدية” إلى استعراض ما يسمى بـ”خطة شاملة لتجديد وتطوير وتحديث عناصر منظومة النقل من وسائل وشبكات “طرق وكباري، وسكك حديدية، ومترو أنفاق، وموانئ بحرية، ونقل نهرى، ومنافذ برية حدودية”.

وفطن البنك الدولي إلى أن الهدف من الديباجة هو دفعه إلى مساعدة الإنقلاب في صفقته المشبوهة مع جنرال اليكتريك.
غير أن الاستقالة كانت أسرع من إكمال دور هشام عرفات في استجلاب دعم البنك الدولي لسداد مديونيات الهيئة ليس بسبب خسائرها بل بسبب سوء الإدارة والفساد.

فكان اصطدام أحد جرارات القطارات من نوع جنرال إلكتريك بالصدادة الحديدية الموجودة على رصيف 6 بعد خروجه عن القضبان، ما أدى إلى انفجار “تنك البنزين”، وأسفر عن اشتعال النيران في الجرار والعربة الأولى والثانية بالقطار، وأودى بحياة 20 شخصا وإصابة أكثر من 40 آخرين .

خارج الخدمة

وكشفت مصادر بهيئة السكك الحديدية أن حوالي 410 جرارات خارج الخدمة نتيجة لأعطال فنية، وهي تشكل 50% من إجمالي عدد الجرارات، والـ 50% التي في الخدمة حاليا بها 180 جرارا جاوز عمره الافتراضي، مما ينبئ بحدوث وكوارث، وأضافت أن توربينات هذه الجرارات بلغ معدل تشغيلها مليون كيلومتر، وأن العَمرة تجرى بعد 350 ألف كيلومتر فقط.

وأشارت المصادر أنَّ الجرارات التى تعمل بقطارات الديزل والإكسبريس من الطرازات القديمة، وتعمل بكفاءة منعدمة، ودون وسائل أمان، حيث إنَّ جهاز “الرجل الميت” الذى يستطيع أن يوقف القطار فى زمن أقل من 30 ثانية معطل، ولا يعمل بالإضافة إلى أن جهاز التحكم الآلى “ATC” بتلك الجرارات تحول إلى ديكور فقط؛ حيث إن شركة سيمنس الألمانية المنتجة أوقفت إنتاج قطع غيار ذلك النظام لقدمه وظهور أجيال حديثة.

وتعج ورش ومخازن السكك الحديدية، بقطع الغيار المهمة، وغير المستعملة، وأنه ليس هناك صيانة جيدة للقطارات المميزة أو حتى القطارات المكيفة.

ويشتكي الراكب من سوء حالة القطارات، لكن تبقى الحجة الدامغة، وهي ضعف الإمكانيات، رغم أن السكك الحديدية أنفقت أكثر من 4 مليارات جنيه على تطوير ورش الصيانة، وشراء معدات حديثة، إلا أنها لم تستعمل بعد، بحجة أنها عهدة عليه ويجب الحفاظ عليها”.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...