يقول الله تعالى “وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)” آل عمران.
أيها الشعب المصري الكريم.. أيها الأحرار في السجون والثوار في الشوارع والبيوت وفي كل مكان ..
ألف يوم تمر على أكبر جريمة في هذا العصر، وأكثرها وحشية ودناءة، وأشدها عنصرية وفاشية، إنها جريمة فض الاعتصام السلمي بميداني رابعة العدوية والنهضة وغيرهما، التي أراق فيها الجنرال الخائن دماء الآلاف من المصريين العزل إلا من كرامتهم ووطنيتهم، بهدف تحطيم آمال جيل حر، أراد أن ينهض وتنهض به أمته بإرادته وعزيمته.
في ميداني الشرف والكرامة بمنطقتي رابعة والنهضة، كانت الملايين الهادرة تعتصم من أجل غاية واحدة، وعلى قلب رجل واحد، تطالب بالحرية والعدالة، واحترام إرادة شعب ثار ضد الظلم والفساد، ورفض الانقلاب العسكري الغادر، والحفاظ على الشرعية التي بناها بدم أبنائه، وتطهير مصر من الفساد وتحريرها من التبعية والاستعباد.
لقد سطر الأبطال الشرفاء من كل أطياف شعب مصر الحر الأبي، في هذه الميادين وغيرها، ملحمة نضالية بطولية، سيظل يذكرها التاريخ أبد الدهر، حين التحمت قلوبهم وتعانقت نفوسهم وتناغمت عقولهم وتلاقت أفكارهم، واختلطت دموع الساجدين منهم بدماء المرابطين، من أجل دينهم وحريتهم وكرامة بلدهم.
أسقطت المذبحة غير المسبوقة كل الأقنعة الزائفة، وتحطمت معها كل الادعاءات الكاذبة، وانكشفت فيها عوارات من استخدمتهم عصابة المجلس العسكري كغطاء للجريمة الشنعاء، وسقط الدجالون الذين أحلوا الدم الحرام، واستباحوا العرض والشرف، وزينوا الانقلاب المشئوم للمعتدين المجرمين من الجيش والشرطة، وخدعوا الناس بالباطل.
لقد كانت مجزرتي رابعة والنهضة البداية والمنطلق الحقيقي لجيل جديد، لا يقبل الضيم ولا ينزل على رأى الفسدة، ولا يمكن أن يخدع مرة أخرى، فتسرق منه ثورته أو ينحرف عن غايته, جيل حر مترابط متماسك مصمم على بناء وطن حر قوى رائد مستقل، ولايزال هذا الجيل وسيظل يقود الثورة نحو تحقيق أهدافها كاملة غير منقوصة.
أيها الشعب المصري العظيم.. هذا عهد وميثاق نجدده معك أمام الله سبحانه ونعلنه للدنيا كلها:
أننا لن نخون الله في الثورة، ولا دماء الشهداء وأنات المصابين، ولا الصامدين الأحرار في سجون الإنقلاب المجرم.
لن نفرط في الشرعية وإرادة الشعب المصري التي جاءت بأول رئيس مدني منتخب، ولن نصالح أو نساوم من أهان الأمة، وفرط في أرضها وكرامتها وأسقط هيبتها، وسرق حلمها واغتال إرادتها.
لن تهدأ ثورتنا حتى يحاسب كل من أجرم فى حق الوطن والشعب، وسنمضي بثبات ويقين حتى تتحقق العدالة الناجزة والقصاص العادل، وتعود كل الحقوق إلى أصحابها.. (ويقولون متى هو قل عسي أن يكون قريبا) .
والله أكبر ولله الحمد
الإخوان المسلمون
القاهرة في: 3 من شعبان 1437هـ
10 مايو 2016م