التخلص من السيسي أولا.. التغيير القادم أكثر خشونة لهذه الأسباب

رسخ الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وعصابته للحكم العسكري غير القابل للتغيير، كما رسخ فكرة أن مصر لا يصلح لها غير الحكم العسكري، ومن وقتها سيطر الجيس على كل مفاصل الدولة ، وانحصرت الامتيازات وثروات البلاد داخل المؤسسة العسكرية، ووصلت إلى ذروتها في عهد السيسي، بعد أن أصبح الجيش مهيمناً على كل النواحي السياسية والاقتصادية والأمنية، وتحولت مصر من دولة لها جيش إلى جيش له دولة.

وبالرغم من أن هناك مجموعات داخل الجيش حاولت أن تصحح ذلك المسار لإعادة الجيش المصري إلى الدور المنوط به في تأمين وحماية حدود البلاد وأن يبتعد عن السياسة، منذ محاولات الرئيس الراحل محمد نجيب، وحتى الرائد أحمد شومان الذي انضم إلى ثورة 25 يناير وتم محاكمته عسكريا ومن وقتها لا يعرف عنه شيئا، إلا أن كل المحاولات بائت بالفشل وهيمن مجموعة المنتفعين والأذرع الأمريكية والإسرائيلية على مقدرات الجيش، وصفقات السلاح المشبوهة والمعونات الأمريكية.

السيسي وعبد الناصر

وبالرغم من تشابه المواقف بين انقلاب جال عبد الناصر على الرئيس محمد نجيب وانقلاب عبد الفتاح السيسي على الرئيس محمد مرسي، ووجود ضباط داخل المؤسسة العسكرية من يراقبون ويشاهدون ما يقوم به السيسي الآن من تغيير للعقيدة المصرية الوطنية وتعزيز التقارب مع إسرائيل التي هي من وجهة نظر البعض منهم ما زالت تمثل العدو الإستراتيجي للدولة المصرية، والتنازل عن أجزاء من أراضي الدولة المصرية التي ضحي من أجلها أبناء الجيش المصري، والتدهور التي وصلت إليه الدولة المصرية في كافة المجالات على يد نظام عبد الفتاح السيسي، والتنكيل الذي يقوم به السيسي بكل معارضيه سواء العسكريين منهم أو المدنيين.

إلا أن السيسي مثل عبد الناصر تماما، نجح في السيطرة على الجيش، وأفشل كل محاولات الانقلاب عليه مثل الانقلابات التي حاولت أن تتم على عبد الناصر والسادات وفشلت في تحقيق إي نجاحات، لأن دائما ما يكون الحاكم العسكري يكون متحسباً ويأخذ الاحتياطات اللازمة لكي يؤمن نفسه من أي محاولة انقلابية قد تطيح به، ولذلك نري أن السيسي قد قام بإنشاء قوات التدخل السريع في 2014م، قبل تولية كرسي الرئاسة والتي هدفها بالأساس هو تأمين نظامه من أي محاوله قد تهدد حكمة.

تنكيل واستبعاد

وكشفت تقارير نقلها المعهد المصريي للدراسات أوجه الشبه في السياسات المتبعة بين ما قام به عبد الناصر والضباط الأحرار بعد تحرك الجيش عام 1952م على الملك فاروق، وبعد الانقلاب العسكري الذي قام به السيسي والمجلس العسكري على الرئيس محمد مرسي عام 2013م، فالاثنان قاما بالسعي مباشرة إلى الاستحواذ بشكل تام على مقاليد الحكم واستبعاد كل من يعارضونهم من داخل المؤسسة العسكرية.

وقالت إن عبد الناصر نكل بكل من عارضوه داخل مجلس قيادة الثورة وبكل من حاول تهديد نظامه في صفوف الضباط بوجه عام، وهو ما فعله السيسي أيضا، حيث صار على نفس النهج وقام بالتنكيل والاستبعاد بكل من سعوا لإحداث تغيير داخل المؤسسة العسكرية المصرية بأي طريقة كانت، لذلك نكل السيسي بالفريق سامي عنان والفريق أحمد شفيق والعقيد أحمد قنصوه واستبعد العشرات من الضباط من داخل صفوف القوات المسلحة، وحتي يصل السيسي في نهاية الأمر بالسيطرة على مقاليد الحكم بشكل تام وتحويل الحكم من حكم المؤسسة العسكرية لحكم الفرد، قام بإخراج 36 قائداً عسكرياً من المجلس العسكري حتي يكون متفرداً بالقرار داخل الجيش.

ورأت التقارير أنه حتي لو تم التغيير من داخل الجيش المصري الآن، فإنه لن يكون تغييراً جذرياً يتغير فيه وضع الجيش المصري ويرجع إلى الدور المنوط به، ويبعد على السياسة ويكون هناك شكل من أشكال الدولة المدنية في مصر، ويرجع الجيش لدوره الرئيس، خاصة وأن محاولات التغيير التي سببت تهديداً لعبد الفتاح السيسي، هي المحاولات التي اتخذت شكل التغيير الدستوري والقانوني، والذي تمثل بالأساس في الفريق سامي عنان والفريق أحمد شفيق والعقيد أحمد قنصوه، وهم بالأساس كانوا لا يرغبون في تأسيس دولة مدنية ولكن كانوا يريدون حكم عسكري، بشكل آخر وسياسات مختلفة عن سياسات عبد الفتاح السيسي في قضايا جزئية، منها التنازل عن الأرض وتغيير العقيدة، وتحميل الجيش تبعات كل الإخفاقات في كل المحاور السياسية والاقتصادية والأمنية.

ثلاثة أسباب

وكشف خبراء سياسيون أن الراغبين في التغيير بشكل جذري داخل الدولة المصرية عليهم ألا يعولوا على الجيش المصري في التغيير القادم كعامل رئيس، وذلك لثلاثة أسباب:

السبب الأول: أن السيسي قام بالسيطرة بشكل كبير على المجلس العسكري الحالي وأخرج كل القيادات المؤثرة من داخلة وقام بتشكيل مجلس جديد يكن له كل الولاء.

السبب الثاني: القيود التي تمارس على الضباط والقيادات الوسطي المنتمين للمؤسسة العسكرية، فالمخابرات الحربية تقوم بصفة دورية بإخراج الضباط الذين يلاحظ عليهم أي توجه مخالف لسياسات النظام الحالي، وتقوم بتدقيق شديد في التحريات العسكرية على الطلبة الذين تتقدم للالتحاق بالكليات والمعاهد العسكرية، ويزداد هذا التدقيق عند نهاية رتبة العقيد والتي سينال بعدها الضابط رتبة عميد، لذلك تقوم المخابرات الحربية سنوياً بإخراج عدد كبير من الضباط على رتبة عميد بالمعاش بسبب وجود بعض الملاحظات عليهم، لأن ذلك المستوي من الضباط يسمي كبار القادة بالقوات المسلحة ولا يسمح للضابط بأن يصل لهذا المستوي إلا وتحرياته العسكرية تثبت انتمائه وولائه بشكل قوي للنظام الحاكم، حتي لا يتسبب بأي نوع من أنواع التهديد للنظام الحاكم .

ولأن تلك الرتب هي من تتولي إدارة الوحدات والتشكيلات العسكرية، وهي من تعطي الأوامر للتشكيلات العسكرية بالتحرك، وبعد تصعيد الضباط لرتبة عميد ثم لواء يأخذون بدلاً يُسمي بدل الولاء، حتي يكونوا راضين بشكل تام عن سياسات النظام الحاكم، وهذا الأمر يعمل به داخل المؤسسة العسكرية منذ حكم مبارك.

وأكد الخبراء أنه بناء على ذلك فالضباط أمثال هشام عشماوي وعماد عبد الحميد لا تُوجد بشكل كبير نماذج مشابهة لهم الآن داخل الجيش في ظل هذه القيود، ومن على شاكلتهم يقومون بالسعي للخروج من المؤسسة العسكرية حتى يحاولون التغيير من خارج المؤسسة العسكرية، فمنهم من ينضم إلى الجماعات المسلحة التي تعمل في الداخل المصري.

الامتيازات الكبيرة

السبب الثالث: الامتيازات الكبيرة التي يحصل عليها الضباط داخل الجيش المصري الآن من رتبة ملازم إلى رتبة لواء، على عكس الامتيازات التي كان يتحصل عليها الضباط في عهد حسني مبارك، ويري البعض أن تلك الامتيازات تجعل قطاع كبير من الضباط يحرص على استمرار نظام الحكم القائم نظراً للامتيازات الشخصية التي يتحصلون عليها. يضاف إلى هذا القانون الذي أقره السيسي في 03 يوليو 2018م، “قانون معاملة كبار القادة” والذي منح كبار قادة الجيش المصري الكثير من الامتيازات الشخصية حتى يكسب ولاءهم لكيلا تكون لهم أي تطلعات أو محاولات عدائية ضده قد تؤثر على حكمه.

ولكن بالرغم من كل ذلك فإن السيسي اكتسب عداوات عدد من الضباط، وفي مستويات مختلفة داخل الجيش المصري، بسبب سياساته التي اتبعها بعد 03 يوليو 2013م، في إدارة الدولة، يضاف إلى ذلك التنكيل الذي قام به السيسي بكل من عارضوه من داخل الجيش المصري.

وبالتالي على من يرغبون في التغيير من خارج الجيش المصري، ألا ينتظروا التغيير من داخل الجيش المصري، ولكن ليعلموا أن هناك أصوات داخل الجيش المصري، ستتفهم أي محاولة ستقوم لتغيير نظام عبد الفتاح السيسي، وربما ذلك سيدفعهم للتعامل بشكل إيجابي مع تلك المحاولات التي ترغب في التغيير من خارج المؤسسة العسكرية وهذا سيكون عامل مهم لأي محاولة تغيير بأن يكون هناك جزء من الجيش يتماشى مع تلك المحاولة، ولكن في مرحلة من مراحل ما بعد التغيير سيكون هناك تصادم في الرؤى واختلاف في وجهات النظر، لذلك يجب وضع تصور مناسب وملائم لوضع الجيش المصري داخل الدولة المصرية.

وقال الخبراء إن الممارسات التي يسير عليها السيسي قد تؤدي إلى زيادة الشرائح التي ترغب في تغيير الوضع القائم داخل الجيش المصري، وفي مستويات مختلفة داخل هيكل الجيش المصري، ومن المرجح أنهم لن يلجأوا إلى المحاولات القانونية والسياسية التي قد أثبتت فشلها وكتبت شهادة وفاتها، ولكنهم سيسلكون طرقاً أكثر خشونة لمواجهة ذلك النظام، الذي نكل وما زال ينكل بكل من يطالب بالتغيير، وخاصة بعد أن أعلن رأس هذا النظام، أنه على من يرغب في التغيير فعليه أن يتخلص منه أولاً.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...