تدليل الغرب للسيسي على حساب مصر سيؤدي إلى ثورة أو انهيار؟

درجت التقارير الدولية عن مصر على استخدام مصطلح “النيوليبرالية”، والتي تشير إلى مذهب رأسمالي يؤيد اقتصاد عدم التدخل وعدم الاكتراث بالعدالة الاجتماعية. وترى تلك التقارير أن “النيوليبرالية” ليست في صالح شعوب الدول المتقدمة والغنية، كما أدت إلى تدمير اقتصاديات وحقوق وأمن المواطنين في الدول الفقيرة المتخلفة التي اتبعتها كنتيجة لتبعية الأطراف أو الهوامش للمركز الرأسمالي المتغول (أوروبا والولايات المتحدة).

ويخوض النظام العسكري في مصر بالتعاون مع صندوق النقد الدولي تحولات “نيوليبرالية” من المتوقع أن تنتهي إلى تجديد الثورة في مصر.

احتمال أول

ويتوقع محللون أن تقود سياسات النظام الاقتصادية والاجتماعية احتمالات حدوث حراك اجتماعي وطبقي عنيف ومتسارع في المجتمع المصري؛ خاصة أن أكبر المتضررين من هذه السياسات هو الجهاز البيروقراطي الضخم الذي تمتلكه الدولة، والطبقة الوسطى العريضة.

ويرون أن تلك الطبقة هي التي يصدر عنها التغيير؛ بثورة جذرية مدنية الطابع، ويقودها أبناء الطبقات الوسطى؛ المتضررين من سياسات الدولة، والطامحين للترقي الاجتماعي، في حين تنشغل الفئات الأشد فقراً باللهاث وراء الاحتياج اليومي ولقمة العيش، وتنشغل الفئات المتنفذة بكيفية الحفاظ على مكتسباتهم ومصالحهم.

احتمال ثان

أما الاحتمال الثاني فهو أن تسفر التحولات الناجمة عن تبني السياسات النيو ليبرالية في شقها الاقتصادي، من زيادة هيمنة الدولة وسطوتها حيث تُدمج الحياة في صورتها الطبيعية واليومية داخل النظام السياسي، وتنزع عبر ذلك إلى تقنين وتنظيم كافة التفاعلات الإنسانية تقريبا بعيداً عن المجتمع نفسه.

وأوضح المحللون أن ذلك يكون بقبول ووعي غالبية السكان بمنطق الدولة “”النيوليبرالية”” وبالتالي فإنهم يعملون على تعميق اندماجهم فيها والمشاركة في إدارتها وتطويعها لخدمة مصالحهم”.

قبول الاستبداد

ويعتقد المحللون أن الاحتمال الثاني يشكل عوامل من شأنها الحول دون محاولات التحرر من استبدادية النظام القائم على “النيوليبرالية”، وتتعمد الدول الأوربية على أن يكون التحول نحو عدم اهتمام النظام بأبعاد متطلبات المواطن وحاجته للدعم كما في النظم الاشتراكية جماعيا، بمعنى تحول يأتي كجزء من موجة تحوّل عالمية.

وفي ضوء هذه السياسة ستغادر السلطة المكاتب الإدارية للوزارات والبيروقراطية، باتجاه نُخب جديدة عالمية متنقلة وسريعة الحركة لا ترتبط بمكان أو بلد، ولا تهتم بمفهوم السيادة بل بمفاهيم الكفاءة والفاعلية والقدرة على الإنجاز وتعظيم الأرباح”، ما يحرم الجماهير من القدرة على التأثير في السلطة الجديدة التي تتسم بالسيولة وسرعة الحركة وعدم التمثل في مؤسسات بعينها يمكن محاصرتها أو الثورة عليها!

ويتوقع الخبراء أن تقود التحولات “النيوليبرالية” لخلق طبقة اجتماعية ذات خبرات ومعارف مهنية تتشكل في مصر خلال السنوات الأخيرة، صعودها، أي هذه الطبقة، سيكون مرتبط من حيث الأساس بمشروع إعادة الهيكلة نفسه، الذي منحها فرصة الصعود.

مسؤولية الغرب

وخاطب د.عمرو دراج، وزير التخطيط والتعاون الدولي في أول حكومة منتخبة عام 2013، الغرب (نخب ورأي عام) محذرا في مقال نشرته صحيفة “ذا هيل” الأمريكية بعنوان “لا يمكن تحمل دولة فاشلة أخرى في شمال إفريقيا”، مؤكدا ديكتاتورية نظام الانقلاب وفشله وعدائه للديمقراطية وحقوق الإنسان.

وحذر “دراج” من أن تلك السياسات لها أثر ضار على مصر كدولة ومجتمع وانعكاسات ذلك على الغرب نفسه. فهناك سيناريوهات مرعبة لما يمكن أن يحدث في مصر؛ فالبلاد تتجه بشكل متسارع نحو الفشل والعنف، خاصة مع استمرار الدعم الغربي الواسع للسيسي رغم مشكلات حكمه. موضحا أن المعارضة تقوم بمخاطبة القوى الدولية الداعمة للسيسي رغم سياساته، وتحاول كشف ضعف المنطق الذي يقف وراء دعمهم للنظام رغم العنف والفشل الذي تتسم به سياساته؛ فهي تشدد على أن بقاء السيسي لا يعمل كحائط سد أمام العنف وحائل في مواجهة سيناريوهات فشل الدولة في مصر تحت وطأة الصراع عليها بين الفرقاء السياسيين، إنما يحفز بقاءه عوامل الانفجار وينشطها.

وأشار إلى أن ارتدادات الفشل في مصر ستكون أشد خطورة؛ فعندما تسقط دولة يبلغ عدد سكانها حوالي 100 مليون نسمة فلابد أن العواقب ستكون بالتأكيد وخيمة بشكل يفوق الوصف والخيال، ستكون النتيجة عندها: أزمة مهاجرين كفيلة بأن تزلزل أركان جيرانها والدول الأوروبية على حد سواء.

أمن النظام

المحلل البريطاني “توم ستيفنسون”، والذي يعمل مراسلا حرا لمجلة “ميدل إيست آي” رأى أن نظام الانقلاب يسترضي مراكز القوى التي يرى أنها تدعم استقراره، وهي الجيش والرأسماليون المستفيدون من السياسات النيوليبرالية لصندوق النقد.

بالمقابل، يرى في مقال له بعنوان “هل يدفع المجتمع تكلفة سياسات النظام؟” أن السيسي يتجاهل المجتمع والمجتمع المدني؛ لأنه يرى أن صعوده لم يكن بدعم حقيقي من هذه القوى وهي سلوكيات تشكك في شرعية مشهد 30 يونيو والانتخابات الرئاسية وجدواها.

وأضاف: “النظام لا يضمر خوفًا حقيقيًّا من المجتمع وقوى المعارضة، وسياساته تؤكد أنه يأمن تماما هذا الجانب” موضحا ان “السيسي ونظامه يثق بشكل كامل في الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، ويدرك أنها تحكم سيطرتها على المجتمع، وبالتالي لا يخشى الانعكاسات السلبية لسياساته المجحفة”.

وقارن بين مستقبل علاقة النظام والمجتمع، مدعيًا أنها ستتخذ أحد مسارين: أحدهما استمرار “حلب المجتمع وامتصاص مقدراته المالية والاقتصادية” فيما يتمثل الثاني في الصدام الحتمي بين النظام والمجتمع بعد وصول التوتر بينهما إلى حافة اللاعودة.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...