زيارة “العصار” لمصنع “بويات الجيش” تفضح سبوبة واجهات المباني

فجأة وبدون مقدمات، استيقظ قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي مبكرًا كعادته، ورأى ضرورة طلاء المباني التي ما زالت واجهاتها بالطوب الأحمر وتشوه المنظر الحضاري، ليكلف مصطفى مدبولي، رئيس حكومة الانقلاب، المحافظين بسرعة الانتهاء من تنفيذ حلم السيسي وطلاء الواجهات في غضون ستة أشهر، على نفقة أصحاب المنازل والبيوت، أو وقف التراخيص وقطع المرافق الخدمية وتحصيل غرامات كبيرة.

العصار يفسر حلم السيسي

هذا الحلم فسّرته زيارة محمد العصار، وزير الدولة للإنتاج الحربى، لشركة هليوبوليس للصناعات الكيماوية (البويات)، إحدى شركات وزارة الإنتاج الحربي، والتي تتعاون مع الشركات التابعة للوزارة لتلبية مطالب واحتياجات القوات المسلحة.

ويعد “مصنع ٨١ الحربي” أول شركة مصرية متخصصة في إنتاج البويات والكيماويات من داخل الجيش، وقال العصار: إنه تم تطوير معدات الإنتاج في المصنع وفق أحدث التكنولوجيات الحديثة، كذلك يشتمل المصنع على أحدث المعدات والمعامل وأجهزة رقابة الجودة العالمية.

ولا يجوز من خلال إعلان العصار عن هذه الإمكانات التي يتميز بها مصنع 81 الحربي بالجيش في تصنيع البويات، أن يهمل المصريون منتجاتها، وبالتالي فسر الحلم نفسه، وكشف مخطط نظام الانقلاب بإلزام الغلابة بطلاء واجهات المنازل، من أجل تنفيذ هذه الصفقة، والتي ستدر على مصنع 81 الحربي مليارات الجنيهات بالتعاقد معها لتوريد البويات اللازمة للمحافظات والشركات والمباني المختلفة، بعد أن وضع رئيس الحكومة مخططًا لهذا.

مشهد غير حضاري!

وأشار رئيس حكومة الانقلاب مصطفى مدبولي، إلى أن هناك تكليفًا من رئيس الانقلاب السيسي بأن يتم التعامل مع جميع المباني التي لم تقم بطلاء واجهاتها، بحيث يتم الانتهاء من طلاء الواجهات الأربع لهذه المباني في مهلة محددة، أو اتخاذ الإجراءات القانوينة ضدها، على أن تكون ألوان هذه الواجهات موحدة، بدلاً من هذا المشهد غير الحضاري، حيث توجد عمارات كثيرة في مناطق مختلفة واجهاتها على الطوب الأحمر، وهو ما يظهر هذه المناطق بصورة غير حضارية.

ووجه مدبولي المحافظين بالبدء فى تنفيذ هذا التكليف على مراحل بمناطق محددة، لافتا إلى أنه سيكون هناك متابعة دورية للوقوف على آخر المستجدات، مضيفا: “هذا ما يحدث فى كل دول العالم”.
صفقة جديدة للجيش

في الوقت الذي استعد فيه الجيش فعليًّا للصفقة، من خلال تفقد محمد العصار وزير الدولة للإنتاج الحربى، يرافقه عدد من المسئولين لشركة هليوبوليس للصناعات الكيماوية (مصنع ٨١ الحربي)، إحدى شركات وزارة الإنتاج الحربي، والتي تتعاون مع الشركات التابعة للوزارة لتلبيه مطالب واحتياجات القوات المسلحة.

وخلال الجولة، تفقّد العصار مصنع إنتاج مادة ( الفورمالدهيد) والتي تستخدم في صناعة الصباغة والبوايات والخشب والمطهرات، إلى جانب إنتاج مادة (اليوريافورمالدهيد)، بما يغطى مطالب السوق المحلية.
كما تفقّد العصار مصنع البويات، والذي يقوم بإنتاج البويات المتخصصة والمتنوعة، والتي تدخل في خدمة القطاعين الحربي والمدني على حد سواء، كما تستخدم في المشروعات القومية الكبرى التي تنفذها الدولة، ما بين مشروعات الإسكان والمجتمعات العمرانية والطرق والكباري على مستوى الجمهورية.

وقال العصار، ترويجًا للمنتج الذي سيفرضه النظام على المواطنين: إن هذه البويات التى تنتجها شركة هليوبوليس للصناعات الكيماوية تتميز بالعديد من الخواص، حيث تستخدم للدهانات تحت الماء، وكذا فى كافة الأجواء المناخية المتغيرة.

حشد إعلامي

من جانبه، لم يقصر إعلام الانقلاب عن الترويج السريع للصفقة، واعتبرها الذباب الإلكتروني على مواقع التواصل الاجتماعي “فكرة عظيمة”، إلا أنهم لم يعلقوا على تحمل الغلابة لنفقة طلاء واجهات المنازل، في الوقت الذي يدبرون فيه قوت اليوم “بالعافية”!.

وفيما تجاهل محمد أبو سعدة، رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، التشوه المعيشي الذي يواجهه المصريون من فقر وجوع، حتى يلزمهم نظام الانقلاب بتحمل نفقة الطلاء؛ اعتبر أن قرار السيسي بطلاء كافة الأبنية ذات الطوب الأحمر التي لم تقم بطلاء واجهاهتها سوف يقضى على التشوه البصري الذي نعاني منه، كذلك سوف يعيد الطابع والهوية العمرانية لأقاليم مصر.

وزف “أبو سعدة” بشرى للمصريين بأنه تم البدء في طلاء أبنية القاهرة الخديوية ومنطقة “وسط البلد” ثم “الكوربة بمصر الجديدة”، لافتًا إلى أن هذا القرار هام جدا، وخاصة بعد انتشار تلك الأبنية بطول الطريق الدائري المؤدي إلى المتحف المصري الكبير، وليس من المقبول أن يكون الطريق الرئيسي الموصل للمتحف الكبير بهذا القدر من القبح، لذلك تم وضع الخطة لعام 2019، مع أساتذة العمارة والتخطيط لاختيار الألوان المناسبة، والتي تستهدف طلاء جميع المباني الواقعة على طول الطريق الدائري والمحور كمرحلة أولى.

وأشار أبو سعدة إلى توحيد ألوان المباني وكسوة الطوب الأحمر طبقا للمشروع القومي للهوية البصرية، الذي أعده خبراء وأساتذة العمارة والتخطيط، بحيث سيكون لكل محافظة لونها الموحد الذي يتماشى مع هويتها، وسوف يتم ذلك بالتنسيق مع المحافظين ببرنامج زمني محدد وتحديد الأماكن للبدء فورا.

صحوة مفاجئة بعد قرار السيسي

بينما يرى اللواء محسن النعماني، وزير التنمية المحلية الأسبق، أن عدم طلاء المباني تعد من مخلفات البناء التي نص عليها قانون البناء، كما أن تلك المباني انتشرت وبكثرة في المحافظات خاصة محافظة القاهرة، مشيرًا إلى أن تلك الخطوة المهمة سوف تقضي على هذا المظهر غير الحضاري، والقضاء على هذا القبح الذي نراه.

ولفت النعماني إلى تأجير الوحدات السكانية دون استكمال شروط البناء، الأمر الذي يعد مخالفا للقانون، ويمكن تصحيح هذا الوضع مثلما تم في رفع التعدي على الأراضي الزراعية للقضاء على مظهر تلك المباني والعقارات التي لم يتم طلاؤها، مؤكدًا أن هذا القرار سوف يساعد المحافظات أن تأخذ مظهرا حضاريا والقضاء على هذا التلوث البصري.

وطالب خالد صديق، المدير التنفيذي لصندوق تطوير المناطق العشوائية، بضرورة القضاء على هذا المظهر العشوائي من وجهات العمارات التي تم بناؤها في غفلة، وهذا القرار سوف يتيح لكل محافظة بها مدن وكل مدينة بها رئيس حي يعمل على تنفيذ هذا القرار للقضاء على هذا التشوه، وأن يكون كل حي مسئولا عن تنفيذ هذا التكليف في مدينته حسب الخطة الزمنية الموضوعة له، مضيفًا أن هذا الإجراء موجود بالفعل في قانون البناء وقانون التصالح للمباني المخالفة ولكنه لم يطبق، لذلك من الضروري تطبيق ذلك تحت مظلة هذا القانون، وإذا لم يتم التنفيذ لا يتم التصالح ويتم قطع المرافق الحيوية عنه واتخاذ إجراء قانوني حازم.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...