توسع سياسات العسكرة بمصر.. التداعيات والمخاطر

يهيمن الجيش على الاقتصاد المصري حتى كوَّن إمبراطورية ضخمة ممتدة الأطراف طالت جميع القطاعات الاقتصادية الصناعية والتجارية والزراعية ومشروعات البنية التحتية والطرق والكباري وإنشاء المدن والجسور والكباري ومشروعات الأغذية وألبان الأطفال وحتى الكعك والبسكوت. وحاول السيسي التقليل من حجم هذه الإمبراطورية زاعما أن نسبة اقتصاد الجيش إلى الاقتصاد عموما لا تزيد عن 2 إلى 3% فقط، لكن تقديرات وزير الدفاع الأسبق المشير محمد حسين طنطاوي في تصريحات سابقة بلغت بهذه النسبة إلى 30%. لكن تقديرات موقع ميدل إيست آي” البريطاني تصل إلى أن نسبة استحواذ الجيش على الاقتصاد المصري إلى 60%.ووتعاظمت إمبراطورية الجيش في أعقاب اتفاقية كامب ديفد للسلام مع الكيان الصهيوني في 1978، والتي قلصت المهام القتالية للجيش ودفعته نحو مهام السيطرة الداخلية. وبُعيد الاتفاقية اتجه الجيش ككتلة إدارية من العمل العسكري البحت إلى السيطرة على ملفات الاقتصاد الداخلي وريادة الأعمال، بحيث بات يسيطر بموجب القانون على أكثر من 90% من أراضي الدولة، كما أن القوات المسلحة تملك حق الانتفاع المتعدد بالمجندين إجبارياً، عبر توزيعهم على مشاريع الجيش الاقتصادية، لا العسكرية فقط.

وعقب الإطاحة بمبارك قال اللواء محمود نصر، مساعد وزير الدفاع للشؤون المالية، إن الجيش “لن يسلم أبداً هذه المشروعات لأي سلطة أخرى مهما كانت”، وأضاف أن هذه المشروعات “ليست من الأصول التي تمتلكها الدولة، ولكنها إيرادات من عرق وزارة الدفاع والمشاريع الخاصة بها” ما يؤكد أن الجيش بات دولة فوق الدولة.

ومنذ الانقلاب العسكري في 2013 بدأت المؤسسة العسكرية، التي ابتلعت البلد سياسياً بقوة السلاح، في التهامها اقتصادياً بقوة الأمر الواقع، خاصة بعد وصول قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي إلى سدة الحكم في يونيو 2014. وخلال عامين فقط من حكم السيسي، حصل الجيش رسمياً على حق استغلال الطرق في عموم البلاد مدة 99 عاماً، كما بدأت سياراته تنتشر في الشوارع لبيع المواد الغذائية، ومؤخراً دخل الجيش على خط المنافسة في بيع مكيفات الهواء وتوريد الدواء للمستشفيات وحتى بيع لمبات الليد والأدوات الكهربائية.

مظاهر العسكرة

أولا عسكرة التعليم، بدأت العسكرة فعليا منذ انقلاب يوليو 52، لكنها تفاقمت بشدة بعد انقلاب 3 يوليو 2013م، وامتدت على جميع عناصر العملية التعليمية سواء على مستوى التعليم الأساسي أو التعليم الجامعي، وتعددت مظاهر هذه العسكرة حتى وصلنا إلى مرحلة “قالوا إيه علينا دولا وقالوا إيه؟” التي تم فرضها على جميع مدارس الجمهورية قبيل مسرحية الرئاسة مارس الماضي، ومنها أولا، المدارس الدولية، حيث تم افتتاح مدرسة بدر الخاصة العسكرية للغات في مارس من عام ٢٠١٥ م. وحسب ما ورد ضمن تعريف بالمدرسة على موقعها الإليكتروني، فلقد خطط للمدرسة أن تكون الأولى ضمن سلسلة من المدارس الاستثمارية المملوكة للقوات المسلحة التي تدرس المنهجين البريطاني والأمريكي. وفي التعريف بها جاء أن المدرسة “تتبع بفخر أخلاق القوات المسلحة من أجل تمهيد الطريق لطرق تعليمية أرفع لكل طلابنا. وامتد هذا البيزنس الحرام إلى المدارس الدولية التي تبلغ نحو (13 ألف ) ، يمتلك أكثرها قيادات وضباط بالمؤسسة العسكرية والأمنية، وعدد من رجال الأعمال المتحالفين معهم، وهي المدارس التي ارتفعت رسومها بصورة كبيرة للغاية» بعد قرارات تعويم الجنيه في 3 نوفمبر 2016م، وبلغت أكثر من 200 ألف جنيه في العام ما يحقق مليارات للجنرالات والمتحالفين معهم. وثانيا هيمنة اللواءات على وزارة التعليم، حيث تواصلت عمليات العسكرة، حتى وصل عدد اللواءات المنتدبين لوزارة التربية والتعليم في عام 2015 بعهد الوزير محب الرافعي إلى 6 لواءات هم اللواء حسام أبو المجد رئيس قطاع شؤون مكتب الوزير، واللواء عمرو الدسوقي رئيس الإدارة المركزية للأمن، واللواء نبيل عامر مستشار الوزير لتنمية الموارد، واللواء محمد فهمي رئيس هيئة الأبنية التعليمية، واللواء كمال سعودي رئيس قطاع الكتب، بالإضافة إلى اللواء محمد هاشم الذي تولى رئاسة قطاع الأمانة العامة بديوان عام الوزارة والتي تضم الشؤون المالية والإدارية!. وثالثا توريد الوجبة المدرسية حيث امتدت عسكرة التعليم كذلك إلى إسناد توريد الأغذية المدرسة لشركات تابعة للمؤسسة العسكرية، وتعاقدت وزارة التعليم مع جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة لتوريد التغذية المدرسية للطلاب بدءا من الموسم الدراسي 2016/2017[6]. وفي السياق ذاته، كان قطاع المعاهد الأزهرية قد تعاقد في 23 أغسطس من نفس العام، مع شركات تابعة للقوات المسلحة لإسناد عملية توريد التغذية المدرسية الخاصة بالمعاهد الأزهرية والإشراف على توزيعها. وفي 30 أغسطس 2016، أسندت جامعة القاهرة، مهمة توريد الأغذية والإشراف على مطابخ المدن الجامعية، التي تضم نحو 59 ألف طالب إلى الجيش المصري.

رابعا: عسكرة العمل الأكاديمي حيث فرضت العسكرة نفسها على العمل الأكاديمي حيث تم منع عدد من أعضاء هيئة التدريس للسفر بحجة عدم الحصول على الموافقة الأمنية التي باتت شرطًا أساسيًا للسماح لعضو التدريس بالسفر، كما امتدت العسكرة إلى تسييس الأبحاث العلمية؛ إذ بات من الممكن أن تشطب رسالة أو يرفض بحث لأسباب سياسية إن كان يطرح قضية لا تتماشى وهوى النظام الحاكم وهو ما حدث مع رسالتين بجامعة قناة السويس. خامسا: عسكرة النشيد المدرسي، وكان آخر مظاهر العسكرة، أغنية “قالوا إيه علينا دولا وقالوا إيه” التي كانت مخصصة لقوات الصاعقة وتم تعميمها على كل المدارس حتى تحولت إلى فقرة أساسية في طابور الصباح بكل المدارس وفقا لتعميم صدر عن الدكتور رضا حجازي رئيس قطاع التعليم العام بوزارة التربية والتعليم.

ثانيا، عسكرة الصحة، حيث اقتحم الجيش قطاع توريد المستلزمات والصناعات الطبية، حيث تبارت إدارات وزراة الصحة في التزلف للمؤسسة العسكرية وعبر التعاقد معها بالأمر المباشر لتوريد المستلزمات الطبية كما وجه المجلس الأعلى للجامعات خطابا إلى رئيس جامعة المنصورة بتاريخ 23 يونيو 2016م للتعاقد مع الإدارة العامة للخدمات الطبية من أجل توريد ما تحتاج إليه المستشفيات الجامعية من أدوية وتجهيزات ومستلزمات طبية. وكما هو الحال في كل الوزارات فإن العسكرة تهمين على مفاصل كل وزارة وطريقة صناعة القرار بها حيث يتولى عدة لواءات المناصب الحساسة بوزارة الصحة ومن خلال هؤلاء تم إسناد توريد جميع المستلزمات والأجهزة الطبية والأدوية لجميع مستشفيات الوزارة وليس للمستشفيات الجامعية فقط بالأمر المباشر للقوات المسلحة. وعبر هؤلاء المساعدين اللواءات للوزير تم السطو على المستشفيات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين كما تسعى وزارة الإنتاج الحربي إلى إقامة مصنع لإنتاج لقاحات الأورام والسرطان بالتعاون مع وزارة الصحة، كما أبلغت مستشفى المعادي العسكري مندوبي توزيع أدوية الأورام أن أحد أطبائها العسكريين هو من سيتولى الإشراف على جميع مناقصات توريد أدورية الأورام وأن الجيش هو من كلفه بذلك. ويمتلك الجيش حتى 2016 نحو 45 مستشفى ومركزا طبيا وعيادة، في 16 محافظة، معظمها في العاصمة القاهرة، وفق موقع وزارة الدفاع المصرية الإلكتروني. في المقابل، يعاني قطاع الصحة الهش في مصر من استشراء الفساد، ونقص المعدات، وسوء الخدمات الصحية المقدمة، وغياب الرقابة في بلد فيه أكثر من 1800 مستشفى.

ثالثا، عسكرة قطاع الأمن الغذائي، يهيمن الجيش على مفاصل قطاع الأمن الغذائي وذلك من خلال عدة أبعاد:

1) السيطرة على إدارة بيانات بطاقات التموين عبر وزارة الإنتاج الحربي

2) اتباع سياسة تعطيش السوق من سلعة أو سلع معينة عبر قرارات مدروسة ثم فتح الباب أمام الجيش ليبدو بمظهر المنتقذ وفتح الباب أمام احتكاره استيراد السلعة بأسعار أضعاف ما كانت عليه قبل الأزمة وهو السيناريو الذي حدث مع أزمة السكر سنة 2016م وانتهى الأمر برفع سعره من 5 جنيهات إلى 20 جنيها للكيلو ثم استقر عند 10 جنيهات حاليا وذلك بعد قرار وزير التموين اللواء محمد علي المصيلحي بإسناد استيراد السكر لشركة الوادي التابعة للجيش. وهو نفس ما جرى تماما مع سلع أخرى مثل لبن الأطفال واستيراد زيوت الطعام التي تضاعفت أسعارها بعد قرارات التعويم.

3) احتكار الجيش والمخابرات لمافيا استيراد القمح حتى لو كان مصابا بفطر الإرجوث القاتل، وتشوب عمليات استيراده فسادا كبيرا على حساب مصر وشعبها، ومنها إطاحة هذه المافيا بوزير الزراعة الأسبق د.صلاح هلال بتهمة مرتبة لأنه كان مصرا على مواجهة مافيا فساد استيراد القمح ورفض بشدة استيراد قمح مصاب بأي نسبة من الإرجوث. ومع تعيين صلاح فايد وزيرا للزراعة طالب بإسناد استيراد القمح لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة بدعوى محاربة مافيا الاستيراد. وبعد نجاح المافيا في استصدار حكم قضائي يسمح باستيراد القمح المصاب بالإرجوث دخلت القوات المسلحة ساحة الاستيراد بتوسع من روسيا وفرنسا عبر شركاء وشركات معينة تربط أصحابها علاقات خاصة بالجيش.

4) صناعة وتجارة اللحوم الحمراء والبيضاء والأسماك، منذ عدة سنوات دخل الجيش بيزنس التجارة في اللحوم بجميع أنواعها، ويمتلك الجيش عدة مزارع ضخمة منها مزرعة بكفر الشيخ سعتها 100 ألف رأس، كما تحدث السيسي عن تكليف الجيش بمشروع مليون رأس، كما اتجه الجيش لاستيراد اللحوم الحمراء من أيرلندا وهي موطن مرض جنون البقر لكن عمليات الاستيراد تستخدم إسبانبا كمركز ترانزيت للتضليل بأنها بلد المنشأ لكن إسبانيا ليس لديها فائض من اللحوم الحمراء للتصدير. كما استورد الجيش دواجن رخيصة منتهية الصلاحية أدت إلى حالات وفاة وأثارت غضبا واسعا بين المصريين لأن ذلك تزامن مع قرارات بمنع تداول الدواجن الحية بمحافظات القاهرة الكبرى من أجل تسهيل بيع صفقات دواجن الجيش الفاسدة. وبالمخالفة للقانون دخل الجيش مجال الاستزراع السمكي بإنشاء شركة “الشركة الوطنية للاسترزاع السمكي والأحياء المائية” في يناير 2015م برأس مال قدره مليار جنيه برئاسة اللواء حمدي بدين. وتحول الضباط من فنيات الحروب إلى تخصصات الأسماك وقائد خط الجمبري ما أثار سخرية واسعة من تغول الجيش في البيزنيس على حساب وظيفته الرئيسية[13]. وبعد إنشاء هذه الشركة احتكرت كل شيء وهيمنت على مجرى النيل وبحيراته وشواطئ مصر وقناة السويس من أجل بزنيس الجنرالات. كما أصدر السيسي قرار رقم 270 لسنة 2016 بتخصيص “4100” فدان بمنطقة بركة غليون بكفر الشيخ لصالح جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابعة للجيش لاستخدامها في مشروعات الاستزراع السمكي.

5) وفي مجال الإنتاج الزراعي والصناعات الغذائية، يمتلك جهاز مشروعات الخدمة المدنية شركة مصر للتصنيع الزراعي التي تمتلك 7 مصانع لإنتاج ”صلصة طماطم – منتجات ألبان – أعلاف الماشية والأسماك – البصل المجفف“، وشركة كوين لإنتاج المكرونة التي تمتلك 9 مصانع في محافظات مختلفة، إضافة إلى قطاع الأمن الغذائي الذي يمتلك عددا من المزارع والمجازر للحيوانات والدواجن إضافة إلى وحدات إنتاج الألبان ومجمعات إنتاج البيض التي تنتج 120 مليون بيضة سنويا وشركة مياه صافي التي تعمل في إنتاج وتعبئة المياه المعدنية وزيت الزيتون وتضم 3 مصانع ولديها 24 منفذا بالقاهرة الكبرى وكذلك الشركة الوطنية للصناعات الغذائية ومقرها مدينة رفح بسيناء والتي تضم 4 مصانع للزيتون والفاكهة ومزرعة وادي الشيح بأسيوط والمقامة على 10 آلاف فدان وغيرها. كذلك يمتلك الجيش الشركة الوطنية للاستصلاح وزراعة االأرضي الصحراوية والتي تقع بمنطقة شرق العوينات بمحافظة الوادي الجديد وتستغل الشركة ز ارعة 110 ألف فدان وتركز على زراعة ”القمح والشعير والذرة“. كما تضم 15مزرعة أغنام، و5 مزارع أبقار تسمين، و30 منحلا لإنتاج عسل النحل. وتمتلك الشركة 612 وحدة سكنية مخصصة لأفراد القوات المسلحة، وشاركت إلى جانب القطاعات الاقتصادية للجيش فيما سمي بمشروع استصلاح المليون ونصف فدان. كما أسس الجيش الشركة الوطنية للتبريدات والتوريدات التي تم إنشاؤها عام 2015 بغرض توفير طرق النقل المبرد للبضائع.

رابعا، عسكرة قطاع المقاولات والإنشاءات.. حيث يحتكر الجيش سوق المقاولات والإنشاءات من خلال شركتين كبيرتين تابعتين لجهاز الخدمة الوطنية هما الشركة الوطنية للمقاولات العامة و التوريدات والشركة الوطنية للطرق والكباري، حيث تحتكر الشركتان حصة الأسد من سوق الإنشاءات في مصر. إضافة إلى إسناد العديد من المشروعات الكبرى للهيئة الهندسية، ففي مايو 2014، قال مدير الهيئة الهندسية للقوات المسلحة إن الجيش نفذ “473” مشروعا خدميا خلال السنة والنصف الماضية تشمل مد أنابيب المياه وبناء المشروعات والطرق والجسور والموانئ، وترميم المستشفيات والمدارس ومراكز الشباب، ومد محطات تحلية المياه. كما تتولى الهيئة الهندسية إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة بعد أن أصدر السيسي القرار رقم 57 لسنة 2016 بتخصيص (16,645)16فدانا من الأراضي الواقعة جنوب طريق القاهرة السويس للجيش وسط أنباء عن تكلفة تقترب من 300 مليار دولار.

وأمام احتكار سوق المقاولات والإنشاءات اتجه الجيش إلى توفير احتياجاته بذاته فدخل إلى سوق الأسمنت حيث احتكر 30% على الأقل من السوق وذلك بعد افتتاح مصنع بني سويف للأسمنت في مارس 2018م والذي يعد أكبر مصنع لإنتاج الأسمنت في الشرق الأوسط حيث من المقرر أن ينتج 6 آلاف طن يوميا، كما دخل الجيش مجال تصنيع حديد التسليح حسبما صرح اللواء كامل الوزير رئيس الهيئة الهندسية ” الحالي الذي كشف عن بدء إنتاج الجيش للحديد والبدء بإنتاج 2مليون طن سنويا، إضافة إلى ذلك تتصدر شركة النصر للخدمات والصيانة “كوين سرفيس” مجال الأنشطة المتصلة بالإنشاءات والمعمار والسياحة، وتعمل الشركة في خدمات الأمن والحراسة والنظافة والتطهير وصيانة المعدات والمنشـآت، كما تدير الشركة مجموعة من الفنادق والقرى السياحية والبوفيهات والجراجات والساحات الرياضية، وتنشط في التوريدات العمومية، وصيانة السيارات، ويستحوذ جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة عليها بنسبة “75%”. وفي مجالات الصناعة الكيماوية والتعدين، يمتلك الجيش معظم المناجم التعدينية في البلاد مثل مناجم الجبس والمنجنيز والرمل الزجاجي والطَفل والزلط. إضافة إلى الشركة الوطنية للبترول التى تدير محطات بنزين “وطنية”، وتنتج العديد من المنتجات النفطية. وفي مجال البتروكيماويات والكيماويات الوسيطة هناك شركة النصر للكيماويات الوسيطة “المنظفات الأسمدة – مكافحات الحشرات”، وشركة العريش للأسمنت وشركة إنتاج المشمعات البلاستيك. إضافة إلى ذلك فإن الهيئة العربية للتصنيع، وهي مكلفة بتوفير احتياجات القوات المسلحة المصرية من المعدات الدفاعية، وقد توسع نشاطها ليشمل مشروعات مدنية إضافة إلى مشروعاتها العسكرية، حتى أصبحت تدير 11 مصنعاً وشركة. كما توجد الهيئة القومية للإنتاج الحربي، وهي مكلفة بالإشراف على المصانع الحربية، وتمتلك الهيئة حالياً أكثر من 18 مصنعاً للصناعات العسكرية والمدنية.

خامسا عسكرة قطاع الفن والثقافة، امتدت العسكرة من السياسة والاقتصاد إلى قطاع الإعلام والفن والثقافة حيث استحوذت المخابرات العامة عبر شركة (إيجال كابيتال) على جميع الفضائيات والصحف والمواقع واحتكرت قطاع الإنتاج الفني والدراما والتسويق والدعاية والإعلان، وتقوم أجهزة السيسي الأمنية بإعادة هيكلة لسوق الدراما من حيث الإنتاج والمضمون والممثلين والمخرجين والكتاب والأسعار، وليس بالضرورة أن تكون الهيكلة في صالح الدراما لإنهاء حالة الفوضي التى شهدتها خلال المرحلة الماضية، وإنما هيكلة من أجل السيطرة والاستخواذ، لتكرار تجربة ستينيات القرن الماضي، حيث كانت تسيطر المخابرات على السينما والفن بدافع الأمن القومي. كم تمت السيطرة على المهرجانات الثقافية عبر قرار حكومي جعل التصريح بها عسيرا ولا تملك سوى شركات الأجهزة الأمنية إقامتها والتحكم فيها.

مخاطر هيمنة الجيش

إمبراطورية الجيش الاقتصادية بما له من نفوذ واسع وامتيازات لا حصر لها، تقضي على تكافؤ الفرص مع المستثمرين المصريين والأجانب، وهو ما ينعكس على اقتصاد البلاد من مخاطر أهمها هروب الاستثمار لعدم القدرة على المنافسة أمام المؤسسة العسكرية التي اخترقت جميع قطاعات الاقتصاد وتنافس القطاع الخاص في كل شيء.

إضافة إلى هروب الاستثمار، فإن هذا الوضع يمثل خطورة على اقتصاد البلاد، ويؤدي إلى ركود مزمن سوف يفضي لا محالة إلى غلق آلاف الشركات وزيادة معدلات البطالة.

هيمنة الجيش الاقتصادية تجعل الجنرالات أكثر تمسكا واستماتة في الدفاع عن هذه الإمبراطورية، وهو ما ينعكس على استمرار المؤسسة العسكرة في فرض تصوراتها الاستبدادية الشمولية على السياسة والاقتصاد وباقي القطاعات، وعلى الأرجح ومع إضافة العوامل الأخرى المتعلقة بالاستبداد والغلاء وتصاعد مستويات الغضب الشعبي؛ فإن احتمالات الصدام بين الشعب والمؤسسة العسكرية قائمة إلا إذا تداركت المؤسسة العسكرية أخطاءها وخرج من بينهم من يعيد الأمور إلى نصابها الصحيح. بجانب تراجع المستوى العسكري للجيش المصري، وهو ما ترجم عنه بفشل قواته في مواجهة العناصر المسلحة في سيناء، ما ألجأ القيادة السياسية للاستعانة بالجيش الاسرائيلي في مواجهة تلك المجموعات، وتنفيذ أكثر من 100 عملية عسكرية في سيناء،، خلف خطوط الجيش المصري، بحسب صحيفة نيويورك تايمو، مؤخرا، واعترف السيسي بنفسه بالأمر الذي يعد كارثيا على أي جيش ، خلال حواره مع قناة سي بي إس الأمريكية..

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...