مع استمرار الاحتجاجات الشعبية.. 5 سيناريوهات تنتظر السودان وتحدد مستقبل البشير

الأوضاع بالسودان تشير إلى تغيُّرات دراماتيكية في المسارات السياسية، فى ظل احتجاجات شعبية متواصلة منذ أكثر من أسبوع، مع شبه توقف لمظاهر الحياة في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى عديدة.

ويتوقع مراقبون أن تبلغ تلك الاحتجاجات، وهي الأضخم في السودان، أقصى مداها، مع ارتفاع سقف مطالب المحتجين إلى رحيل نظام الرئيس عمر البشير.

وثمة سيناريوهات يتداولها السودانيون على كافة مستوياتهم السياسية والاجتماعية، وفي وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي بشأن الأوضاع.

الاحتجاجات شملت 14 ولاية من أصل 18، سقط خلالها ثمانية قتلى بحسب السلطات، فيما تزيد المعارضة الحصيلة إلى 22، إضافة إلى عشرات المصابين.

ومع عجز الحكومة عن إيجاد مخرج للأزمة، من المتوقع أن تستمر الاحتجاجات، بل من الممكن أن تتطور كيفًا وكمًا، وتتعمق أكثر فأكثر، مع فشل النظام في معالجة الأزمة واستخدامه القوة المفرطة.

ويطرح محللون سياسيون خمسة سيناريوهات بشأن ما قد تسفر عنه الاحتجاجات الشعبية خلال الأيام المقبلة. وتلك السيناريوهات هي: “الأول” أن يتنحى البشير ويدفع محله بشخصية موالية له، “الثاني” أن تُنفّذ قوى داخل النظام “انقلاب قصر” عبر الإطاحة بالبشير للحفاظ على مصالحها، وهذان السيناريوهان مستبعدان في الوقت الحالي.

في المقابل، هناك 3 سيناريوهات أخرى أكثر احتمالًا، وهي: حدوث تسوية سياسية بين قيادات في المعارضة والنظام لاحتواء الاحتجاجات، أو أن يطيح المحتجون بالبشير، وأخيرا حدوث تدخل خارجي لدعم النظام أو المحتجين.

ويرى مراقبون أن هناك سيناريو محتملًا يتمثّل في حدوث تغيير على مستوى الرئاسة فقط عبر تنحي الرئيس البشير، الذي يتولى السلطة منذ انقلاب عام 1989، ويدفع محله بشخصية موالية له، وهو حل مؤقت يحتمل فشله، ما سيجدد الاحتجاجات. هذا السيناريو سيضمن استمرار الدائرة المقربة من البشير من خلال وجه رئاسي جديد، لكنهم يستبعدون أن يقبل البشير أو أنصاره في الحزب الحاكم وباقي مفاصل الدولة بأن يتنحى.

الانقلاب الداخلي

ولعل ما يشير إلى ذلك، هو أن إعلان حزب المؤتمر الوطني الحاكم، في أغسطس الماضي، إعادة ترشيح البشير لانتخابات الرئاسة 2020 جاء متأخرًا عن تأييد أحزاب وجهات أخرى، حتى إن بعض ولاة الولايات دشّنوا حملات لترشيح البشير قبل الحزب الذي يترأسه، وهؤلاء يدينون للبشير بالولاء، فالرئيس هو من يرشحهم للمناصب.

هذا التأخير داخل حزب الرئيس اعتبره البعض دليلا على وجود تباين بشأن إعادة ترشيح البشير للرئاسة، فيما رآه آخرون عكس ذلك، وأنه كان خطوة تمهيدية محسوبة ومخططا لها.

وفي الآونة الأخيرة، عمد البشير إلى إصدار قرارات، ثم العودة إلى الحزب لاحقا على عكس السابق، حيث كانت الكلمة أولا للمكتب القيادي للحزب.

وأوضح مثال على ذلك، بحسب محللين، هو إقالة بكري حسن صالح من رئاسة الوزراء، وتعيين معتز موسى في سبتمبر الماضي محله.

وترى أوساط سياسية أن ذلك يعكس خلافا “مكتوما” بين البشير وبعض قيادات حزبه، إلا أن ذلك لا ينفي، وفقا لمراقبين، أنهم قد يسعون إلى “انقلاب قصر”، بأن يطيحوا بالبشير.

قطع الطريق

ودفع ذلك الاحتمال الأمين العام للحركة الشعبية المتمردة ياسر عرمان، إلى التحذير من سيناريو يعد لقطع الطريق أمام الاحتجاجات الشعبية.

وقال على “فيسبوك”: إن “شيئا يدبر بليل، ومشاروات تجرى في الدائرة الضيقة دون علم صاحب الدائرة (البشير)، ومع آخرين لقطع العمل أمام شعبنا المنتفض لأجل حريته”.

ودعا عرمان، السبت الماضي، إلى “توحيد كل أصحاب المصلحة في التغيير لبذل جهدهم للوقوف ضد هذا التحرك”.

وفي اليوم التالي، دخل الجيش السوداني على هذا الخط بإعلان التفافه حول قيادته، حيث يتولى البشير منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ما يجعل سيناريو الانقلاب الداخلي مستبعدا في الوقت الراهن.

وهي رسالة من الجيش، بحسب خبراء، لـ”كل طامع في السلطة، أو حتى لمن يأمل أن تنحاز قيادة الجيش إلى المحتجين”.

المركب الغارقة

غير أن المحلل السوداني “رزق” يرى على مدى أبعد أن “عدم وجود مخرج من الوضع المأزوم، من شأنه أن يعمق الخلافات داخل النظام، ويترتب عليه صراعات متعددة”.

ويتابع: “سيؤدي ذلك إلى فرز قوى موجودة وكامنة ترى في استمرار النظام بعجزه الراهن تهديدا لمصالحها، ما يضعها أمام خيارين: القفز من المركب الغارقة أو الالتحاق بقطار الثورة لحجز مكان لها مستقبلا”.

ويضيف أن هذه القوى “يهمها حماية مصالحها بتنفيذ انقلاب قصر، وبعض أطراف النظام قد تنتهز الفرصة بتقديم نفسها حكومة انتقالية محمولة على رماح انقلاب القصر”.

تسوية سياسية

تُتهم أحزاب، على رأسها حزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي، بعقد صفقة مع الحكومة لإفشال الاحتجاجات.

والسبب، وفقا لمراقبين، هو أن الحراك الجماهيري غير مأمون العواقب، يمكن أن يطيح بالكثيرين حتى داخل المعارضة، والدفع بقوى سياسية وقيادات جديدة.

وهو ما قد يمثل تهديدا لقيادات تاريخية، في مقدمتها رئيسا أكبر حزبين تقليديين، وهما: محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحاد الديمقراطي، والصادق المهدي رئيس حزب الأمة.

تلك التسوية السياسية الواردة بين قيادات في المعارضة والنظام ربما تدفع باتجاه تأجيل الخلافات وصولا إلى انتخابات 2020، وفق شروط بينها إطفاء النزاع في إقليم دارفور، وولايتي جنوب كردفان، والنيل الأزرق.

ويرجح مراقبون أن تحظى هذه التسوية بدعم من الاتحاد الإفريقي، وأن تجد أيضا دعما واسعا من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا.

الإطاحة بالبشير

وهو السيناريو الأخطر والذي تخشاه دول عديدة إقليمية ودولية، إذ أن تمكُّن المحتجين من الإطاحة بالبشير وحكومته يعني أن هذه الدول خسرت صديقًا قادرًا على تنفيذ مطالبها، وإمكانية نجاح سيناريو الإطاحة برؤساء آخرين كما في مصر.

وبالنظر إلى مؤشرات كثيرة، بحسب خبراء، من السهل تحديد أصحاب المصلحة في بقاء نظام البشير أو الإطاحة به.

فعلاقات السودان الخارجية ظلت في تناقض مستمر ومتقلبة، بحسب ما يراه النظام، تارة في مصلحة السودان، وتارة أخرى بحسب منطلقاته الأيديولوجية.

وطاف النظام في تحالفاته مع الأضداد الدوليين والإقليميين، متجولا في مواقفه مع الولايات المتحدة الأمريكية تارة، ومع روسيا تارة أخرى، مرورا بإيران والسعودية، وكذا الحال بالنسبة إلى دول الجوار الإفريقي، إذ شهدت علاقاته معها مدا وجذرا. ويؤكد متابعون أن التدخل الخارجي لدعم نظام البشير أو المحتجين هو أمر وارد.

ويتحدث مراقبون عن حالة الاتحاد الأوروبي المستفيد من أدوار حكومة البشير في إيقاف زحف المهاجرين غير النظاميين من شرق إفريقيا إلى ليبيا، ومنها إلى أوروبا.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...