بطولات السيسي.. أكاذيب يرويها مؤلف روايات “رجل المستحيل”!

من الذي لا يعرف الدكتور نبيل فاروق؟ ذلك الكاتب الذي ظل يُعرف لسنوات طويلة باعتباره كاتب الشباب الأول في الوطن العربي، والمفترض فيمن يحمل هذا اللقب أن يكون مناصرا لقضايا الشباب، يتحدث عن ثورة الشباب في 25 يناير التي حملت أحلامهم وطموحاتهم، وأفكارهم ومشاكلهم، يدافع عنهم في مواجهة أي محاولات للتشويه تقوم بها سلطات الانقلاب، لكن “فاروق” فعل العكس تمامًا.

منذ الصباح الباكر حمل “فاروق” المباخر والطبلة وقرع أجراس تويتر لأجل السفيه عبد الفتاح السيسي، ولا يوجد في مصر الآن أمتع من تصفح حسابات وصفحات مؤيدي السفيه السيسي على مواقع التواصل الاجتماعي، فهي أكبر مصدر للبهجة والضحك رغم الواقع الغارق في السواد.

كتب فاروق على صفحته في تويتر تغريدة، رصدتها “الحرية والعدالة”، تفوح منها رائحة أصابع أقدام اللواء عباس كامل، قائلاً: “ليس لدى من شك فى أن مصر لم تشهد فى تاريخها الحديث رئيسا يسعى لنهضتها مجتهدًا ومخلصًا بالفعل مثل الرئيس عبد الفتاح السيسى، ولكن تعديل الدستور لن يشمله وحده، بل سشمل كل من يأتى من بعده، فماذا لو اعتبرها رئيس قادم ولو بعد عشر سنوات أنها سابقة تتيح له تعديلاً آخر للبقاء مدى الحياة؟!”.

مطبلاتي المستحيل!

يقول الناشط السياسي عمر العجاتي، ردًّا على تغريدة “فاروق”: “لو قال هذا الكلام أحد البلطجية أو السكارى أو إحدى الراقصات لمررنا عليه مرورًا عابرًا، ولكن أنت يا.. لم تعد كلمة دكتور تستطيع الخروج من حلقي، قد قصمت ظهرنا، أتساءل حقًا: هل تعيش في مصر أم أن سنوات العمل الكثيرة على الروايات جعلتك منفصلا عن الواقع؟”.

جولة سريعة في حسابات مثل حساب الدكتور نبيل فاروق، تجعل القارئ يكتشف حروبًا كاملة، وعمليات رهيبة بدأت وانتهت أو ما زالت تحدث، تقوم بها القوات المسلحة والمخابرات ضد الولايات المتحدة، وإسرائيل، وحلف الناتو، وتركيا، وقطر، وإيران، وأي دول أخرى قد تخطر على بالك، لكنها بالطبع عمليات سرية للغاية، لا تعلم بها إلا هذه الصفحات فقط.

والمضحك أكثر أن هذه الترهات تستحوذ على إعجاب ومشاركة الآلاف من مؤيدي السفيه السيسي الذين يصدقونها، ومنهم أشخاص من المفترض تمتعهم بقدر عالٍ من التعليم والثقافة، ولا يجب أن تنطلي عليهم هذه الخزعبلات والخرافات، بعض هذه الأساطير اشتهرت وأصبحت مادة للسخرية مثل مذكرات هيلاري كلينتون، والبعض الآخر لم يشتهر بنفس القدر.

ومنذ بداية كتاباته امتلأت أعداد “رجل المستحيل” بعبارات تأييد العسكر والمخلوع مبارك في ذلك الوقت، ولا يمكن حصر المواقف التي حشر فيها الرجل مبارك حشرا في سياق القصة، ليبدو بمظهر الرجل الوطني عاشق مصر المستعد للتضحية وبذل الغالي والنفيس من أجلها.

كما تحول جهاز المخابرات العامة المصرية- بفضل هذه السلسلة- إلى أسطورة في مخيلة الشباب، حتى إن العديد من متابعي السلسلة أفصحوا عن أمنية حياتهم، وهي الالتحاق بهذا الجهاز أو المشاركة في إحدى عملياته، وكان هذا بالطبع قبل اندلاع ثورة يناير، بعدها اكتشف الشباب أن عمليات جهاز المخابرات الأسطورية غير موجودة، أو هي موجهة في معظمها للداخل وليس الخارج، ضد شعب مصر وشبابه وليس لصالحه، وأن إجهاض ثورة يناير وقتلها سيكون أحد إنجازات هذا الجهاز الذي لا بد سيفتخر بها، وأن مدير الجهاز كان أقرب الأصدقاء إلى إسرائيل، وأن تصدير الغاز لإسرائيل سببه الرئيس توفير “مصاريف” للمخابرات العامة، وفقا لشهادة عمر سليمان نفسه!.

اعترافات نبيل!

ضمن اكتشافات ما بعد الثورة أيضا، اعتراف المؤلف نفسه بأن سلسلة رجل المستحيل كانت تكتب بالتنسيق مع جهاز المخابرات، الذي اعتبرها إحدى وسائل الدعاية له، وقال أيضا إن الجهاز كان يتدخل للإضافة أو الحذف أو التعديل في القصص التي كان الشباب المصري يقرؤها كما يشاء.

أما نبيل فاروق نفسه، فشهدت كتاباته تحولات عنيفة عبر ثلاث مراحل: كانت الأولى تأييدًا غير مسبوق للعسكر، والثانية كانت تحوله إلى معارضة مبارك خلال “هوجة” المعارضة التي شهدتها البلاد خلال السنوات الأخيرة من حكم المخلوع، لكن يكفي القول إنها كانت معارضة من نوع “إبراهيم عيسى”، كما كانت تمتلئ بكيل المديح والمغازلة لجماعة الإخوان المسلمين، باعتبارها قوة المعارضة الرئيسية، وهي نفس مفردات الخطاب “العيساوي”.

المرحلة الثالثة والأخيرة، وهي التي ما زال مستمرا فيها حتى الآن، هي بنفسها النسخة الأخيرة من إبراهيم عيسي، تصفيق وتهليل للقتلة والسفاحين، وتأييد جنرال قتل آلاف من الشباب واصطف العواجيز وكبار السن في طوابير لانتخابه، واتهام الشباب بالخنوع والجهل وعدم الانتماء والوطنية، والهجوم على الكيانات الشبابية مثل “الأولتراس” واتهامهم بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، كل هذا من المفترض أنه يأتي من كاتب للشباب!.

وتحولت مقالاته التي ينشرها في إحدى الصحف اليومية لقراءتها، إلى خطب إنشائية بائسة من عينة إذاعة صوت العرب، مع تطبيل دائم للعسكر والشرطة وأركان الدولة القديمة التي قدم نفسه معارضا لها في أواخر سنواتها، وهو ما أصاب الشباب بالفتور تجاه ما يكتبه نبيل فاروق، على عكس ما كان عليه الحال قبل سنوات، عندما كانوا يبحثون عن أي حرف يكتبه، ويلاحقون أي إصدارات أو كتابات، سواء عبر الكتب المطبوعة أو عبر شبكة الإنترنت.

المؤامرة!

في مقالاته، يهاجم نبيل فاروق الربيع العربي الذي صنعه الشباب الذين يكتب لهم، ويصفه بـ”المؤامرة”، ويروج لرواية الشيخة ماجدة وتوفيق عكاشة وعمر سليمان عن أحداث الثورة باعتبارها مخططًا لاقتحام السجون وحرق الأقسام لإسقاط الدولة، لولا أن حفظ الله البلاد وبقيت وزارة الداخلية! ولم لا؟ أليس عمر سليمان هو من صنعه كاتبا، لا بد من رد الجميل بترديد روايات الرجل بعد رحيله.

وفي ذكرى ثورة الخامس والعشرين من يناير، يتجاهل فاروق الثورة، ويهنئ الشرطة بعيدها، مع وصلات ردح من النوع “العكاشي” الفاخر ضد قطر وتركيا وأركان المؤامرات الكونية الأخرى ضد “ثورة 30 يونيو”، التي قام بها “مخلص” وفقا له، وهو السيسي بالطبع.

“سيادة الرئيس.. أنا بك، وبفكرك وطموحك ووطنيتك، منبهر”، هكذا يصف نبيل فاروق السفيه السيسي بعد حضوره أحد اللقاءات معه، وكالعادة لم ينس تشبيهه بجمال عبد الناصر، النغمة المعتادة للإعلاميين والصحفيين منذ انقلاب 3 يوليو، ولولا الملامة لزعم أن السفيه السيسي هو رجل المستحيل الحقيقي شخصيا.

أما الوطنية عند نبيل فاروق، فهي وضع قائمة من المرشحين لضمان وصول “أعداء الوطن” إلى مجلس الشعب، وهي بالطبع قائمة ضابط المخابرات الراحل “سامح سيف اليزل” المسماة “في حب مصر”، وفي مقال آخر يدعو نبيل فاروق إلى القبول بحكم براءة مبارك، استنادا إلى مبدأ احترام “سيادة القانون”.

ويرى في مقال آخر أن منفذي عملية “شارل إيبدو” على صلة أكيدة بالإخوان، وفي مقال ثالث يؤكد أن تسريبات السفيه السيسي ملفقة تسعى للنيل منه ومن شعبيته الكاسحة الساحقة الماحقة، أما الشباب الذين من المفترض أنه يتوجه إليهم بخطابه، فهم “صاروا كتلة وحشية من الديكتاتورية المطلقة، يعادون كل شيء وأي شيء، ويرفضون كل شيء وأي شيء”، وكل الكيانات الشبابية لديه إما هي ساذجة أو مضحوك عليها من الإخوان “الإرهابيين”، هكذا يرى نبيل فاروق الشباب الذين صنعوا مجده وحقق ما لم يحلم به.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...