حصار وتهديد واعتقالات.. ورقة السيسي الأخيرة لتهجير أهالي الوراق

تصاعدت وتيرة المواجهة بين حكومة الانقلاب العسكري وبين أهالي الوراق، بعد فترة من الترقب، أمهل فيها نظام الانقلاب الأهالي للاقتناع بضرورة الخروج من الجزيرة، بعد أن قبض عبد الفتاح السيسي ثمن الجزيرة مقدما من مستثمرين إماراتيين لتسليم الجزيرة التي تحاصرها سلطات الانقلاب، منذ مطلع العام الحالي للضغط على سكانها وإجبارهم على بيع ممتلكاتهم، والبدء في تنفيذ مشروع استثماري ضخم على أراضيها.

ومع فشل كامل الوزير رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، في خديعة الأهالي بترك منازلهم، بزعم تنفيذ مشروعات استثمارية تفيد الاهالي تارة، والمحافظة على النيل تارة أخرى، احتشدت قوات أمنية بأعداد كبيرة، وسط إحكام للحصار، بعد فشل محاولات قوات من الشرطة، الثلاثاء الماضي، في إيقاف واحدة من المعديات التي تربط الجزيرة بالبر، والمعروفة باسم جزيرة السُّنّي، وتصل بين الجزيرة ومدينة شبرا، بعد احتشاد المئات من أبناء الجزيرة النيلية الذين رددوا هتافات تعبّر عن رفض الخطوات الحكومية لحصارهم، قبل أن تتراجع الأجهزة الأمنية بعدما كادت الأمور تتأزم وتقع اشتباكات.

واستعاضت سلطات الانقلاب عن قطع المعدية بحصار الجزيرة من الخارج، لإرهاب الأهالي، والتأكيد عليهم بأنه لا مفر من إخلاء الجزيرة، سواء كان ذلك برضاكم أو رغما عنكم، الأمر الذي أدى لاحتشاد المواطنين من الجزيرة، والتظاهر رفضا لمخططات نظام الانقلاب، معلنين أنهم سيدافعون عن أراضيهم لأخر قطرة من دمائهم.

اتحاد قبائل الوراق

وأكد اتحاد قبائل وعائلات الوراق، خلال منشور على الحساب الرسمي في موقع “فيس بوك”، أن ميلشيات الانقلاب لجأت الى إحكام الحصار، وغرفة عمليات تدار من أمام معدية دمنهور شبرا”، مضيفا: إ”لا نعلم أين نحن، هل نحن في مصر، أم في سوريا، أم في العراق، أم في فلسطين، ما هذا الغباء المستحكم، استنفار أمني غير مسبوق، وبلطجة، وإرهاب للمواطنين”.

وقالت عائلات الوراق إن “الاستثمار في البشر هو العربة التي تجر قطار التنمية وتأخذ مصر إلى الطريق الصحيح الذي طالما حلمنا أن نجدها فيه”، مضيفا: “لقد طالبنا الدولة مرارا وتكرارا بعرض خطة التطوير كاملة على أهالي الجزيرة حتى تتسنّى لهم مناقشتها فيما بينهم في حوار مجتمعي، ومن ثم يتم الحوار مع الدولة للوصول إلى حلول مرضية للجميع على حد سواء، ولكن في كل مرة كان الرد علينا هو التجاهل، وكأننا لسنا مواطنين لنا حقوق على الدولة، وأن عرض خطة التطوير ليس منّة علينا من الحكومة، ولكن هذا ما كفله لنا القانون المصري والدولي والإنساني”.

وتابع مجلس العائلات أن “لجزيرة الوراق طبيعة اجتماعية خاصة قد لا يعرفها أو يلمسها من يتخذ القرارات المتتالية، فمشكلة الجزيرة ليست قاصرة على الأراضي والمنازل فقط، فنحن أكثر من مائة ألف مواطن نعيش على أرض الجزيرة تجمعنا صلات دم ونسب ومصاهرة، ونحن بمثابة الأسرة الواحدة تجمعنا الأفراح والأتراح”، مؤكدا أن “طريقة تعامل الدولة مع مشكلة جزيرة الوراق والقرارات المتتالية بحقها تزيد اليقين يوماً بعد آخر أن ما تريده الدولة بحق أهالي الجزيرة وسكانها هو التهجير وليس التطوير”.

الهيئة الهندسية

وتساءل أهالي الجزيرة في بيانهم: “لماذا شراء الأراضي مقتصر على الهيئة الهندسية وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة دون غيرهما؟ ولماذا تم إيقاف التعامل على أراضي الجزيرة في الشهر العقاري لأهالي الجزيرة سوى بالبيع لصالح هيئة المجتمعات العمرانية فقط، وهو ما يفرض سعراً غير عادل من الدولة للأراضي والمنازل؟”.

وقال الأهالي إن “جزيرة الوراق دون غيرها من الأماكن التي يمر عبرها محور روض الفرج وتُنزع ملكية 100 متر في كل اتجاه من جانبي الكوبري، مع العلم أنه سبق وقامت بنزع ملكية ثمانية أمتار في كل اتجاه لحرم المحور”.

وأكدوا أنه “عندما صدر قرار بإنشاء مجتمع عمراني جديد على أرض جزيرة الوراق، قمنا بالسير في الطريق الذي رسمه لنا القانون وطعنّا على هذا القرار، إذ إن حق التقاضي مكفول للجميع بنص القانون والدستور، فكان الرد على هذا الطريق المشروع بتلفيق قضية لـ21 رجلاً وسيدة، ومن ضمنهم أربعة محامين من القائمين على الطعن السابق ذكره في محاولة مساومة من الدولة للتنازل عن هذا الطعن”.

وأوضحوا إن إزالة قرية بأكملها تتخطى 10 آلاف منزل وخدمات وتشريد 120 ألف مواطن لإنشاء مجمع عمراني جديد جريمة إنسانية وإهدار للمال العام، مشددين على تمسكهم بحقهم في الحفاظ على أراضيهم ومنازلهم، والتي كفلها الدستور والقانون في حماية الملكية الخاصة، مؤكدين في الوقت ذاته “أننا لم نبدِ أي موافقة سواء لمؤسسات أو أفراد أو أعضاء مجلس نواب على أي خطة تطوير للجزيرة، لأنه لم تعرض علينا من الأساس أي خطط تطوير للجزيرة”.

وناشد مجلس عائلات جزيرة الوراق كل من لديه منزل او قطعة أرض او مستاجرا لشقة سكنية أو محل تجارى في نطاق مساحة ال100 متر شرق وغرب المحور او فى نطاق مساحة ال30 مترا سرعة التوجه إلى الشهر العقارى لعمل توكيل فى القضايا لهيئة الدفاع للاشتراك فى الطعن المجمع الذى سيقام من هيئة الدفاع ضد قرار رئيس مجلس الوزراء الأخير بشأن نزع ملكية 100 متر شرق وغرب محور روض الفرج وكذلك نزع 30 مترا من محيط الجزيرة وذلك فى موعد أقصاه السبت القادم.

السيسي في ورطة

وقال أهالي الوراق: “تلقينا تهديدات من قيادات كبيرة في جهاز أمن الانقلاب، بالقبض علينا وعلى أبنائنا، والتنكيل بنا”، وأضافوا: “مسؤول بارز في الجهاز قال لنا لا إعلام ولا صحافة سينفعكم، ولا أحد منهم سيستطيع نشر كلمة عنكم، وستموتون من دون أن يسمع أحد عنكم شيئاً”.

وقام أهالي جزيرة الوراق الواقعة داخل نهر النيل شمال محافظة الجيزة، بمنع قوات أمن الانقلاب من إزالة معدية الجزيرة المعروفة وسط الأهالي بـ”معدية السني”، تمهيدا لتشغيل عبّارة الجيش ليكتمل الحصار عليهم، بحسب شهود عيان.

ودعا مجلس عائلات جزيرة الوراق جميع أهالي الجزيرة إلى الاحتشاد والتوجه لمنع حملة أمنية كبيرة تريد وقف “معدية السني”، وتشغيل العبارة الجديدة الخاصة بالجيش، لأن ذلك سيكون -برأيهم- وبالا على الجزيرة.

ونجح أهالي الجزيرة في إجبار قوات الأمن على الانسحاب، وهو ما اعتبره البعض انتصارا جديدا للأهالي.

من جانبه أجرى رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للنقل النهري اللواء ياسر غنيم جولة تفقدية في الجزيرة، وقال إن تطهير مرسى عبارة جزيرة الوراق لتشغيل معدية جديدة هو خدمة لأهالي جزيرة الوراق، وإن المعدية الجديدة ستربط بين منطقة شبرا ومحافظة القليوبية والجزيرة.

تجاهل القضية

وتجاهلت الصحف المحلية احتجاجات أهالي الجزيرة، وقالت إن المعدية الجديدة تعمل على مراسٍ صُممت في ثلاثة مستويات لتناسب الانخفاض في منسوب المياه، وصممتها الإدارة الهندسية بالقوات المسلحة إيمانا من الدولة برفع المعاناة عن المواطنين وتوفير وسائل الراحة والأمان في الأماكن المكتظة بالسكان.

ووفقا لما تم نشره بالصحف المصرية، تمت أعمال التطهير في المسار الملاحي بين جزيرة الوراق ومحافظة الجيزة وشبرا قسم دمنهور بمحافظة القليوبية، لتوفير عبارة جديدة تعمل بكفاءة عالية وتحتوي على عنصر الأمن والأمان، وتم إيجاد مسار ملاحي آمن يسمح بمرور العبارة الجديدة.

وحدد المتحدث باسم مجلس وزراء الانقلاب نادر سعد ثلاثة خيارات وضعتها حكومة السيسي أمام أهالي جزيرة الوراق، وهي إعادة توطينهم في الجزيرة مرة أخرى بعد تطويرها وبناء مساكن تراعي المعايير الدولية، أو الانتقال إلى واحدة من المدن الجديدة، أو الحصول على مقابل مادي نظير بيع منازلهم أو أراضيهم.

كانت مقررة الأمم المتحدة للحق في السكن ليلاني فرحة قد أكدت أن ما أسمته “تسليع المساكن” بات مسألة مثيرة للقلق بشكل عام في مصر، وقد تصبح هذه الظاهرة أكثر سوءا مع النوايا التي أعلنتها حكومة الانقلاب مؤخرا لتسويق العقارات كمنتج تصديري عن طريق جذب المستثمرين الأجانب إلى البلاد.

وقالت المقررة الأممية “رغم أنني لم أتمكن من زيارة الجزيرة، فإنني تلقيت روايات مباشرة من السكان حول عمليات الإخلاء التي حدثت هناك، وتحدث السكان عن خوفهم من النزوح، على الرغم من صلاتهم التاريخية بالأرض وفي العديد من الحالات لديهم سجلات ملكية”.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...