يمضي طابور الإعدام بالمصريين قدماً وتزداد وتيرته بشكل بات ونهائي في أروقة محاكم التفتيش العسكرية بحق عشرات من معارضي الانقلاب، على خلفية اتهامهم في قضايا “سياسية”، في سابقة في تاريخ القضاء بمصر، وقضت محكمة النقض، بتأييد إعدام 9 متهمين في قضية اغتيال النائب العام، ليرتفع إجمالي عدد الذين صدر بحقهم أحكاما نهائية إلى 66 حكما من أصل 1128 حكما، تم تنفيذ 29 منها حتى الآن.
وفي 2018 تم تنفيذ حكم الإعدام بحق 4 أبرياء، وذلك بعدما حفل الشهر الأخير من عام 2017 بإصدار وتنفيذ عدد كبير من أحكام الإعدام، في ظل توتّر أمني وسياسي ملحوظ يجتاح البلاد، تزامنا مع مسرحية انتخابات السفيه عبد الفتاح السيسي، التي جرت في مارس الماضي.
وعلق الروائي إبراهيم عبد المجيد بالقول: “بس الإعدامات اللي بالجملة دي نهايتها سودة. لا حتقضي على المعارضة ولا الإرهاب. حتخلق أجيالا من المنتقمين”، وغردت ريحانة: ” تسقط سلطة الاعدامات، السيسي قتل اللي ساجد، السيسي قتل الركع السجود في المساجد، السيسي بيعدم الأبرياء”.
وطالبت ندى عبد العليم: المنظمات والهيئات الحقوقية التي لا نرى منها سوى تقارير لا تغني ولا تسمن من جوع أقرت أن النظام المصري جعل عام 2017 عام المشانق، حسنا وماذا بعد؟ نريد نهاية لهذا النظام المتجبر، لا نريد تقارير ولا تصاريح لا تنفعنا بشيء، نريد الحياة”.
سنوات الإعدام
كان ديسمبر 2017 الأوفر حظاً في إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام؛ حيث تم تنفيذ 6 أحكام (22 معتقلا)، وإحالة 15 حكماً آخر (15 معتقلا) إلى مفتي الانقلاب للنظر في أحقيّة تنفيذ الإعدام بحق المعتقلين في هذه القضايا، وبموجب الدستور المصري، فإن رأي المفتي استشاري وليس ملزماً لجنرالات الموت.
وخلال الشهر نفسه، رُفضت الطعون المقدمة من 36 معتقلا على أحكام إعدامهم، كما صدّقت محكمة الإسكندرية العسكرية، خلال الشهر نفسه، على حكم بإعدام 14 مدنياً بتهمة الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، وتقول منظمات حقوقية محلية ودولية، إن المدانين بهذه الأحكام لم يحظوا بمحاكمات عادلة، خصوصاً أولئك الصادرة بحقهم أحكام من هيئات عسكرية.
وبلغ عدد أحكام الإعدام التي نُفّذت منذ انقلاب السفيه السيسي 24 حكماً، وهو العدد الأكبر في تاريخ مصر خلال أقل من أربع سنوات، يقول الناشط أسعد الشرعي:” سبحان الله شوفوا الفرق !! نتابع أخبار زعماء دول المنطقة ..أخبار السيسي :إعدامات.أخبار محمد سلمان :إعدامات. أخبار محمد زايد :هو نفسه المهندس لكل هذه الإعدامات.أخبار الشيخ تميم : صفقات ، اتفاقيات ، اقتصاد ، تجارة ، نهضة ، تنمية ، بناء ورفاهية ورخاء.هنيئاً لكم يا أهل قطر”
وبين الحين والآخر تصدر دعوات جديدة عن خبراء في حقوق الإنسان بالأمم المتحدة لوقف جميع أحكام الإعدام المعلقة في مصر، ومراجعة هذه الأحكام التي تجري بعد اختفاء قسري واعترافات تنتزع تحت التعذيب، حتى إن الخبراء لم يترددوا في وصف الإعدام الجماعي بأنه “استهزاء بالعدالة”.
قضاة ظالمون
ومنذ انقلاب الثالث من يوليو 2013 ضد الرئيس محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا، صدرت أحكام بالإعدام على أكثر من 792 معارضا للانقلاب في 44 قضية، من ضمنها عشر قضايا عسكرية، في حين أحيل 1840 متهما إلى مفتي الانقلاب لإبداء رأيه في إعدامهم.
وجاءت معظم أحكام الإعدام في مصر على معارضي الانقلاب على الرئيس محمد مرسي، حيث تلت الإطاحة بالرئيس المنتخب موجة قمع لأنصار الشرعية والثوار خلفت مقتل الآلاف معظمهم أثناء مجزرتي فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة يوم 14 أغسطس 2013، وبعيدا عن أحكام المحاكم، شهدت مصر في عهد السفيه السيسي سلسلة من الاغتيالات والتصفيات الجسدية شملت من عارضوا الانقلاب العسكري في يوليو 2013، خاصة من جماعة الإخوان المسلمين.
وقد قضى بعض المعارضين للانقلاب حتفهم إما نتيجة الإهمال الطبي داخل السجون والمعتقلات، وإما تحت التعذيب، وإما بإطلاق النار عليهم حتى داخل شققهم، ومن القضاة الظالمين الذين برزت أسمائهم في أحكام الإعدام المستشار حسن فريد، رئيس الدائرة رقم 28 بمحكمة جنايات جنوب القاهرة، الذي أصدر أحكاما قاسية بالإعدام والسجن المؤبد والمشدد على المعتقلين في قضية مذبحة فض اعتصام رابعة العدوية.
وهو أحد أذرع الانقلاب العسكري في القضاء الشامخ، والذي عين رئيسا لإحدى دوائر الإرهاب التي شُكلت عقب الانقلاب العسكري الذي وقع في مصر 3 يوليو 2013، وذلك بالأمر المباشر كونه معروفاً بمواقفه العدائية لمعارضي السفيه السيسي ورافضي الانقلاب العسكري.