هل وصل الاستهزاء أن يؤدي “شاروبيم” صلاة الجمعة؟

سمك لبن تمر هندي، ربما لم يكن يدري المخرج والمؤلف رأفت الميهي عام 1988 أن اسم هذا الفيلم يستحق أن توصف به المحروسة أو لنقل “المخروبة” في زمن انقلاب العسكر عام 2018، فالاندهاش سيد الموقف أمام الثورة الدينية التي بشر بها السفيه عبد الفتاح السيسي، والتي ترجمها الدكتور كمال شاروبيم، محافظ الدقهلية ومسيحي الديانة، بمرافقة محمد مختار جمعة وزير الأوقاف في حكومة الانقلاب، بأداء صلاة الجمعة خلال افتتاح مسجد الصحابة بقرية كفر عزام التابعة لمركز السنبلاوين.

وجلس المحافظ (المسيحي) داخل المسجد قبل أداء صلاة الجمعة، واستمع إلى تلاوة القرآن قبل الصلاة، وخطبة الجمعة التي ألقاها رفيق الانقلاب، ثم أدى الصلاة، في تخيل ساذج على أن ما قاموا به هو أروع مثال للوحدة والوطنية، فيما يؤكد مراقبون أن السفيه السيسي كرّس جهده في إشاعة الكراهية بين الأطياف السياسية للمجتمع من خلال إعلام مأجور وسياسيين فسدة، ولولا عدم انجرار جماعة الإخوان المسلمين للعنف لتمزق المجتمع المصري والدولة المصرية.

يقول الناشط السياسي أحمد صيدناوي: “اللي جنب وزير الأوقاف ده يبقي محافظ الدقهلية اسمه كمال شاروبيم راح يصلي الجمعة ولما الصلاة خلصت افتكر إنه مسيحي…”، ويرد الناشط عصمت محمد: “طالما الوزير موجود يبقى المحافظ لازم يصلي بغض النظر عن ديانته.. ايش فهمكوا انتوا ف البروتوكول”.

تقبل الله!

ما فعله مولانا “شاروبيم” لا يدعو للدهشة، إذا ما وضعنا قطع البازل بجوار بعضها البعض، ففي زيارة هي الأولى زار السفيه السيسي الكاتدرائية المرقسية لحضور قداس عيد الميلاد وتهنئة المسيحيين والقيادات الكنسية بالعيد، بعد أيام من خطاب حاد في ذكرى المولد النبوي الشريف.

من جانبه يقول الكاتب الصحفي سليم عزوز ساخرًا: محافظ مسيحي دخل بالأمس المسجد يصلي الجمعة مجاملة لوزير الأوقاف.. فيه ايه يا بلد؟!”، ويرد الناشط مرجان مندور: “إحنا في خرابه تحكمها المصالح ..أما الأخلاق والدين فهم في ذيل القائمة”.

وفي وقت سابق فاجأ السفيه السيسي المحتفلين بدخوله للكاتدرائية أثناء القداس، وقد استقبله الحاضرون بحفاوة ملحوظة، ربما لأنهم لم يتوقعوا حضوره، لكن اللافت أن السفيه بدا هادئا بالكاتدرائية، وتحدث عن الوحدة الوطنية، وقال إن مصر علّمت العالم الحضارة والإنسانية، وستعلمه من جديد، كما خاطب الحاضرين قائلا “أنا جيت انهارده عشان أقولكم كل سنة وانتو طيبين”.

واختلف حديث السفيه بالكاتدرائية كثيرًا عن حديثه في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف قبل أيام قليلة، الذي بدا فيه منفعلا وهاجم المقدسات قائلا “إن هناك نصوصا دينية تتعارض مع الدنيا، كما أن مليار مسلم يريدون قتل باقي سكان العالم لكي يعيشوا وحدهم، نحن بحاجة لثورة دينية”.

الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عامر عبد المنعم قال إن “الزيارة تؤكد سعي النظام لتغييب هوية مصر الإسلامية، ولتحقق هدف الكنيسة المؤجل في أن تصبح كيانا سياسيا وليس دينيا”، مشيرا إلى أن الرئيس المخلوع حسني مبارك “لم يفعل هذا رغم ما قدمه من تنازلات”.

ثوابت المصريين

وأوضح عبد المنعم أن ابتهاج السفيه السيسي وقتها وحديثه من داخل الكنيسة يناقضان تجهمه وحديثه خلال الاحتفال بالمولد النبوي، الذي بدا فيه غاضبا واتهم المسلمين بمحاولة قتل الآخر سعيا لتغيير ثوابت المصريين الفكرية، وفق تصوره.

وتابع: “نحن بصدد أقلية سياسية تسعى لمحو أغلبية سياسية، وتشكيل دولة جديدة بمنهج جديد، في لحظة تاريخية حرجة، كما أن البابا تواضروس الثاني يرى نفسه زعيمًا سياسيًا لا دينيًا، ويراهن على استقرار زائف للنظام، وهو ما سيؤثر سلبًا على الكنيسة وشعبها إذا تغيرت الأمور”.

وتسببت تصريحات قائد الانقلاب السفيه السيسي في احتفال ذكرى المولد النبوي الشريف؛ في حالة كبيرة من الجدل في الأوساط الدينية وأخرى من السخط في الأوساط الشعبية؛ حيث دعا مشايخ وعلماء الأزهر إلى مراجعة النصوص الدينية “المقدسة”، ووصفها قائلاً: “هناك نصوص دينية نقدسها من مئات السنين تعادي الدنيا كلها”.

وأضاف السفيه السيسي:“النصوص التي نقدسها تدفع بالأمة أن تكون مصدر للقلق والقتل والتدمير”، وطالب بقيام ما وصفه بـ”الثورة الدينية” تهدف إلى مراجعة وتصحيح هذه النصوص المقدسة؛ التي أصبح الخروج عليها صعبًا، على حد تعبير قائد الانقلاب.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...