تعديل الدستور لفرعنة الانقلاب.. السيسي بدأ اللعبة القذرة

أكدت مؤشرات استطلاعات الرأي وتصريحات نواب برلمان العسكر، أن شهر مارس 2019 سيشهد تعديلا للدستور، من أجل مد فترة حكم قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، في محاولة لإطالة مدة رئاسته في الحكم واستمرار بسط سيطرته على الدولة.

وكشفت قناة “الجزيرة”- خلال استطلاع رأي مصادر برلمانية- عن أن موضوع تعديل الدستور كان مطروحًا خلال اجتماع خاص تحدث فيه اللواء بجهاز المخابرات العامة أحمد شعبان، المعروف بأنه “ظل” اللواء عباس كامل، رئيس المخابرات العامة، وذلك على هامش منتدى شباب العالم، الذي عقد مطلع الشهر الجاري في شرم الشيخ.

ونقلت “الجزيرة” عن مصادر، أن قرار نظام الانقلاب بإجراء تعديلات على الدستور أصبح “محسوما”، ولم يبق سوى تحديد عدد الفترات الرئاسية التي سيتم إقرارها في التعديل.

حملة ممنهجة

وأكدت المصادر أن اللواء أحمد شعبان كشف عن أنه سيتم تنظيم حملة دعائية، بداية من شهر يناير القادم، للمطالبة بتعديل الدستور تحت شعار “استكمال إنجازات الرئيس”؛ لتهيئة الأجواء لإجراء التعديل في مارس، وسوف يتولى رئيس حزب الوفد المستشار بهاء أبو شقة صياغة هذه التعديلات، وفقًا للواء شعبان.

يأتي ذلك في الوقت الذي ينص الدستور على أنه “لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية أو بمبادئ الحرية أو المساواة، ما لم يكن التعديل متعلقا بالمزيد من الضمانات الديمقراطية”.

إلا أنه وبالمخالفة للدستور الذي وضعه نظام الانقلاب نفسه، تتبنى سلطة الانقلاب ببن الحين والآخر دعوات مشبوهة لتعديل الدستور من أجل مد فترة الرئاسة التي استولى عليها السيسي، وفي خلال الدورة البرلمانية الماضية، تبنى ائتلاف “دعم مصر” صاحب الأغلبية في برلمان العسكر، ونواب مستقلون وحزبيون، دعوات لتعديل مدة الرئاسة، بزعم مواجهة خطر الإرهاب والتحديات الاقتصادية الراهنة.

العمليات الإرهابية

الأمر الذي أكدت معه مصادر أمنية سابقة، رفضت ذكر اسمها في تصريحات لـ “الحرية والعدالة”، أن الفترة القادمة ستشهد عددا من العمليات الإرهابية النوعية، لشحن المصريين معنويًا تجاه فقه الضرورة الذي يفرضه نظام السيسي بأنه رجل المرحلة لمواجهة الإرهاب، وأهمية تعديل الدستور من أجل استقرار البلاد والعمل بجدية على مواجهة الإرهاب المزعوم.

وتوقعت المصادر أن تشمل احتفالات رأس السنة الميلادية تنشيطًا لعدة عمليات إرهابية في محيط بعض الكنائس، وبعض مناطق سيناء، من أجل فرض منطق الأمر الواقع، خاصة وأن السيسي يعرف جيدا كيف يستغل العمليات الإرهابية لصالحه، في فرض مزيد من القمع وسياسة الاعتقال وتكميم الأفواه، وفرض الوشاح الأسود على المصريين في التعليق على أي عملية ضد المسيحيين في مصر، من خلال لغة الإدانات الموحدة والحديث عن الوحدة الوطنية، وشحن المصريين على مواقع التواصل للتنديد بالإرهاب الديني ورفض التطرف، الأمر الذي يصب في نهاية الأمر بتأييد السيسي، خوفا من الاتهام بدعم التطرف والإرهاب ضد المسيحيين.

وكشفت المصادر عن أن هذه اللعبة تلعبها الشئون المعنوية والذباب الإلكتروني في نظام السيسي جيدا، من خلال تجييش الفضاء الإلكتروني والمواقع والصحف والفضائيات ومنصات التواصل لتبني لغة واحدة هي الحرب على الإرهاب، وبالطبع لن يكون هناك غير رجل المرحلة الذي تفرضه الظروف وهو عبد الفتاح السيسي، ومن ثم تبدأ الحملة جيدا لتعديل الدستور وفرض سياسة الأمر الواقع.

كان رئيس لجنة حقوق الإنسان ببرلمان العسكر، علاء عابد، قد طالب في مارس الماضي بالإسراع بتعديل الدستور لجعل فترة الرئاسة 6 سنوات، ومنح رئيس الدولة سلطة إقالة الوزراء دون حاجة إلى موافقة البرلمان.

لماذا شهر مارس؟

وكشف الكاتب الصحفي سليم عزوز، خلال مقاله المنشور بصحيفة القدس العربي، عن أن المواعيد المنظمة لعملية التعديل تجعل من إجراء الاستفتاء خلال شهر مارس من الصعوبة بمكان، لا سيما وأن المادة (226) من الدستور تنص على أن تعديل الدستور يمر بأكثر من إجراء، أولها تقديم طلب التعديل من رئيس الجمهورية أو خُمس أعضاء مجلس النواب، على أن يناقش مجلس النواب طلب التعديل كليا، أو جزئيا، خلال ثلاثين يوما من تاريخ تسلمه.

الثاني: أنه في حال الموافقة من حيث المبدأ، تتم مناقشة التعديل بعد ستين يومًا من تاريخ هذه الموافقة!.

الثالث: يكون العرض على الاستفتاء خلال ستين يوما، من تاريخ موافقة البرلمان النهائية!.

إلا أن عزوز أوضح أن الوقت يداهم السيسي، ولا يوجد أمامه سوى هذا العام لينجز فيه هذه الرغبة الجامحة؛ لأنه إن تأخر لشهر يونيو المقبل في إنجازها، سيكون البرلمان قد دخل في العطلة الصيفية، وعند عودته في أكتوبر المقبل يكون على أهبة الاستعداد للانتخابات البرلمانية الجديدة، التي ستجرى في سنة 2020، وبعد عدة شهور من عودة الانعقاد. وليس منطقيا أن يجرى استدعاء الشعب مرتين، الأولى للاستفتاء، والثانية للانتخابات في فترة وجيزة.

وقال عزوز: “لا يريد عبد الفتاح السيسي أن يغامر، بانتظار البرلمان الجديد؛ لأنه وإن بدت الأمور في قبضته، فإنه ليس مغامرا بطبيعته، ولأن كون الانتخابات البرلمانية على الأبواب سيجعل من كل نائب من النواب الحاليين يبذل كل ما في وسعه في الحشد والدعاية، حتى يعاد اختياره نائبا في البرلمان الجديد، من قبل الأجهزة الأمنية التي تدير البلد!”.

وأكد أنه على الرغم من أن الفترة الزمنية المتبقية حتى شهر مارس تكفي بالكاد لتقديم طلب التعديل، فإنه لا تزال كل البدائل مفتوحة، ولم يتم تبني أي من هذه الخيارات، وهى تدور حول تعديل المادة الخاصة بدورة الرئاسة، من دورتين إلى مدد مفتوحة، أو أن يتم الاكتفاء بفتح مدة الرئاسة لست سنوات بدلاً من أربع. ولم يتم الاتفاق على ما إذا كان المد (سواء في المدد أو في عدد سنوات المدة الواحدة) بشكل عام، أم أن يكون الأمر استثناء لصالح السيسي فقط باعتباره “عبقري زمانه”، والذي لا غنى للأمة عنه، باعتباره “الرئيس الضرورة”.

وأشار إلى أن السيسي يرغب في فتح مدد الرئاسة، لكنه يحتاط لرفض أمريكي، أو حراك شعبي يجلب رفضًا أمريكيًا بالضرورة، لذا فقد وضع البدائل بهدف الاحتيال، فقد يرضى بمجرد عامين إضافيين، وبعدها قد تكون الفرصة مواتية لتعديل أكبر، إلا أن تأكد السيسي من رغبة ترامب في بقائه جعلت له الظروف مناسبة، لا سيما وأن السيسي قد أمكنه إسكات معارضيه، بعد الزج بأكبر عدد منهم إلى السجون.

وقال عزوز: “ورغم هذا، فإن السيسي لا يسلم تمامًا بقدرته على إنجاز التعديلات الدستورية، فيضع خطة بديلة في حال فشله، وهي تكرار تجربة بوتين، باستدعاء مرشح ضعيف يكون رئيسًا صوريًا، يمكن صاحبهم من الحكم في وجوده مثل “المؤقت” عدلي منصور. وقد يقبل السيسي بهذا الخيار من باب أن “المضطر يركب الصعب”، وإن كان معارضوه في حالة استسلام كامل له، وإيمانهم في قدرته على الفعل يفوق إيمانه هو بهذه القدرة”.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...